يسمونه الذهب الأبيض ويأكلون منه 125 طناً سنوياً.. الهليون الطعام المفضّل للألمان في الربيع
عند التفكير في الطعام الذي قد يفضله الألمان – بمنظور بريطاني – فإن هذا قد يأخذنا إلى الأطعمة البافارية ذات الطابع الكلاسيكي مثل الزلابية، والطعام المُعد من الملفوف المخمّر، وشرائح لحم الخنزير السميكة الغارقة في صوص البيرة، وجميع الأطعمة البنية وشبه البنية التي تبدو لذيذة، وصعبة الهضم في الوقت نفسه.
الهليون يزاحم بقية الأطباق
وعلى الرغم من كون اللحوم والبطاطس هي العناصر الرئيسية في جميع المأكولات الألمانية في معظم الأحيان، إلا أنها لا تمثل التكوين الرئيسي في الأطباق التي يطلبها الألمان في مواسم الاحتفالات، فهم ملتزمون – إلى حد كبير – بتقويم الطهي الموسمي. مستمتعين بالتوت واللوزيات (الفواكه ذات النواة الحجرية) خلال أشهر الصيف، وتناول الأصناف القرعية بشراهة في بداية
فصل الخريف، وفق تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، الثلاثاء 14 يونيو/حزيران 2016.
إذا كنت تعتقد أن النقانق التي يبلغ طولها نصف متر هي أقرب الأطعمة لمعدة الألمان، إذاً ففكّر مرة أخرى وذلك لأن تفكيرك وبحثك سيقودانك بالتأكيد للهليون الأبيض، الذي يجعل قلوب الألمان تدق أسرع ولمدة أطول – وهو نبات يشبه الرماح أو الأعواد السميكة وينمو داخل التربة، على عكس الهليون الأخضر الذي ينمو لأعلى – الذي يُقدم مع الزبدة ولحم الخنزير.
لا يخفى على أحد حب الألمان الشديد والمبالغ فيه للهليون الأبيض، ويُطلق عليه الذهب الأبيض، فهم يستهلكون منه ما يقارب الـ125 ألف طن سنوياً.
يبدأ موسم الهليون الأبيض، ويُعرف أيضاً باسم القضبان العاجية، رسمياً في أبريل/نيسان، وينتهي موسم حصاده في 24 يونيو/حزيران، الذي يوافق احتفال المسيحيين بميلاد يوحنا المعمدان. يتزامن موسم ظهور الهليون الأبيض في الأسواق مع بداية الأجواء المشمسة التي تحمل معها البهجة لجميع المدن والقرى الألمانية وذلك في أعقاب فصل الشتاء البارد والطويل.
مهرجان للهليون
يُصنف الهليون وفقاً لجودته، ويتم جمعه في أكوام ويُرش بالماء كي يبقى طازجاً. وتقدم العديد من آلات التقشير الصناعية الضخمة خدماتها لهؤلاء الذين يجدون صعوبة في إزالة قشرة الهليون المّرة. وتُعد هذه من المرات القليلة التي يقف فيها الألمان بشكل منتظم في طوابير أمام أكشاك الهليون الأبيض كي يتمنكوا من الحصول على خدمة التقشير الصناعية، وذلك بحسب تقرير الغارديان.
وفي المناطق الرئيسية المنتجة للهليون الأبيض داخل ألمانيا، يُقدم الخبراء في تذوق الهليون الأبيض المنتشرون هناك خدماتهم للمزارع والمطاعم لاختبار عينات من الهليون الأبيض، وإظهار الفوارق بينها وبين الهليون التقليدى الذى يستخدم بشكل أساسي في معظم الأطباق التي تُقدم للزبائن.
خلال مهرجان الهليون – وربما خلال مسابقة التقشير، تستطيع أن تطالع ملكة الهليون الأبيض – وهي امرأة شابة تربطها علاقة قوية بالهليون الأبيض الملقب بملك الخضروات الألمانية، تكون في أغلب الأحيان ابنة أحد المزارعين والتي يتمحور دورها حول الترويج لمنتجاتهم محلية الصنع والزراعة.
قد يبدو الأمر عبثياً، ولكن مسألة اختيار ملكة الهليون الأبيض ليست بالأمر السهل. تنطوي عملية اختيار ملكات الهليون على ملء استمارة الاشتراك وإجراء العديد من المقابلات الشخصية وذلك للتأكد من أن من سيقع عليهن الاختيار سيكرسن كل دقيقة من وقتهن لتلك الوظيفة على مدار موسم الهليون بأكمله.
ويُعد طبق الهليون الأبيض – الذي يُسوى على نار هادئة ويُدهن بالزبدة المنصهرة، ويقُدم مع البطاطا المسلوقة أو الفطائر اللذيذة مع شريحتين من لحم الخنزير المطهي أو المُقدد - هو الأوسع انتشاراً، والأفضل على الإطلاق، في ألمانيا.
تُقدم معظم المطاعم التقليدية قوائم الطعام، المُكرسة بشكل كلي لهذا الوقت الخاص من الموسم، كالشوربة، والسلطات، والهليون الأبيض (الرماح الساخنة) مع الصلصة الهولندية. ويُقدم هذا الطبق أيضاً كطبق إضافي مع بعض الأصناف والأطباق الأخرى المفضلة في تلك المنطقة مثل الشنيتزل، أو شريحة من الزماجن (saumagen) - وهو طبق تشتهر به منطقة الفالز ويعادل في شهرته طبق الهاغيز في اسكتلندا، أو مع البراتوورست (النطانق) الساخن واللذيذ.
ليس من السهل أن يقترن الهليون الأبيض بالنبيذ لأن نكهته خَفِيفة وغَيْر حَارّة ولكنه مرّ قليلاً، وبالتالي من الأفضل أن يقترن بالنبيذ من نوع (Dry White) مع الأخذ بعين الاعتبار ما تأكله مع الهليون، فلو كان الطبق الخاص بك بسيطاً فعليك حينها أن تختار (Silvaner) وهو مجموعة متنوعة من النبيذ الأبيض الذي ينمو فى ألمانيا، أو ريسلينغ وهو مجموعة متنوعة من فاكهة العنب
أو اختيار (Pinot blanc) إذا كان الطبق يحتوي على الزبدة بعصير اللّيمون.
الهليون الأبيض مع الصلصة الهولندية
هى الوجبة الأكثر كلاسيكية بين كل أطباق الهليون الأبيض في ألمانيا، والصلصة الهولندية معروفة بكونها صعبة الإعداد ولكن لا يجب أن تتوتر من محاولة إعدادها: ولذلك عليك الحفاظ على درجة حرارة منخفضة مع تقليبها ببطء شديد للحصول على صلصة سميكة وسَلِسة، وإذا انفصلت فعليك إضافة صفار البيض كي تتماسك بسهولة.
المقادير (تكفي أربعة أفراد)
المقادير عبارة عن 2 كيلو من الهليون الأبيض، مع ملعقة زبدة كبيرة، وملعقة كبيرة من السكر، وملعقة ملح صغيرة.
أما عن مقادير الصلصة الهولندية فهي عبارة عن 4 من صفار بيض حجم متوسط، بالإضافة إلى ملعقة كبيرة من عصير الليمون الطازج، وقليل من الملح، ورشة من الفليفلة الحريفة، و225 جرام من الزبدة، وعدد 2 ملعقة كبيرة من الماء البارد.
ويُقدم الطبق السالف ذكره بجانب الطبق الرئيسي المكون من 700 جرام من البطاطس، وعدد من 8 إلى 12 شريحة من لحم الخنزيز المُقدد والمُدخن – وهو أمر اختياري – مُزين بالبقدونس الطازج.
طريقة العمل
تتم إزالة الأطراف الخشبية الصلبة للهليون، ثم نقشر ما تبقى من ثمرة الهليون التي تشبه الرمح. ونضع الحواف والقشور بداخل إناء متسع وعميق ونغمرهم بالمياه، ونتركه لـ15 دقيقة على نار هادئة حتى ينضج. وتتم إزالة الزيادات والتخلص منها قبل أن نضيف الزبدة، والملح، والسكر للخليط. نضع الهليون بشكل تدريجي في المياه ونتركه لمدة تتراوح بين 10 إلى 15 دقيقة حتى ينضج، نستطيع أن نتأكد من نضجه وذلك إذا ما استطعنا غرس السكين في أطرافه السميكة بشكل يسير. وقبل أن يُقدم، لابد أن نضع الهليون في المصفاة لمدة دقيقتين لنتأكد من أنه جف بشكل جيد.
وبينما نقوم بطهي الكمية اللازمة من الهليون، فقد حان الوقت لتحضير البطاطس. نقشر البطاطس ونضعها في إناء ونغمرها بالمياه الباردة، ثم نضعها على الموقد ونتركها لمدة تتراوح بين 15 و20 دقيقة حتى تنضج، مع إضافة كمية قليلة من الملح، أو نتركها للمدة التي تمكننا من غرس سكين بداخلها كي نتأكد من نضجها.
وفيما يتعلق بطريقة تحضير الصلصة الهولندية، يتم خفق صفار البيض في وعاء متوسط الحجم مع إضافة بعض القطرات من عصير الليمون، والملح، والفلفل الأحمر. نقوم بتسخين الزبدة في إناء غير لزج حتى تذوب – لا تتركها حتى تصل لدرجة حرارة مرتفعة – ثم نُضيف إليها بعض الماء. نضيف ذلك المزيج إلى البيض ونقلبه بشكل مستمر. نقوم بإعادة المزيج للإناء، ويُطهى على نار هادئة مع استمرار التقليب (أو خفقه إذا ما لوُحظ وجود لبعض الكُتل) حتى يصبح سميكاً. ونقوم بسكب الصلصة الهولندية على الهليون ويُقدم مع البطاطا وشرائح لحم الخنزير الملفوفة، ويُزين بالبقدونس الطازج.
الهليون الأبيض مع حساء الكريمة
يعتبر هذا الحساء من المُشهيات الفاخرة كما أن تكلفة إعداده بسيطة، وبعد قليل من التقشير والتقطيع فإنه يتطلب قليلاً من الانتباه أثناء تواجده على الفرن، وعلى الرغم من أن وضعه على مصفاة قد يبدو مملاً، لكن الأمر يستحق بذل مزيد من الجهد للحصول على حساء ناعم والاستقبال الذي ستحظى به من قِبل ضيوفك. يُذكر أن هذه الوصفه مأخوذة من كتاب طبخ ألماني يُدعى "أسرار المطبخ: وصفات للروح".
المقادير( تكفي 6 أفراد)
المقادير عبارة عن 750 غراماً من الهليون الأبيض، مع ملعقة ونصف ملح، وملعقة ونصف سكر، وأربعة ملاعق ونصف من الزبدة، وثلاثة ملاعق من دقيق القمح (أو ثلاثة ملاعق ونصف من دقيق الأرز لمن يريد شوربة خالية من الغلوتين)، و150 مللي لتراً من النبيذ ( أو 150 مللي لتراً من مرقة الخضار + ملعقة ونصف من عصير الليمون)، و225 مللي لتراً من القشدة السائلة (المخفقة)، ملح وفلفل، وحفنة قليلة من الثوم الطازج أو البقدونس الأفرنجي المفروم.
طريقة التحضير
نقوم بغسل عيدان الهليون، ثم نقوم بإزالة أطرافها الخشبية ونقشرها جيداً من أعلى لأسفل. ونضع جميع الأطراف بعض القطع من القشر في إناء ونسكب عليها 1.5 من المياه مع إضافة القليل من الملح والسكر ونتركها على المُوقد حتى الغليان. وفي أعقاب وصولها للغليان، سنتركها على نار هادئة لمدة 20 دقيقة وذلك بعد أن نتأكد من أنها قد جفت تماماً، ونتركها لتبرد.
تتم إزالة الحواف الخاصة بأعواد الهليون، ونُقطّع ما تبقى كل عود لقطع يبلغ طول الواحدة منها 3 سم، ثم نضع الزبدة في إناء متسع – يكفي لأن تُوضع بداخله جميع المقادير - ونقوم بتسخينها حتى الذوبان، ونُضيف لها أعواد الهليون المُقطعّة (وليس الحواف). نضع الخلطة السالف ذكرها على الموقد لمدة دقيقتين، ثم نضيف لها الدقيق ونقلبها على الموقد لمدة دقيقة، وبعد ذلك سنضيف لها بقية الخليط نتركها حتى تصل للغليان، ثم نخفض حرارة الموقد ونترك الخلطة عليه لمدة 10 دقائق.
وبمجرد أن ترق قطع الهليون - ويمكننا التأكد من ذلك من خلال غرس سكين حاد في قلب الأعواد، سنقوم بإبعاها عن الموقد ونقوم بصحن تلك القطع مع باقي الخليط. وبمجرد أن يرق الخليط المهروس، نقوم بسكبه عبر المصفاة بواسطة ملعقة خشبية للتخلص من الشوائب العالقة به، ثم نقوم بإعادته مره أخرى للوعاء. سنُضيف القشدة للخليط مع قليل من الملح، والفلفل، والسكر، ونتركه على نار هادئة حتى يسخن.
وأخيراً قم بإذابة الزبدة المتبقية في مقلاه وقم بطهي قطع الهليون ببطء لمدة خمس دقائق حتى يتحول لونها إلى ذهبي يميل إلى البني عند الحواف، ثم نقوم بعد ذلك بوضعها في الأطباق ونزيّنها بقطع الهليون والأعشاب المفرومة.
هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.