د يكون التعامل بالديكور مع مكان يعود تاريخ بنائه إلى القرن التاسع عشر صعباً، لكن في النهاية يبقى سحر العراقة طاغياً رغم التغييرات البسيطة التي تستدعيها لوازم العصر لإدخال لمسات لا بد منها.
جمع مطعم ليزا في بيروت الكائن في مبنى من القرن التاسع عشر مزيجاً أخاذاً ما بين الشرق والغرب في ديكور يعيد إلى الذاكرة أيام الزمن الجميل في لبنان «سويسرا الشرق» من خلال تفاصيل أتت متعمدة لتذكّر كل من يزوره بأجمل ما شهده لبنان وبيروت خصوصاً على مر السنين.
«كل غرفة موجودة بمفردها، لكن رغم ذلك تلعب دوراً أساسياً في البناء ككل. مكان مضياف ومحبب يدعو إلى الاجتماعات الجميلة في كل زاوياه لتطول اللحظات الممتعة.
هو المكان الذي يحب أي شخص أن يعيش فيه...» بهذه الكلمات تعبّر مهندسة الديكور ماريا عصيمي عن نظرتها إلى مطعم «ليزا بيروت» الذي يقع في قلب الأشرفية ليحكي في كل زاوية من زواياه أجمل القصص عن بيروت العريقة.
- هل كان لإنشاء مطعم Liza في هذا المقر التاريخي العائد إلى القرن التاسع عشر، انعكاس على ديكوره الداخلي؟ وإلى أي مدى كان ملزماً بأسلوب معين في الديكور؟
من المؤكد أن الإطار التاريخي للمكان لعب دوراً مهماً في الديكور. لهذا كان علينا أن نحترم هذا العامل ونحدّ من التغييرات في البناء الأساسي. زيّنا الجدران بورق صنع خصيصاً بناء على طلبنا.
كما استخدمنا الأثاث الخفيف البعيد عن التكلّف. يمكن أن نلحظ النمط الشرقي للمكان في كل زاوية، فلم يكن هناك من داعٍ لإضافة المزيد في الديكور لإبرازه.
- ما الصعوبات التي واجهتموها في ديكور مكان مماثل؟
عند التعامل مع مكان قديم كهذا، من الطبيعي أن نواجه بعض الصعوبات، خصوصاً أننا لم نكن نريد تدمير المنزل. كنا نرغب في الحفاظ عليه بإطاره التاريخي في مقابل عمليات الترميم الأساسية.
وقد اضطررنا إلى إعادة إنشاء إمدادات الكهرباء والتهوئة. كان العمل في غاية الدقة، إلا أن المهندس مارك صغير تمكن من التعامل مع كل هذه التفاصيل بمهارة.
أيضاً كانت هناك مشكلة في عزل الصوت بحيث اضطررنا إلى إضافة الكثير من القماش. لكن حتى لا يظهر ذلك، أوجدنا طريقة ذكية لتحقيق ذلك بشكل جميل في السقف فظهر كعنصر حقيقي ورائع في الديكور.
- إلى أي مدى كان التعاطي مع مكان بهذه المساحة وهذا الارتفاع صعباً؟
لا شك في أن العمل في مكان ضخم كهذا مكلف وصعب. كان علينا أن نحضر فريق عمل فرنسياً لوضع ورق الجدران. لكن جرت الأمور على ما يرام وأنجزه في النهاية حرفيون لبنانيون خلال 15 يوماً.
- كيف يمكن التعريف بالديكور المعتمد في المطعم وما الذي يميّزه عن أي مكان آخر؟
الديكور المعتمد في المكان معاصر وشرقي وخفيف ويجتمع فيه الطابعان الشرقي والغربي، تماماً كما نفعل في الطعام. المكان لبناني مع لمسة غربية.
- يبدو أن الهندسة الداخلية للمطعم تجمع ما بين الأسلوب العربي واللبناني بشكل خاص، بإطار عصري في جوانب معينة، ما سر هذا المزيج؟
هذا المزيج هو الذي يصنع سحر المكان. فعندما يكون المظهر كلّه بطابع واحد، يصبح ثقيلاً. تماماً كما يحصل عندما تضع امرأة المجوهرات وترتدي من ماركة واحدة من أعلى رأسها حتى أخمص قدميها... هذا يفقدها جاذبيتها، أما أن تمزج ما بين الجينز وسترة من ماركة راقية وتنتعل حذاء رياضياً، فكم يضفي عليها هذا من الجاذبية والأناقة والجمال! هو نفسه ما يحصل في الهندسة الداخلية حيث نجمع بأسلوب مرهف ما بين كرسي لا يتخطى سعره الـ50 دولاراً وطاولة غالية الثمن.
- تتزين الجدران بأوارق عملة لبنانية، ما سبب اختيارك هذا وهل أردت أن تدخلي في تفاصيل الديكور صوراً لبنانية بكل ما للكلمة من معنى؟
زينّا بهذه الطريقة حتى لا ننسى الماضي ونذكّر به في بلد يفتقر إلى الذاكرة البعيدة المدى. أيضاً وبكل بساطة لأن هذا الطابع القديم الذي عرف به لبنان بـ«سويسرا الشرق» هو في غاية الجمال، وهذا هو «لبنان» الذي نريد أن نحتفظ بذكراه.
- ماذا عن النوافذ الخارجية والداخلية للمطعم، ما طرازها؟
لم نغيّر فيها شيئاً، إذ كانت موجودة وحافظنا عليها.
- أي رسالة أردت أن توصلي من خلال أوراق الجدران المستخدمة في المطعم؟ ولماذا اخترت صور المباني بهذا الشكل؟
الأبنية التي يمكن رؤيتها على ورق الجدران، من تنفيذ ماريلين مسعود ورشا نوام، وهي ترمز إلى المباني اللبنانية وإلى الحرب. وهنا أيضاً نعود بذاكرة الناس إلى هذا الزمن بطريقة فنية.
- هل تعمدت أن يكون للطبيعة حضور في المطعم بطريقة مختلفة؟
المسألة مرتبطة بالناحية الجمالية في بلد يتمتع بطبيعة خلابة. وهنا تعمدنا تزيين المكان بهذه الطبيعة وبشكل خاص بأشجار الموز التي تزين سهول لبنان الجنوبي.
- كيف تختلف حلّة المكان خلال شهر رمضان؟
في شهر رمضان، نزين المكان بالفوانيس وبكثير من الشموع لنضفي عليه طابع «ألف ليلة وليلة».
منقول