ما هو النذر في الاسلام
بسم الله الرحمن الرحيم، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين. أما بعد،
جاء النذر في اللغة بعدة معانٍ ومنها: الإيجاب، فإذا نذر إنسانٌ على نفسه نذرًا فقد أوجبه. ويقول صاحب مقاييس اللغة: « نذر، النون والذال والراء كلمة تدل على التخويف أو تخوُّف، منه الإنذار: الإبلاغ، ولا يكاد يكون إلا في التخويف. وتناذروا: خوف بعضهم بعضًا. ومنه النذر: وهو أن يخاف إلى أخلف. قال ثعلب: نذرتُ بهم فاستعددتُ لهم وحَذِرتُ منهم. والنذير: المنذر، والجمع: النُّذُر. والنَّذْر أيضًا: ما يجب كأنه نُذِر، أي أُوجِب... » [راجع: معجم مقاييس اللغة].
وأما النذر في الاصطلاح الشرعي فهو: « إلزام مكلف مختار نفسه شيئًا لله تعالى. » [راجع: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، ص392].
ويُعَرَّف أيضًا بأنه: « التزام قربة غير لازمة في أصل الشرع بلفظٍ يُشعر بذلك مثل أن يقول المرء: لله عليَّ أن أتصدق بمبلغ كذا، أو إذا شفى الله مريضي فعليَّ صيام ثلاثة أيام ونحو ذلك. ولا يصح إلا من بالغٍ عاقلٍ مختارٍ ولو كان كافرًا. » [راجع: فقه السنة، ص84]. فالنذر من الكافر يكون صحيحًا، ولكن لا يطالب بالوفاء به إلا بعد دخوله في الإسلام.
والنذر مشروع في الكتاب والسنة، حيث يقول الله تعالى: { وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ } [البقرة: 270]. ويقول أيضًا: { يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا } [الإنسان: 7]. ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من نذر أن يطيع الله فَلْيُطِعْهُ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يَعْصِهِ » [رواه البخاري].
ومن النذر ما يكون مكروهًا، وهو نذر المجازاة أو المعاوضة، والذي يكون معلقًا على شرط، كأن يقول قائلٌ: إن شفى الله مريضي فعليَّ كذا وكذا. ومنه ما يكون حرامًا ولا يجوز الوفاء به كنذر المعصية. أما النذر على فعل الطاعات الذي لا يكون معلقًا على شرط، والذي يسمى عند العلماء بنذر التبرر، فهو جائز وفيه ثواب للناذر.
وإذا رَجَع الناذر عن نذره أو حنث فيه، فيلزمه كفارة، وكفارة النذر هي نفسها كفارة اليمين، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه عقبة ابن عامر: « كفارة النذر كفارة اليمين. » [رواه مسلم]. والمسلم مخير في كفارة اليمين بين ثلاثة خيارات، وهي:
إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يَأْكُل ويُطْعِم أهله.
كسوة عشرة مساكين.
عتق رقبة.
فإن لم يستطع أن يأتي بأيٍّ من هذه الخيارات، فعليه صيام ثلاثة أيام.
ما هو النذر وما حكمه
يعرف النذر وفقاً للكتاب والسنة والإجماع على انه الإيجاب لقول معين قصد به نية معينة، فألزمت هذه النية صاحبها تكليفا حتى يجبها بإخراجها بالمثل، والأصل بالإنسان انه فُطر على حب الخير دون التكلف بما هو شحيح وهنا يضح مشروعية النذر انه مكروه غير مستحب، وأما إذا نذر الإنسان القيام بطاعة ما فعليه الوفاء ها، وقد ثبت ذلك في قوله تعالى (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ)، وقد امتدح الله-سبحانه وتعالى الموفون بالنذر وهنا يتضح لأصل من النذر هو مندوب من دخل به، ليس من وفا به، وكما أوردت العديد من الأحاديث على مشروعية النذر في طاعة الله أما في معصية الله فهو ذنب وينبغي أن يتوخى الإنسان مثل هذا النذر فلا يؤديه، وهو خالص لوجه الله-سبحانه وتعالى- فان كان لغيره، فالأصل فيه الشرك.
وهنالك نوعان من النذر: النذر المنجز كأن أقول "علي أن أصوم يوم الخميس"، والنذر المعلق كأن أقول "إن شفى الله مرض والدتي فله علي ان اطعم ستين مسكين" أو على نحو ذلك، فالنذر ليس به فائدة شرعية فهو لا يأتي بخير، وليس منه فائدة قدرية فهو لا يرد قدراً، وهو لا يقدم شيء ولا يؤخره.
وقد أشارت الأدلة الشريعة أن من يضع عنهم النذر هم صغير او مكروه أو مجنون، وما دون ذلك من بالغ عاقل مسلماُ كان أم كافراً فهي واجبة بوجوب القول الملزم. ويقسم النذر شرعا إلى ستة أقسام رئيسية يأتي في مقدمتها وأفضلها قدرا وهو نذر الطاعة سواء أكان نذر مطلقاً أم معلقاً، وأمّا النوع الثاني فهو النذر المباح والمراد ب هان ينوي أو يقول الإنسان القيام بعمل مباح مثل: علي أن البس هذا الثوب وغيرها من المباحات، أو النذر المكروه بأن يعقد النية من القول بالقيام بأحد المكروهات كأن يأكل الثوم وغيرها من المكروهات، أو نذر المعصية وهو نذر محرما في أصله يحرم الوفاء به ويوجب على صاحبه إخراج كفارة يمين، كأن يقول على أن اشرب الخمر أو على نحو ذلك من المحرمات، أو نذر الغضب وهو أن ينذر بشيء بقصد إمّا المنع أو إقامة حجّة ما أو تصديق او تكذيب، كقول إن لم اشتري هذه السيارة فمالي كلّه هبة، ويوجب هذا النوع على صاحبه كفارة اليمين أو أداء ما نذره، وأخيراً النذر المطلق: وهو النذر الذي لم يعين في أصله شيء معين، كأن يقول علي نذر.
ما حكم النذر في الاسلام
يعتبر النذر في الإسلام على أنه ما يوجبه الشخص على نفسه مما ليس واجب عليه ومرتبط بحدوث أمر ما سواء كان منجزاً أو معلقاً ، وذكر النذر في القرآن الكريم في قوله تعالى {نَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا. عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا. يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} {الدهر : 5-7} ، وذكر عن النبي عليه الصلاة والسلام في النهي عن النذر وكراهيته في الحديث الشريف :(عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تَنْذروا ، فإن النذر لا يغني من القدر شيئاً ، وإنما يستخرج به من البخيل " رواه مسلم ) .
ما كفارة النذر
النذر موجود من قدم الزمان حيث الإنسان عندما يريد أن يتحقّق شيء ما أو يريد أن يفعل شيء ما فإنّة يقول أنّهُ يريد أن يفعلهُ إذا تحقّق ما يريدهُ ، فالنّذر من صفات أهل المؤمنين لأنّهم حلفو بالله تعالى أن يفعلوهُ إذا تحقّق وهي من صفات أهل الجنّة ولم يمنع الإسلام النذر ، وهناك أنواع من النذر وأحكامها وسنتعرّف عليها :
أنواع النذر :
نذر الغضب : وهو الذي يخرجهُ ليحث على فعل الشيء في وقت الغضب وحكمهُ واجب فإذا لم يوفي في نذرهِ أصبح عليهِ فعل كفارة اليمين .
نذر المعصية : وهو النذر الذي لا يبوح ولا يجوز فعلهِ كأن يقول الشخص إذا حصل شيء معيّن سأشرب الخمر أو أزني بفلانة ، فلا يجوز فعلها وعليهِ كفارة اليمين .
نذر الطاعة : كشخص يقول نذراً إذا تحقّق ما يقصد عنهُ كصيام يومين أو إطعام مسكين أو تحريرُ رقبة أو أي شيء فيهِ طاعة لله عزّ وجل ، وجب عليهِ تطبيق النذر ولا يتأخّر فيه ولقد قال رسول الله صلى الله عليهِ وسلّم : ( من نذر أن يطيع الله فليطعهُ ) رواه الجماعة الا مسلما .
نذر مبهم : وهو نذر غير معروف مقصدهُ كأن يقول فلان لله نذرٌ علي فقط من غير أن يقول ما هو النذر فبعض العلماء إتفقو أنّهُ يجب عليهِ كفارة يمين ، وهو النذر الغير معروف حكمهُ لعدم ورود حديث قوي يدل على معنى حكمهِ ، والمحب أن يكفّر عنهُ وأن يفعل شيء يرضي الله .
نذر مباح : وهو نذر لا يوجد فيهِ شيء محرّم كأن يقول فلان إذا تزوّج إبني فنذرٌ علي البس في عرسهِ لباس أبيض فهو مباح ووجب فعلهُ ، وإذا تركها وجبت عليهِ الكفارة .
نذر الواجب : وهو النذر الذي يأتي على شيء فرضهُ الله تعالى على الإنسان كأن يقول فلان نذرٌ علي إذا أتمَّ الله ما أريد ف سوف أصلي جميع الصلوت في الجامع ، فهذا ليس نذر فهو شيء يجب أن يفعلهُ الشخص لأنّهُ وجبَ عليهِ ، فلا يصحُّ الإلتزام على شيء ملزوم بهِ الشخص .
نذر المستحيل : وهو النذر الذي يعجر عنهُ صاحبهُ على فعلهِ كأن يقول الشخص إذا أتمّ الله ما أريد ف سوف أبني ل إبني قصراً في منظقة معيّنة ، ف ربما لا يستطيع هذا الشخص فعلها وقد خرجت منهُ سهواً ، فعليه هنا أن يكفر عن نذرهِ ، أو أن يقول نذرٌ علي أن أصوم البارحة فهو شيء مستحيل ولا يتوجّب عليهِ شيء .
كفارة اليمين : إطعام عشر مساكين أو أن يكسوهم من لباس ومأوى ، أو تحرير رقبة ، وإذا لم يستطع فعليهِ صيام ثلاثةُ أيام والله أعلم .
منقول