ذكرت صحيفة "يسرائيل هايوم" الإسرائيلية، أن إسرائيل تحيي خلال الأيام الجارية الذكرى الـ 35 لهجومها على العراق في عام 1981 وتدمير مفاعلها النووي "اوسيراك" في عهد رئيس النظام السابق صدام حسين.

وقالت الصحيفة خلال تقرير لها، إن العملية العسكرية التي شنتها إسرائيل على العراق أطلق عليها اسم "أوبرا" بعد ظهر يوم الجمعة 7 حزيران عام 1981، بمشاركة 8 طائرات حربية إسرائيلية متطورة حصلت عليها تل أبيب من الولايات المتحدة، وأقلعت من القواعد الجوية الإسرائيلية لتدمير المفاعل النووي العراقي، وكانت هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة وهي النجاح الكامل، أو النجاح الجزئي أو الفشل التام.

واضافت الصحيفة أن رئيس هيئة الأركان العامة بالجيش الإسرائيلي أطلع الطيارين على المهمة، وأكد لهم أنه إذا فشلت تلك المهمة فإن بقاء إسرائيل على قيد الحياة سيكون في خطر، بل ولن تبقى على قيد الحياة، مشيرة الى أن سرب المقاتلات الحربية الإسرائيلية التي شاركت بالعملية من طراز F-16 وF-15 حيث انطلقت من قاعدة عسكرية إسرائيلية بشبه جزيرة سيناء عندما كانت لا تزال تحت الاحتلال قبل الانسحاب الإسرائيلي منها بالكامل، بارتفاع منخفض جدا لم يزد عن 150 مترا.

واوضحت الصحيفة أن بيجين كان يسعى لتدمير المفاعل النووي العراقي قبل الانتخابات العامة في إسرائيل خوفا من صعود حكومة يسارية للحكم، وترفض قصف المفاعل، كما أنه كان يهدف لدعم شعبيته بتلك الضربة على حساب منافسه بالانتخابات الإسرائيلية شيمون بيريز، الذي كان يتزعم المعارضة في ذلك الوقت.

وتابعت الصحيفة أن العملية لم تستغرق وقتا طويلا، حيث عادت المقاتلات بعد ساعتين تقريبا لقواعدها العسكرية بعد أن استغرقت دقيقتين تقريبا فى إطلاق 16 قذيفة أصابت 14 منها هدفها بدقة، ولكن دون أن ينهار المبنى، الذى تعرض إلى أضرار كبيرة.

وقال المحلل الإسرائيلي البروفيسور ايال زيسر، فى مقال له بالصحيفة العبرية إنه قبل "عيد الأسابيع" – عيد نزول التوراة - في عام 1981، هاجمت طائرات سلاح الجو المفاعل النووي الذى أقامه صدام حسين، بمساعدة فرنسا، بالقرب من بغداد، مضيفا أن تدمير المفاعل، قضى على الحلم النووي للرئيس العراقي.

وزعم زيسر، أن صدام حسن استعد لاستخدام "السلاح الكيماوي" في حربه ضد إيران، وأنه كان حاكما قاتلاً لا يعرف الحدود، كما اثبت في اجتياحه للكويت في صيف 1990، مما عزز الاعتقاد بأنه كان سيستخدم السلاح النووي ضد أعدائه، وأيضا ضد إسرائيل، على حد قوله.

وأصاف المحلل الإسرائيلي أن حصول "صدام" على السلاح النووي كان سيمنحه الحصانة أمام الهجمات الأمريكية، كذلك الهجوم الذي قاد إلى نهايته فى ربيع عام 2003.

وأوضح زيسر، أن الهجوم على المفاعل العراقي قبل 35 عام أثار نقاشا داخليا في إسرائيل، وكان من بين صفوف المعارضة آنذاك من لم يتردد في انتقاد رئيس الوزراء الأسبق مناحيم بيجين، لأنه قرر شن الهجوم على العراق، لكن هذا كله كان يشبه الصفر مقارنة بموجة الانتقاد الدولية من جانب كل دول العالم، ومن بينها الولايات المتحدة التى فرضت حظر بيع السلاح المؤقت لإسرائيل.

وأضاف المحلل الإسرائيلي أن العديد من صحف العالم هاجمت إسرائيل، وأكدت أن تل أبيب بمهاجمتها للمفاعل العراقي، مست بفرص تحقيق السلام في المنطقة، وأن المقصود عملا عنيفا وغير مبرر، مشيرا إلى أن صحيفة نيويورك تايمز، كانت من أولى الصحف التى وجهت الانتقاد شبه الفوري لإسرائيل.

وأدعى زيسر قائلا "إنه في ضوء الرد البارد، والمعادي من قبل العالم للهجوم الإسرائيلي، يمكن التحديد بأن السنوات التي مرت عمقت المنطق السياسي والعسكري لتلك الهجمات، حيث اتضح مرة أخرى أن إصرار إسرائيل على عدم السماح لأعدائها بالتزود بالسلاح النووي، منع التسلح النووي في المنطقة في القرن الماضي، وثبت أيضا أن المجتمع الدولي هو في أفضل الحالات يعاني من العجز والرغبة بمعالجة التهديد الذي يتعرض له الاستقرار في المنطقة، وفي اسوأ الحالات يمد يده لتطور تهديدات كهذه - كما يستدل من التعاون بين عدة دول في العالم مع المشروع النووي لصدام، والتعاون اليوم مع إيران التي تسعى لتحقيق النجاح حيث فشل صدام، ووضع يدها على السلاح النووي".

وأشار المحلل الإسرائيلي إلى أنه خلافا للآراء التى سادت في حينه، امتنع صدام حسين من الرد على الهجوم الإسرائيلي، حيث أنه ادعى لاحقا أنه أطلق الصواريخ على إسرائيل خلال حرب الخليج كنوع من الانتقام المتأخر، لكنه من الواضح أنه كان سيطلق هذه الصواريخ في كل الحالات، حتى لو لم تقم إسرائيل بتدمير المفاعل العراقي، لأنه أراد لإسرائيل أن تتدخل في الحرب وبالتالى تجنيد الدعم العربي فى صفه خلال حرب الخليج، على حد قوله.

وأوضح زيسر أن الهجوم على المفاعل العراقي لم يمنع سباق التسلح النووي في الشرق الأوسط، لكنه صده لعقدين من الزمن، زاعما بأن الهجوم لم يؤدي لزيادة التوتر في المنطقة أو التسبب بمواجهة إقليمية شاملة.

ولفت المحلل الإسرائيلى إلى أن قرار إيران تطوير أسلحة نووية كان مرتبطا بشكل غير قليل، باستخدام صدام حسين، بدعم عربي ودولي واسع، لسلاح الصواريخ، خاصة الكيماوية، ضد جنودها، وأما جهود معمر القذافى فى ليبيا، ولاحقا جهود الأسد في سوريا لامتلاك السلاح النووى فقد تأثرت بشكل خاص من نجاح كوريا الشمالية في تحقيق قدرات ردع، بل وحصانة، أمام التهديد الأمريكي المحتمل، بفضل السلاح النووي الذي طورته.

وأنهى زيسر مقاله قائلا "الحقيقة أن دروس الماضى تعلمنا بأنه من المناسب أن نتطرق إلى كل خطوة عسكرية كهذه كشر حتمي يجب دراسة نتائجه بعقل مستقيم، ولكن المسافة بعيدة بين هذا وبين الجمود والضعف، الذى يصيب المجتمع الدولي في كل مرة يطل فيها تهديد كتهديد المفاعل النووي الذى سعى صدام لبنائه، علينا فحص مثل هذه التهديدات بعيون إسرائيلية وبما يتفق مع مصالح إسرائيل كما فعل مناحيم بيجين فى 1981".

www.alsumaria.tv