كثيرًا ما نُعزي السبب في ظهور الهالات السوداء تحت العين مباشرةً إلى التعب أو العمل لساعات طويلة في الليل أو حتى مجرد السهر ليلًا لوقت متأخر. فهل يُمكن أن يكون هذا صحيحًا؟ في الحقيقة، وجدت دراسات حديثة أن التعب والسهر ليست الأسباب الحقيقية على الرغم من أنها محتملة لظهور هذه البقعة السوداء تحت العين، إنما تلعب الجينات دورًا هامًا في ظهروها.
التعب ليس السبب الرئيسي لظهور الهالات السوداء تحت العين، إنما أمرٌ آخر!
ببساطة، فهالات العين السوداء تظهر نتيجةً لكون الطبقة الجلدية أسفل العين رقيقة ما يسمح بظهور الأوعية الدموية والدم الذي يجري فيها في هذه المنطقة بشكل أوضح من أي منطقة أخرى في الجسم. إذ تبلغ سماكة الجلد في منطقة الجفن (أسفل العين مباشرةً) حوالي 0.5 ملم مقارنةً بمتوسط سماكة الجلد في الأماكن الأخرى في الجسم البالغة 2 ملم.
أما إن تساءلت عن سبب ظهور الهالات بلون مزرق على الرغم من أن لون الدم في الأوعية الدموية أحمر، فهو لأن الجلد وأنسجته الخاصة تحت الجلد تسمح فقط لموجات اللون الأزرق / البنفسجي الضوئية بالمرور عبره. نتيجةً لذلك، ينعكس اللون الأزرق المائل للبنفسجي فقط وتبدو الأوردة مزرقة.
ملاحظة: (غالبًا لا تظهر الأوردة زرقاء اللون إن كانت البشرة أدكن أو أفتح من المتوسط، بدلًا من ذلك، فهي تظهر بلون يميل للأخضر أو البني تبعًا لاختلاف لون البشرة. فالناس أصحاب البشرة الفاتحة جدًا كالمصابين بالمهق تظهر الأوردة لديهم في منطقة الجفن بلون مائل للأرجواني الداكن أو الأحمر الداكن، بلون أقرب للون الدم الفعلي المار عبر الأوردة).
فالأوعية الدموية التي تتوزع في الطبقة الرقيقة أسفل العين تظهر بلون مزرق معتم نتيجة لانعكاس الموجات الضوئية عبر الجلد إلى سطح الجلد بسبب رقة هذه المنطقة بدرجة كبيرة تسمح بمرور الضوء. لنفس السبب تبدو الكدمات في الوجه أكثر وضوحًا أسفل العينين أو حولها عن المناطق الأخرى في الجسم بسبب رقة الجلد في هذه المنطقة. فالأوعية الدموية قابلة للتمزق بسهولة عند التعرض لأي عارض خارجي.
وبطبيعة الحال، فإن الهالات السوداء حول العينين تبدو أكثر وضوحًا مع التقدم في العمر، لأن الجلد يفقد خاصية التجدد والمرونة كلما تقدم الشخص في السن ما يجعل الهالات بارزة بغض النظر عن مقدار النوم. كذلك الحال مع من لديهم جينات وراثية تؤهلهم لوجود منطقة جلدية أرق تحت العينين.
حالة أخرى تُسبب ظهور الهالات السوداء تحت العينين بشكل بارز تُعرف باسم “فرط التصبغ الحجاجي”. وهي حالة تؤدي إلى زيادة نسبة صبغة الميلانين التي تُنتجها البشرة تحت العينين ما يؤدي لجعل اللون أكثر دكانة. لذلك عادةً ما يبدو اللون أكثر وضوحًا لأصحاب البشرة الداكنة. وكما ذكر الدكتور براتيك شيث وآخرين من كلية الطب الحكومية PDU ومستشفى في الهند، فإن أحد أكثر الشكاوى شيوعًا في عالم الأمراض الجلدية في الهند هي التصبغات الزائدة والهالات السوداء تحت العينين. وبسبب حالة فرط التصبغ الحجاجي، فإنه من الصعب علاج هذه الحالة خاصةً لأصحاب البشرة الداكنة، لذلك ازدهرت أسواق المكياج ومستحضرات التجميل لإخفاء هذه العيوب.
عوامل أخرى غير جينية ظهور هالات العين السوداء..
ووفقًا لقول الدكتور شيث، فإن العديد من العوامل غير الجينية تلعب دورًا مهمة في زيادة التصبغ حول العينين، منها تأكسد الدم المتدفق في الأوعية الدموية في منطقة الجفن. كذلك تسرب الدم خارج الأوعية الدموية بسبب تضرر منطقة الجفن حتى لو كان الضرر خفيفًا وغير مؤذي نسبيًا. بعض الأشخاص يعانون من تدفق مزمن للدم في هذه المنطقة وهو أمر لا يجب الخوف منه كما قال الدكتور شيث.
مشكلة أخرى تسبب ظهور هالات العين السوداء هي الانتفاخات التي تحدث في الجفن بسبب تراكم السوائل تحت العينين إما بفعل مرض ما أو حساسية أو الاستهلاك المفرط للملح في الطعام الذي يؤدي إلى احتباس السوائل في الجسم أكثر من المعتاد، ما يزيد الضغط على الأوعية الدموية وتبرز لتبدو ظاهرة في مناطق الجلد الرقيق. كما ان انتفاخات العين تحدث بسهولة نتيجة لكبر السن.
لكن يبقى السؤال المهم، هل يُمكن أن يكون التعب والإرهاق والسهر ليلًا أحد أسباب ظهور هالات العين السوداء؟
حسنًا، وفقًا لإجابات الأطباء والباحثين، فإن التعب قد يكون أحيانًا سببًا في زيادة المشكلة. حيث أنه خلال استيقاظك لساعات طويلة أو التعب تنخفض الطاقة في الجسم، فيلجأ الجسم لزيادتها عبر إنتاج كميات من هرمون الكورتيزول لتزويد الجسم بالطاقة، وحيث أن الكورتيزول يُسبب زيادة تدفق وحجم الدم في الأوعية الدموية بما في ذلك تلك المتواجدة أسفل الجفن. هذا الأمر يؤدي بالنهاية إلى زيادة وضوح الهالات السوداء تحت العينين.