حالة الصراخ تبدو ثقافة اجتماعية عربيه واسعه. انظروا مثلا للصراخ في الدراما التلفزيونية او المسرح او حتى الخطب السياسية وبرامج الحوار! لكن استخدام تقنية الصراخ ليس عفويا بل مقصودا. بالصراخ يتم تعطيل عقل المستمع والنفاذ الى عاطفته. ساعتها يمكن تمرير أكثر الأفكار تناقضا ولاعقلانية.
وكلما قل علمالخطيب ارتفع صوته!
الخطيب يصرخ.... المذيع يصرخ... الاب يصرخ.. الام تصرخ
المحاور يصرخ.. المؤيد يصرخ.. والمعارض يصرخ
يصر اغلب خطباء الجمعة على الصوت العالي في خطبهم الذي ما يلبث ان يتحول الى صراخ.
لم يسألوا انفسهم يوما ما لماذا يصرخون؟
كان الصراخ مطلوبا قبل اختراع الميكرفون لإيصال صوت الخطيب الى المصلين في الصفوف الأخيرة.
أما وقد اخترعت البشرية مكبر الصوت فهون عليك عزيزي الخطيب وتحدث بصوت هاديء وركز على الفكرة لا على نغمة الصوت وصدى الصراخ.
ولأن "الوسيلة هي الرسالة" كما تعلمنا في الدراسات الإعلامية يسيطر الشكل على المضمون ويصبح الصراخ هو مضمون الخطبة وهدفها.
بل أن إدمان الصراخ ساهم حتى في تحديد مواضيع خطب الجمعه والتركيز على المواضيع "المناسبة للصراخ" كالمعاصي والعذاب والتحريض والتكفير ...
يتحول المستمع للخطبة الى ضحية لحالة الهيستيريا المؤقتة التي يدخل فيها الخطاب. فإذا لم يثبت الخطيب للمستمع أنه مذنب وعاص ومقصر ومنحرف فإن خطبته، من وجهة نظره، غير ناجحه.