هو أحد أكثر الأقنعة المميزة التي تشاهدها في كرنفال البندقية “طبيب الطاعون”، لكن القناع بمنقاره الطويل البارز ذي اللون الأبيض، كان موجودًا خلال القرن السابع عشر الميلادي. فما قصة هذه القناع؟
كان الهدف من هذا القناع حماية الأطباء الذين يتعاملون مع مرضى الطاعون من انتقال العدوى، حيث كانوا يعتقدون أنه مرض ينتشر عبر الهواء الفاسد والأجواء الضارة. ولمواجهة هذا التهديد، كان اختراع قناع بمنقار طويل، والذي كان يتم تعطيره بالروائح الجميلة مثل الورد المجفف، والأعشاب، والبهارات.
وبعد ذلك أصبح هذا القناع رمزًا لمرض الموت الأسود، لكن ليس هناك دليل يؤكد وجوده خلال سنوات انتشار الطاعون في القرن الرابع عشر الميلادي. لكن المؤرخين يرون أن القناع يعود للطبيب الفرنسي “تشارلز دي لورمي” عام 1619، والذي صممه إلى جانب معطف مشمع طويل يأتي من الرأس إلى أخمص القدمين لمزيد من الحماية. وقد ارتدى هذا الزي أطباء الطاعون خلال انتشار المرض عام 1656 والذي قتل 145 ألف شخص في روما.
بالإضافة إلى القناع، كانت هناك قطع أخرى يتم ارتداؤها كزي كامل لطبيب الطاعون. فهناك القبعة الجلدية واسعة الحواف، حيث كانت القبعات تقليدًا لا بد من وجوده في أي عمل خلال القرن السابع عشر الميلادي، فكان القضاة يرتدون الشعر المستعار، ورجال الدين أغطية الرأس، وكذلك الأطباء.
أما قناع منقار الطير فكما ذكرنا، تتم إضافة العطور إليه وحشوه بالأعشاب. وكانت كل تلك الإجراءات الاحترازية ناتجة عن نظرية “حمى المستنقع” والتي كانت ترى أن الهواء الملوث هو السبب في انتقال الأمراض، لكن هذه النظرية سقطت بعدما تم اكتشاف الميكروبات المسببة للأمراض. فافترض مخترع القناع أن الروائح الجميلة من شأنها أن تكون علاجًا للأجواء السيئة، أما فائدة المنقار الطويل فكان لحشو المواد العطرية والعشبية داخله.
وكانت هناك دوائر سوداء تحيط بالعينين، وكان القناع مرتبطًا بالمعطف، إلى جانب القفازين والحذاء، وكان الجلد المستخدم في الملابس مصممًا لحماية جلد الأطباء من ملامسة المرض، وقد كان كل شيء مشمّعًا حتى أن السوائل لا يمكنها أن تتخلل إلى الملابس، وعلى الرغم من كل ذلك، فهذا لم يكن فعالًا تمامًا.
بالإضافة إلى نمط الملابس، كان أطباء الطاعون يمكسون عصا بأيديهم تسمح لهم بالاتصال بمكان العدوى. أصبحت هذه الملابس رمزًا للموت، أما الآن فهي مستخدمة في كرنفال البندقية “طبيب الطاعون”.