TODAY - July 09, 2010
في كأس العالم: الكرة وثقافات الشعوب
لم تثبت علميا العلاقة بين عادات الشعوب وأسلوب أداء منتخباتها
على مدى شهر كامل، توجهت الانظار من مختلف بقاع العالم إلى جنوب افريقيا التي استضافت نهائيات كأس العالم لمرة القدم.
ولم يكن هناك حديث لدى الناس من مختلف الاعمار والوظائف والمستويات التعليمية والاجتماعية سوى عن مباريات البطولة.
وحظي أداء كل منتخب بتحليل خاص من قبل المعلقين ، وترددت التساؤلات حول علاقة أساليب اللعب المختلفة بثقافة الشعوب التي تنتمي اليها تلك الفرق.
ويرتبط ذلك بجماليات وإثارة اللعبة الشعبية الأولى في العالم فالأساليب قد تختلف اختلافا جذريا في بعض الأحيان، بمعنى أن الانجليز مثلا يلعبون بطريقة محسوبة والالمان بطريقة منظمة والبرازيليون بطريقة مشوقة وغير ذلك.
سلوى العمد استاذة الانثروبولوجيا وعلم الاجتماع في جامعة فيلادلفيا بالأردن تضرب مثالا على ما تسميها "الماكينة الألمانية" و"السامبا البرازيلية".
وقالت العمد إنه لا توجد دراسة تثبت او حتى تبين أن لعب الفريق مرتبط بالانضباط والنظام المعروفين عن الشعب الألماني، أو أن الأداء الانجليزي محسوب ومخطط له كما يعرف عن الانجليز.
كذلك الحال لم تثبت الدراسات وجود صلة بين اداء لاعبي البرازيل ورقصة السامبا او الكابويرا وهي رقصة برازيلية تشبه الفنون القتالية الآسيوية.
المنتخبات العربية
المنتخبات العربية تحتاج إلى الثقة في قدراتها
لكن رياض البوعزيزي قائد المنتخب التونسي لكرة القدم سابقا الذي شارك في ثلاث منافسات لكاس العالم أعوام 1998 و2002 و2006 يرى من خلال تجربته أن هذا صحيح إلى حد ما، غير انه يقول إن عوامل اخرى تجعل طريقة لعب كل فريق تختلف عن الآخر وهي عوامل ترتبط بعراقة المنتخب وحرفيته.
وأضاف البوعزيزي لبي بي سي أن الفرق العربية في معظم مشاركاتها بنهائيات كأس العالم "افتقدت إلى التحضير النفسي وتعزيز الثقة بالنفس لهذا فهي تكتفي بالمشاركة في الدورة ولا تفكر في الفوز أو الترشح إلى الادوار المتقدمة".
وقال إن ما تحتاجه الفرق العربية للتغلب على النواحي التي ذكرها هو زيادة الثقة في النفس مهما كان حجم الفريق المنافس وقوته ، لأن المنتخبات العربية مثل الجزائر التي شاركت في نهائيات جنوب افريقيا تلعب كرة قدم تنطوي على قدر كبير من الحرفية وقادرة على منافسة اي فريق.
اختلافات السلوك
سلوك اللاعبين من مختلف الفرق اثناء المباريات هو ايضا محل اهتمام المحللين والمعلقين خاصة ما يتعلق بمدى التزام بعض الفرق بقوانين اللعبة واحترام الفريق المنافس بكلام الحكم وقراراته وايضا بالخطة التي يضعها مدرب الفريق دون غيرها، ولجوء بعض الفرق او اللاعبين الى الحيل والتظاهر بالاصابة.
ويتساءل اصحاب هذا الرأي ان كانت بعض الفرق من بعض مناطق العالم تعرف بمثل هذه الممارسات اكثر من غيرها. لكن الكثيرين يرون ان هذه السلوكيات لا تتعلق بفريق بكامله وانما هي سلوكيات فردية.
ومهما كان الأمر، هناك من يرون ان الاختلافات في طريقة اللعب بين مختلف فرق العالم وابراز اللاعبين مهاراتهم المختلفة في لعب كرة القدم لعلها من ابرز الاسباب التي تجعل كرة القدم تعرف باللعبة الجميلة وتجعل الملايين حول العالم يتابعونها بقدر عال من الشغف والتشوق.
شغف
وأدى الشغف بهذه اللعبة الى استحداث فروع واقسام متخصصة في علم الاجتماع والدراسات النفسية لدراسة انماط تعلق البشرية بها واسباب هذا التعلق.
السيدة بهيجة امراة تونسية في الثمانينات من العمر تشجع منتخبها المحلي وتنتقل من مدينة الى اخرى لتشجيعه منذ عقود من الزمن. وقالت لبي بي سي إنها تجد في مشاهدة منتخبها يلعب كرة القدم متعة لا تجدها في اي رياضة اخرى.
أما معتصم العمد وهو أردني وأيضا من محبي ومشجعي كرة القدم منذ حوالي خمسة وثلاثين عاما، ويتابع كل البطولات الأوروبية تقريبا وكل دورات كاس العالم تقريبا خاصة المشاركة العربية فيها.
إلا أن مستوى انتشار كرة القدم والتعلق بها يختلف من بلد الى اخر ومن منطقة في العالم الى اخرى.
كما أن الشغف بكرة القدم او بأي رياضة اخرى أمر صحي وايجابي من وجهة نظر الخبراء، إذا لم يتحول هذا الشغف الى هوس ثم الى انفعال وتعصب ومنه الى عنف.
ويدفع ذلك الخبراء في مجال علم النفس الى تحليل الاسباب. ويتساءل بعضهم ان كان من بين تلك الاسباب الحاجة الى التنفيس عن كبت ما في مجال ما.
و لعل المباراة التي جمعت مصر والجزائر العام الماضي في اطار التصفيات لكاس العالم وما تبعها من اتهامات وشتائم بين البعض انضمت اليها وسائل اعلام وتحولت الى ازمة دبلوماسية بين البلدين هي ابرز مثال من وجهة نظر الكثيرين على وجود علاقة بين السياسة وكرة القدم وما يعتبرونه تلاعب بعض الساسة خاصة في بعض الدول النامية بمشاعر الناس وتعلقهم بهذه اللعبة الى درجة انها اصبحت تسمى "أفيون الشعوب".