شجرة العائلة والعشيرة لها اهمية استثنائية في مجموعة كبيرة من بلدان العالم الثالث، بما فيه العالم العربي، لذلك سيكون من الممتع الاهتمام بالنظر الى شجرة عائلة الانسان.
الى فترة قصيرة كان الاعتقاد ان الهوموسابينس ، اي نوعنا، متفرد بخصائصه، الى درجة ان الاعتقادات الدينية، ليس فقط جعلته خليفة الله على الارض بلا منازع، وانما ايضا على صورة الله. غير ان الامور تبدلت الان. الكثير من الدلائل تشير الى ان الهوموسابينس، اي الانسان، تقاسم الارض مع انواع اخرى من البشر. بل والاكثر من ذلك، حمضهم النووي لازال موجودا فينا. تحليل الحمض النووي يكشف اننا نحمل جزيئات من اقاربنا الابعدين، بما يجعل وضع شجرة للعائلة امر ضروري.
قبل حوالي مئة الف سنة اشتعلت شرارة الابداع في رأس جماعة في مكان ما في افريقيا، وبعد بضعة الف من السنوات، استعمر الهوموسابينس بقية القارات. الى كل مكان يصل اليه اجدادنا الاوائل، كانت تختفي المجموعات المحلية من البشر، وفي السنوات الثلاثين الف الاخيرة، اصبحنا النوع البشري الوحيد على الارض.
فترة طويلة كنا على قناعة ان تاريخ تطور الانسان كان على هذا الشكل. غير انه، خلال السنوات الثمانية الاخيرة، قام العلماء بالعديد من التحليلات لمجموعة من اللقى والاحافير، ، وصفت لنا كيف اصبحت الارض مسكونة ومِن مَن.
لعثور على احفورة لأمرأة من نوع هومو فلوريسينس ، وايضا يشار اليهم بالاقزام ( هوبيت) على جزيرة فلوريس في اندونيسيا عام 2004 ، سيظهر لاحقا ان ذلك كان البداية فقط ، في سلسلة من اللقى لجماعات من البشر، اجدادنا التقوا بهم وعاشوا معهم جنبا الى جنب، تقريبا حتى العصر الحالي. اخر اللقى كانت احفورة لنوع محتمل لما يسمى شعب الوعول الحمر ( شعب عاش على اصطياد الوعول الحمر)، الذي كانوا يعيششون في جنوب الصين حتى نهاية العصر الجليدي، عندما بدأ اجدادنا في التحول الى الفلاحة.
احدى الاحداث الدراماتيكية كانت وضع خريطة الجينوم لنوع النيندرتال ولنوع اخر يحوطه الغموض هو انسان دينيسوفا ( الاحفورة عثر عليها في مغارة دينيسوفا). النظر على جينوم الحمض النووي لهولاء الاقرباء يكشف لنا انهم مارسوا الجنس مع اجدادنا، وبنتيجة ذلك انجبوا اطفال منهم، وبدورهم تركوا آثارهم في حمضنا النووي.
وهناك آثار ، من الحمض النووي، اقدم، عن نوع مجهول، جرى العثور عليه في الحمض النووي للافارقة. مجموع هذه المعطيات يخلق الضرورة لرسم شجرة عائلة من عدة صفحات لاستيعاب الاقرباء الجدد.
انسان دينيسفا
Denisova
Denisova
Denisova, لايمكن وضع مواصفات له كنوع بدون امتلاك هيكل كامل له.
وعلى العموم، هو مجموعة، كان لافراده شعر اسود وعيون بنية اللون وجلد أسمر، وكانوا يعيشون على الصيد قبل 40 الف سنة، في سيبيريا. عاشوا في المغارات ويمكن انهم كانوا يصبغون انفسهم ويصنعوا اداوات حجرية وهم يجلسون حول النار. على كل الاحوال، مغارة دينيسفا، حيث جرى العثور على ضرسين واصبع، اعطت مايسمح لنا بإستنتاج مثل هذه الصورة. ومن هذه البقايا تمكن العلماء من وضع خريطة جينوم لهذا الشعب ومقارنتها بجينوم الانسان الحالي.
انسان دينيسوفا هو نوع شقيق للنيندرتال ويملك، تماما كما نملك نحن، طفرة في الجين FOXP2, وهو امر حاسم لامتلاك القدرة على النطق. على العموم، ظهر ان قريبنا السيبيري متطور كثيرا. واشياء اخرى تم العثور عليها في المغارة نفسها، تشير الى ان النيندرتال والهوموسابينس ايضا سكنوا هذه المغارة. لربما هذه الانواع الثلاثة تصارعت للاستيلاء على المكان ولربما تقاسموا المغارة.
الجينوم يخبرنا، مثلا، ان 5% من الحمض النووي لدى الابورجينا القاطنين في استراليا اليوم، قادم من انسان دينيسوفا. ويرى العلماء ان ممارسة الجنس بيننا وبينهم لم تحدث في هذه المغارة وانما في جزيرة معزولة في اندونيسيا ، وصل اليها اجدادنا في طريقهم الى استراليا ونيوغينيا قبل 60 الف سنة، وهو الامر الذي تطرقت اليه سابقا في موضوع الهجرات البشرية
انسان نيندرتال
neanderthalensis
neanderthalensis
Homo sapiens neanderthalensis, انسان النيندرتال كان مربع الجسم ويملك عضلات بارزة وقوية بالمقارنة مع الهوموسابينس الضعيف والطويل. بعد اللقى الاولى التي حدثت في القرن الثامن عشر اصبح من عادتنا تصوير النيندرتال على شكل متوحشين وسذج. غير ان اكتشافات السنوات الاخيرة برهنت على إمتلاكهم قدرات على التفكير التجريدي، وانهم يمتلكون الكثير من انماط السلوك المماثلة لما لدى ا لهومو سابينس. مثلا كانوا يلبسون القلائد التي يصنعونها من اسنان الحيوانات وعظام الماموث أو الاصداف. كما كانوا يستخدومون الاصباغ، على الاغلب من اجل صبغ اجسامهم خلال مختلف الطقوس. وبعضهم قاموا بدفن امواتهم بكل أهتمام ودفنوا الى جانبهم العطايا والرموز
تحليلات الحامض النووي للنينرتال اظهرت ان أقسام من جيناتهم لازالت موجودة في البشر خارج القارة الافريقية. وبالمجموع يملك الانسان الحديث، في جيناته، 2% من الحامض النووي القادم من النيندرتال.
انسان فلوريسينس
Homo floresiensis
Homo floresiensis
Homo floresiensis, لازال الكثير مجهول عنهذه العائلة التي كانت تعيش معزولة على جزيرة فلوريس الاندونيسية، حتى الى ماقبل 17 الف سنة. طول افراد هذه المجموعة لايزيد عن المتر ولذلك اطلق عليهم تعبير " الاقزام" Hobbit. كانوا يعتاشون على صيد السلاحف الضخمة والجرذان الضخمة بحجم الكلب والافيال القزمة.
حجم الدماغ لديهم بحجم البرتقالة وهو الاصغر حتى بين الشمبانزي اليوم. ومع ذلك تشهد الادوات الحجرية التي خلفوها، مثل الشفرات الحادة والسكاكين ورؤس الرماح واشياء اخرى، على تقدم كبير وانهم كانوا صناع مهرة، تقريبا بنفس مستوى النيندرتال.
لربما تمكنوا من استخدام مهاراتهم في بناء شكل من اشكال الطوافات، وإلا فمن الصعب تفسير كيفية وصولهم الى الجزيرة المنعزلة.
لابد ان أجدادنا التقوا بهذه المجموعة، إذ ان الهوموسابينس انتشر متبعا شواطئ البحار، ومر من قرب اندونيسيا في طريقه الى استراليا قبل 45 الف سنة على الاقل. كيف تم اللقاء وكيف تمكن الاقزام من البقاء على قيد الحياة على مدى بضعة الاف من السنوات، لازالت احجية لم نجد لها حل.
بعض العلماء يعتقدون انهم مجموعة هاجرت من افريقيا قبل 2 مليون سنة، ووصلت الى اسيا قبل الهومو ايريكتوس. إذا صدق ذلك، فإن بقايا هذا النوع حافظ على نفسه على جزيرة فلورينس كمثال روبنسون كروزو.
عم مجهول
قبل حوالي 35 الف سنة حدث التقاء جنسي بين الهوموسابينس ومجموعة عرقية مجهولة. ذلك ماتوصل اليه الخبراء عندما أكتشفوا، عام 2011، براهين على شكل عدد من الهياكل العظمية وجمجمة واحدة " لهجين افريقي".
احفاد هذا التصالب عاشوا في عدة مناطق من بينها Iwo Elru في نيجيريا الى ماقبل 11 الف سنة، ويصنفون تحت الهومو سابينس. ملامحهم البدائية تذكر بالملامح الاولى المبكرة لانسان الهومو سابينس ، والذي ظهر قبل 200 الف سنة، ولم يكن عندها قد بدأ في انتاج الادوات المتطورة او الرسومات، والتي، لاحقا، اصبحت من العلامات المميزة للبشر.
الخبراء تمكنوا من العثور مايعتقد انه بقايا الحمض النووي لذلك النوع المجهول في الانسان الافريقي الحديث. هذا الحامض النووي يختلف عن الحامض النووي من خطنا التطوري قبل 700 الف سنة، ويشير الخبراء الى انه انسان هيديل بيرغنسيس Homo Heidelbergensis, الذي انحدر عنه الهومو سابينس، والنينرتال، كلا على حدى، والذي كان العلماء يعتقدون انه انقرض قبل فترة طويلة.
العثور على نتائج التصالب قد يعني ان هيديل بيرغنسيس تمكن من البقاء في جيب زمني في غرب افريقيا ، مما يلقي ضوء جديدا على تاريخ تطور الانسان.
شعب الوعل الاحمر
Red Deer Cave people
Red Deer Cave people
أخر الاكتشافات في هذا المجال هي شعب الوعل الاحمر، Red Deer Cave people, pygmé, كان يعيش في جنوب الصين حتى نهايات العصر الجليدي قبل 14-11 الف سنة.
عثر العلماء على مستحاثاتهم عام 2012 ، في مقاطعتين مختلفتين، ولذلك لازلنا لانعرف الكثير عنهم. غير اننا نعلم انهم يفضلون اصطياد الوعل الاحمر ولذلك اطلق عليهم هذا الاسم.
هياكلهم العظمية تشير الى تتداخل بين تقاطيع الانسان الحديث والانسان القديم. الوجه يملك عظم حواجب غليظ وقوي وعظام وجنتين عريضتين تسمح بوجود عضلات حنك قوية.
طاسة الدماغ متخلفة وثخينة ولاتسمح ان يكون الدماغ كبير. غير ان التلافيف الدماغية كانت من النمط الحديث. الفص الجبهوي ، والذي يؤثر على الشخصية والسلوكية، طويل وعريض ومرتفع، تماما مثل مالدينا.
ماتم العثور عليه في المغارات يشير الى انهم كانوا صناع مهرة للادوات، ويقومون بطهي طعامهم على النار، ويستخدمون الاصباغ للقيام بالطقوس.
لازال من السابق لاوانه تقديم الاستنتاجات. توجد ثلاث فرضيات، حول موقع هذا الشعب في البوم شجرة عائلة الانسان. إما انهم فرع جديد غير مكتشف في خط الهومو سابينس، اختفى في خلال طريق التطور العشوائي. أو انهم نتائج علاقة جنسية بين اجدادنا وانسان دومينسوفا. أو انهم نوع بذاته، لازال مجهول.
الهوموسابينس
Homo sapiens sapiens
Homo sapiens sapiens
ولادة الهوموسابينس جرت في افريقيا، قبل حوالي 200 الف سنة، تماما كتاريخ أقدم المستحاثات التي تحمل الاناطوميا المميزة للانسان الحديث:
طويل، نحيل، وجمجمة مدورة وجبهة عريضة ومرتفعة، واسنان صغيرة.
بالمقارنة مع الانواع السابقة نملك اجساما ضعيفة. بالمقابل نحن نموذجيين للمشي والركض مسافات طويلة.
أكثر مانعتبره مميز لنا هو ثقافتنا. لقد كانت السبب في ان نوعنا تمكن من الازدهار والانتشار واستعمار الارض كلها. سلوكنا الابداعي ينعكس في كل شئ قمنا به مثل الرسم والحلي والادوات والتنوع اللغوي وقدرتنا على التعبير التجريدي والرموز التجريدية.
غالبية العلماء يؤكدون ان الانفجار الثقافي الكبير في قدراتنا العقلية حصلت قبل 100 الف عام ، حيث ظهر اساس الوعي بالذات، الذي اسس لبناء الحضارات.
المصدر