الطريق الوحيد للحصول على الحياة الأفضل ـ 1
لقد حدّدنا الدين في مجموعة من الأخلاقيات والأحكام والقضايا المعنوية/ لابدّ أن نرجع إلى الحياة/ إن تقسيم الناس إلى فئتي «طلّاب الدين» و «طلّاب الحياة» تقسيم مشؤوم ومدمّر/ الدين والحياة ليسا قسيمان مع بعض/ في الحياة الأفضل، يتسنّى العمل بالدين بشكل أفضل
الزمان: 18/06/2016
المكان: طهران ـ مسجد الإمام الصادق(ع)
بعد ما ألقى سماحة الشيخ بناهيان سلسلة محاضراته في موضوع «الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني» ونالت إعجابا من قبل الشباب، بدأ بطرح موضوع «الطريق الوحيد للحصول على الحياة الأفضل» ليجيب عن سؤال «كيف نحظى بحياة أفضل؟» فإليك أيها القارئ الكريم نصّ أهم المقاطع من محاضرته في الجلسة الأولى:
أكثر أسئلة الناس ترتبط بأنه «كيف أعيش بشكل أفضل؟»/ إن أكثر الناس ينطلقون في أفكارهم من موضوع «الحياة» لا من مقدمات معرفة الإنسان أو معرفة الله
في شهر رمضان المبارك هذا، نريد أن نتحدّث حول «الحياة» ونغيّر رؤيتنا عن الحياة كما نصعّد تواقعاتنا منها. في أغلب الأحيان لا ينطلق الناس في حياتهم من مقدمات معرفة الإنسان أو معرفة الله أو من مفاهيمَ كالمبدأ والمعاد. بل تبدأ معلومات أكثر الناس من موضوع الحياة وينطلقون من أسئلة كهذه: «كيف أعيش؟» و «وكيف أحصل في حياتى على أقصى نفع؟» و «وكيف أعيش بشكل أفضل؟» هذا هو واقع أكثر الناس ولا ينبغي ذمّه.
إن أكثر الناس لا يعيشون على نهج الفلاسفة، فلا يخوضون أبحاث المعرفة ومعرفة الله ومعرفة الإنسان ومعرفة الدين، ثمّ يهتدون إلى طريقهم عبر هذه الأبحاث. طبعا أغلب الأنظمة الدراسية تبدأ من المقدمات البعيدة ثم تنتهي إلى الجزئيات. أما الناس فلا يعيشون هكذا. يبدأ الناس في مطالعاتهم من موضوع الحياة عادة، ويجمعون أكثر معلوماتهم من أفواه الناس او من المجلات والصحف والأخبار، أو عبر كتب القصص والروايات أو الأفلام والمسلسلات، وكل هذه المصادر تمدّ الناس بمعلومات حول الحياة.
عندما نطالع أحوال الناس نجد أكثر موضوع قد شغل بالهم هو موضوع الحياة. وأكثر أسئلتهم تعود إلى ما يرتبط بحياتهم من قبيل «كيف أعيش أفضل؟» و «كيف أحصل على حياة جيدة؟» و «كيف أكوّن حياتي؟» و «كيف أحصل على شغل ووارد جيّد؟» كما عندما يجتمع الرجال أو النساء معا، يتحدّثون في أغلب الأحيان عن حياة أنفسهم. مثلا يقولون: «أرأيت زيدا كيف كوّن عيشته؟ وأيّ تجارة قد أنشأ؟»
إن موضوع فكر أكثر الناس والهمّ الذي يشغل بالهم هو «كيفية الحياة»
عندما يفكّر الناس في أمر الحياة، وجئنا في هذه الأثناء وتحدثنا معهم عن العبودية والدّين والمعنوية، غالبا ما يشعرون بأن قد فرض عليهم كلام زائد غير ضروريّ، أو يتحمّلون الحديث ويستمعون إليه من باب الأخلاق والأدب غير أنهم ينتظرون انتهاء الحديث ليرجعوا إلى موضوعهم أي موضوع الحياة. فهم في الواقع يفصلون بين هذه المواضيع وبين الموضوع الأصلي والرئيس الذي يعنيهم أي موضوع الحياة.
ونحن كذلك نريد أن نحترم هذا الأسلوب لدى أكثر الناس ونقول: هؤلاء الناس الذين يجعلون الحياة منطلق تفكيرهم وهمّهم الرئيس هو «كيفية الحياة»، غير خاطئين، وإنما هذا الأسلوب يعبّر عن روحية خاصة لدى الكثير من الناس وهي ليست بنقطة سلبية. فليس من الضروري أن يفكّر جميع الناس مثل الفلاسفة وينطلقون في تفكيرهم من المقدّمات البعيدة.
نحن نتوقف في القضايا العقائدية غالبا/ لقد التبس الأمر على الكثير بحيث يسألون: «هل للدين وصايا تخصّ الحياة؟»
حتى الله سبحانه قد بدأ كلامه أحيانا من الحياة. فإن بعض النصوص الدينية قد جعلت موضوعها الرئيس «كيفية الحياة». ولكن نحن نتوقف في القضايا العقائدية غالبا ولا نزال نريد أن ندفع الشبهات ونأتي ببراهين عديدة ونغيّر الرؤى تجاه العالم، لكي نعرّج بعد ذلك إلى موضوع الحياة وغالبا ما لم تتح لنا الفرصة لتناول موضوع الحياة بالبحث. ولذلك حصل التباس كثير في هذا المجال وتمخض هذا الالتباس عن أسئلة من قبيل: «هل للدين وصايا تخصّ الحياة أساساً؟» أو يقال: «يجب أن نباشر حياتنا بالطريقة التي يراعى فيها الدين أيضا!» وغيرها من أمثال هذه الالتباسات.
أكثر الناس لا يسألون علماء الدين والعارفين بالقرآن والروايات عن شؤون حياتهم. وحتى إذا قمت أنا كطالب في الحوزة بالحديث عن بعض قضايا الحياة، قد يعترض عليّ صنفان من الناس: أحدهما المتديّنون؛ فقد يقولون: «لماذا تحدّثت عن قضايا دنيوية وغير معنويّة؟ لماذا أخلدت إلى الأرض ولم تتحدث عن السماء؟» والصنف الثاني: أهل الدينا فقد يقولون: «ما علاقة هذه المواضيع بك وبإمثالك؟! فإن لهذه المواضيع اختصاصات ومتخصّصين.»
يتبع إن شاء الله...