لقد حرص أمير المؤمنين ( ع ) على تربية أتباعه على المنهج السليم، ومِن مواقفه في ذلك، ما رواه نصر بن مُزاحم قال: مرّ أمير المؤمنين ( ع ) على بعض مَن كان في جيشه بصفّين، فسمعهم يشتمون معاوية وأصحابه، فقال لابن عَدي ولعمر بن الحَمق وغيرهما: ( كرهت لكم أن تكونوا لعّانين شتّامين، تشتمون وتبرؤون، ولكن لو وصفتم مساوئ أعمالهم، فقلتم مِن سيرتهم كذا وكذا ومِن أعمالهم كذا وكذا، كان أصوب في القول، وأبلغ في العُذر، وقُلتم مكان لعنكم إيّاهُم وبراءتكم مِنهم، اللهم احقن دماءهم ودماءنا، وأصلح ذات بيننا وبينهم، واهدِهِم مِن ضلالهم حتّى يعرف الحق مَن جهله مِنهم، ويرعوي عن الغيّ والعُدوان مِنهم مَن لَهِجَ به لكان أحبُّ إليَّ وخيراً لكم. ) فقالوا: يا أمير المؤمنين نقبل عِظَتَك، ونتأدّب بأدبك ( 1 ).
إنّ هذا الموقف منه ( ع ) لَيُشِعرهُم أنّ الشتم وسيلة نابية وليست كريمة، ثمّ هي بعد ذلك تنفيس عن طاقة يُمكن الاستفادة مِنها، بادِّخارها وصرفها في عمل إيجابي، يضاف لذلك أنّ الشتم مَدعاة للإِساءة لمُقدّسات الشاتم نَفسه، ومِن هُنا حرّم الفقهاء شَتم الصَنم إذا أدّى إلى شَتم الله تعالى، مستفيدين ذلك مِن قوله تعالى: ( وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ ) الأنعام: 108.
وصلى الله على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين