حارات دمشق القديمة حكاية تجمع بين الماضي والحاضرحارات دمشق القديمة حكاية تجمع بين الماضي والحاضر
حارات دمشقية قديمة تشكل كنزا تراثيا يقصدها الكثير من السياح وسكان المدينة للتجول فيها ولمشاهدة جمالها وسحرها وللإحساس بالراحة والدفء الذي يرافق كل من يمر بها خلال زيارته لها بحيث يشعر بأنه يمشي ضمن حكاية دمشقية تروي حياة سكان هذه الحارات الضيقة وبيوتها القديمة والتي لا تزال مفعمة بالحياة ومستقلة كمدينة صغيرة كما كانت في السابق.
حيث كانت الحارة عبارة عن مدينة مصغرة لها أبوابها ومساجدها وكنائسها وحماماتها ومدارسها وخاناتها وأسواقها المختلفة بالإضافة إلى عسسها و شيخها والمسئول عنها ( المختار ).
و لكل حارة طرق لتوزيع المياه فيها حيث توزع المياه عبر أنابيب تصل إلى أماكن الاستهلاك المختلفة في الدور و البيوت و المنشآت العامة. كما أن لكل حارة شارع رئيس أو أكثر تتفرع منه دروب و أزقة ومداخل تسد نهايتها بإحدى المباني أو بأبواب المنازل والدور.
سكان الحارات
تشكل دمشق القديمة حوالي 5 % من مساحة دمشق الحالية وفي عام 1990 م كان عدد سكانها يقدّر بـ65 ألف نسمة يشغلون مساحة سكنية تقدر بـ90 هكتاراً تناقص عددهم حتى وصل عام 2005 م إلى 45 ألف نسمة يعيشون على مساحة تقدر بـ62.2 هكتاراً.
تمتاز آثار المدينة القديمة أنها تعود لعدة فترات وحقب زمنية من الحضارات التي تعاقبت عليها والتي يعود تاريخ بنائها إلى قبل آلاف السنين.
و في يومنا هذا جمعت حارات دمشق القديمة بين الماضي والحاضر فتاريخ المدينة يقرأ عبر حاراتها وبنائها المعماري القديم والتي لا تزال إلي اليوم تؤرخ حياة سكانها ومستقبلهم أجيالا تلو أخرى.
أول ما يلفت النظر في الحارات القديمة أن الحياة في أحيائها كانت شبه مغلقة على أهلها حيث كان سكانها يعرفون كل فرد فيها كبيرا وصغيرا ويعرفون الغريب المار بالصدفة. وتتميز تلك الأحياء بتعرج أزقتها وضيقها ويرى أهلها أن سبب ذلك يعود إلى سببين أولهما أمني بحيث يسهل الدفاع عن الأزقة فلا يرى المهاجم الطريق حتى آخره ولا من يكمن له في المنعطف .والسبب الآخر اجتماعي لأن النساء يخرجن في النهار من بيت إلى بيت مجاور أو مقابل دون أن يراهن أحد وذلك بسبب الأزقة المتعرجة والتي تحجب الرؤية من بعيد فمن عادات أهل دمشق أن السائر في زقاق ضيق أو حارة يجب أن يعلن عن قدومه فتسمعه سيدات البيوت ويغلقن الأبواب.
البيوت العربية
ارتفعت في الآونة الأخيرة أسعار البيوت في الحارات القديمة أو كما تسمى ( البيوت العربية ) والتي تمتاز بفناء داخلي واسع تحيطه الغرف وتتوسطه البحرة الشامية الشهيرة، يتكون من طابق أو طابقين فيه الكثير من الفنون المعمارية ويطل على الفناء المليء بأحواض النباتات والأزهار.
تحولت الكثير من هذه البيوت إلى مطاعم ومقاهي كونها تجذب المواطنين والسياح معا. و يرى أصحاب هذه البيوت أنها تفعّل الحياة الثقافية والفنية من خلال تحويل بعض الغرف فيها إلى صالات عرض فنية تقام في باحاتها المفتوحة أمسيات فنية وأدبية بعد أن كانت الكثير من هذه البيوت العريقة مهجورة لفترة طويلة بسبب انشغال الملاك بأعمالهم وخروجهم للسكن خارج المدينة القديمة في الأحياء الجديدة مما جلب المستثمرون إليها .
كما حولت وزارة الثقافة العديد من هذه البيوت إلى متاحف و منعت بيعها حفاظا عليها وخوفا من هدمها من قبل مستثمري العقارات والتجار، كما تم منع تنوع البناء الحديث في هذه الحارات رغم التطور العمراني التي شهدته المدينة وذلك ليبقى الطراز القديم الذي تميز بطابع البناء الشرقي مع بعض عمليات الترميم التي تفرضها الظروف المناخية كاستعمال الخشب والقرميد إلى جانب الحجر.