صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 17
الموضوع:

موسوعة الامام الصادق عليه السلام

الزوار من محركات البحث: 3294 المشاهدات : 9720 الردود: 16
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    صديق مؤسس
    صاحبة الامتياز
    تاريخ التسجيل: January-2010
    الدولة: البصرة
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 27,178 المواضيع: 3,882
    صوتيات: 103 سوالف عراقية: 65
    التقييم: 5826
    مزاجي: هادئة
    أكلتي المفضلة: مسوية رجيم
    موبايلي: Iphon 6 plus
    آخر نشاط: 5/August/2024
    مقالات المدونة: 77

    موسوعة الامام الصادق عليه السلام




    صلوات الله وملائكته وأنبيائه ورسله وجميع خلقه على محمد وآل محمد والسلام عليه وعليهم وعلى أرواحهم وعلى أجسادهم ورحمة الله وبركاته

    إخوتي أخواتي الكرام ..

    إليكم هذه الموسوعة التي تتحدث عن تحدثاً مفصلاً

    اتمنى من الجميع الاستفادة من الموضوع....

    تابعوا معي و أجركم على الله



    سنتناول في هذه الموسوعة إن شاء الله :

    * ولادته ووفاته (استشهاده) ومبلغ سنه ووصيته


    * بيان الامام الصادق لعظمة الله تعالى

    * الأقوال في ولادته

    * في قول ولدني أبو بكر مرتين تحقيق آية الله المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي

    * أسمائه وألقابه وكناه ، وعللها ، ونقش خاتمه ، وحليته وشمائله

    * النص عليه
    * علم الامام الصادق عليه السلام

    * مكارم سيره ، ومحاسن أخلاقه ، واقرار المخالفين

    * معجزاته واستجابة دعواته ، ومعرفته بجميع اللغات ومعالي أموره

    * أدعية الامام الصادق عليه السلام

    * ما جرى بينه وبين المنصور وولاته وسائر الخلفاء الغاصبين والأمراء الجائرين وذكر بعض أحوالهم


    * مناظراته مع أبي حنيفة وغيره من أهل زمانه ، وما ذكره المخالفون من نوادر

    * مناظرات أصحابه مع المخالفين

    * أحوال أزواجه وأولاده ( وفيه نفى امامة إسماعيل وعبد الله )

    * أحوال أقربائه وعشائره وما وقع عليهم من الجور والظلم وأحوال من خرج في زمانه من بنى الحسن


    * مداحيه

    * أحوال أصحابه وأهل زمانه

    * أسماء بعض الرجال الذين صحبوا الإمامين الباقر والصادق وأخذوا عنهم علوم الدين

    * أمالي الامام الصادق عليه السلام

    *
    الامام الصادق عليه السلام مع هشام بن الحكم

    * تعليم
    الامام الصادق عليه السلام جابر اعلم الكيمياء

    * مواعظ
    الامام الصادق عليه السلام

    * فضائل
    الامام الصادق عليه السلام

    * في أسم فاطمة عليها السلام

    * من وصية
    الامام الصادق عليه السلام لولده الإمام موسى الكاظم

    * وصايا
    الامام الصادق عليه السلام

    * فيما أوصى به لحسن الأفطس


    كما أتمنى ممن يستطيع المشاركة معي بإضافة شيء لو كان بسيطاً لا يقصر ..

    حتى يبقى هذا الموضوع مرجعاً للجميع

    لنبدا على بركة الرحمن




    ولادته عليه السلام ووفاته (استشهاده) ومبلغ سنه ووصيته

    1 - الكافي : ولد أبو عبد الله عليه السلام سنة ثلاث وثمانين ، ومضى
    عليه السلام في شوال من سنة ثمان وأربعين ومائة ، وله خمس وستون سنة ، ودفن بالبقيع ، وأمه أم فروة بنت القاسم بن محمد ، وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر .

    2 - وقال الشهيد في الدروس : ولد
    عليه السلام بالمدينة يوم الاثنين ، سابع عشر شهر ربيع الأول ، سنة ثلاث وثمانين ، وقبض بها في شوال ، وقيل في منتصف رجب يوم الاثنين سنة ثمان وأربعين ومائة ، عن خمس وستين سنة ، أمه أم فروة ابنة القاسم بن محمد ، وقال الجعفي : اسمها فاطمة ، وكنيتها أم فروة .

    3 - وقال في الفصول المهمة : ولد
    عليه السلام في [ سنة ] ثمانين من الهجرة ، وقيل سنة ثلاث وثمانين والأول أصح ، ومات سنة ثمان وأربعين ومائة وله من العمر ثمان وستون سنة ، ويقال إنه مات بالسم في أيام المنصور .

    وفى تاريخ الغفاري : أنه ولد
    عليه السلامفي السابع عشر من ربيع الأول .

    4 - مصباح الكفعمي : ولد
    عليه السلام بالمدينة يوم الاثنين سابع عشر شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين ، وكانت ولادته في زمن عبد الملك بن مروان ، وتوفي عليه السلام يوم الاثنين في النصف من رجب سنة ثمان وأربعين ومائة ، مسموما في عنب .

    وقال في موضع آخر : ولد
    عليه السلام في يوم الجمعة غرة شهر رجب .

    5 - ثواب الأعمال : ماجيلويه ، عن عمه ، عن الكوفي ، عن ابن فضال ، عن الميثمي عن أبي بصير قال : دخلت على أم حميدة أعزيها بأبي عبد الله
    عليه السلام فبكت وبكيت لبكائها ثم قالت : يا أبا محمد لو رأيت أبا عبد الله عليه السلام عند الموت لرأيت عجبا فتح عينيه ثم قال : أجمعوا لي كل من بيني وبينه قرابة ، قالت : فلم نترك أحدا إلا جمعناه قالت : فنظر إليهم ثم قال : إن شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصلاة .


    بيان لعظمة الله تعالى

    دخل أبو شاكر الديصاني – وهو زنديق ملحد – على الامام الصادق عليه السلام وقال : يا جعفر بن محمّد دلِّني على معبودي ! .

    فقال له : إجلس ، فإذا غلام صغير في كفِّه بيضة ، فقال : ناولني يا غلام البيضة ، فناوله إياها .

    فقال : يا ديصاني ، هذا حصن مكنون ، له جلد غليظ ، وتحت الجلد الغليظ جلد رقيق ، وتحت الجلد الرقيق ذهبة مايعة ، وفضّة ذائبة ، فلا الذهبة المائعة تختلط بالفضَّة الذائبة ، ولا الفضَّة الذائبة تختلط بالذهبة المائعة ، فهي على حالها ، لم يخرج منها خارج مصلح فيخبر عن إصلاحها ، ولم يدخل فيها داخل مفسد فيخبر عن إفسادها .

    لا يُدرى للذكر خلقت أم للأُنْثى ، تنفلق عن مثل ألوان الطواويس ، أترى له مدبِّراً ؟

    فأطرق الديصاني مليّاً ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، وأنك إمام وحجَّة من الله على خلقه ، وأنا تائب [ إلى الله تعالى ]
    ممَّا كنت فيه .



    الأقوال في ولادته

    - الإرشاد : كان مولد الصادق بالمدينة سنة ثلاث وثمانين ، ومضى في شوال من سنة ثمان وأربعين ومائة ، وله خمس وستون سنة ، ودفن بالبقيع مع أبيه وجده وعمه الحسن وأمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر ، وكانت إمامته أربعا وثلاثين سنة .

    - مناقب ابن شهرآشوب : داود بن كثير الرقي قال : أتى أعرابي إلى أبي حمزة الثمالي فسأله خبرا فقال : توفي جعفر الصادق فشهق شهقة وأغمي عليه ، فلما أفاق قال : هل أوصى إلى أحد ؟ قال : نعم أوصى إلى ابنه عبد الله ، وموسى ، وأبي جعفر المنصور ، فضحك أبو حمزة وقال : الحمد لله الذي هدانا إلى الهدى ، وبين لنا عن الكبير ودلنا على الصغير ، وأخفى عن أمر عظيم ، فسئل عن قوله فقال : بين عيوب الكبير ودل على الصغير لاضافته إياه ، وكتم الوصية للمنصور لأنه لو سأل المنصور عن الوصي لقيل : أنت .

    - روضة الواعظين ، مناقب ابن شهرآشوب : ولد الصادق بالمدينة ، يوم الجمعة ، عند طلوع الفجر ويقال : يوم الاثنين ، لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول ، سنة ثلاث و ثمانين ، وقالوا : سنة ست وثمانين .

    - مناقب ابن شهرآشوب : فأقام مع جده اثنتي عشرة سنة ومع أبيه تسع عشرة سنة ، وبعد أبيه أيام إمامته أربعا وثلاثين سنة ، فكان في سني إمامته ، ملك إبراهيم بن الوليد ومروان الحمار ، ثم صارت المسودة من أرض خراسان مع أبي مسلم ، سنة اثنتين وثلاثين ومائة ، وانتزعوا الملك من بني أمية ، وقتلوا مروان الحمار ، ثم ملك أبو السفاح أربع سنين وستة أشهر وأياما ، ثم ملك أخوه أبو جعفر المنصور إحدى وعشرين سنة وأحد عشر شهرا وأياما ، وبعد مضي سنتين من ملكه .

    - روضة الواعظين ، مناقب ابن شهرآشوب : قبض في شوال سنة ثمان وأربعين ومائة ، وقيل يوم الاثنين النصف من رجب .

    - مناقب ابن شهرآشوب : وقال أبو جعفر القمي : سمه المنصور ودفن في البقيع ، وقد كمل عمره خمسا وستين سنة ، ويقال : كان عمره خمسين سنة ، وأمه فاطمة بنت القاسم ابن محمد بن أبي بكر .

    - كشف الغمة : قال محمد بن طلحة : أما ولادته فبالمدينة سنة ثمانين من الهجرة وقيل : سنة ثلاث وثمانين ، والأول أصح وأما نسبه أبا واما فأبوه أبو جعفر محمد الباقر ، وأمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر .

    وأما عمره فإنه مات في سنة ثمان وأربعين ومائة في خلافة المنصور فيكون عمره ثلاث وستين سنة ، هذا هو الأظهر ، وقيل غير ذلك ، وقبره بالمدينة بالبقيع وهو القبر الذي فيه أبوه وجده وعمه .

    وقال الحافظ عبد العزيز : أمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ولد عام الجحاف سنة ثمانين ، ومات سنة ثمان وأربعين ومائة .

    وقال محمد بن سعيد : لما خرج محمد بن عبد الله بن الحسن ، هرب جعفر إلى ماله بالفرع ، فلم يزل هناك مقيما حتى قتل محمد فلما قتل محمد واطمأن الناس و أمنوا ، رجع إلى المدينة ، فلم يزل بها حتى مات لسنة ثمان وأربعين ومائة في خلافة أبي جعفر وهو يومئذ ابن إحدى وسبعين سنة وقال ابن الخشاب بالاسناد الأول عن محمد بن سنان : مضى أبو عبد الله و هو ابن خمس وستين سنة ، ويقال : ثمان وستين سنة ، في سنة مائة وثمان وأربعين ، و كان مولده عليه السلام سنة ثلاث وثمانين من الهجرة ، وكان مقامه مع جده علي بن الحسين اثني عشرة سنة وأياما ، وفي الثانية كان مقامه مع جده خمس عشرة سنة ، وتوفي أبو جعفر ولأبي عبد الله أربع وثلاثون سنة في إحدى الروايتين وأقام بعد أبيه أربعا وثلاثين سنة ، وكان عمره في إحدى الروايتين خمسا وستين سنة ، وفي الرواية الأخرى ثمان وستين سنة ، قال لنا الزارع : والأولى هي الصحيحة وأمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر .

    - إعلام الورى : ولد بالمدينة لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين من الهجرة ، ومضى في النصف من رجب ، ويقال : في شوال سنة ثمان وأربعين ومائة ، وله خمس وستون سنة ، أقام فيها مع جده وأبيه اثنتي عشرة سنة ، ومع أبيه بعد جده تسع عشرة سنة ، وبعد أبيه أيام إمامته أربعا وثلاثين سنة ، وكان في أيام إمامته عليه السلام بقية ملك هشام بن عبد الملك وملك الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، وملك يزيد بن الوليد بن عبد الملك الملقب بالناقص ، وملك إبراهيم بن الوليد ، وملك مروان بن محمد الحمار ، ثم صارت المسودة من أهل خراسان مع أبي مسلم سنة اثنتين وثلاثين ومائة ، فملك أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الملقب بالسفاح ، أربع سنين وثمانية أشهر ، ثم ملك أخوه أبو جعفر عبد الله الملقب بالمنصور ، إحدى وعشرين سنة وأحد عشر شهرا ، وتوفي الصادق بعد عشر سنين من ملكه ، ودفن بالبقيع ، مع أبيه وجده وعمه الحسن عليه السلام .

    - الكافي : سعد والحميري معا ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه علي ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : قبض أبو عبد الله جعفر بن محمد وهو ابن خمس وستين سنة ، في عام ثمان وأربعين ومائة وعاش بعد أبي جعفر أربعا وثلاثين سنة .

    - الكافي : سعد ، عن محمد بن عمرو بن سعيد ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي الحسن الأول قال : سمعته يقول : أنا كفنت أبي في ثوبين شطويين كان يحرم فيهما وفي قميص من قمصه وفي عمامة كانت لعلي بن الحسين وفي برد اشتريته بأربعين دينارا .

    - الكافي : العدة ، عن سهل ، عن محمد بن عمرو بن سعيد مثله ، وزاد في آخره : لو كان اليوم لساوى أربعمائة دينار .

    بيان : شطا اسم قرية بناحية مصر تنسب إليها الثياب الشطوية .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عبد الله بن أحمد ، عن إبراهيم بن الحسن ، عن وهب بن حفص ، عن إسحاق بن جرير قال : قال أبو عبد الله كان سعيد بن المسيب ، والقاسم بن محمد بن أبي بكر ، وأبو خالد الكابلي من ثقات علي بن الحسين ثم قال : وكانت أمي ممن آمنت واتقت وأحسنت ، والله يحب المحسنين .

    - الكافي : العدة ، عن سهل ، عن عثمان بن عيسى ، عن عدة من أصحابنا قال : لما قبض أبو جعفر بالسراج في البيت الذي كان يسكنه ، حتى قبض أبو عبد الله ثم أمر أبو الحسن بمثل ذلك في بيت أبي عبد الله حتى خرج به إلى العراق ، ثم لا أدري ما كان .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن أبي إسماعيل السراج ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : قال أبو الحسن الأول : إنه لما حضر أبي الوفاة قال لي : يا بني إنه لا ينال شفاعتنا من استخف بالصلاة .

    - إقبال الأعمال : في أدعية شهر رمضان ، وضاعف العذاب على من شرك في دمه وهو المنصور .





    - اللإمام الصادق عليه السلام وأبو حنيفة -
    وجاء في بعض المرويات أن الامام الصادق عليه السلام قال لأبي حنيفة في بعض مجالسه معه: بم تفتي أهل العراق يا أبا حنيفة؟
    قال: بكتاب الله.
    فقال عليه السلام : وإنك لعالم بالكتاب ناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه؟
    قال: نعم.
    فقال عليه السلام : فأخبرني عن قول الله تعالى( وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأيام آمنين)، أي موضع هذا؟
    قال: هو مابين مكة والمدينة، فالتفت الامام الصادق عليه السلام لجلسائه وقال: نشدتكم بالله هل تسيرون بين مكة والمدينة وتأمنون على دمائكم وأموالكم؟ فقالوا: لا.
    فقال عليه السلام : يا أبا حنيفة إن الله لايقول إلا حقا، أخبرني عن قول الله تعالى: (ومن دخله كان آمنا) أي موضع هو؟
    قال: ذلك بيت الله الحرام. فالتفت أبو عبد الله الصادق إلى جلسائه وقال: نشدتكم بالله هل تعلمون أن عبد الله بن الزبير وسعيد بن جبير دخلاه ولم يأمنا القتل؟ فقالوا: اللهم نعم.
    فقال أبو حنيفة: ليس لي علم بالكتاب إنما أنا صاحب قياس.
    فقال الإمام: فانظر في قياسك إن كنت مقيسا، أيما أعظم عند الله القتل أو الزنا؟
    فقال: القتل أعظم.
    فقال عليه السلام : فكيف رضي في القتل بشاهدين ولم يرض في الزنا إلا بأربعة شهود، وأيهم أفضل الصلاة أم الصيام.
    فقال: بل الصلاة أفضل.
    فقال عليه السلام : فيجب على قياسك أن تقضي الحائض ما فاتها من الصلاة حال حيضها دون الصيام، في حين أن الله قد أوجب عليها قضاء الصوم دون الصلاة.
    ثم قال له: البول أقذر أم المني؟
    فقال: البول أقذر.
    فقال عليه السلام : يجب على قياسك أن يغتسل الإنسان من البول دون المني.
    فقال: إنما أنا صاحب رأي.
    فقال عليه السلام : فما ترى في رجل كان له عبد فتزوج وزوج عبده في ليلة واحدة فدخلا بزوجتيهما في ليلة واحدة أيضا، ثم سافرا وتركا زوجتيهما في بيت واحد وولدتا غلامين فسقط البيت عليهم فقتل المرأتين وبقي الغلامان أيهما في رأيك الملك وأيهما المملوك وأيهما الوارث وأيهما الموروث؟
    فقال: إنما أنا صاحب حدود.
    فقال عليه السلام : فما ترى في رجل أعمى فقأ عين صحيح، وأقطع قطع يد رجل كيف يقام عليهما الحد؟
    فقال: إنما أنا رجل عالم ببعث الأنبياء.
    قال
    عليه السلام : فأخبرني عن قول الله تعالى لموسى وهارون حين بعثهما إلى فرعون (لعله يتذكر أو يخشى) أليست لعل للشك؟ قال: نعم.
    فقال عليه السلام : فهل هي من الله في شك؟ قال: لا أعلم.
    فقال عليه السلام : تزعم أنك تفتي بكتاب الله ولست ممن ورثه، وتزعم أنك صاحب قياس وأول من قاس إبليس، وتزعم أنك صاحب رأي وكان الرأي من رسول الله صلى الله عليه وآله صوابا ومن غيره خطأ، لأن الله يقول: (فاحكم بينهم بما أنزل الله) ولم يقل ذلك لغيره، وتزعم بأنك صاحب حدود وم أنزلت عليه أولى بعلمها منك، وتزعم أنك عالم بمباعث الأنبياء وخاتم الأنبياء أعلم بمباعثهم منك، ولولا أن يقال إن أبا حنيفة دخل على أبن رسول الله ولم يسأله ما سألتك عن شيء.
    فقال أبو حنيفة: لا أتكلم بالرأي والقياس بعد هذا اليوم.
    فقال الامام علي ه السلام : كلا، إن حب الرياسة غير تاركك كما لم يترك من كان قبلك.



    في قول ولدني أبو بكر مرتين

    تحقيق آية الله المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي دام ظله

    السؤال:

    ذكر بعضهم في خطبة له في يوم الجمعة مؤخراً: أن الامام الصادق عليه السلام قال: «ولدني أبو بكر مرتين..».

    وهذا الشخص يدعونا دائماً إلى الفكر والعقل والدراسة، وهذا يدل على أنه هو قد حقق هذا الحديث عن
    الامام الصادق عليه السلام ، ورأى أن من واجبه أن يعلمه للناس.. فهل هذا صحيح؟!

    الجواب:
    إن هذا الحديث الذي تتحدث عنه هو مما يستدل به أهل السنة على الشيعة لتصويب خلافة أبي بكر، فراجع ما ذكره ابن حجر الهيثمي، وفضل بن روزبهان ( الصواعق المحرقة ص84 ط دار الكتب العلمية سنة 1408هـ وكلام ابن روزبهان في دلائل الصدق ج1 ص76 ).

    وقد رد عليهم علماؤنا الأبرار رحمهم الله تعالى استدلالاتهم تلك.

    ولا حاجة إلى ذكر ما استدل به اولئك، وما أجاب به هؤلاء.. ( راجع على سبيل المثال: إحقاق الحق للتستري ص64 ـ 67 ودلائل الصدق ج1 ص82 و83 والصوارم المهرقة ص253 والبحار ج29 ص651)

    فإن هذا ليس هو محط نظرنا هنا..

    إن كان هذا الشخص قد أورد هذا الحديث ليرد عليه. فهو شيعي يسعى إلى تثبيت عقائد الناس، ونحن ندعو له بالتوفيق والتسديد..

    وإن كان قد أورده ليثقف به جماعة أهل السنة، فهو سني بلا ريب.

    وإن كان قد ذكره ليثقف به الشيعة أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام ، دون أن يعلق عليه، ويبين لهم وجه الصواب والخطأ فيه؛ فهو إنسان ليس بشيعي، جزماً، بل هو ـ كما يظهر ـ يسعى لإلقاء هذا النوع من الأحاديث لتصبح جزء من ثقافة الناس بصورة عفوية، ثم يأتي اليوم الذي يقول فيه للناس: إنه لا مشكلة بين الأئمة عليهم السلام وبين أبي بكر، وإنما المشكلة هي بين من ينسبون أنفسهم إلى الأئمة عليهم السلام وبين أبي بكر..

    وهذا أسلوب غير سليم، يهدف إلى استغلال غفلة الناس، وبراءتهم، وطيب نواياهم.

    وعلى كل حال، فإن هذه الكلمة: «ولدني أبو بكر مرتين» قد نسبت إلى
    الامام الصادق عليه السلام في بعض كتب أهل السنة وهي في الأكثر كتب التراجم، ووردت أيضاً في بعض آخر من غيرها. على طريقة إلقاء الكلام على عواهنه، من دون نظر ومناقشة إسناده، صحة وضعفاً ( راجع: تهذيب التهذيب ج2 ص103 وتذكرة الحفاظ ج1 ص166 وعمدة الطالب ص176 مطبعة الصدر سنة 1417هـ قم وغاية الاختصار ص100 وكشف الغمة ج2 ص161 ط سنة 1381 هـ. المطبعة العلمية قم المقدسة عن الجنابذي وعن جواهر الكلام لابن وهيب ص13 وسير أعلام النبلاء ج6 ص255 والصواعق المحرقة ص84 وأورده السيد الخوئي في مستند العروة كتاب الخمس ج1 ص317 وتنقيح المقال ج3 ص73 وعن الدر المنثور ج1 ص240 ولم أجده. ).

    فالرواية إذن سنية، وليست شيعية، وهي كما ذكرها الدارقطني التالية:

    الدارقطني: عن أحمد بن محمد بن إسماعيل الآدمي، عن محمد بن الحسين الحنيني، عن عبد العزيز بن محمد الأزدي، عن حفص بن غياث قال: سمعت جعفر بن محمد يقول: «ما أرجو من شفاعة علي شيئاً إلا وأنا أرجو من شفاعة أبي بكر مثله. لقد ولدني مرتين..»( تهذيب الكمال ج5 ص81 و82 وراجع: سير أعلام النبلاء ج2 ص259 وطبقات الحفاظ ج1 ص167 ونقل عن تاريخ دمشق ج44 ص455 ).

    ونقول: إننا نسجل هنا على هذا الحديث النقاط التالية:

    أولاً: قد ذكر القرماني: أن أم
    الامام الصادق عليه السلام هي «أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي سمرة» ( أخبار الدول وآثار الأول [مطبوع بهامش الكامل في التاريخ سنة 1302 هـ] ج1 ص234 ).

    وعدم ورود القاسم بن محمد بن أبي سمرة في كتب الرجال لا يعني أنه شخصية موهومة، إذ ما أكثر الشخصيات الحقيقية التي أهمل التاريخ ذكرها لأكثر من سبب..

    ولعل هذا هو السبب في أن الشهيد قد اكتفى بالقول: «أم فروة بنت القاسم بن محمد» ( راجع: البحار ج47 ص1 ).

    ثانياً: هناك جماعة ـ ومنهم الجنابذي ـ تقول: إن أم فروة هي جدة الالمام الباقر عليه السلام لأمه ، وليست زوجته ، ولا هي أم
    الامام الصادق عليه السلام ( كشف الغمة ج2 ص120 ط سنة 1381 هـ المطبعة العلمية ـ قم وناسخ التواريخ، حياة الامام الصادق عليه السلام ج1 ص11 والبحار ج46 ص218 ).

    ولعل شهرة القاسم بن محمد بن أبي بكر تجعل اسمه دون سواه يسبق إلى ذهن الرواة، فإذا كتبوا القاسم بن محمد، فإنهم يضيفون كلمة «ابن أبي بكر»، جرياً على الإلف والعادة.

    أضف إلى ذلك: أن القاسم بن محمد أكثر من رجل، كما يعلم من مراجعة كتب التاريخ والتراجم..

    ثالثاً: إن الرواية ضعيفة السند، فإنها ـ كما قلنا ـ لم ترو من طرق شيعة أهل البيت عليهم السلام ، فكيف صح لهذا البعض أن ينسب هذا القول إلى الامام علي عليه السلامه السلام من دون أن يَتثبَّت من صحة الرواية؟!

    رابعاً: إن
    الامام الصادق عليه السلام ليس بحاجة إلى الشفاعة ليرجوها من أبي بكر ..

    خامساً: إن شفاعة رسول الله محمد صلى الله عليه و آله ، هي التي ترتجى وتطلب ، فكيف يطلب حفيد الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله الشفاعة من أبي بكر ، ويترك جدّه الرسول صلى الله عليه و آله ؟!

    وأبو بكر ومن هم على شاكلته بحاجة إلى شفاعته صلى الله عليه و آله ..

    فهو صلى الله عليه و آله الذي يشفع لمن يستحق الشفاعة ، ويساق من لا يستحقها إلى الجحيم ، وإلى العذاب الأليم ..

    ولماذا رجا شفاعة أبي بكر، ولم يرج شفاعة سلمان مثلاً.

    فإن كان قد تعلق أمله بشفاعة أبي بكر، وعلي، لأجل القرابة، فهو أمر يستحيل أن يمر في ذهن الإمام [عليه السلام] خصوصاً وأن القرآن الكريم قد صرح برفض هذا المنطق وأدانه، فقد قال تعالى: (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ) ( سورة عبس 34 ـ 36 ).

    وقال تعالى: (لاَ يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً) ( سورة عبس 34 ـ 36 ).

    فالقرابات النسبية مجردةً إذن ليست هي المعيار.

    كما أن الشفاعة إنما هي مقام ومنصب يعطيه الله لأشخاص معينين، هم صفوة الخلق، قد عهد الله إليهم بالشفاعة بالمذنبين من أمته.. و
    الامام الصادق عليه السلام هو أحد هؤلاء الصفوة الذين يشفعون في الأمة بدون ريب..

    سادساً وأخيراً: إن بيت أبي بكر قد عرف بالمهانة والذل، فلاحظ ما يلي:

    1 ـ قال عوف بن عطية:

    وأمـا الأ لأمان بنـو عدي وتيـم حين تزدحم الأمــور

    فلا تشهد بهم فتيان حـرب ولكن ادن من حلب وعير( كذا في المصدر وهذا من الإقواء الذي قد يحصل في بعض الموارد )

    إذا رهنوا رمـاحهم بزبـد فإن رماح تيـم لا تضير( طبقات الشعراء لابن سلام ص38 )

    2 ـ ذكر البلاذري: أن أبا سفيان قال لعلي [عليه السلام]: «يا علي بايعتم رجلاً من أذل قبيلة من قريش» ( أنساب الأشراف، قسم حياة النبي [ى الله عليه وآله] ص588.صل ).

    3 ـ حين بويع أبو بكر نادى أبو سفيان: «غلبكم على هذا الأمر أذل أهل بيت في قريش».

    وفي نص الحاكم: «ما بال هذا الأمر في أقل قريش قلة، وأذلها ذلة؟! يعني أبا بكر» ( راجع: الصحيح من سيرة النبي الأعظم [صلى الله عليه وآله] ج3 ص98 والمصنف للصنعاني ج5 ص451 ومستدرك الحاكم ج3 ص78 عن ابن عساكر، وأبي أحمد الدهقان وراجع: الكامل لابن الأثير ج2 ص326 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص944 والنزاع والتخاصم ص19 وكنز العمال ج5 ص383 و385 عن ابن عساكر وأبي أحمد الدهقان ).

    4 ـ حج أبو بكر ومعه أبو سفيان، فرفع صوته عليه، فقال أبو قحافة: اخفض صوتك يا أبا بكر عن ابن حرب.

    فقال أبو بكر: «يا أبا قحافة، إن الله بنى في الإسلام بيوتاً كانت غير مبنية، وهدم بيوتاً كانت في الجاهلية مبنية. وبيت أبي سفيان مما هدم» ( راجع: النزاع والتخاصم ص19 والغدير للعلامة الأميني ج3 ص353 عنه ).

    5 ـ قد روي عن
    الامام الصادق عليه السلام قوله عن محمد بن أبي بكر رحمه الله: أنجب النجباء من أهل بيت سوء، محمد بن أبي بكر ( رجال الكشي ص63 ط جامعة مشهد عنه في قاموس الرجال ج9 ص19 ط جماعة المدرسين ). وبمعناه غيره..

    وبعدما تقدم نقول : لو فرضنا صحة هذه الرواية ، أعني رواية : ولدني أبو بكر مرتين، وقد عرفت أنها غير صحيحة جزماً، لكن فرض المحال ليس بمحال.

    وكذا لو صح انتسابالامام علي عليه السلام إلى أبي بكر من جهة أمه ، وقد تقدم ما يوجب الريب في ذلك.

    نعم ، لو صح ذلك كله ، فلا بد من حملها على أنه أراد بيان أمر واقع ـ ربما لأجل دفع الشر عن ضعفاء شيعته..

    ولم يقل ذلك اعتزازاً منه بالانتساب إلى أبي بكر، وإلى بيته، فإن من ينتسب إلى رسول الله صلى الله عليه و آله ، لا يفتخر بالانتساب إلى أحد سواه، وكيف يفتخر ويعتز بمن ظلم جدته الزهراء عليه السلام ، وأوصل إليها أعظم الأذى، حتى ماتت شهيدة مظلومة واجدة عليه، هاجرة له؟!




    يتبع



  2. #2
    صديق مؤسس
    صاحبة الامتياز
    أسمائه وألقابه وكناه ، وعللها ، ونقش خاتمه ، وحليته وشمائله

    1- عيون أخبار الرضا أمالي الصدوق : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن محمد بن علي الكوفي عن الحسن بن أبي العقبة الصيرفي ، عن الحسين بن خالد ، عن الرضا قال : كان نقش خاتم جعفر بن محمد " الله وليي وعصمتي من خلقه " .

    2 - علل الشرائع : علي بن أحمد بن محمد ، عن محمد بن هارون الصوفي ، عن عبيد الله بن موسى الحبال ، عن محمد بن الحسين الخشاب ، عن محمد بن الحصين ، عن المفضل عن الثمالي ، عن علي بن الحسين عليهما السلام ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فسموه الصادق ، فإنه سيكون في ولده سمي له ، يدعي الإمامة بغير حقها ، ويسمى كذابا .

    3 - معاني الأخبار : سمي الصادق صادقا ليتميز من المدعي للإمامة بغير حقها ، وهو جعفر بن علي إمام الفطحية الثانية .

    4 - الخرائج : روي عن أبي خالد أنه قال : قلت لعلي بن الحسين عليهما السلام من الامام بعدك ؟ قال : محمد ابني يبقر العلم بقرا ، ومن بعد محمد جعفر ، اسمه عند أهل السماء الصادق ، قلت : كيف صار اسمه الصادق ؟ وكلكم الصادقون ؟ فقال : حدثني أبي ، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : إذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فسموه الصادق ، فإن الخامس من ولده الذي اسمه جعفر يدعى الإمامة اجتراء على الله ، وكذبا عليه ، فهو عند الله جعفر الكذاب ، المفتري على الله ، ثم بكى علي بن الحسين عليهما السلام فقال : كأني بجعفر [ جعفر ] الكذاب وقد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر ولي الله ، والمغيب في حفظ الله ، فكان كما ذكر .

    5 - مناقب ابن شهرآشوب : كان الصادق ربع القامة ، أزهر الوجه ، حالك الشعر جعد أشم الانف ، أنزل رقيق البشرة ، دقيق المسربة ، على خده خال أسود ، وعلى جسده خيلان حمرة وكان اسمه جعفر ، ويكنى أبا عبد الله وأبا إسماعيل ، والخاص أبو موسى ، وألقابه : الصادق ، والفاضل ، والطاهر ، والقائم ، والكافل ، والمنجي وإليه تنسب الشيعة الجعفرية ، ومسجده في الحلة .

    بيان : رجل ربع : بين الطول والقصر ، والحالك الشديد السواد ، والشمم ارتفاع قصبة الانف وحسنها ، واستواء أعلاها ، وانتصاب الأرنبة ، أو ورود الأرنبة وحسن استواء القصبة وارتفاعها ، أو أن يطول الانف ويدق وتسيل روثته والمسربة بفتح الميم وضم الراء ، الشعر وسط الصدر إلى البطن .

    6- كشف الغمة : قال محمد بن طلحة : اسمه جعفر ، وكنيته أبو عبد الله وقيل : أبو إسماعيل ، وله ألقاب أشهرها الصادق ، ومنها الصابر ، والفاضل والطاهر .

    ذكر في الفصول المهمة نحوه وقال : نقش خاتمه : " ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، أستغفر الله ".

    7- مصباح الكفعمي : نقش خاتمه : " الله خالق كل شئ " .

    8- مكارم الأخلاق : من كتاب اللباس عن أبي الحسن قال : قاوموا خاتم أبي عبد الله فأخذه أبي بسبعة قال : قلت : سبعة دراهم ؟ قال : سبعة دنانير .

    وعن محمد بن عيسى ، عن صفوان قال : أخرج إلينا خاتم أبي عبد الله وكان نقشه " أنت ثقتي فاعصمني من خلقك " .

    وعن إسماعيل بن موسى قال : كان خاتم جدي جعفر بن محمد عليهما السلام فضة كله وعليه " يا ثقتي قني شر جميع خلقك " وإنه بلغ في الميراث خمسين دينارا زائدا أبي على عبد الله بن جعفر فاشتراه أبي .

    9- الكافي : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن ابن ظبيان ، وحفص بن غياث ، عن أبي عبد الله قال : في خاتمي مكتوب " الله خالق كل شئ " .

    10- الكافي : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن عبد الله بن محمد النهيكي ، عن إبراهيم بن عبد الحميد قال : مر بي معتب ومعه خاتم فقلت له : أي شئ ؟ فقال : خاتم أبي عبد الله فأخذت لأقرأ ما فيه فإذا فيه " اللهم أنت ثقتي فقني شر خلقك " .

    11- الكافي : أحمد ، عن البزنطي قال : كنت عند الرضا فأخرج إلينا خاتم أبي عبد الله فإذا عليه " أنت ثقتي فاعصمني من الناس " .

    12 - العدد : نقش خاتمه : " الله عوني وعصمتي من الناس " وفى نقشه " أنت ثقتي فاعصمني من خلقك " وقيل : " ربي عصمني من خلقه " ، وألقابه : الصادق والفاضل ، والقاهر ، والباقي ، والكامل ، والمنجي ، والصابر ، والفاطر ، والطاهر وأمه أم فروة وقيل : أم القاسم فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر .




    النص عليه

    1 - عيون أخبار الرضا : الطالقاني ، عن الحسين بن إسماعيل ، عن سعيد بن محمد بن نصر القطان ، عن عبيد الله بن محمد السلمي ، عن محمد بن عبد الرحيم ، عن محمد بن سعيد ابن محمد ، عن بن أبي عمرو ، عن صدقة بن أبي موسى ، عن أبي نضرة قال : لما احتضر أبو جعفر محمد بن علي الباقر عند الوفاة ، دعا بابنه الصادق ليعهد إليه عهدا فقال له أخوه زيد بن علي : لو امتثلت في تمثال الحسن والحسين رجوت أن لا تكون أتيت منكرا فقال له : يا أبا الحسين إن الأمانات ليست بالمثال ، ولا العهود بالرسوم ، وإنما هي أمور سابقة عن حجج الله عز وجل .
    2 - الإرشاد : وصى إلى الصادق أبوه أبو جعفر وصية ظاهرة ، ونص عليه بالإمامة نصا جليا ، فروى محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد قال : لما حضرت أبي الوفاة قال : يا جعفر أوصيك بأصحابي خيرا . قلت : جعلت فداك والله لأدعنهم والرجل منهم يكون في المصر فلا يسأل أحدا .

    3 - إعلام الورى : الكليني ، عن محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن أبي عمير مثله .

    بيان : لأدعنهم أي لأتركنهم ، والواو في " والرجل " للحال ، فلا يسأل أحدا أي من المخالفين ، أو الأعم شيئا من العلم ، أو الأعم منه ومن المال ، والحاصل أني لا أرفع يدي عن تربيتهم حتى يصيروا علماء أغنياء لا يحتاجون إلى السؤال ، أو أخرج من بينهم ، وقد صاروا كذلك .

    4 - الإرشاد : روى أبان بن عثمان ، عن أبي الصباح الكناني قال : نظر أبو جعفر إلى ابنه أبي عبد الله فقال : ترى هذا ؟ هذا من الذين قال الله تعالى : " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين " .

    5 - إعلام الورى : الكليني ، عن الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن الوشاء ، عن أبان مثله .

    6 - الإرشاد : روى هشام بن سالم ، عن جابر بن يزيد الجعفي قال : سئل أبو جعفر عن القائم بعده فضرب بيده على أبي عبد الله وقال : هذا والله ولدي قائم آل بيت محمد .

    وروى علي بن الحكم عن طاهر صاحب أبي جعفر قال : كنت عنده فأقبل جعفر فقال أبو جعفر : هذا خير البرية .

    7 - إعلام الورى : الكليني ، عن العدة ، عن أحمد ، عن علي بن الحكم مثله .

    8 - الكافي : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن بعض أصحابنا عن يونس بن يعقوب ، عن طاهر ، وأحمد بن مهران ، عن محمد بن علي ، عن فضيل بن عثمان ، عن طاهر مثله .

    9 - الإرشاد : روى يونس ، عن عبد الأعلى مولى آل سام ، عن أبي عبد الله قال : إن أبي استودعني ما هناك فلما حضرته الوفاة قال : ادع لي شهودا فدعوت أربعة من قريش فيهم نافع مولى عبد الله بن عمر فقال : اكتب : هذا ما أوصى به يعقوب بنيه " يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون " وأوصى محمد بن علي إلى جعفر بن محمد وأمره أن يكفنه في برده الذي كان يصلي فيه يوم الجمعة وأن يعممه بعمامته ، وأن يربع قبره ، ويرفعه أربع أصابع ، وأن يحل عنه أطماره عند دفنه ، ثم قال للشهود : انصرفوا رحمكم الله ، فقلت له : يا أبت ما كان في هذا بأن يشهد عليه ! فقال : يا بني كرهت أن تغلب ، وأن يقال : لم يوص إليه ، وأردت أن تكون لك الحجة .

    10 - إعلام الورى : الكليني ، عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس مثله .

    بيان : أي ما كان محفوظا عنده من الكتب والسلاح ، وآثار الأنبياء .

    فيهم نافع أي منهم بتغليب قريش على مواليهم ، أو معهم ، وأن يحل عنه أطماره الأطمار جمع طمر بالكسر ، وهو الثوب الخلق ، والكساء البالي ، من غير صوف ، وضمائر عنه وأطماره ودفنه : إما راجعة إلى جعفر أي يحل أزرار أثوابه عند إدخال والده القبر ، فإضافة الدفن إلى الضمير إضافة إلى الفاعل ، أو ضمير دفنه راجع إلى أبي جعفر إضافة إلى المفعول .

    أو الضمائر راجعة إلى أبي جعفر ، فالمراد به حل عقد الأكفان وقيل : أمره بأن لا يدفنه في ثيابه المخيطة " ما كان في هذا " ما نافية أي لم تكن لك حاجة في هذا بأن تشهد أي إلى أن تشهد ، أو استفهامية أي أي فائدة كانت في هذا ؟ أن تغلب على بناء المجهول أي في الإمامة ، فان الوصية من علاماتها أو فيما أوصى إليه مما يخالف العامة ، كتربيع القبر أو الأعم .

    11 - إعلام الورى : الكليني ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب عن هشام بن سالم ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر أنه سئل عن القائم ، فضرب بيده على أبي عبد الله ، ثم قال : هذا والله قائم آل محمد . قال عنبسة بن مصعب : فلما قبض أبو جعفر دخلت على ابنه أبي عبد الله فأخبرته بذلك فقال : صدق جابر على أبي ، ثم قال : ترون أن ليس كل إمام هو القائم بعد الامام الذي قبله ؟ .

    12 - الكفاية : علي بن الحسن ، عن هارون بن موسى ، عن علي بن محمد بن مخلد ، عن الحسن بن علي بن بزيع ، عن يحيى بن الحسن بن فرات ، عن علي بن هاشم بن البريد ، عن محمد بن مسلم قال : كنت عند أبي جعفر محمد بن علي الباقر إذ دخل جعفر ابنه ، وعلى رأسه ذؤابة ، وفي يده عصا يلعب بها ، فأخذه الباقر وضمه إليه ضما ، ثم قال : بأبي أنت وأمي لا تلهو ولا تلعب ثم قال لي ، يا محمد هذا إمامك بعدي فاقتد به ، واقتبس من علمه ، والله إنه لهو الصادق ، الذي وصفه لنا رسول الله صلى الله عليه و آله إن شيعته منصورون في الدنيا والآخرة ، وأعداؤه ملعونون على لسان كل نبي ، فضحك جعفر واحمر وجهه ، فالتفت إلي أبو جعفر وقال لي : سله ، قلت له : يا ابن رسول الله من أين الضحك ؟ قال : يا محمد العقل من القلب والحزن من الكبد ، والنفس من الرية ، والضحك من الطحال ، فقمت وقبلت رأسه .

    13 - الكفاية : علي بن الحسن الرازي ، عن محمد بن القاسم ، عن جعفر بن الحسين بن علي ، عن عبد الوهاب ، عن أبيه همام بن نافع قال : قال أبو جعفر لأصحابه يوما : إذا افتقدتموني فاقتدوا بهذا ، فهو الامام والخليفة بعدي ، وأشار إلى أبي عبد الله .



    علم

    حدثنا أبو القاسم قال حدثنا محمد بن يحيى العطار قال حدثنا محمد بن الحسن الصفار قال حدثني يعقوب بن يزيد عن الحسن بن علي بن فضال عن عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله قال كنت عنده فذكروا سليمان وما أعطى من العلم وما اوتى من الملك فقال لي وما أعطى سليمان بن داود إنما كان عنده حرف واحد من الاسم الأعظم وصاحبكم الذي قال الله قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب و كان والله عند علي علم الكتاب فقلت صدقت والله جعلت فداك .

    حدثنا أحمد بن موسى عن الحسن بن موسى الخشاب عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي عن أبي عبد الله قال قال الذي عنده علم من الكتاب انا اتيك به قبل ان يرتد إليك طرفك قال ففرج أبو عبد الله بين أصابعه فوضعها على صدره ثم قال والله عندنا علم الكتاب كله .

    حدثنا إبراهيم بن هاشم عن محمد بن سليمان بن سدير قال كنت انا وأبو بصير وميسر ويحيى البزاز وداود الرقي في مجلس أبى عبد الله إذ خرج إلينا وهو مغضب فلما اخذ مجلسه قال يا عجبا لأقوام يزعمون انا نعلم الغيب وما يعلم الا الله لقد هممت بضرب خادمتي فلانة فذهبت عنى فما عرفتها في أي بيوت الدار هي فلما ان قام من مجلسه وصار من منزله دخلت انا وأبو بصير وميسر على أبى عبد الله فقلنا له جعلنا فداك سمعنا تقول كذا وكذا في امر خادمتك ونحن نعلم أنك تعلم علما كثيرا ولا ننسبك إلى علم الغيب قال فقال يا سدير ما تقرأ القرآن قال قلت قرأناه جعلت فداك قال فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله قال الذي عنده علم من الكتاب انا اتيك به ما كان عنده من علم الكتاب قال قلت فأخبرني حتى اعلم قال قدر قطرة من المطر الجود في البحر الأخضر ما يكون ذلك من علم الكتاب قال قلت جعلت فداك ما أقل هذا قال يا سدير ما أكثره ان لم ينسبه إلى العلم الذي أخبرك يا سدير فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب كله قال وأومأ بيده إلى صدره فقال علم الكتاب كله والله عندنا ثلثا .

    حدثنا أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن جابر قال قال أبو جعفر في هذه الآية قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب قال هو علي بن أبي طالب .

    حدثنا أحمد بن الحسن بن فضال عن عبد الله بن بكير عن نجم عن أبي جعفر في قول الله تعالى قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب قال علي عنده علم الكتاب .

    حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه عن إبراهيم الأشعري عن محمد بن مروان عن نجم عن أبي جعفر في قول الله عز وجل قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب قال صاحب علم الكتاب علي .

    حدثنا بعض أصحابنا عن الحسن بن موسى عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله في قول الله عز وجل قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب قال إيانا عنى وعلي أولنا وأفضلنا وخيرنا .

    حدثنا أحمد بن محمد عن الربيع بن محمد عن النضر بن سويد عن موسى بن بكر عن فضيل بن يسار عن أبي عبد الله في قول الله تعالى قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب قال علي .

    حدثنا عباد بن سليمان عن سعد بن سعد عن أحمد بن عمر عن أبي الحسن الرضا في قول الله عز وجل قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب قال علي .

    حدثنا عبد الله بن أحمد عن الحسن بن موسى عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن مثنى قال سألته عن قول الله عز وجل ومن عنده علم الكتاب قال نزلت في علي بعد رسول الله صلى الله عليه و آله وفى الأئمة بعده .

    حدثنا أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن أيوب بن حر عن أبي بصير عن أبي عبد الله والنضر بن سويد عن عاصم بن حميد عن محمد بن مسلم وفضالة بن أيوب عن ابان عن محمد بن مسلم والنضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن جابر جميعا عن أبي جعفر في قول الله عز وجل قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب قال هو علي بن أبي طالب .

    حدثنا أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن أحمد بن محمد عن حماد بن عثمان عن أبي بصير عن أبي عبد الله قال سألته عن قول الله عز وجل قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب قلت هو على ابن أبي طالب قال فمن عسى أن يكون غيره .





  3. #3
    من المشرفين القدامى
    المڶڪـہ ..!
    تاريخ التسجيل: January-2010
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 10,018 المواضيع: 943
    التقييم: 724
    آخر نشاط: 17/May/2011
    مقالات المدونة: 4
    بارك الله بيج قلبي وجزاج الله الف خير
    ممنونين

  4. #4
    صديق مؤسس
    صاحبة الامتياز
    مكارم سيره ، ومحاسن أخلاقه ع ، وإقرار المخالفين

    في أنه ع لا يخلو من إحدى ثلاث : إما صائما ، وإما قائما ، وإما ذاكرا


    1 - الخصال * علل الشرائع * أمالي الصدوق : ابن المتوكل ، عن السعد آبادي ، عن البرقي عن محمد بن زياد الأزدي قال : سمعت مالك بن أنس فقيه المدينة يقول : كنت أدخل إلى الصادق جعفر بن محمد ع فيقدم لي مخدة ، ويعرف لي قدرا ويقول : يا مالك إني أحبك ، فكنت أسر بذلك وأحمد الله عليه ، قال : وكان ع رجلا لا يخلو من إحدى ثلاث خصال : إما صائما ، وإما قائما ، وإما ذاكرا ، وكان من عظماء العباد ، وأكابر الزهاد الذين يخشون الله عز وجل ، وكان كثير الحديث ، طيب المجالسة ، كثير الفوائد ، فإذا قال : قال رسول الله صلى الله عليه و آله اخضر مرة ، واصفر أخرى حتى ينكره من كان يعرفه ، ولقد حججت معه سنة فلما استوت به راحلته عند الاحرام ، كان كلما هم بالتلبية انقطع الصوت في حلقه ، وكاد أن يخر من راحلته فقلت : قل يا ابن رسول الله ، ولابد لك من أن تقول ، فقال : يا ابن أبي عامر كيف أجسر أن أقول : لبيك اللهم لبيك ، وأخشى أن يقول عز وجل لي : لا لبيك ولا سعديك .

    2 - مناقب ابن شهرآشوب : من كتاب الروضة مثله .

    3 - قرب الإسناد : محمد بن عيسى قال : حدثني حفص بن محمد مؤذن علي بن يقطين قال : رأيت أبا عبد الله في الروضة ، وعليه جبة خز سفر جلية .

    4 - الكافي : العدة ، عن سهل ، عن محمد بن عيسى مثله .

    5 - قرب الإسناد : أحمد وعبد الله ابنا محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب قال : سمعت أبا عبد الله ع يقول وهو ساجد : اللهم اغفر لي ولأصحاب أبي ، فاني أعلم أن فيهم من ينقصني .

    6 - علل الشرائع : أبي عن سعد ، عن ابن أبي الخطاب ، عن عبد الله بن جبلة عن إسحاق ابن عمار قال : حدثني مسلم مولى لأبي عبد الله ع قال : ترك أبو عبد الله ع السواك قبل أن يقبض بسنتين ، وذلك أن أسنانه ضعفت .

    7 - عيون أخبار الرضا ع : المفسر عن أحمد بن الحسن الحسيني ، عن أبي محمد ، عن آبائه عن موسى بن جعفر ع قال : نعي إلى الصادق جعفر بن محمد ع ابنه إسماعيل ابن جعفر ، وهو أكبر أولاده ، وهو يريد أن يأكل وقد اجتمع ندماؤه ، فتبسم ثم دعا بطعامه ، وقعد مع ندمائه ، وجعل يأكل أحسن من أكله سائر الأيام ، ويحث ندماءه ، ويضع بين أيديهم ، ويعجبون منه أن لا يروا للحزن أثرا ، فلما فرغ قالوا : يا ابن رسول الله لقد رأينا عجبا أصبت بمثل هذا الابن ، وأنت كما نرى ؟ ! قال : وما لي لا أكون كما ترون ، وقد جاءني خبر أصدق الصادقين أني ميت وإياكم إن قوما عرفوا الموت فجعلوه نصب أعينهم ، ولم ينكروا من تخطفه الموت منهم وسلموا لأمر خالقهم عز وجل .

    8 - دعوات الراوندي : كان للصادق ابن فبينا هو يمشي بين يديه إذ غص فمات ، فبكى وقال : لئن أخذت لقد أبقيت ، ولئن ابتليت لقد عافيت ثم حمل إلى النساء ، فلما رأينه صرخن ، فأقسم عليهن أن لا يصرخن ، فلما أخرجه للدفن قال : سبحان من يقتل أولادنا ولا نزداد له إلا حبا ، فلما دفنه قال : يا بني وسع الله في ضريحك ، وجمع بينك وبين نبيك وقال ع : إنا قوم نسأل الله ما نحب فيمن نحب فيعطينا ، فإذا أحب ما نكره فيمن نحب رضينا .

    9 - علل الشرائع * أمالي الصدوق : السناني عن الأسدي ، عن محمد بن أبي بشر ، عن الحسين بن الهيثم ، عن المنقري ، عن حفص بن غياث أنه كان إذا حدثنا عن جعفر بن محمد ع قال : حدثني خير الجعافر جعفر بن محمد ع .

    10 - أمالي الصدوق : المكتب عن الأسدي ، عن محمد بن أبي بشر ، عن الحسين بن الهيثم عن المنقري قال : كان علي بن غراب إذا حدثنا عن جعفر بن محمد ع قال : حدثني الصادق عن الله جعفر بن محمد عليهما السلام .

    11 - علل الشرائع : الحسن بن محمد العلوي ، عن الأسدي مثله .

    12 - أمالي الصدوق : الطالقاني عن أحمد الهمداني ، عن المنذر بن محمد ، عن جعفر بن سليمان ، عن أبيه ، عن عمرو بن خالد قال : قال زيد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب عليهم السلام : في كل زمان رجل منا أهل البيت ، يحتج الله به على خلقه ، و حجة زماننا ابن أخي جعفر بن محمد ، لا يضل من تبعه ، ولا يهتدي من خالفه .

    13 - عيون أخبار الرضا ع : ابن المتوكل ، عن السعد آبادي ، عن البرقي ، عن عبد العظيم الحسني ، عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا ، عن أبيه ، أن جده ع قال : دخل عمرو بن عبيد البصري على أبي عبد الله ع فلما سلم وجلس عنده تلا هذه الآية قوله " الذين يجتنبون كبائر الاثم " ثم سأل عن الكبائر فأجابه ع فخرج عمرو بن عبيد وله صراخ من بكائه ، وهو يقول : هلك والله من قال برأيه ، و نازعكم في الفضل والعلم .

    14 - معاني الأخبار : القطان ، عن السكري ، عن الجوهري ، عن ابن عمارة ، عن أبيه ، عن سفيان بن سعيد قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق ع وكان والله صادقا كما سمي ، الخبر .

    15 - قرب الإسناد : محمد بن عيسى ، عن حفص بن عمر مؤذن علي بن يقطين قال : كنا نروي أنه يقف للناس في سنة أربعين ومائة خير الناس ، فحججت في تلك السنة فإذا إسماعيل بن علي بن عبد الله بن العباس واقف قال : فدخلنا من ذلك غم شديد لما كنا نرويه ، فلم نلبث إذا أبو عبد الله ع واقف على بغل أو بغلة له ، فرجعت أبشر أصحابنا فقلنا : هذا خير الناس الذي كنا نرويه : فلما أمسينا قال إسماعيل لأبي عبد الله ع : ما تقول يا أبا عبد الله ع سقط القرص ؟ فدفع أبو عبد الله بغلته وقال له : نعم ، ودفع إسماعيل بن علي دابته على أثره ، فسارا غير بعيد حتى سقط أبو عبد الله ع عن بغله أو بغلته فوقف إسماعيل عليه حتى ركب ، فقال له أبو عبد الله ع ورفع رأسه إليه فقال : إن الامام إذا دفع لم يكن له أن يقف إلا بالمزدلفة ، فلم يزل إسماعيل يتقصد حتى ركب أبو عبد الله ، ولحق به .

    بيان : اندفع الفرس أي أسرع في سيره .

    16 - أمالي الصدوق : ابن موسى ، عن الأسدي ، عن النخعي ، عن النوفلي قال : سمعت مالك بن أنس الفقيه يقول : والله ما رأت عيني أفضل من جعفر بن محمد ع زهدا وفضلا وعبادة ورعا ، وكنت أقصده فيكرمني ويقبل علي فقلت له يوما : يا ابن رسول الله ما ثواب من صام يوما من رجب إيمانا واحتسابا ؟ فقال : - وكان والله إذا قال صدق - حدثني أبي عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه و آله : من صام من رجب يوما إيمانا واحتسابا غفر له ، فقلت له : يا ابن رسول الله فما ثواب من صام يوما من شعبان ؟ فقال : حدثني أبي عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من صام يوما من شعبان إيمانا واحتسابا غفر له .

    17 - ثواب الأعمال : أبي عن السعد آبادي ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن سعدان بن مسلم عن معلى بن خنيس قال : خرج أبو عبد الله ع في ليلة قد رشت السماء وهو يريد ظلة بني ساعدة ، فاتبعته فإذا هو قد سقط منه شئ فقال : بسم الله اللهم رده علينا قال : فأتيته فسلمت عليه فقال : معلى ؟ قلت : نعم جعلت فداك فقال لي : التمس بيدك فما وجدت من شئ فادفعه إلي ، قال : فإذا أنا بخبز منتشر ، فجعلت أدفع إليه ما وجدت فإذا أنا بجراب من خبز فقلت : جعلت فداك أحمله علي عنك فقال : لا أنا أولى به منك ، ولكن امض معي قال : فأتينا ظلة بني ساعدة ، فإذا نحن بقوم نيام فجعل يدس الرغيف والرغيفين تحت ثوب كل واحد منهم حتى أتى على آخرهم ثم انصرفنا فقلت : جعلت فداك يعرف هؤلاء الحق ؟ فقال : لو عرفوا لواسيناهم بالدقة ، والدقة هي الملح .

    18 - الكافي : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد مثله .

    بيان : رشت أي أمطرت ، والدس الاخفاء والدقة بالكسر الملح المدقوق و تمام الخبر في باب الصدقة .

    19 - بصائر الدرجات : الهيثم النهدي ، عن ابن محبوب ، عن معاوية بن وهب قال : كنت مع أبي عبد الله بالمدينة وهو راكب حماره ، فنزل وقد كنا صرنا إلى السوق أو قريبا من السوق قال : فنزل وسجد وأطال السجود وأنا أنتظره ، ثم رفع رأسه .

    قال : قلت : جعلت فداك رأيتك نزلت فسجدت ؟ ! قال : إني ذكرت نعمة الله علي قال : قلت : قرب السوق ، والناس يجيئون ويذهبون ؟ ! قال : إنه لم يرني أحد .

    20 - الخرائج : روي أن أبا جعفر ع كان في الحج ومعه ابنه جعفر فأتاه رجل فسلم عليه وجلس بين يديه ثم قال : إني أريد أن أسألك قال : سل ابني جعفرا قال : فتحول الرجل فجلس إليه ثم قال : أسألك ؟ قال : سل عما بدا لك قال : أسألك عن رجل أذنب ذنبا عظيما قال : أفطر يوما في شهر رمضان متعمدا ؟ قال : أعظم من ذلك قال : زنى في شهر رمضان ؟ قال : أعظم من ذلك قال : قتل النفس ؟ قال : أعظم من ذلك قال : إن كان من شيعة علي مشى إلى بيت الله الحرام ، وحلف أن لا يعود ، وإن لم يكن من شيعته فلا بأس ، فقال له الرجل : رحمكم الله يا ولد فاطمة - ثلاثا - هكذا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله ، ثم إن الرجل ذهب فالتفت أبو جعفر فقال : عرفت الرجل ؟ قال : لا ، قال : ذلك الخضر ، إنما أردت أن أعرفكه .

    بيان : قوله ع : لا بأس لعل المراد به أنه ليس كفارة ولا تنفعه ، لاشتراط قبولها بالايمان ، وما فيه من الكفر أعظم من كل إثم .

    21 - الخرائج : روي أن أبا عمارة المعروف بالطيان قال : قلت لأبي عبد الله ع رأيت في النوم كأن معي قناة قال : كان فيها زج ؟ قلت : لا قال : لو رأيت فيها زجا لولد لك غلام ، لكنه يولد جارية ، ثم مكث ساعة ، ثم قال : كم في القناة من كعب ؟ قلت : اثنا عشر كعبا قال : تلد الجارية اثنتي عشر بنتا .

    قال محمد بن يحيى : فحدثت بهذا الحديث العباس بن الوليد فقال : أنا من واحدة منهن ، ولي أحد عشر خالة ، وأبو عمارة جدي . بيان : القناة الرمح ، والزج بالضم الحديدة في أسفله ، والكعب ما بين الأنبوبين من القصب .

    22 - المحاسن : أبي ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن بعض أصحابه قال : كان أبو عبد الله ربما أطعمنا الفراني والأخبصة ، ثم يطعم الخبز والزيت ، فقيل له : لو دبرت أمرك حتى يعتدل فقال : إنما تدبيرنا من الله إذا وسع علينا وسعنا وإذا قتر قترنا .

    23 - الكافي : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن فضال مثله .

    بيان : قال الفيروزآبادي : الفرني خبز غليظ مستدير ، أو خبزة مصعنبة مضمومة الجوانب إلى الوسط ، تشوى ثم تروى سمنا ولبنا وسكرا ، والخبيص طعام معمول من التمر والسمن .

    24 - المحاسن : محمد بن علي ، عن يونس بن يعقوب ، عن عبد الأعلى قال : أكلت مع أبي عبد الله ع فدعا واتي بدجاجة محشوة وبخبيص فقال أبو عبد الله ع : هذه أهديت لفاطمة ، ثم قال : يا جارية ائتينا بطعامنا المعروف فجاءت بثريد خل وزيت .

    25 - المحاسن : ابن فضال ، عن يونس بن يعقوب قال : أرسل إلينا أبو عبد الله ع بقباع من رطب ضخم مكوم ، وبقي شئ فحمض ، فقلت : رحمك الله ما كنا نصنع بهذا قال : كل وأطعم .

    بيان : القباع كغرات مكيال ضخم .

    26 - مناقب ابن شهرآشوب : ذكر صاحب كتاب الحلية : الامام الناطق ذو الزمام السابق أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق وذكر فيها بالاسناد ، عن أبي الهياج بن بسطام قال : كان جعفر بن محمد يطعم حتى لا يبقى لعياله شئ .

    أبو جعفر الخثعمي قال : أعطاني الصادق ع صرة فقال لي : ادفعها إلى رجل من بني هاشم ، ولا تعلمه أني أعطيتك شيئا ، قال : فأتيته قال : جزاه الله خيرا ، ما يزال كل حين يبعث بها فنعيش به إلى قابل ، ولكني لا يصلني جعفر بدرهم في كثرة ماله .



    تابع / مكارم سيره ، ومحاسن أخلاقه ع ، وإقرار المخالفين

    فيمن توهم أن هميانه سرق

    وفي كتاب الفنون نام رجل من الحاج في المدينة فتوهم أن هميانه سرق فخرج فرأى جعفر الصادق ع مصليا ولم يعرفه ، فتعلق به وقال له : أنت أخذت همياني قال : ما كان فيه ؟ قال : ألف دينار قال : فحمله إلى داره ووزن له ألف دينار وعاد إلى منزله ، ووجد هميانه ، فعاد إلى جعفر ع معتذرا بالمال ، فأبى قبوله وقال : شئ خرج من يدي لا يعود إلي قال : فسأل الرجل عنه فقيل : هذا جعفر الصادق ع قال : لا جرم هذا فعال مثله .
    ودخل الأشجع السلمي على الصادق ع فوجده عليلا فجلس وسأل [ عن علة مزاجه ] فقال له الصادق ع : تعد عن العلة واذكر ما جئت له فقال : ألبسك الله منه عافية * في نومك المعتري وفي أرقك تخرج من جسمك السقام كما * اخرج ذل الفعال من عنقك فقال : يا غلام إيش معك ؟ قال : أربع مائة قال : أعطها للأشجع .

    وفي عروس النرماشيري أن سائلا سأله حاجة ، فأسعفها فجعل السائل يشكره فقال ع :

    إذا ما طلبت خصال الندى وقد عضك الدهر من جهده

    فلا تطلبن إلى كالــــــــــح أصاب اليسارة من كـــــــده

    ولكن عليك بأهل العلــــى ومن ورث المجد عن جـــده

    فذاك إذا جئته طالبــــــــا تحب اليسارة من جــــــــــده

    كتاب الروضة : إنه دخل سفيان الثوري على الصادق ع فرآه متغير اللون فسأله عن ذلك فقال : كنت نهيت أن يصعدوا فوق البيت ، فدخلت فإذا جارية من جواري ممن تربي بعض ولدي قد صعدت في سلم والصبي معها ، فلما بصرت بي ارتعدت وتحيرت وسقط الصبي إلى الأرض فمات ، فما تغير لوني لموت الصبي وإنما تغير لوني لما أدخلت عليها من الرعب ، وكان ع قال لها : أنت حرة لوجه الله لا بأس عليك - مرتين .

    وروي عن الصادق ع :

    تعصي الاله وأنت تظهر حبه هذا لعمرك في الفعال بديع

    لو كان حبك صادقا لأطعتـــه إن المحب لمن يحب مطيـع

    وله ع :

    علم المحجة واضح لمريده وأرى القلوب عن المحجة في عمى

    ولقد عجبت لهالك ونجاته موجودة ولقد عجبت لمن نجـــــــــــا

    تفسير الثعلبي روى الأصمعي له ع :

    أثامن بالنفس النفيسة ربهــا فليس لها في الخلق كلهم ثمــن

    بها يشترى الجنات إن أنـــــا بعتها بشئ سواها إن ذلكم غبــن

    إذا ذهبت نفسي بدنيا أصبتها فقد ذهبت نفسي وقد ذهب الثمن

    ويقال : ، والعلم الناطق ، بالمكرمات سابق ، وباب السيئات راتق ، وباب الحسنات فاتق ، لم يكن عيابا ولا سبابا ، ولا صخابا ، ولا طماعا ولا خداعا ، ولا نماما ، ولا ذماما ، ولا أكولا ، ولا عجولا ، ولا ملولا ، ولا مكثارا ، ولا ثرثارا ، ولا مهذارا ، ولا طعانا ، ولا لعانا ، ولا همازا ، ولا لمازا ، ولا كنازا .

    وروى سفيان الثوري له ع :

    لا اليسر يطرؤنا يوما فيبطرنـــا ولا لازمة دهر نظهر الجزعـــــــا

    إن سرنا الدهر لم نبهج لصحبته أو ساءنا الدهر لم نظهر له الهلعا

    مثل النجوم على مضمار أولنا إذا تغيب نجم آخر طلعــــــــــــــــــــا

    ويروى له ع :

    اعمل على مهـــــــل فإنك ميت واختر لنفسك أيها الانسانا

    فكأن ما قد كان لم يك إذ مضى وكأن ما هو كائن قد كانــــا

    الصادق ع : إن عندي سيف رسول الله ، وإن عندي لراية رسول الله المغلبة ، وإن عندي لخاتم سليمان بن داود ، وإن عندي الطست الذي كان موسى يقرب بها القربان ، وإن عندي الاسم الذي كان رسول الله إذا وضعه بين المسلمين والمشركين لم يصل من المشركين إلى المسلمين نشابة ، وإن عندي لمثل الذي جاءت به الملائكة ، ومثل السلاح فينا كمثل التابوت في بني إسرائيل ، يعني أنه كان دلالة على الإمامة .

    وفي رواية الأعمش قال ع : ألواح موسى عندنا ، وعصا موسى عندنا ونحن ورثة النبيين .

    وقال : علمنا غابر ، ومزبور ، ونكت في القلوب ، ونقر في الاسماع وإن عندنا الجفر الأحمر ، والجفر الأبيض ، ومصحف فاطمة ، وإن عندنا الجامعة فيها جميع ما يحتاج الناس إليه .

    ويروى له :

    في الأصل كنا نجوما يستضاء بنا وللبرية نحن اليوم برهــــــــان

    نحن البحور التي فيها لغائصــكم در ثمين وياقوت ومرجــــــــان

    مساكن القدس والفردوس نملكها ونحن للقدس والفردوس خزان

    من شذ عنا فبرهوت مساكنـــــــه ومن أتانا فجنات وولــــــــــدان

    محاسن البرقي قال الصادق ع لضريس الكناني : لم سماك أبوك ضريسا ؟ قال : كما سماك أبوك جعفرا قال : إنما سماك أبوك ضريسا بجهل ، لان لإبليس ابنا يقول له ضريس : وإن أبي سماني جعفرا بعلم ، على أنه اسم نهر في الجنة أما سمعت قول ذي الرمة : أبكي الوليد أبا الوليد أخا الوليد فتى العشيرة قد كان غيثا في السنين وجعفرا غدقا وميرة شوف العروس عن الدامغاني أنه استقبله عبد الله بن المبارك فقال :

    أنت يا جعفر فوق المدح والمدح عناء إنما الاشراف أرض ولهم أنت سماء

    جاز حد المدح من قد ولدته الأنبياء الله أظهر دينه وأعزه بمحمد

    والله أكرم بالخلافة جعفر بن محمد

    بيان : أثامن من المثامنة بمعنى المبايعة ، والأزمة بالفتح الشدة قوله : اعمل على مهل أي للدنيا ، والجعفر النهر الصغير ، والكبير الواسع ضد والغدق محركة : الماء الكثير ، والميرة : ما يمتار من الطعام .

    27 - مجالس المفيد : المظفر بن محمد ، عن محمد بن همام ، عن أحمد بن مابنداد ، عن منصور بن ، عن الحسن بن علي الخزاز ، عن علي بن عقبة ، عن سالم بن أبي حفصة قال : لما هلك أبو جعفر محمد بن علي الباقر ع قلت لأصحابي : انتظروني حتى أدخل على أبي عبد الله جعفر بن محمد ع فأعزيه ، فدخلت عليه فعزيته ، ثم قلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ذهب والله من كان يقول قال رسول الله صلى الله عليه وآله فلا يسأل عمن بينه وبين رسول الله صلى الله عليه و آله ، لا والله لا يرى مثله أبدا قال : فسكت أبو عبد الله ع ساعة ، ثم قال : قال الله عز وجل إن من يتصدق بشق تمرة فأربيها له كما يربي أحدكم فلوه حتى أجعلها له مثل أحد ، فخرجت إلى أصحابي فقلت : ما رأيت أعجب من هذا كنا نستعظم قول أبي جعفر ع قال رسول الله صلى الله عليه وآله بلا واسطة فقال لي أبو عبد الله ع : قال الله عز وجل بلا واسطة .




    فيمن روى عنه وتعابيرهم

    - مناقب ابن شهرآشوب : ينقل عن الصادق من العلوم ما لا ينقل عن أحد ، وقد جمع أصحاب الحديث أسماء الرواة من الثقاة على اختلافهم في الآراء والمقالات ، وكانوا أربعة آلاف رجل . بيان ذلك أن ابن عقدة صنف كتاب الرجل لأبي عبد الله ع عددهم فيه وكان حفص بن غياث إذا حدث عنه قال : حدثني خير الجعافر جعفر بن محمد ، وكان علي بن غراب يقول : حدثني الصادق جعفر بن محمد .
    حلية أبي نعيم إن جعفر الصادق ع حدث عنه من الأئمة والاعلام : مالك ابن أنس ، وشعبة بن الحجاج ، وسفيان الثوري ، وابن جريج ، وعبد الله بن عمرو وروح بن القاسم ، وسفيان بن عيينة ، وسليمان بن بلال ، وإسماعيل بن جعفر ، وحاتم ابن إسماعيل ، وعبد العزيز بن المختار ، ووهيب بن خالد ، وإبراهيم بن طهمان في آخرين قال : وأخرج عنه مسلم في صحيحه محتجا بحديثه .

    وقال غيره : روى عنه مالك ، والشافعي ، والحسن بن صالح ، وأبو أيوب السختياني ، وعمر بن دينار ، وأحمد بن حنبل ، وقال مالك بن أنس : ما رأت عين ولا سمعت اذن ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر الصادق فضلا وعلما وعبادة وورعا .

    وسأل سيف الدولة عبد الحميد المالكي قاضي الكوفة عن مالك ، فوصفه وقال : كان جره بنده جعفر الصادق أي الربيب ، وكان مالك كثيرا ما يدعي سماعه وربما قال : حدثني الثقة يعنيه ع .

    وجاء أبو حنيفة إليه ليسمع منه ، وخرج أبو عبد الله يتوكأ على عصا فقال له أبو حنيفة : يا ابن رسول الله ما بلغت من السن ما تحتاج معه إلى العصا قال : هو كذلك ولكنها عصا رسول الله أردت التبرك بها ، فوثب أبو حنيفة إليه وقال له : اقبلها يا ابن رسول الله ؟ فحسر أبو عبد الله عن ذراعه وقال له : والله لقد علمت أن هذا بشر رسول الله أن هذا من شعره فما قبلته وتقبل عصا ! .

    أبو عبد الله المحدث في رامش أفزاي أن أبا حنيفة من تلامذته وأن أمه كانت في حبالة الصادق ع قال : وكان محمد بن الحسن أيضا من تلامذته ولأجل ذلك كانت بنو لم تحترمهما قال : وكان أبو يزيد البسطامي طيفور السقاء خدمه وسقاه ثلاث عشرة سنة .

    وقال أبو جعفر الطوسي : كان إبراهيم بن أدهم ومالك بن دينار من غلمانه ودخل إليه سفيان الثوري يوما فسمع منه كلاما أعجبه فقال : هذا والله يا ابن رسول الله الجوهر ، فقال له : بل هذا خير من الجوهر ، وهل الجوهر إلا حجر .

    بيان : اعلم أن ما ذكره علماؤنا من أن بعض المخالفين كانوا من تلامذة الأئمة عليهم السلام وخدمهم وأتباعهم ، ليس غرضهم مدح هؤلاء المخالفين أو إثبات كونهم من المؤمنين ، بل الغرض أن المخالفين أيضا يعترفون بفضل الأئمة عليهم السلام وينسبون أئمتهم وأنفسهم إليهم لاظهار فضلهم وعلمهم ، وإلا فهؤلاء المبتدعين أشهر في الكفر والعناد من إبليس وفرعون ذي الأوتاد .

    مناقب ابن شهرآشوب : الترغيب والترهيب عن أبي القاسم الأصفهاني أنه دخل عليه سفيان الثوري فقال ع : أنت رجل مطلوب ، وللسلطان علينا عيون ، فاخرج عنا غير مطرود ، القصة . ودخل عليه الحسن بن صالح بن حي فقال له : يا ابن رسول الله ما تقول في قوله تعالى : " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " من أولو الامر الذين أمر الله بطاعتهم ؟ قال : العلماء ، فلما خرجوا قال الحسن : ما صنعنا شيئا ألا سألناه من هؤلاء العلماء ، فرجعوا إليه فسألوه فقال : الأئمة منا أهل البيت .

    وقال نوح بن دراج لابن أبي ليلى : أكنت تاركا قولا قلته ، أو قضاء قضيته لقول أحد ؟ قال : لا إلا رجل واحد ، قلت : من هو ؟ قال : جعفر بن محمد .

    الحلية قال عمرو بن أبي المقدام : كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد علمت أنه من سلالة النبيين .




    في أسماء الكتب التي ورد فيها ذكر

    لا تخلو كتب أحاديث وحكمة وزهد وموعظة من كلامه ، يقولون قال جعفر بن محمد الصادق ع ذكره النقاش والثعلبي والقشيري والقزويني في تفاسيرهم .
    وذكر في الحلية والإبانة ، وأسباب النزول ، والترغيب والترهيب ، وشرف المصطفى ، وفضائل الصحابة ، وفي تاريخ الطبري والبلاذري ، والخطيب ، ومسند أبي حنيفة ، واللالكاني ، وقوت القلوب ، ومعرفة علوم الحديث لابن البيع وقد روت الأمة بأسرها عنه دعاء أم داود .

    عبد الغفار الحازمي وأبو الصباح الكناني قال ع : إني أتكلم على سبعين وجها لي من كلها المخرج .

    سئل عن محمد بن عبد الله بن الحسن فقال ع : ما من نبي ولا وصي ولا ملك إلا وهو في كتاب عندي يعني مصحف فاطمة ، والله ما لمحمد بن عبد الله فيه اسم وأنشأ الصادق ع يقول :

    وفينا يقينا يعد الوفاء وفينا تفرخ أفراخه

    رأيت الوفاء يزين الرجال كما زين العذق شمراخه

    وقال المنصور للصادق ع : قد استدعاك أبو مسلم لاظهار تربة علي ع فتوقفت تعلم أم لا ؟ إن في كتاب علي أنه يظهر في أيام عبد الله بن جعفر الهاشمي ، ففرح المنصور بذلك ، ثم إنه ع أظهر التربة ، فأخبر المنصور بذلك وهو في الرصافة ، فقال : هذا هو الصادق فليزر المؤمن بعد هذا إن شاء الله ، فلقبه بالصادق ع .

    ويقال : إنما سمي صادقا لأنه ما جرب عليه قط زلل ولا تحريف .

    - كشف الغمة : عن محمد بن طلحة قال : قال الهياج بن بسطام : كان جعفر بن محمد ع يطعم حتى لا يبقى لعياله شئ . وعن عبد العزيز بن الأخضر ، عن عمرو بن أبي المقدام قال : كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد ع علمت أنه من سلالة النبيين .

    وقال البرذون بن شبيب النهدي واسمه جعفر قال : سمعت جعفر بن محمد ع يقول : احفظوا فينا ما حفظ العبد الصالح في اليتيمين قال : " وكان أبوهما صالحا " .

    وعن صالح بن الأسود قال : سمعت جعفر بن محمد ع يقول : سلوني قبل أن تفقدوني فإنه لا يحدثكم أحد بعدي بمثل حديثي .

    ومن كتاب الدلائل للحميري عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله في قوله " إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون " قال أبو عبد الله : أما والله لربما وسدنا لهم الوسائد في منازلنا .

    وعن الحسين بن العلاء القلانسي قال أبو عبد الله ع : يا حسين وضرب بيده إلى مساور في البيت فقال : مساور طالما والله اتكأت عليها الملائكة وربما التقطنا من زغبها .

    وعن عبد الله بن النجاشي قال : كنت في حلقة عبد الله بن الحسن فقال : يا ابن النجاشي اتقوا الله ، ما عندنا إلا ما عند الناس قال : فدخلت على أبي عبد الله ع فأخبرته بقوله فقال : والله إن فينا من ينكب في قلبه ، وينقر في اذنه وتصافحه الملائكة ، فقلت : اليوم ؟ أو كان قبل اليوم ؟ فقال : اليوم ، والله يا ابن النجاشي .

    وعن جرير بن مرازم قال : قلت لأبي عبد الله ع إني أريد العمرة فأوصني فقال : اتق الله ولا تعجل ، فقلت : أوصني ! فلم يزدني على هذا ، فخرجت من عنده من المدينة فلقيني رجل شامي يريد مكة فصحبني ، وكان معي سفرة فأخرجتها وأخرج سفرته وجعلنا نأكل ، فذكر أهل البصرة فشتمهم ، ثم ذكر أهل الكوفة فشتمهم ثم ذكر الصادق فوقع فيه ، فأردت أن أرفع يدي فاهشم أنفه وأحدث نفسي بقتله أحيانا ، فجعلت أتذكر قوله : اتق الله ولا تعجل ، وأنا أسمع شتمه ، فلم أعد ما أمرني .

    - رجال الكشي : عن طاهر بن عيسى ، عن جعفر بن أحمد ، عن أبي الخير ، عن علي ابن الحسن ، عن بن عامر ، عن مفضل بن قيس بن رمانة قال : دخلت على أبي عبد الله ع فشكوت إليه بعض حالي وسألته الدعاء فقال : يا جارية هاتي الكيس الذي وصلنا به أبو جعفر ، فجاءت بكيس فقال : هذا كيس فيه أربعمائة دينار ، فاستعن به قال : قلت : والله جعلت فداك ، ما أردت هذا ، ولكن أردت الدعاء لي فقال لي : ولا أدع الدعاء ، ولكن لا تخبر الناس بكل ما أنت فيه فتهون عليهم .

    - الكافي : علي بن محمد وأحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن مثله .

    - كشف الغمة : من كتاب دلائل الحميري ، عن عبد الأعلى ، وعبيدة بن بشر قالا : قال أبو عبد الله ع ابتداء منه : والله إني لأعلم ما في السماوات وما في الأرض وما في الجنة وما في النار ، وما كان وما يكون إلى أن تقوم الساعة ، ثم سكت ثم قال : أعلمه عن كتاب الله أنظر إليه هكذا ، ثم بسط كفه وقال : إن الله يقول " فيه تبيان كل شئ " .

    وعن إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبد الله ع إن الله بعث محمدا نبيا فلا نبي بعده ، أنزل عليه الكتاب فختم به الكتب فلا كتاب بعده ، أحل فيه حلاله ، وحرم فيه حرامه ، فحلاله حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة فيه نبأ ما قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وفصل ما بينكم ، ثم أومأ بيده إلى صدره ، وقال : نحن نعلمه .

    - رجال الكشي : محمد بن مسعود ، عن علي بن محمد ، عن محمد بن أحمد ، عن أبي إسحاق ، عن علي بن معبد ، عن هشام بن الحكم قال : سألت أبا عبد الله ع بمنى عن خمسمائة حرف من الكلام ، فأقبلت أقول : يقولون كذا وكذا ، قال : فيقول لي قل كذا ، فقلت : هذا الحلال والحرام والقرآن ، أعلم أنك صاحبه ، وأعلم الناس به ، فهذا الكلام من أين ؟ فقال : يحتج الله على خلقه بحجة لا يكون عنده كلما يحتاجون إليه ؟ ! .

    - رجال الكشي : طاهر بن عيسى الوراق ، عن محمد بن أيوب ، عن صالح بن أبي حماد ، عن ابن أبي الخطاب ، عن محمد بن سنان ، عن محمد بن زيد الشحام قال : رآني أبو عبد الله ع وأنا أصلي فأرسل إلي ودعاني فقال لي : من أين أنت ؟ قلت : من مواليك قال : فأي موالي ؟ قلت : من الكوفة ، فقال : من تعرف من الكوفة ؟ قلت : بشير النبال ، وشجرة قال : وكيف صنيعتهما إليك ؟ قلت : وما أحسن صنيعتهما إلي قال : خير المسلمين من وصل وأعان ونفع ، ما بت ليلة قط والله وفي مالي حق يسألنيه ثم قال : أي شئ معكم من النفقة ؟ قلت : عندي مائتا درهم قال : أرنيها فأتيته بها ، فزادني فيها ثلاثين درهما ودينارين ثم قال : تعش عندي فجئت فتعشيت عنده قال : فلما كان من القابلة لم أذهب إليه ، فأرسل إلي فدعاني من غده فقال : مالك لم تأتني البارحة ؟ قد شفقت علي قلت : لم يجئني رسولك فقال : أنا رسول نفسي إليك ، ما دمت مقيما في هذه البلدة ، أي شئ تشتهي من الطعام ؟ قلت : اللبن ، فاشترى من أجلي شاتا لبونا قال : فقلت له : علمني دعاء قال : اكتب : " بسم الله الرحمن الرحيم يا من أرجوه لكل خير ، وآمن سخطه عند كل عثرة يا من يعطي الكثير بالقليل ، ويا من أعطى من سأله تحننا منه ورحمة ، يا من أعطى من لم يسأله ولم يعرفه ، صل على محمد وأهل بيته ، وأعطني بمسألتك خير الدنيا وجميع خير الآخرة ، فإنه غير منقوص ما أعطيت ، وزدني من سعة فضلك ، يا كريم " ثم رفع يديه فقال : " يا ذا المن والطول ، يا ذا الجلال والاكرام ، يا ذا النعماء والجود ارحم شيبتي من النار " ، ثم وضع يديه على لحيته ولم يرفعهما إلا وقد امتلأ ظهر كفيه دموعا .

    - رجال الكشي : محمد بن مسعود ، عن الحسين بن أشكيب ، عن عبد الرحمن بن حماد عن محمد بن إسماعيل الميثمي ، عن حذيفة بن منصور ، عن سورة بن كليب قال : قال لي زيد بن علي ع : يا سورة كيف علمتم أن صاحبكم على ما تذكرون ؟ قال : فقلت : على الخبير سقطت قال : فقال : هات ، فقلت له : كنا نأتي أخاك محمد بن علي ع نسأله فيقول : قال رسول الله قال الله عز وجل في كتابه ، حتى مضى أخوك فأتيناكم آل محمد وأنت فيمن أتينا ، فتخبرونا ببعض ، ولا تخبرونا بكل الذي نسألكم عنه ، حتى أتينا ابن أخيك جعفرا فقال لنا كما قال أبوه : قال رسول الله قال تعالى ، فتبسم وقال : أما والله إن قلت هذا ، فان كتب علي ع عنده .

    - مناقب ابن شهرآشوب : المرشد أبو يعلى الجعفري ، وأبو الحسين الكوفي ، وأبو جعفر الطوسي عن سورة مثله .

    - الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعلي بن محمد جميعا ، عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود ، عن حفص بن غياث قال : رأيت أبا عبد الله ع يتخلل بساتين الكوفة فانتهى إلى نخلة ، فتوضأ عندها ، ثم ركع وسجد ، فأحصيت في سجوده خمسمائة تسبيحة ، ثم استند إلى النخلة فدعا بدعوات ، ثم قال : يا حفص إنها والله النخلة التي قال الله جل ذكره لمريم عليهما السلام " وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا " .

    - الكافي : أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن الحسن بن علي عن يونس بن يعقوب ، عن سليمان بن خالد ، عن عامل كان لمحمد بن راشد قال : حضرت عشاء جعفر بن محمد عليهما السلام في الصيف فاتي بخوان عليه خبز ، واتي بقصعة فيها ثريد ولحم يفور ، فوضع يده فيها ، فوجدها حارة ، ثم رفعها وهو يقول : نستجير بالله من النار ، نعوذ بالله من النار ، نحن لا نقوى على هذا فكيف النار ؟ ! وجعل يكرر هذا الكلام حتى أمكنت القصعة فوضع يده فيها ، ووضعنا أيدينا حتى أمكنتنا ، فأكل وأكلنا معه ، ثم إن الخوان رفع فقال : يا غلام ائتنا بشئ فاتي بتمر في طبق ، فمددت يدي فإذا هو تمر فقلت : أصلحك الله هذا زمان الأعناب والفاكهة ! ! قال : إنه تمر ، ثم قال : ارفع هذا وائتنا بشئ فاتي بتمر في طبق فمددت يدي فقلت : هذا تمر فقال : إنه طيب .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم قال : كان أبو عبد الله إذا أعتم وذهب من الليل شطره ، أخذ جرابا فيه خبز ولحم والدراهم فحمله على عنقه ، ثم ذهب إلى أهل الحاجة من أهل المدينة فقسمه فيهم ولا يعرفونه ، فلما مضى أبو عبد الله ع فقدوا ذلك فعلموا أنه كان أبو عبد الله ع .

    بيان : أعتم أي دخل في عتمة الليل وهي ظلمته .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن علي بن وهبان ، عن عمه هارون بن عيسى قال : قال أبو عبد الله ع لمحمد ابنه : كم فضل معك من تلك النفقة ؟ قال : أربعون دينارا قال : اخرج وتصدق بها قال : إنه لم يبق معي غيرها قال : تصدق بها ، فان الله عز وجل يخلفها ، أما علمت أن لكل شئ مفتاحا ؟ ومفتاح الرزق الصدقة ، فتصدق بها ، ففعل فما لبث أبو عبد الله ع إلا عشرة حتى جاءه من موضع أربعة آلاف دينار ، فقال : يا بني أعطينا لله أربعين دينارا فأعطانا الله أربعة آلاف دينار .

    - الكافي : عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن أبي الأصبغ ، عن بندار بن عاصم رفعه عن أبي عبد الله ع قال : قال : ما توسل إلي أحد بوسيلة و لا تذرع بذريعة أقرب له إلى ما يريده مني ، من رجل سلف إليه مني يد أتبعتها أختها وأحسنت ربها ، فاني رأيت منع الأواخر ، يقطع لسان شكر الأوائل ، ولا سخت نفسي برد بكر الحوائج ، وقد قال الشاعر :

    وإذا بليت ببذل وجهك سائلا فابذله للمتكرم المفضال

    إن الجواد إذا حباك بموعد أعطاكه سلسا بغير مطال

    وإذا السؤال مع النوال قرنته رجح السؤال وخف كل نوال

    بيان : " وأحسنت ربها " أي تربيتها بعدم المنع بعد ذلك العطاء ، فان منع النعم للأواخر يقطع لسان شكر المنعم عليه على النعم الأوائل ، ولما ذكر أنه يحب اتباع النعمة بالنعمة بين أنه لا يرد بكر الحوائج أيضا أي الحاجة الأولى التي لم يسأل السائل قبلها ، والسلس ككتف السهل اللين المنقاد .

    - الكافي : علي بن إبراهيم ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن عمرو بن أبي المقدام قال : رأيت أبا عبد الله ع قد اتي بقدح من ماء فيه ضبة من فضة ، فرأيته ينزعها بأسنانه .

    بيان : ضبة الفضة : القطعة منها تلصق بالشئ .

    - الكافي : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن هارون ابن الجهم قال : كنا مع أبي عبد الله بالحيرة حين قدم على أبي جعفر المنصور ، فختن بعض القواد ابنا له ، وصنع طعاما ودعا الناس ، وكان أبو عبد الله ع فيمن دعا فبينما هو على المائدة يأكل ومعه عدة في المائدة ، فاستسقى رجل منهم ماء ، فاتي بقدح فيه شراب لهم ، فلما أن صار القدح في يد الرجل قام أبو عبد الله ع عن المائدة فسئل عن قيامه فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ملعون من جلس على مائدة يشرب فيها الخمر .

    وفي رواية أخرى ملعون ملعون : من جلس طائعا على مائدة يشرب عليها الخمر.

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد عيسى ، عن عمر بن عبد العزيز عن رجل ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : أكلنا مع أبي عبد الله ع فاتينا بقصعة من أرز فجعلنا نعذر فقال : ما صنعتم شيئا إن أشدكم حبا لنا أحسنكم أكلا عندنا ، قال عبد الرحمن : فرفعت كشحة المائدة فأكلت فقال : نعم الآن ثم أنشأ يحدثنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله أهدي له قصعة أرز من ناحية الأنصار فدعا سلمان والمقداد وأبا ذر رحمهم الله ، فجعلوا يعذرون في الأكل فقال : ما صنعتم شيئا أشدكم حبا لنا أحسنكم أكلا عندنا ، فجعلوا يأكلون أكلا جيدا ثم قال أبو عبد الله رحمهم الله ورضي الله عنهم وصلى عليهم .

    بيان : لعل المراد بكشحة المائدة جانبها أو المراد أكل ما يليه من الطعام .

    والكشح : ما بين الخاصرة إلى الصلع الخلف .

    - الكافي : علي بن محمد بن بندار ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن عدة من أصحابه عن يونس بن يعقوب ، عن عبد الله بن سليمان الصيرفي قال : كنت عند أبي عبد الله ع فقدم إلينا طعاما فيه شواء وأشياء بعده ، ثم جاء بقصعة من أرز فأكلت معه فقال : كل قلت : قد أكلت قال : كل ، فإنه يعتبر حب الرجل لأخيه بانبساطه في طعامه ، ثم حاز لي حوزا بإصبعه من القصعة ، فقال لي : لتأكلن ذا بعد ما أكلت فأكلته .

    - الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن يونس عن أبي الربيع قال : دعا أبو عبد الله ع بطعام ، فاتي بهريسة فقال لنا : ادنوا وكلوا قال : فأقبل القوم يقصرون فقال ع : كلوا ، فإنما تستبين مودة الرجل لأخيه في أكله قال : فأقبلنا نغص أنفسنا كما يغص الإبل .

    - الكافي : عدة من أصحابنا ، عن البرقي ، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي سعيد عن أبي حمزة قال : كنا عند أبي عبد الله ع جماعة فدعا بطعام ما لنا عهد بمثله لذاذة وطيبا ، وأوتينا بتمر ننظر فيه إلى وجوهنا ، من صفائه وحسنه فقال رجل : لتسألن عن هذا النعيم الذي نعمتم به عند ابن رسول الله صلى الله عليه وآله فقال أبو عبد الله ع : الله أكرم وأجل من أن يطعمكم طعاما فيسوغكموه ثم يسألكم عنه ، ولكن يسألكم عما أنعم عليكم بمحمد وآل محمد صلى الله عليه وآله .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن موسى ، عن ذبيان بن حكيم ، عن موسى النميري ، عن ابن أبي يعفور قال : رأيت عند أبي عبد الله ضيفا ، فقام يوما في بعض الحوائج ، فنهاه عن ذلك وقام بنفسه إلى تلك الحاجة ، وقال : نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن أن يستخدم الضيف .

    - الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبدة الواسطي عن عجلان قال : تعشيت مع أبي عبد الله ع بعد عتمة ، وكان يتعشى بعد عتمة فاتي بخل وزيت ولحم بارد ، فجعل ينتف اللحم فيطعمنيه ، ويأكل هو الخل والزيت ويدع اللحم فقال : إن هذا طعامنا وطعام الأنبياء .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن فضال ، عن يونس بن يعقوب عن عبد الأعلى قال : أكلت مع أبي عبد الله فقال : يا جارية ائتينا بطعامنا المعروف فاتي بقصعة فيها خل وزيت ، فأكلنا .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي بن النعمان عن بعض أصحابنا قال : شكوت إلى أبي عبد الله الوجع فقال : إذا أويت إلى فراشك فكل سكرتين قال : ففعلت ذلك فبرأت ، فخبرت بعض المتطببين وكان أفره أهل بلادنا فقال : من أين عرف أبو عبد الله ع هذا ؟ هذا من مخزون علمنا ، أما إنه صاحب كتب ، فينبغي أن يكون أصابه في بعض كتبه .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن عبد الله بن سليمان قال : سألت أبا جعفر ع عن الجبن فقال : لقد سألتني عن طعام يعجبني ، ثم أعطى الغلام درهما فقال : يا غلام ابتع لنا جبنا ، ودعا بالغداء فتغدينا معه ، واتي بالجبن فأكل وأكلنا .



    في قوله : الأرز والبسر يوسعان الأمعاء ويقطعان البواسير

    - الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار وغيره ، عن يونس ، عن هشام بن الحكم ، عن زرارة قال : رأيت داية أبي الحسن موسى ع تلقمه الأرز وتضربه عليه ، فغمني ما رأيته ، فلما دخلت على أبي عبد الله قال لي : أحسبك غمك الذي رأيت من داية أبي الحسن موسى ؟ فقلت له : نعم جعلت فداك فقال لي : نعم الطعام الأرز : يوسع الأمعاء ، ويقطع البواسير ، وإنا لنغبط أهل العراق بأكلهم الأرز والبسر ، فإنهما يوسعان الأمعاء ويقطعان البواسير.

    - الكافي : أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن ابن فضال ، عن محمد بن الحسين بن كثير الخزاز ، عن أبيه قال : رأيت أبا عبد الله ع وعليه قميص غليظ خشن تحت ثيابه ، وفوقه جبة صوف ، وفوقها قميص غليظ فمسستها فقلت : جعلت فداك إن الناس يكرهون لباس الصوف فقال : كلا كان أبي محمد بن علي عليهما السلام يلبسها : وكان علي بن الحسين صلوات الله عليه يلبسها ، وكانوا عليهم السلام يلبسون أغلظ ثيابهم إذا قاموا إلى الصلاة ونحن نفعل ذلك .

    - الكافي : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن مسمع بن عبد الملك قال : كنا عند أبي عبد الله ع بمنى ، وبين أيدينا عنب نأكله ، فجاء سائل فسأله فأمر بعنقود فأعطاه فقال السائل : لا حاجة لي في هذا إن كان درهم قال : يسع الله عليك ، فذهب ، ثم رجع فقال : ردوا العنقود فقال : يسع الله لك ولم يعطه شيئا ، ثم جاء سائل آخر ، فأخذ أبو عبد الله ع ثلاث حبات عنب فناولها إياه ، فأخذها السائل من يده ثم قال : الحمد لله رب العالمين الذي رزقني فقال أبو عبد الله ع : مكانك فحثا ملء كفيه عنبا فناولها إياه ، فأخذها السائل من يده ، ثم قال : الحمد لله رب العالمين الذي رزقني ، فقال أبو عبد الله ع : مكانك يا غلام ! أي شئ معك من الدراهم ؟ فإذا معه نحو من عشرين درهما فيما حزرناه أو نحوها فناولها إياه فأخذها .

    ثم قال : الحمد لله ، هذا منك وحدك لا شريك لك فقال أبو عبد الله ع : مكانك فخلع قميصا كان عليه فقال : البس هذا ، فلبسه فقال : الحمد لله الذي كساني وسترني يا أبا عبد الله - أو قال : جزاك الله خيرا ، لم يدع لأبي عبد الله إلا بذا ، ثم انصرف ، فذهب قال : فظننا أنه لو لم يدع له لم يزل يعطيه لأنه كلما كان يعطيه حمد الله أعطاه .

    - الكافي : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن مالك ابن عطية ، عن بعض أصحاب أبي عبد الله ع قال : خرج إلينا أبو عبد الله ع و هو مغضب فقال : إني خرجت آنفا في حاجة فتعرض لي بعض سودان المدينة فهتف بي : لبيك يا جعفر بن محمد لبيك ، فرجعت عودي على بدئي إلى منزلي خائفا ذعرا مما قال ، حتى سجدت في مسجدي لربي ، وعفرت له وجهي ، وذللت له نفسي وبرئت إليه مما هتف بي ، ولو أن عيسى بن مريم عدا ما قال الله فيه إذا لصم صما لا يسمع بعده أبدا ، وعمي عمى لا يبصر بعده أبدا ، وخرس خرسا لا يتكلم بعده أبدا ثم قال : لعن الله أبا الخطاب وقتله بالحديد .

    بيان : قال الجوهري : رجع عودا على بدء ، وعوده على بدئه : أي لم ينقطع ذهابه ، حتى وصله برجوعه .

    لعله كان من أصحاب أبي الخطاب ، ويعتقد الربوبية فيه ع فناداه بما ينادي الله تعالى به في الحج ، فاضطرب ع لعظيم ما نسب إليه وسجد مبرئا نفسه عند الله من ذلك ، ولعن أبا الخطاب لأنه كان مخترع هذا المذهب الفاسد .


  5. #5
    صديق مؤسس
    صاحبة الامتياز
    تابع / مكارم سيره ، ومحاسن أخلاقه ، وإقرار المخالفين

    فيما قاله في غلام أعتقه

    - الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن سنان عن غلام أعتقه أبو عبد الله : هذا ما أعتق جعفر بن محمد أعتق غلامه السندي فلانا على أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن البعث حق ، وأن الجنة حق ، وأن النار حق ، وعلى أنه يوالي أولياء الله ويتبرأ من أعداء الله ، ويحل حلال الله ، ويحرم حرام الله ، ويؤمن برسل الله ، ويقر بما جاء من عند الله ، أعتقه لوجه الله لا يريد به منه جزاءا ولا شكورا ، وليس لاحد عليه سبيل إلا بخير ، شهد فلان .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن إبراهيم بن أبي البلاد قال : قرأت عتق أبي عبد الله ع فإذا هو شرحه : هذا ما أعتق جعفر بن محمد ، أعتق فلانا غلامه لوجه الله ، لا يريد منه جزاء ولا شكورا على أن يقيم الصلاة ويؤدي الزكاة ، ويحج البيت ، ويصوم شهر رمضان ، ويتوالى أولياء الله ويتبرأ من أعداء الله ، شهد فلان بن فلان وفلان وفلان ثلاثة .

    - الكافي : الحسين بن محمد ، عن أحمد بن إسحاق ، ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن إسماعيل جميعا ، عن سعدان بن مسلم ، عن بعض أصحابنا قال : لما قدم أبو عبد الله ع الحيرة ، ركب دابته ومضى إلى الخورنق ، ونزل فاستظل بظل دابته ، ومعه غلام له أسود وثم رجل من أهل الكوفة قد اشترى نخلا فقال للغلام : من هذا ؟ قال له : هذا جعفر بن محمد عليهما السلام فجاء بطبق ضخم فوضعه بين يديه ع فقال للرجل : ما هذا ؟ قال : هذا البرني فقال : فيه شفاء ونظر إلى السابري فقال : ما هذا ؟ فقال : السابري فقال : هذا عندنا البيض ، وقال للقماش : ما هذا ؟ فقال الرجل : المشان ، فقال : هذا عندنا أم جرذان ، نظر إلى الصرفان فقال : ما هذا ؟ فقال الرجل : الصرفان فقال : هو عندنا العجوة ، وفيه شفاء .

    - الكافي : أبو علي الأشعري ، عن بعض أصحابه ، عن محمد بن سنان ، عن حذيفة ابن منضور قال : كنت عند أبي عبد الله ع بالحيرة ، فأتاه رسول أبي الخليفة يدعوه فدعا بممطر أحد وجهيه أسود والاخر أبيض ، فلبسه ثم قال أبو عبد الله ع : أما إني ألبسه ، وأنا أعلم أنه لباس أهل النار .

    - الكافي : حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن الحسين بن المختار قال : قال أبو عبد الله ع : اعمل لي قلانس بيضاء ولا تكسرها ، فإن السيد مثلي لا يلبس المكسر .

    - الكافي : العدة ، عن سهل ، عن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن الفضل بن كثير المدائني ، عمن ذكره ، عن أبي عبد الله عع قال : دخل عليه بعض أصحابه فرأى عليه قميصا فيه قب قد رقعه ، فجعل ينظر إليه فقال له أبو عبد الله ع : مالك تنظر ؟ فقال : قب يلقى في قميصك ؟ ! قال : فقال : اضرب يدك إلى هذا الكتاب فاقرأ ما فيه ، وكان بين يديه كتاب أو قريب منه ، فنظر الرجل فيه فإذا فيه : لا إيمان لمن لا حياء له ، ولا مال لمن لا تقدير له ، ولا جديد لمن لا خلق له .

    بيان : القب : ما يدخل في جيب القميص من الرقاع .

    - الكافي : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن يعقوب السراج ، قال : كنا نمشي مع أبي عبد الله ع وهو يريد أن يعزي ذا قرابة له بمولود له ، فانقطع شسع نعل أبي عبد الله فتناول نعله من رجله ، ثم مشى حافيا ، فنظر إليه ابن أبي يعفور ، فخلع نعل نفسه من رجله ، وخلع الشسع منها وناولها أبا عبد الله فأعرض عنه كهيئة المغضب ، ثم أبى أن يقبله ، وقال : لا إن صاحب المصيبة أولى بالصبر عليها ، فمشى حافيا حتى دخل على الرجل الذي أتاه ليعزيه .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن فضالة بن أيوب ، عن معاوية بن عمار قال : رأيت أبا عبد الله ع يختضب بالحناء خضابا قانيا .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن سجيم عن ابن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبد الله ع يقول وهو رافع يده إلى السماء : رب لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا لا أقل من ذلك ، ولا أكثر ، قال : فما كان بأسرع من أن تحدر الدموع من جوانب لحيته ثم أقبل علي فقال : يا ابن أبي يعفور إن يونس بن متى وكله الله عز وجل إلى نفسه أقل من طرفة عين ، فأحدث ذلك الذنب ، قلت : فبلغ به كفرا ؟ أصلحك الله قال : لا ، ولكن الموت على تلك الحال هلاك .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، رفعه ، عن عبد الله بن مسكان قال : كنا جماعة من أصحابنا دخلنا الحمام فلما خرجنا لقينا أبو عبد الله ع فقال لنا : من أين أقبلتم ؟ فقلنا له : من الحمام فقال : أنقى الله غسلكم ، فقلنا له : جعلنا فداك . وإنا جئنا معه حتى دخل الحمام ، فجلسنا له حتى خرج ، فقلنا له : أنقى الله غسلك ! فقال : طهركم الله .

    - الكافي : العدة ، عن البرقي ، عن بعض أصحابه ، عن ابن أسباط ، عن عبد الله بن عثمان أنه رأى أبا عبد الله ع أحفى شاربه حتى ألصقه بالعسيب .

    بيان : العسيب منبت الشعر .

    - الكافي : الحسين بن محمد ، عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان ، عن أبي بصير قال : دخل أبو عبد الله ع الحمام فقال له صاحب الحمام : أخليه لك ؟ فقال : لا حاجة لي في ذلك ، المؤمن أخف من ذلك .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن النعمان ، عن يعقوب بن شعيب ، عن حسين بن خالد ، عن أبي عبد الله ع قال : قلت له : في كم أقرأ القرآن ؟ فقال : اقرأه أخماسا ، اقرأه أسباعا أما إن عندي مصحف مجزء أربعة عشر جزءا .




    قوله في العطسة ومحل خروجها

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن بعض أصحابه رواه عن رجل من العامة قال : كنت أجالس أبا عبد الله ع فلا والله ما رأيت مجلسا أنبل من مجالسه قال : فقال لي ذات يوم : من أين تخرج العطسة ؟ فقلت : من الانف فقال لي : أصبت الخطاء فقلت : جعلت فداك ، من أين تخرج ؟ فقال : من جميع البدن ، كما أن النطفة تخرج من جميع البدن ، ومخرجها من الإحليل ثم قال : أما رأيت الانسان إذا عطس نفض أعضاؤه ، وصاحب العطسة يأمن الموت سبعة أيام .

    - الكافي : أبو عبد عبد الله الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن حماد ابن عثمان قال : جلس أبو عبد الله متوركا ورجله اليمنى على فخذه اليسرى فقال له رجل : جعلت فداك هذه جلسة مكروهة ؟ ! فقال : لا إنما هو شئ قالته اليهود ، لما أن فرغ الله عز وجل من خلق السماوات والأرض ، واستوى على العرش جلس هذه الجلسة ليستريح فأنزل الله عز وجل " الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم " وبقي أبو عبد الله متوركا كما هو .

    - الكافي : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن مرازم بن حكيم قال : أمر أبو عبد الله ع بكتاب في حاجة فكتب ، ثم عرض عليه ولم يكن فيه استثناء فقال : كيف رجوتم أن يتم هذا وليس فيه استثناء ؟ انظروا كل موضع لا يكون فيه استثناء فاستثنوا فيه .

    - الكافي : العدة ، عن البرقي ، عن علي بن حسان ، عن عبد الرحمان بن كثير قال : كنت عند أبي عبد الله ع فدخل عليه مهزم فقال لي أبو عبد الله ع : ادع لنا الجارية ، تجيئنا بدهن وكحل ، فدعوت بها ، فجاءت بقارورة بنفسج ، وكان يوما شديد البرد فصب مهزم في راحته منها ، ثم قال : جعلت فداك هذا بنفسج وهذا البرد الشديد ! ! فقال : وما باله يا مهزم ! ! فقال : إن متطببينا بالكوفة يزعمون أن البنفسج بارد فقال : هو بارد في الصيف ، لين حار في الشتاء .

    - الكافي : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن إسحاق بن عمار وابن أبي عمير ، عن ابن أذينة قال : شكا رجل إلى أبي عبد الله ع شقاقا في يديه ورجليه فقال له : خذ قطنة فاجعل فيها بانا وضعها على سرتك فقال إسحاق بن عمار : جعلت فداك ، أن يجعل البان في قطنة ويجعلها في سرته ؟ فقال : أما أنت يا إسحاق فصب البان في سرتك فإنها كبيرة ، قال ابن أذينة : لقيت الرجل بعد ذلك ، فأخبرني أنه فعله مرة واحدة ، فذهب عنه .

    - الكافي : الحسين بن محمد ، عن عبد الله بن عامر ، عن علي بن مهزيار عن الحسين بن محمد بن مهزيار ، عن قتيبة الأعشى قال : أتيت أبا عبد الله ع أعود ابنا له ، فوجدته على الباب ، فإذا هو مهتم حزين فقلت : جعلت فداك كيف الصبي ؟ فقال : والله إنه لما به ثم دخل فمكث ساعة ثم خرج إلينا وقد أسفر وجهه ، وذهب التغير والحزن قال : فطمعت أن يكون قد صلح الصبي فقلت : كيف الصبي جعلت فداك ؟ فقال : لقد مضى لسبيله ، فقلت : جعلت فداك لقد كنت وهو حي مهتما حزينا ، وقد رأيت حالك الساعة ، وقد مات ، غير تلك الحال فكيف هذا ؟ فقال : إنا أهل بيت إنما نجزع قبل المصيبة ، فإذا وقع أمر الله رضينا بقضائه ، وسلمنا لامره .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الكاهلي عن أبي الحسن ع قال : كان أبي يبعث أمي وأم فروة تقضيان حقوق أهل المدينة .

    - الكافي : علي ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار عن العلا بن كامل قال : كنت جالسا عند أبي عبد الله ع فصرخت الصارخة من الدار ، فقام أبو عبد الله ع ثم جلس ، فاسترجع ، وعاد في حديثه ، حتى فرغ منه ثم قال : إنا لنحب أن نعافى في أنفسنا وأولادنا وأموالنا ، فإذا وقع القضاء فليس لنا أن نحب ما لم يحب الله لنا

    - الكافي : علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن داود بن فرقد ، عمن حدثه ، عن ابن شبرمة قال : ما ذكرت حديثا سمعته عن جعفر بن محمد إلا كاد أن يتصدع قلبي ، قال : حدثني أبي ، عن جدي ، عن رسول الله صلى الله عليه و آله وقال ابن شرمة وأقسم بالله ما كذب أبوه على جده ، ولا جده على رسول الله صلى الله عليه وآله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من عمل بالمقائيس فقد هلك وأهلك ، ومن أفتى وهو لا يعلم الناسخ من المنسوخ ، والمحكم من المتشابه ، فقد هلك وأهلك .

    - الكافي : الحسين بن محمد ، عن عبد الله بن عامر ، عن علي بن مهزيار ، عن ابن فضال ، عن أحمد بن عمر الحلبي ، عن أبيه ، عن أبان بن تغلب قال : دخلت على أبي عبد الله ع وهو يصلي ، فعددت له في الركوع والسجود ستين تسبيحة .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن بكير عن حمزة بن حمران ، والحسن بن زياد قالا : دخلنا على أبي عبد الله ع وعنده قوم ، فصلى بهم العصر ، وقد كنا صلينا ، فعددنا له في ركوعه سبحان ربي العظيم أربعا أو ثلاثا وثلاثين مرة وقال أحدهما في حديثه : " وبحمده " في الركوع والسجود سواء .

    - الكافي : علي ، عن أبيه ، عن يحيى بن أبي عمران ، عن يونس ، عن بكار ابن بكير ، عن موسى بن أشيم قال : كنت عند أبي عبد الله ع فسأله رجل عن آية من كتاب الله عز وجل ، فأخبره بها ، ثم دخل عليه داخل فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبر الأول ، فدخلني من ذلك ما شاء الله ، حتى كأن قلبي يشرح بالسكاكين فقلت في نفسي : تركت أبا قتادة بالشام لا يخطئ في الواو وشبهه وجئت إلى هذا يخطئ هذا الخطأ كله ، فبينا أنا كذلك إذ دخل عليه آخر فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبرني وأخبر صاحبي ، فسكنت نفسي ، فعلمت أن ذلك منه تقية ، قال : ثم التفت إلي فقال لي : يا ابن أشيم إن الله عز وجل فوض إلى سليمان بن داود ع فقال : " هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب " وفوض إلى نبيه صلى الله عليه وآله فقال : " وما آتيكم الرسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا " فما فوض إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقد فوضه إلينا .

    - الكافي : أحمد بن إدريس وغيره ، عن محمد بن أحمد ، عن علي بن الريان عن أبيه ، عن يونس أو غيره عمن ذكره ، عن أبي عبد الله ع قال : قلت له : جعلت فداك بلغني أنك كنت تفعل في غلة عين زياد شيئا ، وأنا أحب أن أسمعه منك قال : فقال لي : نعم كنت آمر إذا أدركت الثمرة أن يثلم في حيطانها الثلم ليدخل الناس ويأكلوا ، وكنت آمر في كل يوم أن يوضع عشر بنيات ، يقعد على كل بنية عشرة كلما أكل عشرة جاء عشرة أخرى يلقى لكل نفس منهم مد من رطب ، وكنت آمر لجيران الضيعة كلهم الشيخ ، والعجوز ، والصبي ، والمريض ، والمرأة ، ومن لا يقدر أن يجئ فيأكل منها ، لكل انسان منهم مد ، فإذا كان الجذاد وفيت القوام ، والوكلاء ، والرجال أجرتهم ، وأحمل الباقي إلى المدينة ، ففرقت في أهل البيوتات ، والمستحقين ، الراحلتين والثلاثة والأقل والأكثر على قدر استحقاقهم ، وحصل لي بعد ذلك أربعمائة دينار ، وكان غلتها أربعة آلاف دينار .

    بيان : في بعض النسخ بنيات بالباء الموحدة ، ثم النون ، ثم الياء المثناة التحتانية على بناء التصغير . قال في النهاية في الحديث أنه سأل رجلا قدم من الثغر هل شرب الجيش في البنيات الصغار ؟ قال : لا إن القوم ليؤتون بالاناء فيتداولونه حتى يشربوه كلهم ، البنيات ههنا الأقداح الصغار وقال : بسطنا له بناء أي نطعا ، هكذا جاء تفسيره ويقال له أيضا المبناة انتهى . وفي بعض النسخ ثبنه بالثاء المثلثة ثم الباء الموحدة فالنون ، وهو أظهر قال الفيروزآبادي ثبن الثوب يثبنه ثبنا وثبانا بالكسر ثنى طرفه ، وخاطه ، أو جعل في الوعاء شيئا وحمله بين يديه والثبين والثبان بالكسر ، والثبنة بالضم الموضع الذي تحمل فيه من ثوبك تثنيه بين يديك ، ثم تجعل فيه من التمر أو غيره وقد أثبنت في ثوبي ، وقال الجزري في الحديث إذا مر أحدكم بحائط فليأكل منه ولا تتخذ ثبانا ، الثبان الوعاء الذي يحمل فيه الشئ ، ويوضع بين يدي الانسان ، يقال : ثبنت الثوب أثبنه ثبنا وثبانا ، وهو أن تعطف ذيل قميصك فتجعل فيه شيئا تحمله الواحدة ثبنة ، انتهى . فيحتمل أن يكون الثبنات تصحيف الثبان أو يقال إنه قد يجمع هكذا أيضا كغرفة على غرفات ، ولبنة على لبنات .




    في أن الصدقة يذهب نحوسة اليوم ، وقصة رجل منجم معه في قسمة أرض

    4 - الكافي :
    علي بن محمد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن غير واحد ، عن علي بن أسباط ، عمن رواه ، عن أبي عبد الله ع قال : كان بيني وبين رجل قسمة أرض ، وكان الرجل صاحب نجوم وكان يتوخى ساعة السعود فيخرج فيها وأخرج أنا في ساعة النحوس ، فاقتسمنا فخرج لي خير القسمين ، فضرب الرجل بيده اليمنى على اليسرى ، ثم قال : ما رأيت كاليوم قط ! قلت : ويك ألا أخبرك ذاك ؟ قال : إني صاحب نجوم أخرجتك في ساعة النحوس ، فخرجت أنا في ساعة السعود ، ثم قسمنا ، فخرج لك خير القسمين فقلت : ألا أحدثك بحديث حدثني به أبي ع قال : قال رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم : من سره أن يدفع الله عنه نحس يومه ، فليفتتح يومه بصدقة يذهب الله بها عنه نحس يومه ، ومن أحب أن يذهب الله عنه نحس ليلته فليفتتح ليلته بصدقة ، يدفع الله عنه نحس ليلته .
    فقلت : إني افتتحت خروجي بصدقة ، فهذا خير لك من علم النجوم .

    بيان : ألا أخبرك ذاك : أي أخبرك ذاك العلم الذي تدعيه بما هو خير لك وفي بعض النسخ ألا خبرك ذاك ؟ فلعله بضم الخاء أي ليس علمك نفعه هذا الذي ترى وفي بعضها خيرك أي أليس خيرك في تلك القسمة التي وقعت ؟ . وفي بعض النسخ ويل الاخر ما ذاك ؟ ووجه بأن من قاعدة العرب أنه إذا أراد حكاية ما لا يناسب مواجهة المحكي له به يغيره هكذا ، كما يعبر عن ويلي بقولهم ويله ، فعبر عن ويلك عند نقل الحكاية للراوي بقوله : ويل الاخر .

    - الكافي :
    أحمد بن إدريس وغيره ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن نوح بن عبدا لله ، عن الذهلي ، رفعه عن أبي عبد الله ع قال : المعروف ابتداء ، وأما من أعطيته بعد المسألة فإنما كافيته بما بذل لك من وجهه ، يبيت ليلته أرقا متململا ، يمثل بين الرجاء واليأس ، لا يدري أين يتوجه لحاجته ، ثم يعزم بالقصد لها فيأتيك ، وقبله يرجف ، وفرائصه ترعد ، قد ترى دمه في وجهه ، لا يدري أيرجع بكآبة أم بفرح .

    - الكافي :
    عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن محمد بن شعيب ، عن الحسين بن الحسن ، عن عاصم ، عن يونس ، عمن ذكره ، عن أبي عبد الله أنه كان يتصدق بالسكر فقيل له : أتتصدق بالسكر ؟ فقال : نعم إنه ليس شئ أحب إلي منه ، فأنا أحب أن أتصدق بأحب الأشياء إلي .

    - أمالي الطوسي :
    أحمد بن عبدون ، عن علي بن محمد بن الزبير ، عن علي بن فضال عن بن عامر ، عن أحمد بن رزق ، عن يحيى بن العلا قال : كان أبو عبد الله مريضا مدفنا فأمر فاخرج إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم فكان فيه ، حتى أصبح ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان .

    - أمالي الطوسي :
    بالاسناد المتقدم عن ، عن أبي جعفر الخثعمي قريب إسماعيل ابن جابر قال : أعطاني أبو عبد الله ع خمسين دينارا في صرة فقال : ادفعها إلى رجل من بني هاشم ولا تعلمه أني أعطيتك شيئا قال : فأتيته فقال : من أين هذا جزاه الله خيرا فما يزال كل حين يبعث بها فيكون مما نعيش فيه إلى قابل ، ولكن لا يصلني جعفر بدرهم في كثرة ماله .

    - الكافي :
    العدة ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الفضل النوفلي ، عن الحسن بن راشد قال : كان أبو عبد الله ع إذا صام تطيب بالطيب ، ويقول : الطيب تحفة الصائم .

    - الكافي :
    أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن إسحاق ابن عمار ، عن معتب ، عن أبي عبد الله قال : قال : اذهب فأعط عن عيالنا الفطرة وأعط عن الرقيق ، وأجمعهم ، ولا تدع منهم أحدا ، فإنك إن تركت منهم إنسانا تخوفت عليه الفوت ، قلت : وما الفوت ؟ قال : الموت .

    - الكافي : العدة ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن القاسم بن إبراهيم ، عن ابن تغلب قال : كنت مع أبي عبد الله ع مزاملة فيما بين مكة والمدينة ، فلما انتهى إلى الحرم نزل واغتسل ، وأخذ نعليه بيديه ، ثم دخل الحرم حافيا .




    قوله في لباسه ولباس علي ولباس القائم

    - الكافي : العدة ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن يحيى الخزاز ، عن حماد ابن عثمان قال : حضرت أبا عبد الله ع وقال له رجل : أصلحك الله ذكرت أن علي ابن أبي طالب ع كان يلبس الخشن : يلبس القميص بأربعة دراهم ، وما أشبه ذلك ونرى عليك اللباس الجديد ؟ !
    فقال له : إن علي بن أبي طالب ع كان يلبس ذلك في زمان لا ينكر ، ولو لبس مثل ذلك اليوم شهر به فخير لباس كل زمان لباس أهله ، غير أن قائمنا أهل البيت إذا قام لبس ثياب علي ع وسار بسيرة أمير المؤمنين علي ع .

    - الكافي : أحمد بن مهران ، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، عن علي بن أسباط ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن زيد الشحام قال : قال لي أبو عبد الله ونحن في الطريق في ليلة الجمعة : اقرأ فإنها ليلة الجمعة قرآنا ، فقرأت : " إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون إلا من رحم الله " فقال أبو عبد الله ع نحن والله الذي يرحم الله ونحن والله الذي استثنى الله ولكنا نغني عنهم .

    - الكافي : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال : عن الحسن بن الجهم ، عن منصور ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ع قال : مر بي أبي وأنا بالطواف ، وأنا حدث وقد اجتهدت في العبادة ، فرآني وأنا أتصاب عرقا فقال لي : يا جعفر يا بني إن الله إذا أحب عبدا أدخله الجنة ، ورضي منه باليسير .

    - الكافي : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري وغيره عن أبي عبد الله ع قال : اجتهدت في العبادة وأنا شاب ، فقال لي أبي : يا بني دون ما أراك تصنع ، فان الله عز وجل إذا أحب عبدا رضي منه باليسير .

    - الكافي : العدة ، عن سهل ، عن الدهقان ، عن درست ، عن عبد الأعلى مولى آل سام قال : استقبلت أبا عبد الله ع في بعض طرق المدينة في يوم صائف شديد الحر فقلت : جعلت فداك ، حالك عند الله عز وجل وقرابتك من رسول الله ع وأنت تجهد نفسك في مثل هذا اليوم ! ! فقال : يا عبد الأعلى خرجت في طلب الرزق لا ستغني عن مثلك .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عبد الله الحجال عن حفص بن أبي عايشة قال : بعث أبو عبد الله ع غلاما له في حاجة ، فأبطأ فخرج أبو عبد الله على أثره لما أبطأ فوجده نائما فجلس عند رأسه يروحه حتى انتبه فلما انتبه قال له أبو عبد الله ع : يا فلان ، والله ما ذلك لك .

    تنام الليل والنهار ؟ لك الليل ، ولنا منك النهار .

    - مناقب ابن شهرآشوب : عن حفص مثله .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن سنان . عن إسماعيل ابن جابر قال : أتيت أبا عبد الله ع وإذا هو في حائط له ، بيده مسحاة ، وهو يفتح بها الماء ، وعليه قميص شبه الكرابيس ، كأنه مخيط عليه من ضيقه .

    - الكافي : العدة ، عن سهل ، عن علي بن أسباط ، عن محمد بن عذافر ، عن أبيه قال : أعطى أبو عبد الله ع أبي ألفا وسبعمائة دينار فقال له : اتجر لي بها ، ثم قال : أما إنه ليس لي رغبة في ربحها وإن كان الربح مرغوبا فيه ولكني أحببت أن يراني الله عز وجل متعرضا لفوائده ، قال : فربحت له فيه مائة دينار ، ثم لقيته فقلت له : قد ربحت لك فيها مائة دينار قال : ففرح أبو عبد الله ع بذلك فرحا شديدا ، ثم قال لي : أثبتها في رأس مالي قال : فمات أبي والمال عنده ، فأرسل إلي أبو عبد الله ع وكتب : عافانا الله وإياك ، إن لي عند أبي محمد ألفا وثمان مائة دينار .

    أعطيته يتجر بها فادفعها إلى عمر بن يزيد ، قال : فنظرت في كتاب أبي فإذا فيه : " لأبي موسى عندي ألف وسبعمائة دينار ، واتجر له فيها مائة دينار ، عبد الله بن سنان ، وعمر بن يزيد يعرفانه "

    - الكافي : العدة ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان قال : حدثني جميل بن صالح ، عن أبي عمرو الشيباني قال : رأيت أبا عبد الله وبيده مسحاة وعليه إزار غليظ يعمل في حائط له ، والعرق يتصاب عن ظهره فقلت : جعلت فداك أعطني أكفك ، فقال لي : إني أحب أن يتأذى الرجل بحر الشمس في طلب المعيشة .

    - الكافي : علي بن محمد ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن عذافر ، عن أبيه مثله مع اختصار .

    - الكافي : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن داود بن سرحان قال : رأيت أبا عبد الله ع يكيل تمرا بيده فقلت : جعلت فداك لو أمرت بعض ولدك أو بعض مواليك فيكفيك .

    - الكافي : أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى عن عبد الحميد بن سعيد قال : سألت أبا إبراهيم ع عن عظام الفيل يحل بيعه أو شراؤه ، الذي يجعل منه الأمشاط ؟ فقال : لا بأس ، قد كان لأبي منه مشط أو أمشاط .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن حنان عن شعيب قال : تكارينا لأبي عبد الله ع قوما يعملون في بستان له وكان أجلهم إلى العصر فلما فرغوا قال لمعتب : أعطهم أجورهم قبل أن يجف عرقهم .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن سنان ، عن أبي حنيفة سائق الحاج قال : مر بنا المفضل وأنا وختني نتشاجر في ميراث ، فوقف علينا ساعة ثم قال لنا : تعالوا إلى المنزل فأتيناه ، فأصلح بيننا بأربعة مائة درهم ، فدفعها إلينا من عنده ، حتى إذا استوثق كل واحد منا من صاحبه قال : أما إنها ليست من مالي ، ولكن أبو عبد الله ع أمرني إذا تنازع رجلان من أصحابنا في شئ أن أصلح بينهما ، وأفتديهما من ماله ، فهذا من مال أبي عبد الله .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن النضر بن سويد ، عن عمرو ابن أبي المقدام قال : رأيت أبا عبد الله ع يوم عرفة بالموقف ، وهو ينادي بأعلا صوته " أيها الناس إن رسول الله ع كان الامام ، ثم كان علي بن أبي طالب ع ثم الحسن ، ثم الحسين ، ثم علي بن الحسين ، ثم محمد بن علي ، ثم هه " فينادي ثلاث مرات لمن بين يديه ، وعن يمينه ، وعن يساره ، ومن خلفه ، اثني عشر صوتا وقال عمرو : فلما أتيت منى سألت أصحاب العربية عن تفسير هه فقالوا : هه لغة بني فلان أنا فاسألوني قال : ثم سألت غيرهم أيضا من أهل العربية ، فقالوا مثل ذلك .

    فلاح السائل : روي أن مولانا الصادق ع كان يتلو القرآن في صلاته ، فغشي عليه ، فلما أفاق سئل ما الذي أوجب ما انتهت حاله إليه ؟ فقال ما معناه : ما زلت أكرر آيات القرآن حتى بلغت إلى حال كأنني سمعتها مشافهة ممن أنزلها .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن معمر بن خلاد قال : سمعت أبا الحسن ع يقول : إن رجلا أتى جعفرا صلوات الله عليه شبيها بالمستنصح له فقال له : يا أبا عبد الله كيف صرت اتخذت الأموال قطعا متفرقة ، ولو كانت في موضع واحد كان أيسر لمؤنتها وأعظم لمنفعتها ، فقال أبو عبد الله ع : اتخذتها متفرقة ، فإن أصاب هذا المال شئ سلم هذا ، والصرة تجمع هذا كله .

    - الكافي : علي بن محمد ، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر ، عن عبد الله ابن حماد ، عن عمر بن يزيد قال : أتى رجل أبا عبد الله ع يقتضيه وأنا عنده فقال له : ليس عندنا اليوم شئ ولكنه يأتينا خطر ووسمة فيباع ، ونعطيك إنشاء الله فقال له الرجل : عدني فقال : كيف أعدك وأنا لما لا أرجو أرجى مني لما أرجو .




    قصة مصادف مولى وأنه اتجر بماله من ربح دينار دينارا ، فما أخذه إلا رأس ماله ولم يأخذ الربح ، وقال : يا مصادف مجالدة السيوف أهون من طلب الحلال ، وأنه أمر ببيع طعامه لما زاد السعر بالمدينة ، وقال لغلامه : اشتر مع الناس يوما بيوم


    - الكافي :
    أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن أحمد بن النضر عن أبي جعفر الفزاري قال : دعا أبو عبد الله ع مولى له يقال له : مصادف ، فأعطاه ألف دينار وقال له : تجهز حتى تخرج إلى مصر ، فان عيالي قد كثروا قال : فتجهز بمتاع ، وخرج مع التجار إلى مصر ، فلما دنوا من مصر استقبلهم قافلة خارجة من مصر ، فسألوهم عن المتاع الذي معهم ما حاله في المدينة ، وكان متاع العامة فأخبروهم أنه ليس بمصر منه شئ فتحالفوا وتعاقدوا على أن لا ينقصوا متاعهم من ربح دينار دينارا ، فلما قبضوا أموالهم انصرفوا إلى المدينة ، فدخل مصادف على أبي عبد الله ع ومعه كيسان في كل واحد ألف دينار فقال : جعلت فداك هذا رأس المال ، وهذا الاخر ربح فقال : إن هذا الربح كثير ، ولكن ما صنعتم في المتاع ؟ فحدثه كيف صنعوا وكيف تحالفوا ، فقال : سبحان الله تحلفون على قوم مسلمين ألا تبيعوهم إلا بربح الدينار دينارا ؟ ! ثم أخذ أحد الكيسين فقال : هذا رأس مالي ولا حاجة لنا في هذا الربح ، ثم قال : يا مصادف مجالدة السيوف ، أهون من طلب الحلال .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن علي بن إسماعيل ، عن علي بن الحكم ، عن جهم بن أبي جهم ، عن معتب قال : قال لي أبو عبد الله وقد تزيد السعر بالمدينة : كم عندنا من طعام ؟ قال : قلت : عندنا ما يكفينا أشهر كثيرة قال : أخرجه وبعه قال : قلت له : وليس بالمدينة طعام ! ! قال : بعه ، فلما بعته قال : اشتر مع الناس يوما بيوم وقال : يا معتب اجعل قوت عيالي نصفا شعيرا ونصفا حنطة ، فإن الله يعلم أني واجد أن أطعمهم الحنطة على وجهها ، ولكني أحب أن يراني الله قد أحسنت تقدير المعيشة .

    - الكافي : علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن أحمد بن حماد ، عن محمد بن مرازم ، عن أبيه أو عمه قال : شهدت أبا عبد الله ع وهو يحاسب وكيلا له والوكيل يكثر أن يقول : والله ما خنت فقال له أبو عبد الله ع : يا هذا خيانتك وتضييعك علي مالي سواء إلا أن الخيانة شرها عليك .

    - تنبيه الخاطر : الفضل بن أبي قرة قال : كان أبو عبد الله ع يبسط رداءه وفيه صرر الدنانير فيقول للرسول صلى الله عليه و آله : اذهب بها إلى فلان وفلان ، من أهل بيته ، وقل لهم : هذه بعث بها إليكم من العراق ، قال : فيذهب بها الرسول إليهم فيقول ما قال فيقولون : أما أنت فجزاك الله خيرا بصلتك قرابة رسول الله ، وأما جعفر فحكم الله بيننا وبينه ، قال : فيخر أبو عبد الله ع ساجدا ويقول : اللهم أذل رقبتي لولد أبي .

    - أمالي الطوسي : الحسين بن إبراهيم القزويني ، عن محمد بن وهبان ، عن أحمد بن إبراهيم ، عن الحسن بن الزعفراني ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله ع قال : لوددت أني وأصحابي في فلاة من الأرض حتى نموت ، أو يأتي الله بالفرج .

    - العدد : قال الثوري لجعفر بن محمد : يا ابن رسول الله اعتزلت الناس ! ! فقال : يا سفيان ، فسد الزمان ، وتغير الاخوان ، فرأيت الانفراد أسكن للفؤاد .

    ثم قال :

    ذهب الوفاء ذهاب أمس الذاهب والناس بين مخاتل وموارب

    يفشون بينهم المودة والصفا وقلوبهم محشوة بعقارب

    وقال الواقدي : جعفر من الطبقة الخامسة من التابعين .

    أقول : روى البرسي في مشارق الأنوار أن فقيرا سأل الصادق ع فقال لعبده : ما عندك ؟ قال : أربعمائة درهم ، قال : أعطه إياها ، فأعطاه ، فأخذها وولى شاكرا فقال لعبده : أرجعه ، فقال : يا سيدي سألت فأعطيت فماذا بعد العطاء ؟ فقال له : قال رسول الله صلى الله عليه و آله : خير الصدقة ما أبقت غنى ، وإنا لم نغنك ، فخذ هذا الخاتم فقد أعطيت فيه عشرة آلاف درهم ، فإذا احتجت فبعه بهذه القيمة .

    - الحسين بن سعيد أو النوادر : ابن سنان ، عن ابن مسكان ، عن الصيقل قال : كنت عند أبي عبد الله ع جالسا فبعث غلاما له عجميا في حاجة إلى رجل ، فانطلق ثم رجع فجعل أبو عبد الله يستفهمه الجواب ، وجعل الغلام لا يفهمه مرارا قال : فلما رأيته لا يتعبر لسانه ولا يفهمه ظننت أنه ع سيغضب عليه ، قال : وأحد النظر إليه ثم قال : أما والله لئن كنت عيي اللسان فما أنت بعيي القلب ، ثم قال : إن الحياء والعفاف والعي - عي اللسان لا عي القلب - من الايمان ، والفحش والبذاء والسلاطة من النفاق .

    - كتاب قضاء الحقوق للصوري : عن إسحاق بن إبراهيم بن يعقوب قال : كنت عند أبي عبد الله ع وعنده المعلى بن خنيس إذ دخل عليه رجل من أهل خراسان فقال : يا ابن رسول الله أنا من مواليكم أهل البيت ، وبيني وبينكم شقة بعيدة وقد قل ذات يدي ، ولا أقدر أن أتوجه إلى أهلي إلا أن تعينني قال : فنظر أبو عبد الله يمينا وشمالا وقال : ألا تسمعون ما يقول أخوكم ؟ إنما المعروف ابتداء ، فأما ما أعطيت بعد ما سأل ، فإنما هو مكافاة لما بذل لك من [ ماء ] وجهه ثم قال : فيبيت ليلته متأرقا متململا بين اليأس والرجاء لا يدري أين يتوجه بحاجته ، فيعزم على القصد إليك ، فأتاك وقلبه يجب وفرائصه ترتعد ، وقد نزل دمه في وجهه ، وبعد هذا فلا يدري أينصرف من عندك بكآبة الرد ، أم بسرور النجح فأن أعطيته رأيت أنك قد وصلته ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه و آله : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة وبعثني بالحق نبيا ، لما يتجشم من مسألته إياك ، أعظم مما ناله من معروفك .

    قال : فجمعوا للخراساني خمسة آلاف درهم ، ودفعوها إليه .






  6. #6
    صديق مؤسس
    صاحبة الامتياز
    إخباره بالرؤيا التي رآها رجل ، وعرض الأعمال عليه

    - قرب الإسناد : محمد بن عيسى ، عن بكر بن محمد الأزدي قال : عرض لقرابة لي ونحن في طريق مكة وأحسبه قال : بالربذة فلما صرنا إلى أبي عبد الله ذكرنا ذلك له ، وسألناه الدعاء له ، ففعل ، قال بكر : فرأيت الرجل حيث عرض له ورأيته حيث أفاق .

    - مجالس المفيد * أمالي الطوسي : المفيد ، عن الصدوق ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي القاسم ، عن البرقي ، عن أبيه قال : حدثني من سمع حنان بن سدير يقول : سمعت أبي سدير الصيرفي يقول : رأيت رسول الله صلى الله عليه و آله فيما يرى النائم ، وبين يديه طبق مغطى بمنديل ، فدنوت منه وسلمت عليه ، فرد السلام ، ثم كشف المنديل عن الطبق فإذا فيه رطب فجعل يأكل منه ، فدنوت منه فقلت : يا رسول الله ناولني رطبة ، فناولني واحدة فأكلتها ثم قلت : يا رسول الله ناولني أخرى فناولنيها فأكلتها ، وجعلت كلما أكلت واحدة سألته أخرى ، حتى أعطاني ثماني رطبات فأكلتها ، ثم طلبت منه أخرى فقال لي : حسبك ! قال : فانتبهت من منامي ، فلما كان من الغد ، دخلت على جعفر بن محمد الصادق ع وبين يديه طبق مغطى بمنديل ، كأنه الذي رأيته في المنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه و آله فسلمت عليه ، فرد علي السلام ، ثم كشف عن الطبق فإذا فيه رطب ، فجعل يأكل منه فعجبت لذلك ، فقلت : جعلت فداك ناولني رطبة ، فناولني فأكلتها ، ثم طلبت أخرى فناولني فأكلتها ، وطلبت أخرى حتى أكلت ثماني رطبات ، ثم طلبت منه أخرى فقال لي : لو زادك جدي رسول الله صلى الله عليه و آله لزدناك فأخبرته الخبر فتبسم تبسم عارف بما كان .

    - أمالي الطوسي : المفيد ، عن علي بن بلال ، عن علي بن سليمان ، عن أحمد بن القاسم عن أحمد بن محمد السياري ، عن محمد بن خالد البرقي ، عن سعيد بن مسلم ، عن داود ابن كثير الرقي قال : كنت جالسا عند أبي عبد الله ع إذ قال لي مبتدئا من قبل نفسه : يا داود لقد عرضت علي أعمالكم يوم الخميس فرأيت فيما عرض علي من عملك صلتك لابن عمك فلان ، فسرني ذلك إني علمت أن صلتك له أسرع لفناء عمره وقطع أجله ، قال داود : وكان لي ابن عم معاندا خبيثا بلغني عنه وعن عياله سوء حال فصككت له نفقة قبل خروجي إلى مكة فلما صرت بالمدينة خبرني أبو عبد الله ع بذلك .

    - أمالي الطوسي : أبو القاسم بن شبل ، عن ظفر بن حمدون ، عن إبراهيم بن إسحاق عن ابن أبي عمير ، عن سدير الصيرفي قال : جاءت امرأة إلى أبي عبد الله ع فقالت له : جعلت فداك ، أبي وأمي وأهل بيتي نتولاكم ، فقال لها أبو عبد الله ع : صدقت ، فما الذي تريدين ؟ قالت له المرأة : جعلت فداك يا ابن رسول الله أصابني وضح في عضدي ، فادع الله أن يذهب به عني قال أبو عبد الله ع : اللهم إنك تبرئ الأكمه والأبرص ، وتحيي العظام وهي رميم ، ألبسها من عفوك وعافيتك ما ترى أثر إجابة دعائي فقالت المرأة : والله لقد قمت ، وما بي منه قليل ولا كثير .




    معجزاته و معالي أموره و غرائب

    إرجاعه روح الشامي إليه بعد موته


    1 - أمالي الطوسي : ابن شبل ، عن ظفر بن حمدون ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن محمد ابن سليمان ، عن أبيه قال : كان رجل من أهل الشام يختلف إلى أبي جعفر وكان مركزه بالمدينة ، يختلف إلى مجلس أبي جعفر يقول له : يا محمد ألا تري أني إنما أغشى مجلسك حياء مني منك ولا أقول إن أحدا في الأرض أبغض إلي منكم أهل البيت ، وأعلم أن طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة أمير المؤمنين في بغضكم ولكن أراك رجلا فصيحا لك أدب وحسن لفظ ، فإنما اختلافي إليك لحسن أدبك وكان أبو جعفر يقول له خيرا ويقول : لن تخفى على الله خافية ، فلم يلبث الشامي إلا قليلا حتى مرض واشتد وجعه فلما ثقل دعا وليه وقال له : إذا أنت مددت علي الثوب فائت محمد بن علي وسله أن يصلي علي ، وأعلمه أني أنا الذي أمرتك بذلك ، قال : فلما أن كان في نصف الليل ظنوا أنه قد برد وسجوه ، فلما أن أصبح الناس خرج وليه إلى المسجد ، فلما أن صلى محمد بن علي وتورك وكان إذا صلى عقب في مجلسه ، قال له : يا أبا جعفر إن فلان الشامي قد هلك وهو يسألك أن تصلي عليه ، فقال أبو جعفر : كلا إن بلاد الشام بلاد صرد والحجاز بلاد حر ولهبها شديد ، فانطلق فلا تعجلن على صاحبك حتى آتيكم ، ثم قام من مجلسه فأخذ وضوءا ثم عاد فصلى ركعتين ، ثم مد يده تلقاء وجهه ما شاء الله ، ثم خر ساجدا حتى طلعت الشمس ، ثم نهض فانتهى إلى منزل الشامي فدخل عليه فدعاه فأجابه ، ثم أجلسه وأسنده ودعا له بسويق فسقاه وقال لأهله : املؤا جوفه وبردوا صدره بالطعام البارد ، ثم انصرف ع فلم يلبث إلا قليلا حتى عوفي الشامي فأتى أبا جعفر ، فقال : أخلني فأخلاه فقال : أشهد أنك حجة الله على خلقه ، وبابه الذي يؤتي منه فمن أتى من غيرك خاب وخسر وضل ضلالا بعيدا قال له أبو جعفر : وما بدا لك ؟ قال : أشهد أني عهدت بروحي وعاينت بعيني فلم يتفاجأني إلا ومناد ينادي ، أسمعه باذني ينادي وما أنا بالنائم : ردوا عليه روحه فقد سألنا ذلك محمد بن علي فقال له أبو جعفر : أما علمت أن الله يحب العبد ويبغض عمله ، ويبغض العبد ويحب عمله ؟ قال : فصار بعد ذلك من أصحاب أبي جعفر .
    2 - بصائر الدرجات : علي بن خالد ، عن ابن يزيد ، عن عباس الوراق ، عن عثمان ابن عيسى ، عن ابن مسكان ، عن ليث المرادي أنه حدثه ، عن سدير بحديث فأتيته فقلت : إن ليثا المرادي حدثني عنك بحديث فقال : وما هو ؟ قلت : جعلت فداك حديث اليماني قال : كنت عند أبي جعفر فمر بنا رجل من أهل اليمن فسأله أبو جعفر عن اليمن ، فأقبل يحدث فقال له أبو جعفر : هل تعرف دار كذا وكذا ؟ قال : نعم ورأيتها قال : فقال له أبو جعفر : هل تعرف صخرة عندها في موضع كذا وكذا ؟ قال : نعم ورأيتها فقال الرجل : ما رأيت رجلا أعرف بالبلاد منك ، فلما قام الرجل قال لي أبو جعفر : يا أبا الفضل تلك الصخرة التي غضب موسى فألقى الألواح فما ذهب من التوراة التقمته الصخرة فلما بعث الله رسوله أدته إليه وهي عندنا .

    3 - بصائر الدرجات : الحسن بن علي بن عبد الله ، عن ابن فضال ، عن داود بن أبي يزيد عن بعض أصحابنا ، عن عمر بن حنظلة قال : قلت لأبي جعفر : إني أظن أن لي عندك منزلة ؟ قال : أجل قال : قلت : فإن لي إليك حاجة قال : وما هي ؟ قلت : تعلمني الاسم الأعظم قال : وتطيقه ؟ قلت : نعم ، قال : فادخل البيت قال : فدخل البيت فوضع أبو جعفر يده على الأرض فأظلم البيت ، فأرعدت فرائص عمر فقال : ما تقول أعلمك ؟ فقال : لا ، قال : فرفع يده فرجع البيت كما كان .

    4 - بصائر الدرجات : محمد بن عيسى ، عن حماد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار ، عن أبي بصير قال : قدم بعض أصحاب أبي جعفر فقال لي : لا ترى والله أبا جعفر أبدا قال : فلقفت صكا فأشهدت شهودا في الكتاب في غير إبان الحج ، ثم إني خرجت إلى المدينة فاستأذنت على أبي جعفر فلما نظر إلي قال : يا أبا بصير ما فعل الصك ؟ قال : قلت : جعلت فداك إن فلانا قال لي : والله لا ترى أبا جعفر أبدا .

    بيان : لقفه تناوله بسرعة .

    5 - بصائر الدرجات : ابن يزيد ، عن الوشاء ، عن عبد الله ، عن موسى بن بكر ، عن عبد الله بن عطا المكي ، قال : اشتقت إلى أبي جعفر وأنا بمكة فقدمت المدينة ، وما قدمتها إلا شوقا إليه فأصابني تلك الليلة مطر وبرد شديد ، فانتهيت إلى بابه نصف الليل فقلت : ما أطرقه هذه الساعة ، وأنتظر حتى أصبح ، فاني لأفكر في ذلك إذ سمعته يقول : يا جارية افتحي الباب لابن عطا ، فقد أصابه في هذه الليلة برد وأذى ، قال : فجاءت ففتحت الباب فدخلت عليه .

    6 - بصائر الدرجات : عبد الله ، عن أحمد بن الحسين ، عن أحمد بن إبراهيم ، عن علي ابن حسان ، عن عبد الرحمان بن كثير ، عن أبي عبد الله قال : نزل أبو جعفر بواد فضرب خباه ، ثم خرج أبو جعفر بشئ حتى انتهى إلى النخلة فحمد الله عندها بمحامد لم أسمع بمثلها ثم قال : أيتها النخلة أطعمينا مما جعل الله فيك ، قال : فتساقط رطب أحمر وأصفر ، فأكل ومعه أبو أمية الأنصاري ، فأكل منه ، فقال : هذه الآية فينا كالآية في مريم إذ هزت إليها بجذع النخلة فتساقط عليها رطبا جنيا .

    7 - بصائر الدرجات : محمد بن أحمد ، عن أحمد بن هلال ، ومحمد بن الحسين ، عن الحسن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن أبي كهمس ، عن عبد الله بن عطا قال : دخلت إلى مكة في الليل ففرغت من طوافي وسعيي ، وبقي علي ليل فقلت : أمضي إلى أبي جعفر فأتحدث عنده بقية ليلي فجئت إلى الباب فقرعته فسمعت أبا جعفر يقول : إن كان عبد الله بن عطا فأدخله ، قال : من هذا ؟ قلت : عبد الله بن عطا قال : ادخل .

    8 - بصائر الدرجات : أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن مثنى الحناط ، عن أبي بصير قال : دخلت على أبي عبد الله وأبي جعفر فقلت لهما : أنتما ورثة رسول الله قال : نعم ، قلت : فرسول الله وسلم وارث الأنبياء علم كلما علموا ؟ فقال لي : نعم ، فقلت : أنتم تقدرون على أن تحيوا الموتى ؟ وتبرؤا الأكمه والأبرص ؟ فقال لي : نعم بإذن الله ثم قال : ادن مني يا أبا محمد ، فمسح يده على عيني ووجهي فأبصرت الشمس والسماء والأرض والبيوت ، وكل شئ في الدار ، قال : أتحب أن تكون هكذا ولك ما للناس ، و عليك ما عليهم يوم القيامة ، أو تعود كما كنت ولك الجنة خالصا ؟ قلت : أعود كما كنت قال : فمسح على عيني فعدت كما كنت . قال علي : فحدثت به ابن أبي عمير فقال : أشهد أن هذا حق كما أن النهار حق .

    9 - بصائر الدرجات : إبراهيم بن هاشم ، عن علي بن معبد يرفعه قال : دخلت حبابة الوالبية على أبي جعفر محمد بن علي قال : يا حبابة ما الذي أبطأ بك ؟ قالت : قلت : بياض عرض في مفرق رأسي ، كثرت له همومي فقال : يا حبابة أرينيه قالت : فدنوت منه ، فوضع يده في مفرق رأسي ثم قال : أئتوا لها بالمرأة فاتيت بالمرآة فنظرت فإذا شعر مفرق رأسي قد اسود ، فسررت بذلك وسر أبو جعفر بسروري .



    علمه بمنطق الورشان وزوجته

    1 - بصائر الدرجات : أحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن علي ، عن علي بن محمد الحناط ، عن عاصم ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر قال : كنت عنده يوما إذ وقع عليه زوج ورشان فهدلا هديلهما فرد عليهما أبو جعفر كلامهما ساعة ، ثم نهضا فلما صارا على الحائط هدل الذكر على الأنثى ساعة ثم نهضا فقلت : جعلت فداك ما حال الطير ؟ فقال : يا ابن مسلم كل شئ خلقه الله من طير أو بهيمة أو شئ فيه روح ، هو أسمع لنا وأطوع من ابن آدم ، إن هذا الورشان ظن بأنثاه ظن السوء فحلفت له ما فعلت فلم يقبل ، فقالت : ترضى بمحمد بن علي ؟ فرضيا بي وأخبرته أنه لها ظالم فصدقها .
    2 - مناقب ابن شهرآشوب : عن محمد بن مسلم مثله .

    بيان : قال الفيروزآبادي : الهديل صوت الحمام أو خاص بوحشيها هدل يهدل .

    3 - بصائر الدرجات : أحمد بن الحسين ، عن أحمد بن إبراهيم ، عن علي بن حسان عن عبد الرحمان بن كثير ، عن أبي عبد الله قال مر أبو جعفر بالهجين ومعه أبو أمية الأنصاري زميله في محمله ، قال : فبينا هو كذلك إذا نظر إلى ورشان في جانب المحمل معه فرفع أبو أمية يده ليذبه عنه فقال : يا أبا أمية إن هذا طائر جاء يستجير بأهل البيت وإني دعوت الله فانصرفت عنه حية كانت تأتيه كل سنة فتأكل فراخه .


    علمه بمنطق الذب الذي شكا إليه عسر ولادة زوجته

    - الاختصاص بصائر الدرجات : محمد بن الحسين ، عن موسى بن سعدان ، عن عبد الله ابن القاسم ، عن هشام الجواليقي ، عن محمد بن مسلم قال : كنت مع أبي جعفر بين مكة والمدينة وأنا أسير على حمار لي وهو على بغلته إذ أقبل ذئب من رأس الجبل حتى انتهى إلى أبي جعفر ، فحبس البغلة ودنا الذئب حتى وضع يده على قربوس السرج ومد عنقه إلى اذنه ، وأدنى أبو جعفر اذنه منه ساعة ، ثم قال : امض ، فقد فعلت ، فرجع مهرولا ، قال : قلت : جعلت فداك لقد رأيت عجبا قال : وتدري ما قلت ؟ قال : قلت : الله ورسوله وابن رسوله أعلم قال : إنه قال لي : يا ابن رسول الله إن زوجتي في ذاك الجبل وقد تعسر عليها ولادتها فادع الله أن يخلصها ولا يسلط أحدا من نسلي على أحد من شيعتكم ، قلت : فقد فعلت .
    - مناقب ابن شهرآشوب : عن محمد بن مسلم مثله ، ثم قال : وقد روى الحسن بن علي بن أبي حمزة في الدلالات هذا الخبر عن الصادق وزاد فيه أنه مر وسكن في ضيعته شهرا ، فلما رجع فإذا هو بالذئب وزوجته وجرو عووا في وجه الصادق فأجابهم بمثل عوائهم بكلام يشبهه ، ثم قال لنا : قد ولد له جرو ذكر ، وكانوا يدعون الله لي ولكم بحسن الصحابة ، ودعوت لهم بمثل ما دعوا لي وأمرتهم أن لا يؤذوا لي وليا ولا لأهل بيتي ففعلوا وضمنوا لي ذلك .

    بيان : الجرو : صغير كل شئ ، وولد الكلب ، والأسد .

    - الاختصاص * بصائر الدرجات : الحسن بن محمد بن سلمة ، عن محمد بن المثنى عن أبيه ، عن عثمان بن زيد ، عن جابر ، عن أبي جعفر قال : دخلت عليه فشكوت إليه الحاجة قال فقال : يا جابر ما عندنا درهم ، فلم ألبث أن دخل عليه الكميت فقال له : جعلت فداك إن رأيت أن تأذن لي حتى أنشدك قصيدة ؟ قال : فقال أنشد ، فأنشده قصيدة فقال : يا غلام أخرج من ذاك البيت بدرة فادفعها إلى الكميت قال : فقال له : جعلت فداك إن رأيت أن تأذن لي أنشدك قصيدة أخرى قال : أنشد فأنشده أخرى ، فقال : يا غلام أخرج من ذلك البيت بدرة فادفعها إلى الكميت قال : فأخرج بدرة فدفعها إليه ، قال : فقال له : جعلت فداك إن رأيت أن تأذن لي أنشدك ثالثة ، قال له : أنشد [ فأنشد ] فقال : يا غلام أخرج من ذلك البيت بدرة فادفعها إليه قال : فأخرج بدرة فدفعها إليه ، فقال الكميت : جعلت فداك والله ما أحبكم لغرض الدنيا ، وما أردت بذلك إلا صلة رسول الله وما أوجب الله علي من الحق ، قال : فدعا له أبو جعفر ، ثم قال : يا غلام ردها مكانها قال : فوجدت في نفسي وقلت : قال : ليس عندي درهم ، وأمر للكميت بثلاثين ألف درهم قال : فقام الكميت وخرج ، قلت له : جعلت فداك قلت : ليس عندي درهم ، وأمرت للكميت بثلاثين ألف درهم ! ! فقال لي : يا جابر قم وادخل البيت ، قال : فقمت ودخلت البيت فلم أجد منه شيئا قال : فخرجت إليه فقال لي : يا جابر ما سترنا عنكم أكثر مما أظهرنا لكم ، فقام وأخذ بيدي وأدخلني البيت ثم قال : وضرب برجله الأرض فإذا شبيه بعنق البعير قد خرجت من ذهب ، ثم قال لي : يا جابر انظر إلى هذا ولا تخبر به أحدا إلا من تثق به من إخوانك إن الله أقدرنا على ما نريد ، ولو شئنا أن نسوق الأرض بأزمتها لسقناها .



    ثلاث البدر التي أخرجت لكميت ولم يكن في البيت شيء

    - بصائر الدرجات : أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبيه ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، قال : سمعت أبا جعفر يقول : إن بالمدينة رجلا قد أتى المكان الذي به ابن آدم فرآه معقولا ، معه عشرة موكلين به ، يستقبلون به الشمس حيث ما دارت في الصيف ، يوقدون حوله النار ، فإذا كان الشتاء صبوا عليه الماء البارد كلما هلك رجل من العشرة أقام أهل القرية رجلا فيجعلونه مكانه ، فقال : يا عبد الله ما قصتك ؟ ولأي شئ ابتليت بهذا ؟ فقال : لقد سألتني عن مسألة ما سألني عنها أحد قبلك ، إنك لأحمق الناس ، أو أكيس الناس ، قال : فقلت لأبي جعفر : أيعذب في الآخرة ؟ قال : فقال : ويجمع الله عليه عذاب الدنيا وعذاب الآخرة .
    بيان : حكمه بأحد الامرين لان السؤال عن غرائب الأمور قد يكون لغاية الكياسة ، وقد يكون لنهاية الحماقة .

    - الاختصاص : الحجال ، عن اللؤلؤي ، عن ابن سنان ، عن ابن مسكان ، عن سدير قال : قال أبو جعفر : يا أبا الفضل إني لأعرف رجلا من أهل المدينة أخذ قبل مطلع الشمس وقبل مغربها إلى البقية الذين قال الله " ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون " لمشاجرة كانت فيما بينهم فأصلح فيما بينهم و رجع ولم يقعد ، فمر بنطفكم فشرب منه ومر على بابك فدق عليك حلقة بابك ثم رجع إلى منزله ولم يقعد .

    - الاختصاص * بصائر الدرجات : علي بن إسماعيل ، عن محمد بن عمرو الزيات ، عن أبيه عن ابن مسكان ، عن سدير الصيرفي قال : سمعت أبا جعفر يقول : إني لا عرف رجلا من أهل المدينة أخذ قبل انطباق الأرض إلى الفئة التي قال الله في كتابه " ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون " لمشاجرة كانت فيما بينهم ، وأصلح بينهم ، ورجع ولم يقعد ، فمر بنطفكم فشرب منها يعني الفرات ، ثم مر عليك يا أبا الفضل يقرع عليك بابك ، ومر برجل عليه مسوح معقل به عشرة موكلون ، يستقبل في الصيف عين الشمس ، ويوقد حوله النيران ، ويدورون به حذاء الشمس حيث دارت ، كلما مات من العشرة واحد أضاف إليه أهل القرية واحدا الناس يموتون والعشرة لا ينقصون ، فمر به رجل فقال : ما قصتك ؟ قال له الرجل : إن كنت عالما فما أعرفك بأمري ، ويقال : إنه ابن آدم القاتل . وقال محمد بن مسلم وكان الرجل محمد بن علي .

    بيان : قبل انطباق الأرض : أي عند انطباق بعض طبقات الأرض على بعض ليسرع السير أو نحو انطباقها أو بسبب ذلك وقال الفيروزآبادي : النطفة بالضم الماء الصافي قل أو كثر والجمع نطاف ونطف ، والنطفتان في الحديث بحر المشرق والمغرب أو ماء الفرات وماء بحر جدة أو بحر الروم أو بحر الصين انتهى والمسح بكسر الميم البلاس والجمع المسوح .

    - الاختصاص * بصائر الدرجات : محمد بن الحسين ، عن البزنطي ، عن عبد الكريم ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر قال : جاء أعرابي حتى قام على باب المسجد فتوسم فرأى أبا جعفر ، فعقل ناقته ودخل وجثى على ركبتيه وعليه شملة ، فقال أبو جعفر : من أين جئت يا أعرابي ؟ قال : جئت من أقصى البلدان قال أبو جعفر : البلدان أوسع من ذاك ، فمن أين جئت ؟ قال : جئت من الأحقاف أحقاف عاد ، قال : نعم فرأيت ثمة سدرة إذا مر التجار بها استظلوا بفيئها ؟ قال : وما علمك جعلني الله فداك ؟ قال : هو عندنا في كتاب وأي شئ رأيت أيضا ؟ قال : رأيت واديا مظلما فيه الهام والبوم لا يبصر قعره ، قال : وتدري ما ذاك الوادي قال : لا والله ما أدري ، قال : ذاك برهوت فيه نسمة كل كافر ، ثم قال : أين بلغت ؟ قال : فقطع بالأعرابي ، فقال : بلغت قوما جلوسا في مجالسهم ، ليس لهم طعام ولا شراب ، إلا ألبان أغنامهم فهي طعامهم وشرابهم ، ثم نظر إلى السماء فقال : اللهم العنه ، فقال له جلساؤه : من هو جعلنا فداك ؟ قال : هو قابيل يعذب بحر الشمس وزمهرير البرد ، ثم جاءه رجل آخر ، فقال له : رأيت جعفرا ؟ فقال الأعرابي : ومن جعفر هذا الذي يسأل عنه ؟ قالوا : ابنه قال : سبحان الله وما أعجب هذا الرجل يخبرنا عن خبر السماء ولا يدري أين ابنه ! ؟ بيان : البلدان أوسع من ذاك : أي هي أكثر من أن تأتي من أقصاه أو من أن يعين ويعرف بذلك ، والهام طائر من طير الليل وهو الصدى ، قوله : فيه نسمة كل كافر أي يعذب فيها أرواحهم وسيأتي بيانها في كتاب الجنائز ، وقوله : فقطع الأعرابي على المجهول أي بهت وسكت ، أو بالمعلوم أي قطع ع كلامه وعلى التقديرين فاعل قال بعد ذلك هو أبو جعفر ع وبلغت بصيغة الخطاب وإنما سأل عن هذا القوم ليبين أن ابن آدم يعذب في قريتهم ، ولذا قال بعد ذلك : اللهم العنه .

    - الخرائج : روي عن أبي بصير قال : دخلت المسجد مع أبي جعفر والناس يدخلون ويخرجون فقال لي : سل الناس هل يرونني ؟ فكل من لقيته قلت له : أرأيت أبا جعفر ؟ يقول : لا ، وهو واقف حتى دخل أبو هارون المكفوف ، قال : سل هذا ، فقلت : هل رأيت أبا جعفر ؟ فقال : أليس هو بقائم ، قال : وما علمك ؟ قال : وكيف لا أعلم وهو نور ساطع ، قال : وسمعت يقول لرجل من أهل الإفريقية : ما حال راشد ؟ قال : خلفته حيا صالحا يقرئك السلام قال : رحمه الله قال : مات ؟ قال : نعم قال : متى ؟ قال : بعد خروجك بيومين ، قال : والله ما مرض ولا كان به علة ! قال : وإنما يموت من يموت من مرض وعلة ، قلت : من الرجل ؟ قال : رجل لنا موال ولنا محب ثم قال : أترون أن ليس لنا معكم أعين ناظرة ، وأسماع سامعة ، بئس ما رأيتم ، والله لا يخفى علينا شئ من أعمالكم ، فاحضرونا جميعا و عودوا أنفسكم الخير ، وكونوا من أهله تعرفوا فإني بهذا آمر ولدي وشيعتي .

    بيان : فاحضرونا جميعا أي اعلموا أنا جميعا حاضرون عندكم بالعلم أو أحضروا لدينا فعلى الأول على صيغة الأفعال وعلى الثاني على بناء المجرد .


    حد الإمام وأنه يعلم أسماء شيعته وأسماء أبائهم وقبائلهم

    - الخرائج : روي عن الحلبي عن الصادق قال : دخل الناس على أبي قالوا : ما حد الامام ؟ قال : حده عظيم ، إذا دخلتم عليه فوقروه وعظموه وآمنوا بما جاء به من شئ ، وعليه أن يهديكم ، وفيه خصلة إذا دخلتم عليه لم يقدر أحد أن يملا عينه منه إجلالا وهيبة لان رسول الله كذلك كان ، وكذلك يكون الامام ، قال : فيعرف شيعته ؟ قال : نعم ساعة يراهم ، قالوا : فنحن لك شيعة ؟ قال : نعم كلكم قالوا : أخبرنا بعلامة ذلك قال : أخبركم بأسمائكم وأسماء آباءكم وقبائلكم ؟ قالوا : أخبرنا ، فأخبرهم ، قالوا : صدقت ، [ قال : ] وأخبركم عما أردتم أن تسألوا عنه في قوله تعالى " كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء " نحن نعطي شيعتنا من نشاء من علمنا ، ثم قال : يقنعكم ؟ قالوا : في دون هذا نقنع .
    بيان : قوله : في قوله تعالى ، بيان لما أضمروا أن يسألوا عنه وقوله : نحن نعطي تفسير للآية أي إنما عنانا بالشجرة وإيتاء الأكل كناية عن إفاضة العلم كما مر في كتاب الإمامة .

    ويحتمل أن يكون المراد أن الله تعالى أخبر عن حالنا هذه في تلك الآية فلم يخبر بضميرهم أو أخبر ولم يذكر والأول أظهر ، ويؤيده بل يعينه ما سيأتي نقلا عن المناقب .


    قصة رجل شامي الذي أخفى ماله من ولده

    - الخرائج : روى أبو عتيبة قال : كنت عند أبي جعفر فدخل رجل فقال : أنا من أهل الشام أتولاكم وأبرأ من عدوكم ، وأبي كان يتولى بني أمية وكان له مال كثير ، ولم يكن له ولد غيري وكان مسكنه بالرملة وكان له جنينة يتخلى فيها بنفسه ، فلما مات طلبت المال فلم أظفر به ، ولا أشك أنه دفنه وأخفاه مني قال أبو جعفر : أفتحب أن تراه وتسأله أين موضع ماله ؟ قال : إي والله إني لفقير محتاج ، فكتب أبو جعفر كتابا وختمه بخاتمه ، ثم قال : انطلق بهذا الكتاب الليلة إلى البقيع حتى تتوسطه ، ثم تنادي : يا درجان يا درجان ، فإنه يأتيك رجل معتم فادفع إليه كتابي ، وقل : أنا رسول محمد بن علي بن الحسين فإنه يأتيك فاسئله عما بدا لك ، فأخذ الرجل الكتاب وانطلق . قال أبو عتيبة : فلما كان من الغد أتيت أبا جعفر لأنظر ما حال الرجل فإذا هو على الباب ينتظر أن يؤذن له ، فأذن له فدخلنا جميعا فقال الرجل : الله يعلم عند من يضع العلم ، قد انطلقت البارحة ، وفعلت ما أمرت ، فأتاني الرجل فقال : لا تبرح من موضعك حتى آتيك به ، فأتاني برجل أسود فقال : هذا أبوك قلت : ما هو أبي قال : غيره اللهب ودخان الجحيم والعذاب الأليم ، قلت : أنت أبي ؟ قال : نعم ، قلت : فما غيرك عن صورتك وهيئتك ؟ قال : يا بني كنت أتولى بني أمية وأفضلهم على أهل بيت النبي بعد النبي فعذبني الله بذلك ، وكنت أنت تتولاهم ، وكنت أبغضتك على ذلك وحرمتك مالي فزويته عنك ، وأنا اليوم على ذلك من النادمين فانطلق يا بني إلى جنتي فاحفر تحت الزيتونة وخذ المال مائة ألف درهم ، فادفع إلى محمد بن علي عليهما السلام خمسين ألفا والباقي لك ، ثم قال : وأنا منطلق حتى آخذ المال وآتيك بمالك ، قال أبو عتيبة : فلما كان من قابل سألت أبا جعفر ما فعل الرجل صاحب المال ؟ قال : قد أتاني بخمسين ألف درهم ، فقضيت منها دينا كان علي ، وابتعت منها أرضا بناحية خبير ، ووصلت منها أهل الحاجة من أهل بيتي .
    بيان : جنينة أي مال يستره عني قال الفيروزآبادي : الجنين كل مستور وفي بعض النسخ جنة وهو أظهر أي كان يتخلى في جنته وقد ظن أنه كان لدفن المال وعلى الأول يحتمل أن يكون تصغير الجنة .

    - الخرائج : روي عن عبد الله بن معاوية الجعفري قال : سأحدثكم بما سمعته أذناي ورأته عيناي من أبي جعفر أنه كان على المدينة رجل من آل مروان وإنه أرسل إلي يوما فأتيته وما عنده أحد من الناس ، فقال : يا معاوية إنما دعوتك لثقتي بك ، وإني قد علمت أنه لا يبلغ عني غيرك ، فأجبت أن تلقى عميك محمد بن علي وزيد بن الحسن وتقول لهما : يقول لكما الأمير لتكفان عما يبلغني عنكما ، أو لتنكران ، فخرجت متوجها إلى أبي جعفر فاستقبلته متوجها إلى المسجد فلما دنوت منه تبسم ضاحكا فقال : بعث إليك هذا الطاغية ودعاك و قال : الق عميك فقل لهما كذا ؟ فقال : أخبرني أبو جعفر بمقالته كأنه كان حاضرا ثم قال : يا ابن عم قد كفينا أمره بعد غد ، فإنه معزول ومنفي إلى بلاد مصر والله ما أنا بساحر ولا كاهن ، ولكني اتيت وحدثت ، قال : فوالله ما أتى عليه اليوم الثاني حتى ورد عليه عزله ونفيه إلى مصر وولى المدينة غيره .

    بيان : لتنكران ، من أنكره إذا لم يعرفه ، كناية عن ايذائهما وعدم عرفان حقهما وشرفهما ، أو بمعنى المناكرة بمعنى المحاربة ، والأظهر لتنكلان من التنكيل بمعنى التعذيب قوله : اتيت على المجهول أي أتاني الخبر من عند الله أو من آبائي بذلك .

  7. #7
    صديق مؤسس
    صاحبة الامتياز
    معجزاته و معالي أموره و غرائب

    إخباره أبا بصير بما قاله للمرأة التي كانت تقرأ القرآن عنده

    - الخرائج روي عن أبي بصير قال : كنت اقرئ امرأة القرآن بالكوفة فمازحتها بشئ ، فلما دخلت على أبي جعفر عاتبني وقال : من ارتكب الذنب في الخلاء لم يعبأ الله به ، أي شئ قلت للمرأة ؟ فغطيت وجهي حياء وتبت فقال أبو جعفر : لا تعد .


    قصة رجل خراساني مات أبوه وقتل أخوه

    - الخرائج : روى أبو بصير ، عن أبي جعفر قال لرجل من أهل خراسان : كيف أبوك ؟ قال : صالح ، قال : قد مات أبوك بعد ما خرجت حيث سرت إلى جرجان ، ثم قال : كيف أخوك ؟ قال : تركته صالحا قال : قد قتله جار له يقال له صالح يوم كذا في ساعة كذا ، فبكى الرجل وقال : إنا لله وإنا إليه راجعون بما أصبت ، فقال أبو جعفر : أسكن فقد صاروا إلى الجنة والجنة خير لهم مما كانوا فيه فقال له الرجل : إني خلفت ابني وجعا شديد الوجع ولم تسألني عنه قال : قد برأ وقد زوجه عمه ابنته وأنت تقدم عليه وقد ولد له غلام واسمه علي وهو لنا شيعة وأما ابنك فليس لنا شيعة بل هو لنا عدو ، فقال له الرجل : فهل من حيلة ؟ قال : إنه عدو وهو وقيد ، قلت : من هذا ؟ قال : رجل من أهل خرسان وهو لنا شيعة وهو مؤمن .
    بيان : الوقيد بالدال المهملة الحطب ولعل المراد أنه حطب جهنم ، ويحتمل أن يكون بالمعجمة قال الفيروزآبادي : الوقيذ السريع والبطئ والثقيل ، و الشديد المرض المشرف انتهى ، فالمعنى أنه سيصرع أو هو بطئ عن الخير ، أو أنه شديد المرض ، ولا ينافيه اخباره ببرئه من المرض السابق .

    - الخرائج : روى جابر الجعفي ، قال : خرجت مع أبي جعفر إلى الحج وأنا زميله ، إذ أقبل ورشان فوقع على عضادتي محمله فترنم ، فذهبت لآخذه فصاح بي : مه يا جابر فإنه استجار بنا أهل البيت ، فقلت : وما الذي شكا إليك ؟ فقال : شكا إلي أنه يفرخ في هذا الجبل منذ ثلاث سنين وأن حية تأتيه فتأكل فراخه ، فسألني أن أدعو الله عليها ليقتلها ، ففعلت وقد قتلها الله ، ثم سرنا حتى إذا كان وجه السحر قال لي : انزل يا جابر ، فنزلت فأخذت بخطام الجمل ونزل فتنحى عن الطريق ، ثم عمد إلى روضة من الأرض ذات رمل فأقبل فكشف الرمل يمنة ويسرة وهو يقول " اللهم اسقنا وطهرنا " إذ بدا حجر أبيض بين الرمل فاقتلعه فنبع له عين ماء أبيض صاف فتوضأ وشربنا منه .

    ثم ارتحلنا فأصبحنا دون قرية ونخل فعمد أبو جعفر إلى نخلة يابسة فيها فدنا منها وقال : أيتها النخلة أطعمينا مما خلق الله فيك ، فلقد رأيت النخلة تنحني حتى جعلنا نتناول من ثمرها ونأكل ، وإذا أعرابي يقول : ما رأيت ساحرا كاليوم فقال أبو جعفر : يا أعرابي لا تكذبن علينا أهل البيت فإنه ليس منا ساحر ولا كاهن ولكن علمنا أسماء من أسماء الله تعالى فنسأل بها فنعطي وندعو فنجاب .

    بيان : وجه السحر أي أوله أو قريبا منه ، فإن الوجه مستقبل كل شئ .

    - الخرائج : روي عن عباد بن كثير البصري ، قال : قلت للباقر : ما حق المؤمن على الله ؟ فصرف وجهه فسألته عنه ثلاثا ، فقال : من حق المؤمن على الله أن لو قال لتلك النخلة أقبلي لأقبلت ، قال عباد : فنظرت والله إلى النخلة التي كانت هناك قد تحركت مقبلة فأشار إليها قري فلم أعنك .

    - الخرائج : روي عن أبي الصباح الكناني قال : صرت يوما إلى باب أبي جعفر فقرعت الباب فخرجت إلي وصيفة ناهد فضربت بيدي على رأس ثديها ، فقلت لها : قولي لمولاك إني بالباب ، فصاح من آخر الدار ادخل لا أم لك ، فدخلت وقلت : والله ما أردت ريبة ولا قصدت إلا زيادة في يقيني ، فقال : صدقت لئن ظننتم أن هذه الجدران تحجب أبصارنا كما تحجب أبصاركم إذا لا فرق بيننا وبينكم ، فإياك أن تعاود لمثلها .

    بيان : نهدت المرأة : كعب ثديها .



    إخباره أبا جعفر الدوانيقي أن الأمر يصير إليه

    - الخرائج : روي عن أبي بصير قال : كنت مع الباقر في مسجد رسول - الله قاعدا حدثان ما مات علي بن الحسين إذ دخل الدوانيقي وداود بن سليمان قبل أن أفضى الملك إلى ولد ، وما قعد إلى الباقر إلا داود فقال الباقر : ما منع الدوانيقي أن يأتي ؟ قال : فيه جفاء ، قال الباقر : لا تذهب الأيام حتى يلي أمر هذا الخلق ويطأ أعناق الرجال ، ويملك شرقها وغربها ويطول عمره فيها حتى يجمع من كنوز الأموال ما لم يجتمع لاحد قبله ، فقام داود وأخبر الدوانيقي بذلك فأقبل إليه الدوانيقي وقال : ما منعني من الجلوس إليك إلا إجلالك فما الذي خبرني به داود ؟ فقال : هو كائن ، قال : وملكنا قبل ملككم ؟ قال : نعم : قال : يملك بعدي أحد من ولدي ؟ قال : نعم ، قال : فمدة بني أمية أكثر أم مدتنا ؟ قال : مدتكم أطول وليتلقفن هذا الملك صبيانكم ويلعبون به كما يلعبون بالكرة ، هذا ما عهده إلي أبي ، فلما ملك الدوانيقي تعجب من قول الباقر .
    بيان : الجفا : البعد عن الآداب ، ووطئ أعناق الرجال ، كناية عن شدة استيلائه على الخلق وتمكنه من الناس .

    - الخرائج : روي عن أبي بصير قال : قلت يوما للباقر : أنتم ذرية رسول الله ؟ قال : نعم ، قلت : ورسول الله وارث الأنبياء كلهم ؟ قال : نعم ورث جميع علومهم قلت : وأنتم ورثتم جميع علم رسول الله ؟ قال : نعم ، قلت : وأنتم تقدرون أن تحيوا الموتى وتبرؤ الأكمه والأبرص وتخبروا الناس بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم ؟ قال : نعم بإذن الله ، ثم قال : ادن مني يا أبا بصير فدنوت منه فمسح يده على وجهي فأبصرت السهل والجبل والسماء والأرض ، ثم مسح يده على وجهي فعدت كما كنت لا أبصر شيئا ، قال : ثم قال لي : الباقر : إن أحببت أن تكون هكذا كما أبصرت وحسابك على الله ، وإن أحببت أن تكون كما كنت وثوابك الجنة ، فقلت : كما كنت والجنة أحب إلي .

    - الخرائج : روي عن جابر قال : كنا عند الباقر نحوا من خمسين رجلا إذ دخل عليه كثير النوا وكان من المغيرية فسلم وجلس ، ثم قال : إن المغيرة بن عمران عندنا بالكوفة يزعم أن معك ملكا يعرفك الكافر من المؤمن ، وشيعتك من أعدائك ، قال : ما حرفتك ؟ قال : أبيع الحنطة ، قال : كذبت .

    قال : وربما أبيع الشعير ، قال : ليس كما قلت : بل تبيع النوا قال : من أخبرك بهذا ؟ قال : الملك الذي يعرفني شيعتي من عدوي ، لست تموت إلا تائها . قال جابر الجعفي : فلما انصرفنا إلى الكوفة ذهبت في جماعة نسأل فدللنا على عجوز ، فقالت : مات تائها منذ ثلاثة أيام .

    بيان : المغيرية أصحاب المغيرة بن سعيد العجلي الذي ادعى أن الإمامة بعد محمد بن علي بن الحسين لمحمد بن عبد الله بن الحسن وزعم أنه حي لم يمت .

    وقال الشيخ : والكشي إن كثيرا كان من البترية ، وقال البرقي : إنه كان عاميا والظاهر أن المراد بالتائه الذاهب العقل ، ويحتمل أن يكون المراد به التحير في الدين .

    - الخرائج : روى أبو بصير قال : كنت مع الباقر في المسجد إذ دخل عمر بن عبد العزيز عليه ثوبان ممصران متكيا على مولى له ، فقال : ليلين هذا الغلام فيظهر العدل ويعيش أربع سنين ثم يموت فيبكي عليه أهل الأرض ويلعنه أهل السماء ، قال : يجلس في مجلس لا حق له فيه ، ثم ملك وأظهر العدل جهده .

    بيان : قال الجزري الممصرة من الثياب التي فيها صفرة خفيفة ، ومنه الحديث أتى علي طلحة وعليه ممصران .

    - رجال الكشي : حمدويه ، عن أيوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن عاصم ابن حميد ، عن سلام بن سعيد الجمحي ، عن أسلم مولى محمد ابن الحنفية قال : كنت مع أبي جعفر مسندا ظهري إلى زمزم فمر علينا محمد بن عبد الله بن الحسن وهو يطوف بالبيت فقال أبو جعفر : يا أسلم أتعرف هذا الشاب ؟ قلت : نعم هذا محمد بن عبد الله بن الحسن ، قال : أما إنه سيظهر ويقتل في حال مضيعة ، ثم قال : يا أسلم لا تحدث بهذا الحديث أحدا فإنه عندك أمانة ، قال : فحدثت به معروف بن خربوذ وأخذت عليه مثل ما أخذ علي ، قال : وكنا عند أبي جعفر غدوة وعشية أربعة من أهل مكة فسأله معروف فقال : أخبرني عن هذا الحديث الذي حدثنيه فإني أحب أن أسمعه منك ، قال : فالتفت إلى أسلم فقال له : يا أسلم ، فقال له : جعلت فداك إني أخذت عليه مثل الذي أخذته علي قال : فقال أبو جعفر : لو كان الناس كلهم لنا شيعة لكان ثلاثة أرباعهم لنا شكاكا والربع الآخر أحمق .

    - الخرائج : روي عن محمد بن أبي حازم قال : كنت عند أبي جعفر فمر بنا زيد ابن علي فقال أبو جعفر : أما والله ليخرجن بالكوفة وليقتلن وليطافن برأسه ، ثم يؤتى به فينصب على قصبة في هذا الموضع - وأشار إلى الموضع الذي صلب فيه - قال : سمع أذناي به ثم رأت عيني بعد ذلك فبلغنا خروجه وقتله ، ثم مكثنا ما شاء الله فرأينا يطاف برأسه فنصب في ذلك الموضع على قصبة فتعجبنا .

    وفي رواية أن الباقر قال : سيخرج زيد أخي بعد موتي ويدعو الناس إلى نفسه ويخلع جعفرا ابني ولا يلبث إلا ثلاثا حتى يقتل ويصلب ثم يحرق بالنار ويذرى في الريح ويمثل به مثلة ما مثل به أحد قبله .

    بيان : التمثيل التنكيل والتعذيب ، قال الجزري فيه إنه نهى عن المثلة ، يقال : مثلت بالحيوان أمثل به مثلا إذا قطعت أطرافه وشوهت به ، ومثلت بالقتيل إذا جدعت أنفه واذنه أو مذاكيره أو شيئا من أطرافه ، والاسم المثلة ، فاما مثل بالتشديد فهو للمبالغة .

    - الخرائج : روي أنه جعل يحدث أصحابه بأحاديث شداد وقد دخل عليه رجل يقال له : النضر بن قرواش فاغتم أصحابه لمكان الرجل مما يستمع حتى نهض ، فقالوا : قد سمع ما سمع وهو خبيث قال : لو سألتموه عما تكلمت به اليوم ما حفظ منه شيئا ، قال بعضهم : فلقيته بعد ذلك فقلت : الأحاديث الذي سمعتها من أبي جعفر أحب أن أسمعها ، فقال : لا والله ما فهمت منها قليلا ولا كثيرا .

    - مناقب ابن شهرآشوب * الخرائج : روى أبو حمزة ، عن أبي جعفر قال : إني لفي عمرة اعتمرتها فأنا في الحجر جالس إذ نظرت إلى جان قد أقبل من ناحية المشرق حتى دنا من الحجر الأسود فأقبلت ببصري نحوه فوقف طويلا ، ثم طاف بالبيت أسبوعا ثم بدأ بالمقام فقام على ذنبه فصلى ركعتين وذلك عند زوال الشمس ، فبصر به عطاء وأناس معه فأتوني فقالوا : يا أبا جعفر ما رأيت هذا الجان ؟ فقلت : قد رأيته وما صنع ثم قلت لهم : انطلقوا إليه وقولوا له : يقول لك محمد بن علي : إن البيت يحضره أعبد وسودان فهذه ساعة خلوته منهم ، وقد قضيت نسكك ونحن نتخوف عليك منهم فلو خففت وانطلقت قبل أن يأتوا ، قال : فكوم كومة من بطحاء المسجد ثم وضع ذنبه عليها ، ثم مثل في الهواء .

    توضيح : قال الفيروزآبادي : الجان اسم جمع للجن ، وحية أكحل العين لا تؤذي ، كثيرة في الدور .

    وقال : كوم التراب تكويما جعله كومة كومة بالضم أي قطعة قطعة ورفع رأسها .

    وقال : البطحاء والأبطح مسيل واسع فيه دقاق الحصى ، وقال : مثل قام منتصبا كمثل بالضم ، وزال عن موضعه انتهى أي زال عن موضعه مرتفعا في الهواء أو صار في الهواء متمثلا بصورة شخص .

    - الخرائج : روي عن سدير أن كثير النواء دخل على أبي جعفر وقال : زعم المغيرة بن سعيد أن معك ملكا يعرفك المؤمن من الكافر - في الكلام طويل - فلما خرج قال : ما هو إلا خبيث الولادة ، وسمع هذا الكلام جماعة من الكوفة قالوا : ذهبنا حتى نسأل عن كثير فله خبر سوء ، فمضينا إلى الحي الذي هو فيهم ، فدللنا إلى عجوزة صالحة ، فقلنا لها : نسألك عن أبي إسماعيل ، قالت : كثير ؟ فقلنا : نعم ، قالت : تريدون أن تزوجوه ؟ قلنا : نعم ، قالت : لا تفعلوا فإن أمه قد وضعته في ذلك البيت رابع أربعة من الزنا ، وأشارت إلى بيت من بيوت الدار .

    - الخرائج : روي أن جماعة استأذنوا على أبي جعفر قالوا : فلما صرنا في الدهليز إذا قراءة سريانية بصوت حسن يقرأ ويبكي حتى أبكى بعضنا وما نفهم ما يقول فظننا أن عنده بعض أهل الكتاب استقرأه ، فلما انقطع الصوت دخلنا عليه فلم نر عنده أحدا ، قلنا لقد سمعنا قراءة سريانية بصوت حزين ، قال : ذكرت مناجاة إليا النبي فأبكتني .

    - مناقب ابن شهرآشوب * الخرائج : روى أبو بصير عن الصادق قال : كان أبي في مجلس له ذات يوم إذ أطرق رأسه إلى الأرض فمكث فيها مكثا ثم رفع رأسه ، فقال : يا قوم كيف أنتم إن جاءكم رجل يدخل عليكم مدينتكم هذه في أربعة آلاف حتى يستعرضكم بالسيف ثلاثة أيام فيقتل مقاتلتكم وتلقون منه بلاء لا تقدرون أن تدفعوها ، وذلك من قابل فخذوا حذركم ، واعلموا أن الذي قلت هو كائن لابد منه ، فلم يلتفت أهل المدينة إلى كلامه وقالوا : لا يكون هذا أبدا ، ولم يأخذوا حذرهم ، إلا نفر يسير وبنو هاشم ، فخرجوا من المدينة خاصة وذلك أنهم علموا أن كلامه هو الحق فلما كان من قابل تحمل أبو جعفر بعياله وبنو هاشم وجاء نافع بن الأزرق حتى كبس المدينة فقتل مقاتلهم وفضح نساءهم ، فقال أهل المدينة : لا نرد على أبي جعفر شيئا نسمعه منه أبدا بعد ما سمعنا ورأينا ، فإنهم أهل بيت النبوة ، وينطقون بالحق .

    ايضاح : قال الفيروزآبادي عرض القوم على السيف قتلهم ، وقال : استعرضهم : قتلهم ولم يسأل عن حال أحد .

    - الخرائج : روى أبو بصير ، عن أبي جعفر قال : إني لأعرف من لو قام بشاطئ البحر يعرف دواب البحر وأمهاتها وعماتها وخالاتها .

    - الخرائج : روي عن الأسود بن سعيد قال : كنت عند أبي جعفر فقال : ابتداء من غير أن أسأله : نحن حجة الله ، ونحن وجه الله ، ونحن عين الله في خلقه ونحن ولاة أمر الله في عباده ، ثم قال : إن بيننا وبين كل أرض ترا مثل تر البناء فإذا أمرنا في الأرض بأمر أخذنا ذلك التر فأقبلت إلينا الأرض بكليتها و أسواقها وكورها حتى ننفذ فينا من أمر الله ما أمر ، إن الريح كما كانت مسخرة لسليمان فقد سخرها الله لمحمد وآله .

    بيان : التر بالضم خيط البناء ، والكورة بالضم المدينة والصقع ، والجمع كور بضم الكاف وفتح الواو .

    - الخرائج : روي عن محمد بن مسلم قال : قال أبو جعفر : لئن ظننتم أنا لا نراكم ، ولا نسمع كلامكم ، لبئس ما ظننتم ، لو كان كما تظنون أنا لا نعلم ما أنتم فيه وعليه ما كان لنا على الناس فضل ، قلت : أرني بعض ما أستدل به قال : وقع بينك وبين زميلك بالربذة حتى عيرك بنا وبحبنا ومعرفتنا ، قلت : إي والله لقد كان ذلك قال : فتراني قلت باطلاع الله ، ما أنا بساحر ولا كاهن ولا بمجنون لكنها من علم النبوة ، ونحدث بما يكون ، قلت : من الذي يحدثكم بما نحن عليه ؟ قال : أحيانا ينكت في قلوبنا ، ويوقر في آذاننا ، ومع ذلك فإن لنا خدما من الجن مؤمنين وهم لنا شيعة ، وهم لنا أطوع منكم ، قلت : مع كل رجل واحد منهم ؟ قال : نعم ، يخبرنا بجميع ما أنتم فيه وعليه .

    - الخرائج : روى الحسن بن مسلم ، عن أبيه قال : دعاني الباقر إلى طعام فجلست إذ أقبل ورشان منتوف الرأس ، حتى سقط بين يديه ومعه ورشان آخر ، فهدل فرد الباقر بمثل هديله ، فطار ، فقلنا للباقر : ما قالا ؟ وما قلت : قال : إنه اتهم زوجته بغيره ، فنقر رأسها وأراد أن يلاعنها عندي فقال لها : بيني وبينك من يحكم بحكم داود وآل داود ، ويعرف منطق الطير ولا يحتاج إلى شهود ، فأخبرته أن الذي ظن بها لم يكن كما ظن ، فانصرفا على صلح .

    - الخرائج : روي عن أبي بصير قال : سمعت الصادق يقول : إن أبي مرض مرضا شديدا حتى خفنا عليه ، فبكى عند رأسه بعض أصحابه ، فنظر إليه وقال : إني لست بميت في وجعي هذا ، قال : فبرأ ومكث ما شاء الله من السنين ، فبين ما هو صحيح ليس به بأس ، فقال : يا بني إني ميت يوم كذا ، فمات في ذلك اليوم .

    - الخرائج : روي عن محمد بن مسلم قال : دخلت مع أبي جعفر مسجد الرسول فإذا طاووس اليماني يقول : من كان نصف الناس ؟ فسمعه أبو جعفر فقال : إنما هو ربع الناس ، آدم وحوا وهابيل وقابيل ، قال : صدقت يا ابن رسول الله ، قال محمد بن مسلم : فقلت في نفسي : هذه والله مسألة فغدوت إلى منزل أبي جعفر وقد لبس ثيابه واسرج له ، فلما رآني ناداني قبل أن أسأله فقال : بالهند ووراء الهند بمسافة بعيدة ، رجل عليه مسوح يده مغلولة إلى عنقه موكل به عشرة رهط يعذب إلى أن تقوم الساعة ، قلت : ومن ذلك ؟ قال : قابيل .

    بيان : المسوح جمع المسح وهو البلاس .

    - تفسير العياشي : عن الفضيل بن يسار قال : قلت لأبي جعفر : جعلت فداك إنا نتحدث أن لآل جعفر راية ، ولآل فلان راية ، فهل في ذلك شئ ؟ فقال : أما لآل جعفر فلا ، وأما راية بني فلان فان لهم ملكا مبطأ يقربون فيه البعيد ويبعدون فيه القريب ، وسلطانهم عسر ، ليس فيه يسر ، لا يعرفون في سلطانهم من أعلام الخير شيئا ، يصيبهم فيه فزعات ثم فزعات ، كل ذلك يتجلى عنهم ، حتى إذا أمنوا مكر الله ، وأمنوا عذابه ، وظنوا أنهم قد استقروا صيح فيهم صيحة لم يكن لهم فيها مناد يسمعهم ولا يجمعهم ، وذلك قول الله " حتى إذا أخذت الأرض زخرفها " إلى قوله " لقوم يتفكرون " ألا إنه ليس أحد من الظلمة إلا ولهم بقيا إلا آل فلان فإنهم لا بقيا لهم ، قال : جعلت فداك أليس لهم بقيا ؟ قال : بلى ولكنهم يصيبون منا دما فبظلمهم نحن وشيعتنا فلا بقيا لهم .

    بيان : البقيا بالضم الرحمة والشفقة .

    - مناقب ابن شهرآشوب : قيل لأبي جعفر : محمد بن مسلم وجع ، فأرسل إليه بشراب مع الغلام ، فقال الغلام : أمرني أن لا أرجع حتى تشربه ، فإذا شربت فأته ، ففكر محمد فيما قال وهو لا يقدر على النهوض ، فلما شرب واستقر الشراب في جوفه ، صار كأنما أنشط من عقال ، فأتى بابه فاستؤذن عليه ، فصوت له صح الجسم فادخل فدخل وسلم عليه وهو باك ، وقبل يده ورأسه ، فقال : ما يبكيك يا محمد ؟ قال : على اغترابي ، وبعد الشقة ، وقلة المقدرة على المقام عندك والنظر إليك ، فقال : أما قلة المقدرة فكذلك جعل الله أولياءنا وأهل مودتنا ، وجعل البلاء إليهم سريعا .

    وأما ما ذكرت من الاغتراب فلك بأبي عبد الله أسوة بأرض ناء عنا بالفرات صلى الله عليه .

    وأما ما ذكرت من بعد الشقة فان المؤمن في هذه الدار غريب ، وفي هذا الخلق منكوس ، حتى يخرج من هذه الدار إلى رحمة الله .

    وأما ما ذكرت من حبك قربنا والنظر إلينا وأنك لا تقدر على ذلك ، فلك ما في قلبك وجزاؤك عليه .



    علمه بما عمل ميسر مع الجارية

    دلالات الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن بعض أصحابه ، عن ميسر بياع الزطي قال : أقمت على باب أبي جعفر فطرقته ، فخرجت إلي جارية خماسية فوضعت يدي على يدها وقلت لها : قولي لمولاك هذا ميسر بالباب ، فناداني من أقصى الدار : ادخل لا أبا لك ، ثم قال لي : أما والله يا ميسر لو كانت هذه الجدر تحجب أبصارنا ، كما تحجب عنكم أبصاركم ، لكنا وأنتم سواء ، فقلت : جعلت فداك والله ما أردت إلا لازداد بذلك إيمانا .
    الحسين بن المختار ، عن أبي بصير قال : كنت اقرئ امرأة القرآن وأعلمها إياه ، قال : فمازحتها بشئ ، فلما قدمت على أبي جعفر قال لي : يا أبا بصير أي شئ قلت للمرأة ؟ ! فقلت بيدي هكذا يعني غطيت وجهي فقال : لا تعودن إليها .

    وفي رواية حفص البختري أنه قال لأبي بصير : أبلغها السلام فقل : " أبو جعفر يقرئك السلام ويقول : زوجي نفسك من أبي بصير " قال : فأتيتها فأخبرتها فقالت : الله لقد قال لك أبو جعفر هذا ؟ فحلفت لها فزوجت نفسها مني .

    أبو حمزة الثمالي في خبر ، لما كانت السنة التي حج فيها أبو جعفر محمد بن علي ولقيه هشام بن عبد الملك ، أقبل الناس ينثالون عليه ، فقال عكرمة : من هذا عليه سيماء زهرة العلم ؟ لأجربنه ، فلما مثل بين يديه ، ارتعدت فرائصه ، وأسقط في يد أبي جعفر ، وقال : يا ابن رسول الله لقد جلست مجالس كثيرة بين يدي ابن عباس وغيره ، فما أدركني ما أدركني آنفا فقال له أبو جعفر : ويلك يا عبيد أهل الشام إنك بين يدي بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه .

    بيان : قال الفيروزآبادي : انثال : انصب وعليه القول تتابع وكثر فلم يدر بأيه يبدأ وقال : زهرة الدنيا بهجتها ونضارتها وحسنها وبالضم البياض والحسن .

    - مناقب ابن شهرآشوب : حبابه الوالبية قالت : رأيت رجلا بمكة أصيلا في الملتزم ، أو بين الباب والحجر ، على صعدة من الأرض ، وقد حزم وسطه على المئرز بعمامة خز والغزالة تخال على قلل الجبال كالعمائم على قمم الرجال ، وقد صاعد كفه وطرفه نحو السماء ويدعو ، فلما انثال الناس عليه يستفتونه عن المعضلات ويستفتحون أبواب المشكلات ، فلم يرم حتى أفتاهم في ألف مسألة ، ثم نهض يريد رحله ، ومناد ينادي بصوت صهل : ألا إن هذا النور الأبلج المسرج ، والنسيم الأرج ، والحق المرج ، وآخرون يقولون من هذا ؟ فقيل : محمد بن علي الباقر ، علم العلم والناطق عن الفهم ، محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب .

    وفي رواية أبي بصير : ألا إن هذا باقر علم الرسل ، وهذا مبين السبل هذا خير من رسخ في أصلاب أصحاب السفينة ، هذا ابن فاطمة الغراء العذراء الزهراء هذا بقية الله في أرضه ، هذا ناموس الدهر ، هذا ابن محمد وخديجة وعلي وفاطمة هذا منار الدين القائمة .

    بيان : الأصيل وقت العصر وبعده ، والغزالة الشمس ، والقمم بكسر القاف وفتح الميم ، جمع قمة بالكسر ، وهي أعلى الرأس ، أي كانت الشمس في رؤوس الجبال تتخيل كأنها عمامة على رأس رجل لاتصالها برؤوسها وقرب أفولها ، والغرض كون الوقت آ خر اليوم ، ومع ذلك أفتى في ألف مسألة ، ويقال : ما رمت المكان بالكسر أي ما برحت ، والصهل محركة حدة الصوت مع بحح ، والأبلج الواضح والمضئ والتسريح الارسال والاطلاق أي المرسل لهداية العباد ، أو بالجيم من الاسراج بمعنى إيقاد السراج وهو أنسب ، والأرج بكسر الراء من الأرج بالتحريك وهو توهج ريح الطيب ، والمرج إما بضم الميم وكسر الراء وتشديد الجيم ، من الرج وهو التحرك والاهتزاز .

    لتحركه بين الناس ، أو لاضطرابه من خوف الأعداء ، أو بفتح الميم وكسر الراء وتخفيف الجيم من قولهم مرج الدين إذا فسد ، أي الذي ضاع بين الناس قدره ، وقوله : علم العلم ، بتحريك المضاف ، والناموس صاحب سر الملك أي مخزن أسرار الله في الدهر .


    خبر الخيط المعروف

    - مناقب ابن شهرآشوب : في حديث جابر بن يزيد الجعفي أنه لما شكت الشيعة إلى زين العابدين مما يلقونه من بني أمية ، دعا الباقر وأمره أن يأخذ الخيط الذي نزل به جبرئيل إلى النبي ويحركه تحريكا ، قال : فمضى إلى المسجد فصلى فيه ركعتين ، ثم وضع خده على التراب وتكلم بكلمات ، ثم رفع رأسه فأخرج من كمه خيطا رقيقا يفوح منه رائحة المسك وأعطاني طرفا منه ، فمشيت رويدا فقال : قف يا جابر ! فحرك الخيط تحريكا لينا خفيفا ثم قال : اخرج فانظر ما حال الناس قال : فخرجت من المسجد فإذا صياح وصراخ وولولة من كل ناحية ، وإذا زلزلة شديدة وهدة ورجفة ، قد أخربت عامة دور المدينة ، وهلك تحتها أكثر من ثلاثين ألف انسان ، ثم صعد الباقر المنارة فنادى بأعلا صوته : ألا أيها الضالون المكذبون ، قال : فظن الناس أنه صوت من السماء ، فخروا لوجوههم ، وطارت أفئدتهم ، وهم يقولون في سجودهم : الأمان الأمان ، وإنهم يسمعون الصيحة بالحق ، ولا يرون الشخص ، ثم قرأ " فخر عليهم السقف من فوقهم ، وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون " قال : فلما نزل منها وخرجنا من المسجد ، سألته عن الخيط قال : هذا من البقية قلت : وما البقية يا ابن رسول الله ؟ قال : يا جابر بقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة ويضعه جبرئيل لدينا .
    المفضل بن عمر : بينما أبو جعفر بين مكة والمدينة إذا انتهى إلى جماعة على الطريق ، وإذا رجل من الحجاج نفق حماره ، وقد بدد متاعه ، وهو يبكي فلما رأى أبا جعفر أقبل إليه فقال له : يا ابن رسول الله نفق حماري وبقيت منقطعا فادع الله تعالى أن يحيي لي حماري قال : فدعا أبو جعفر فأحيا الله له حماره .

    بيان : وقد بدد متاعه : أي فرق .



    في قول أبي بصير له ما أكثر الحجيج وأعظم الضجيج

    - مناقب ابن شهرآشوب : قال أبو بصير للباقر : ما أكثر الحجيج وأعظم الضجيج ! فقال : بل ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج ، أتحب أن تعلم صدق ما أقوله ، وتراه عيانا ؟ فمسح يده على عينيه ودعا بدعوات فعاد بصيرا فقال : انظر يا أبا بصير إلى الحجيج قال : فنظرت فإذا أكثر الناس قردة وخنازير ، والمؤمن بينهم مثل الكوكب اللامع في الظلماء فقال أبو بصير : صدقت يا مولاي ما أقل الحجيج وأكثر الضجيج ؟ ثم دعا بدعوات فعاد ضريرا ، فقال أبو بصير في ذلك ، فقال : ما بخلنا عليك يا أبا بصير ، وإن كان الله تعالى ما ظلمك ، وإنما خار لك ، وخشينا فتنة الناس بنا وأن يجهلوا فضل الله علينا ، ويجعلونا أربابا من دون الله ، ونحن له عبيد ، لا نستكبر عن عبادته ، ولا نسأم من طاعته ، ونحن له مسلمون .
    أبو عروة : دخلت مع أبي بصير إلى منزل أبي جعفر وأبي عبد الله فقال لي : أترى في البيت كوة قريبة ؟ قلت نعم وما علمك بها ، قال أرانيها أبو جعفر .

    حلية الأولياء بالاسناد قال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين وسمع عصافير يصحن قال : تدري يا أبا حمزة ما يقلن ؟ قلت : لا قال : يسبحن ربي عز وجل ، ويسألن قوت يومهن .

    جابر بن يزيد الجعفي قال : مررت بمجلس عبد الله بن الحسن فقال : بماذا فضلني محمد بن علي ؟ ثم أتيت إلى أبي جعفر فلما بصر بي ضحك إلي ثم قال : يا جابر اقعد فإن أول داخل يدخل عليك في هذا الباب عبد الله بن الحسن فجعلت أرمق ببصري نحو الباب وأنا مصدق لما قال سيدي إذ أقبل يسحب أذياله فقال له : يا عبد الله أنت الذي تقول : بماذا فضلني محمد بن علي إن محمدا وعليا ولداه ، وقد ولداني ؟ ثم قال يا جابر احفر حفيرة واملأها حطبا جزلا ، و أضرمها نارا ، قال جابر : ففعلت فلما أن رأى النار قد صارت جمرا أقبل عليه بوجهه فقال : إن كنت حيث ترى فأدخلها لن تضرك ، فقطع بالرجل فتبسم في وجهي ثم قال : يا جابر " فبهت الذي كفر " .

    بيان : رمقه : لحظه لحظا خفيفا ، وسحبه كمنعه جره على وجه الأرض و الجزل الحطب اليابس ، أو الغليظ العظيم منه ، والكثير من الشئ ، وقوله : فقطع بالرجل على بناء المجهول أي انقطعت حجته ، وبهت على المجهول أي انقطع و تحير وعجز عن الجواب .

    - مناقب ابن شهرآشوب : الثعلبي في نزهة القلوب روي عن الباقر أنه قال : أشخصني هشام بن عبد الملك ، فدخلت عليه وبنو أمية حوله ، فقال لي : ادن يا ترابي فقلت : من التراب خلقنا ، وإليه نصير ، فلم يزل يدنيني حتى أجلسني معه ، ثم قال : أنت أبو جعفر الذي تقتل بني أمية ؟ فقلت : لا قال : فمن ذاك ؟ فقلت : ابن عمنا أبو بن محمد بن علي بن عبد الله بن ، فنظر إلي وقال : والله ما جربت عليك كذبا ، ثم قال : ومتى ذاك ؟ قلت : عن سنيات ، والله ما هي ببعيدة .

    الخبر جابر الجعفي مرفوعا : لا يزال سلطان بني أمية ، حتى يسقط حائط مسجدنا هذا ، يعني مسجد الجعفي فكان كما أخبر .

    قال الكميت الأسدي : دخلت إليه وعنده رجل من بني مخزوم ، فأنشدته شعري فيهم فكلما أنشدته قصيدة قال : يا غلام بدرة . فما خرجت من البيت حتى أخرج خمسين ألف درهم فقلت : والله إني ما قلت فيكم لعرض الدنيا وأبيت ، فقال يا غلام أعد هذا المال في مكانه ، فلما حمل قال له المخزومي : سألتك بالله عشرة آلاف درهم ، فقلت ليست عندي ، وأعطيت الكميت خمسين ألف درهم ! وإني لأعلم أنك الصادق البار ؟ قال له : قم وادخل فخذ ، فدخل المخزومي فلم يجد شيئا فهذا دليل على أن الكنوز مغطية لهم .

    معتب قال : توجهت مع أبي عبد الله إلى ضيعته ، فلما دخلها صلى ركعتين ثم قال : إني صليت مع أبي الفجر ذات يوم فجلس أبي يسبح الله فبينما هو يسبح إذ أقبل شيخ طوال أبيض الرأس واللحية ، فسلم على أبي ، وإذا شاب مقبل في إثره فجاء إلى الشيخ ، وسلم على أبي ، وأخذ بيد الشيخ ، وقال : قم فإنك لم تؤمر بهذا ، فلما ذهبا من عند أبي ، قلت : يا أبي من هذا الشيخ ؟ وهذا الشاب ؟ فقال : هذا والله ملك الموت ، وهذا جبرئيل .

    جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر قال : إنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الايمان ، وبحقيقة النفاق ، قال : جرى عند أبي عبد الله ذكر عمر بن سجنة الكندي فزكوه ، فقال : ما أرى لكم علما بالناس ، إني لاكتفي من الرجل بلحظة ، إن ذا من أخبث الناس ، قال : وكان عمر بعد ما يدع محرما لله لا يركبه .

    عمر بن حنظلة سألت أبا جعفر أن يعلمني الاسم الأعظم فقال : ادخل البيت فوضع أبو جعفر بيده على الأرض فأظلم البيت وارتعدت فرائصي فقال : ما تقول ؟ أعلمك ؟ قلت : لا ، فرفع يده ، فرجع البيت كما كان . ويروى أن زيد بن علي لما عزم على البيعة قال له أبو جعفر : يا زيد إن مثل القائم من أهل هذا البيت قبل قيام مهديهم ، مثل فرخ نهض من عشه من غير أن يستوي جناحاه ، فإذا فعل ذلك سقط ، فأخذه الصبيان يتلاعبون به ، فاتق الله في نفسك أن تكون المصلوب غدا بالكناسة ، فكان كما قال .

    عبد الله بن طلحة عن أبي عبد الله في خبر : إن أبي كان قاعدا في الحجر ومعه رجل يحدثه ، فإذا هو بوزغ يولول بلسانه ، فقال أبي للرجل : أتدري ما يقول هذا الوزغ ؟ فقال الرجل : لا علم لي بما يقول قال : فإنه يقول : والله لئن ذكرت الثالث لأسبن عليا حتى تقوم من ههنا .


    في وروده بمدين مغلوقا وصعوده إلى جبل ، وفيه بيان

    الحسين بن محمد ، بإسناده عن أبي بكر الحضرمي قال : لما حمل أبو جعفر إلى الشام إلى هشام بن عبد الملك ، وصار ببابه ، قال هشام لأصحابه : إذا سكت من توبيخ محمد بن علي فلتوبخوه ، ثم أمر أن يؤذن له ، فلما دخل عليه أبو جعفر قال بيده فعمهم بالسلام جميعا ثم جلس فازداد هشام عليه حنقا بتركه السلام بالخلافة ، وجلوسه بغير إذن فقال : يا محمد بن علي لا يزال الرجل منكم قد شق عصا المسلمين ، ودعا إلى نفسه ، وزعم أنه الامام سفها وقلة علم ، وجعل يوبخه ، فلما سكت أقبل القوم عليه رجل بعد رجل يوبخه ، فلما سكت القوم نهض قائما ثم قال : أيها الناس أين تذهبون ؟ وأين يراد بكم ؟ بنا هدى الله أولكم ، وبنا يختم آخركم ، فان يكن لكم ملك معجل ، فان لنا ملكا مؤجلا ، وليس بعد ملكنا ملك ، لأنا أهل العاقبة يقول الله عز وجل " و العاقبة للمتقين " فأمر به إلى الحبس ، فلما صار في الحبس تكلم فلم يبق في الحبس رجل إلا ترشفه وحن عليه ، فجاء صاحب الحبس إلى هشام ، وأخبره بخبره فأمر به فحمل على البريد هو وأصحابه ليردوا إلى المدينة ، وأمر أن لا تخرج لهم الأسواق ، وحال بينهم وبين الطعام والشراب ، فساروا ثلاثا لا يجدون طعاما ولا شرابا ، حتى انتهوا إلى مدين فأغلق باب المدينة دونهم ، فشكا أصحابه العطش والجوع قال : فصعد جبلا وأشرف عليهم فقال بأعلا صوته : يا أهل المدينة الظالم أهلها ! أنا بقية الله يقول الله " بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ " قال : وكان فيهم شيخ كبير فأتاهم فقال : يا قوم هذه والله دعوة شعيب والله لئن لم تخرجوا إلى هذا الرجل بالأسواق لتؤخذن من فوقكم ومن تحت أرجلكم فصدقوني هذه المرة وأطيعوني وكذبوني فيما تستأنفون فاني ناصح لكم قال : فبادروا وأخرجوا إلى أبي جعفر وأصحابه الأسواق .
    - الكافي : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن ابن أسباط ، عن صالح بن حمزة عن أبيه ، عن الحضرمي مثله .

    بيان : الحنق محركة شدة الغيظ ، وشق العصا كناية عن تفريق الجماعة قال الفيروزآبادي : العصا اللسان ، وعظم الساق ، وجماعة الاسلام ، وشق العصا مخالفة جماعة الاسلام انتهى .

    أقول : يحتمل أن يكون الإضافة بيانية بأن شبه المسلمين بعصا يقوم به الاسلام ، وتفريقهم بمنزلة شق عصا الاسلام ، أو لامية بأن شبه اجتماعهم بعصا يقومون به لأنه سبب قيامهم وبقائهم ، أو المراد بعصا المسلمين تأديبهم وضربهم و زجرهم عن المناهي ، فمن فرق جماعتهم ، فقد شق عصاهم أي منعهم عن ذلك ، أو أنهم يشقون ويكسرون العصا في تأديب هذا الذي يريد تفريق جماعتهم .

    قال الجزري فيه لا ترفع عصاك عن أهلك أي لا تدع تأديبهم وجمعهم على طاعة الله ، يقال شق العصا أي فارق الجماعة ، ولم يرد الضرب بالعصا ، و لكنه جعله مثلا وقيل أراد لا تغفل عن أدبهم ، ومنعهم عن الفساد ، ومنه الحديث إن الخوارج شقوا عصا المسلمين ، وفرقوا جماعتهم ، ومنه الحديث إياك وقتيل العصا أي إياك أن تكون قاتلا أو مقتولا في شق عصا المسلمين انتهى وربما يؤيد ما ذكره [ من ] المعنيين الأخيرين .

    وقال الميداني في مجمع الأمثال شق فلان عصا المسلمين إذا فرق جمعهم قال أبو عبيد : معناه فرق جماعتهم قال : والأصل في العصا الاجتماع والائتلاف وذلك أنها لا تدعى عصا حتى تكون جميعا ، فإذا انشقت لم تدع عصا ، ومن ذلك قولهم للرجل إذا أقام بالمكان واطمأن به واجتمع له فيه أمره : قد ألقى عصاه .

    قال البارقي " فألقت عصاها واستقرت بها النوى " قالوا : وأصل هذا أن الحاديين يكونان في رفقة فإذا فرقهم الطريق شقا العصا التي معهما ، فأخذ هذا نصفها وذا نصفها ، يضرب مثلا لكل فرقة انتهى .

    والترشف المص والتقبيل مع اجتماع الماء في الفم ، وهو كناية عن مبالغتهم في أخذ العلم عنه أو عن غاية الحب ولعله تصحيف ترسفه بالسين المهملة يعني مشى إليه مشي المقيد يتحامل رجله مع القيد .

    - مناقب ابن شهرآشوب : عاصم الحناط عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر قال : سمعته وهو يقول لرجل من أهل إفريقية : ما حال راشد ؟ قال : خلفته حيا صالحا يقرئك السلام ، قال : رحمه الله قلت : جعلت فداك ومات ؟ قال : نعم رحمه الله قلت : و متى مات ؟ قال : بعد خروجك بيومين .

    وفي حديث الحلبي : أنه دخل أناس على أبي جعفر وسألوا علامة فأخبرهم بأسمائهم وأخبرهم عما أرادوا يسألون عنه ، وقال : أردتم أن تسألوا عن هذه الآية من كتاب الله " كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين باذن ربها " قالوا صدقت هذه الآية أردنا أن نسألك قال : نحن الشجرة التي قال الله تعالى أصلها ثابت وفرعها في السماء ونحن نعطي شيعتنا ما نشاء من أمر علمنا .

    علي بن أبي حمزة وأبو بصير قالا : كان لنا موعد على أبي جعفر فدخلنا عليه أنا وأبو ليلى فقال : يا سكينة هلمي المصباح ، فأتت بالمصباح ، ثم قال : هلمي بالسفط الذي في موضع كذا وكذا قال : فأتته بسفط هندي أو سندي ففض خاتمه ثم أخرج منه صحيفة صفراء ، فقال علي : فأخذ يدرجها من أعلاها ، وينشرها من أسفلها ، حتى إذا بلغ ثلثها أو ربعها نظر إلي ، فارتعدت فرائصي حتى خفت على نفسي فلما نظر إلي في تلك الحال وضع يده على صدري فقال : أبرأت أنت قلت : نعم جعلت فداك قال : ليس عليك بأس ، ثم قال : ادنه فدنوت فقال لي : ما ترى ؟ قلت : اسمي واسم أبي وأسماء أولاد لي لا أعرفهم فقال : يا علي لولا أن لك عندي ما ليس لغيرك ، ما أطلعتك على هذا ، أما إنهم سيزدادون على عدد ما ههنا قال : علي بن أبي حمزة : فمكثت والله بعد ذلك عشرين سنة ثم ولد لي الأولاد بعدد ما رأيت بعيني في تلك الصحيفة الخبر .

    أبو عيينة وأبو عبد الله إن موحدا أتى الباقر وشكى عن أبيه ونصبه وفسقه وأنه أخفى ماله عند موته ، فقال له أبو جعفر : أفتحب أن تراه وتسأله عن ماله ؟ فقال الرجل : نعم وإني لمحتاج فقير ، فكتب إليه أبو جعفر كتابا بيده في رق أبيض وختمه بخاتمه ، ثم قال : اذهب بهذا الكتاب الليلة إلى البقيع حتى تتوسطه ثم تنادي يا درجان ، ففعل ذلك فجاءه شخص فدفع إليه الكتاب ، فلما قرأه قال : أتحب أن ترى أباك ؟ فلا تبرح حتى آتيك به فإنه بضجنان فانطلق فلم يلبث إلا قليلا حتى أتاني رجل أسود في عنقه حبل أسود مدلع لسانه يلهث وعليه سربال أسود ، فقال لي : هذا أبوك ولكن غيره اللهب ودخان الجحيم وجرع الحميم ، فسألته عن حاله قال : إني كنت أتوالى بني أمية ، وكنت أنت تتوالى أهل البيت وكنت أبغضك على ذلك وأحرمتك مالي ودفنته عنك ، فأنا اليوم على ذلك من النادمين فانطلق إلى جنتي فاحتفر تحت الزيتونة فخذ المال وهو مائة و خمسون ألفا ، وادفع إلى محمد بن علي خمسين ألفا ولك الباقي ، قال ففعل الرجل كذلك ، فقضى أبو جعفر بها دينا وابتاع بها أرضا ، ثم قال : أما إنه سينفع الميت الندم على ما فرط من حبنا وضيع من حقنا بما أدخل علينا من الرفق والسرور .

    جابر بن يزيد سألت أبا جعفر عن قوله تعالى " وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات " .

    فدفع أبو جعفر بيده وقال : ارفع رأسك فرفعت فوجدت السقف متفرقا ورمق ناظري في ثلمة حتى رأيت نورا حار عنه بصري ، فقال هكذا رأى إبراهيم ملكوت السماوات ، وانظر إلى الأرض ثم ارفع رأسك فلما رفعته رأيت السقف كما كان ، ثم أخذ بيدي وأخرجني من الدار وألبسني ثوبا وقال : غمض عينيك ساعة ، ثم قال : أنت في الظلمات التي رآها ذو القرنين ، ففتحت عيني فلم أر شيئا ثم تخطى خطا وقال : أنت على رأس عين الحياة للخضر ، ثم خرجنا من ذلك العالم حتى تجاوزنا خمسة فقال : هذه ملكوت الأرض ثم قال : غمض عينيك وأخذ بيدي فإذا نحن في الدار التي كنا فيها ، وخلع عني ما كان ألبسنيه ، فقلت : جعلت فداك كم ذهب من اليوم ؟ فقال : ثلاث ساعات .

    - إعلام الورى : شعيب العقرقوفي عن أبي عروة قال : دخلت مع أبي بصير إلى منزل أبي جعفر أو أبي عبد الله قال : فقال لي : أترى في البيت كوة قريبا من السقف قال : قلت : نعم وما علمك بها ؟ قال أرانيها أبو جعفر .

    - مناقب ابن شهرآشوب إعلام الورى : حماد بن عثمان ، عن ابن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبد الله يقول : إن أبي قال ذات يوم : إنما بقي من أجلي خمس سنين فحسبت فما زاد ولا نقص .

    - كشف الغمة : من كتاب دلائل الحميري ، عن يزيد بن حازم قال : كنت عند أبي جعفر فمررنا بدار هشام بن عبد الملك وهي تبنى فقال : اما والله لتهدمن أما والله لينقلن ترابها من مهدمها ، أما والله لتبدون أحجار الزيت ، وإنه لموضع النفس الزكية ، فتعجبت وقلت دار هشام من يهدمها ؟ ! فسمعت اذني هذا من أبي جعفر قال : فرأيتها بعد ما مات هشام وقد كتب الوليد في أن يستهدم وينقل ترابها ، فنقل حتى بدت الأحجار ورأيتها .

    بيان : أحجار الزيت موضع بالمدينة وبها قتل محمد بن عبد الله بن الحسن الملقب بالنفس الزكية كما سيأتي .

    - كشف الغمة : من دلائل الحميري عن أبي بصير قال : قال أبو جعفر كان فيما أوصى أبي إلي : إذا أنا مت فلا يلي غسلي أحد غيرك ، فإن الامام لا يغسله إلا إمام واعلم أن عبد الله أخاك سيدعو إلى نفسه فدعه ، فإن عمره قصير ، فلما قضى أبي غسلته كما أمرني ، وادعى عبد الله الإمامة مكانه ، فكان كما قال أبي ، وما لبث عبد الله إلا يسيرا حتى مات ، وكانت هذه من دلالته يبشرنا بالشئ قبل أن يكون فيكون ، وبه يعرف الامام .

    وعن فيض بن مطر قال : دخلت على أبي جعفر وأنا أريد أن أسأله عن صلاة الليل في المحمل قال : فابتدأني فقال : كان رسول الله يصلي على راحلته حيث توجهت به .



    دخول الجن عليه أشباه الزط يسألونه عن معالم دينهم

    - كشف الغمة : من دلائل الحميري ، عن سعد الإسكاف ، قال : طلبت الاذن على أبي جعفر فقيل لي : لا تعجل إن عنده قوما من إخوانكم فما لبثت أن خرج علي اثنى عشر رجلا يشبهون الزط وعليهم أقبية ضيقات وبتوت وخفاف ، فسلموا ومروا ، فدخلت على أبي جعفر فقلت له : ما أعرف هؤلاء الذين خرجوا من عندك من هم ؟ قال : هؤلاء قوم من إخوانكم الجن ، قال قلت : ويظهرون لكم ؟ فقال : نعم يغدون علينا في حلالهم وحرامهم كما تغدون .
    بيان : الزط : بالضم جيل من الهند ، والبت الطيلسان من خز ونحوه و الجمع البتوت .

    - كشف الغمة : من دلائل الحميري عن مالك الجهني قال : كنت قاعدا عند أبي جعفر فنظرت إليه وجعلت أفكر في نفسي وأقول : لقد عظمك الله و كرمك وجعلك حجة على خلقه ، فالتفت إلي وقال : يا مالك ! الامر أعظم مما تذهب إليه .

    وعن أبي الهذيل قال : قال لي أبو جعفر : يا أبا الهذيل إنه لا تخفى علينا ليلة القدر ، إن الملائكة يطيفون بنا فيها.

    وعن أبي عبد الله قال : كان في دار أبي جعفر فاختة فسمعها وهي تصيح فقال : تدرون ما تقول هذه الفاختة ؟ قالوا : لا ، قال : تقول : فقدتكم فقدتكم نفقدها قبل أن تفقدنا ثم أمر بذبحها . هذا آخر ما أردت إثباته من كتاب الدلائل .

    ونقلت من كتاب جمعه الوزير السعيد مؤيد الدين أبو طالب محمد بن أحمد ابن محمد بن العلقمي رحمه الله تعالى قال : ذكر الاجل أبو الفتح يحيى بن محمد بن حياء الكاتب قال : حدث بعضهم قال : كنت بين مكة والمدينة فإذا أنا بشبح يلوح من البرية يظهر تارة ويغيب أخرى ، حتى قرب مني فتأملته فإذا هو غلام سباعي أو ثماني ، فسلم علي فرددت عليه ، وقلت من أين ؟ قال : من الله ، فقلت : وإلى أين ؟ فقال : إلى الله ، قال فقلت : فعلام ؟ فقال : على الله ، فقلت : فما زادك ؟ قال : التقوى فقلت : ممن أنت ؟ قال أنا رجل عربي ، فقلت : أبن لي ؟ قال : أنا رجل قرشي فقلت : أبن لي ؟ فقال أنا رجل هاشمي ، فقلت : أبن لي ؟ فقال : أنا رجل علوي ثم أنشد :

    فنحن على الحوض ذواده * نذود ويسعد ورداه

    فما فاز من فاز إلا بنا * وما خاب من حبنا زاده

    فمن سرنا نال منا السرور * ومن ساءنا ساء ميلاده

    ومن كان غاصبنا حقنا * فيوم القيامة ميعاده

    ثم قال : أنا محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، ثم التفت فلم أره ، فلا أعلم هل صعد إلى السماء أم نزل في الأرض .

    - رجال الكشي : طاهر بن عيسى ، عن جعفر بن محمد ، عن الشجاعي ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن حمزة بن الطيار ، عن أبيه محمد قال : جئت إلى باب أبي جعفر أستأذن عليه ، فلم يأذن لي فأذن لغيري فرجعت إلى منزلي وأنا مغموم ، فطرحت نفسي على سرير في الدار وذهب عني النوم ، فجعلت أفكر وأقول : أليس المرجئة تقول كذا ؟ والقدرية تقول كذا ؟ والحرورية تقول كذا ؟ والزيدية تقول كذا ؟ فنفند عليهم قولهم ، فأنا أفكر في هذا حتى نادى المنادي ، فإذا الباب يدق فقلت : من هذا ؟ فقال : رسول لأبي جعفر يقول لك أبو جعفر أجب ، فأخذت ثيابي علي ومضيت معه فدخلت عليه فلما رآني قال : يا محمد لا إلى المرجئة ولا إلى القدرية ولا إلى الحرورية ولا إلى الزيدية ولكن إلينا إنما حجبتك لكذا وكذا فقبلت ، وقلت به .

    - كشف الغمة : من دلائل الحميري ، عن حمزة بن محمد الطيار قال : أتيت باب أبي جعفر وذكر مثله ، وفيه يا ابن محمد لا إلى المرجئة .



    في أن الإمام يعلم ما في يومه وفي شهره وفي سنته ، ونزول الروح عليه

    - رجال الكشي : حمدويه قال : سألت أبا الحسن أيوب بن نوح عن سليمان بن خالد النخعي أثقة هو ؟ فقال : كما يكون الثقة قال : حدثني عبد الله بن محمد قال : حدثني أبي عن إسماعيل بن أبي حمزة ، عن أبيه قال : ركب أبو جعفر يوما إلى حائط له من حيطان المدينة ، فركبت معه إلى ذلك الحائط ومعنا سليمان بن خالد ، فقال له سليمان بن خالد : جعلت فداك يعلم الامام ما في يومه ؟ فقال : يا سليمان والذي بعث محمدا بالنبوة واصطفاه بالرسالة إنه ليعلم ما في يومه وفي شهره وفي سنته .
    ثم قال : يا سليمان أما علمت أن روحا ينزل عليه في ليلة القدر ، فيعلم ما في تلك السنة إلى ما في مثلها من قابل ، وعلم ما يحدث في الليل والنهار والساعة ترى ما يطمئن إليه قلبك ؟ قال : فوالله ما سرنا إلا ميلا ونحو ذلك حتى قال : الساعة يستقبلك رجلان قد سرقا سرقة قد أضمرا عليها . فوالله ما سرنا إلا ميلا حتى استقبلنا الرجلان فقال أبو جعفر لغلمانه : عليكم بالسارقين ، فأخذا حتى اتي بهما ، فقال : سرقتما ؟ فحلفا له بالله أنهما ما سرقا ، فقال : والله لئن أنتما لم تخرجا ما سرقتما لأبعثن إلى الموضع الذي وضعتما فيه سرقتكما ، ولأبعثن إلى صاحبكما الذي سرقتماه حتى يأخذكما و يرفعكما إلى والي المدينة فرأيكما ؟ فأبيا أن يردا الذي سرقاه ، فأمر أبو جعفر غلمانه أن يستوثقوا منهما ، قال : فانطلق أنت يا سليمان إلى ذلك الجبل - وأشار بيده إلى ناحية من الطريق - فاصعد أنت وهؤلاء الغلمان فان في قلة الجبل كهفا فادخل أنت فيه بنفسك تستخرج ما فيه وتدفعه إلى مولى هذا فان فيه سرقة لرجل آخر ولم يأت وسوف يأتي ، فانطلقت وفي قلبي أمر عظيم مما سمعت ، حتى انتهيت إلى الجبل فصعدت إلى الكهف الذي وصفه لي ، فاستخرجت منه عيبتين وقر رجلين حتى أتيت بهما أبا جعفر فقال : يا سليمان إن بقيت إلى غد رأيت العجب بالمدينة مما يظلم كثير من الناس .

    فرجعنا إلى المدينة فلما أصبحنا أخذ أبو جعفر بأيدينا فأدخلنا معه على والي المدينة وقد دخل المسروق منه برجال براء فقال : هؤلاء سرقوها ، وإذا الوالي يتفرسهم فقال أبو جعفر : إن هؤلاء براء وليس هم سراقة وسراقه عندي ثم قال لرجل ما ذهب لك ؟ قال : عيبة فيها كذا وكذا فادعى ما ليس له وما لم يذهب منه ، فقال أبو جعفر : لم تكذب ؟ فقال : أنت أعلم بما ذهب مني ؟ فهم الوالي أن يبطش به حتى كفه أبو جعفر ثم قال لغلام : ائتني بعيبة كذا وكذا فأتى بها ثم قال للوالي : إن ادعى فوق هذا فهو كاذب مبطل في جميع ما ادعى وعندي عيبة أخرى لرجل آخر وهو يأتيك إلى أيام وهو رجل من أهل بربر فإذا أتاك فأرشده إلي فإن عيبته عندي ، وأما هذان السارقان فلست ببارح من ههنا حتى تقطعهما فاتي بالسارقين فكانا يريان أنه لا يقطعهما بقول أبي جعفر فقال أحدهما : لم تقطعنا ولم نقر على أنفسنا بشئ ؟ قال : ويلكما شهد عليكما من لو شهد على أهل المدينة لأجزت شهادته . فلما قطعهما قال أحدهما : والله يا أبا جعفر لقد قطعتني بحق وما سرني أن الله جل وعلا أجرى توبتي على يد غيرك وأن لي ما حازته المدينة ، وإني لأعلم أنك لا تعلم الغيب ولكنكم أهل بيت النبوة ، وعليكم نزلت الملائكة ، وأنتم معدن الرحمة ، فرق له أبو جعفر وقال له : أنت على خير ، ثم التفت إلى الوالي وجماعة الناس فقال : والله لقد سبقته يده إلى الجنة بعشرين سنة .

    فقال سليمان بن خالد لأبي حمزة : يا أبا حمزة رأيت دلالة أعجب من هذا ؟ فقال أبو حمزة : العجيبة في العيبة الأخرى ، فوالله ما لبثنا إلا هنيئة ، حتى جاء البربري إلى الوالي وأخبره بقصتها ، فأرشده الوالي إلى أبي جعفر فأتاه فقال له أبو جعفر : ألا أخبرك بما في عيبتك قبل أن تخبرني ؟ فقال البربري : إن أنت أخبرتني بما فيها علمت أنك إمام فرض الله طاعتك ، فقال له أبو جعفر : ألف دينار لك وألف دينار لغيرك ، ومن الثياب كذا وكذا ، قال : فما اسم الرجل الذي له الألف دينار ؟ قال محمد بن عبد الرحمان : وهو على الباب ينتظرك ، تراني أخبرك إلا بالحق ؟ ! فقال البربري : آمنت بالله وحده لا شريك له ، وبمحمد وأشهد أنكم أهل بيت الرحمة الذين أذهب الله عنكم الرجس وطهركم تطهيرا ، فقال أبو جعفر : رحمك الله ، فخر يشكر ، فقال سليمان بن خالد : حججت بعد ذلك عشر سنين وكنت أرى الأقطع من أصحاب أبي جعفر .



    - الخرائج : عن عاصم ، عن أبي حمزة مثله ، وفيه بعد قوله بعشرين سنة فعاش الرجل عشرين سنة ، وفي آخر الخبر قال : هو محمد بن عبد الرحمان وهو صالح كثير الصلاة وهو الآن على الباب ينتظرك .

    - مشارق الأنوار للبرسي قال : قال أبو بصير : قال لي مولاي أبو جعفر : إذا رجعت إلى الكوفة يولد لك ولد وتسميه عيسى ، ويولد لك ولد وتسميه محمدا وهما من شيعتنا واسمهما في صحيفتنا وما يولدون إلى يوم القيامة قال فقلت : وشيعتكم معكم ؟ قال : نعم ، إذا خافوا الله واتقوه ، قال : وروي أنه دخل المسجد يوما فرأى شابا يضحك في المسجد ، فقال له : تضحك في المسجد وأنت بعد ثلاثة من أهل القبور ، فمات الرجل في أول اليوم الثالث ودفن في آخره .



    حديث الخيط

    - عيون المعجزات المنسوب إلى المرتضى رحمه الله مرفوعا ، عن جابر قال : لما أفضت الخلافة إلى بني أمية سفكوا في أيامهم الدم الحرام ، ولعنوا أمير المؤمنين على منابرهم ألف شهر ، واغتالوا شيعته في البلدان وقتلوهم واستأصلوا شأفتهم ، ومالأتهم على ذلك علماء السوء رغبة في حطام الدنيا وصارت محنتهم على الشيعة لعن أمير المؤمنين ، فمن لم يلعنه قتلوه ، فلما فشا ذلك في الشيعة وكثر وطال ، اشتكت الشيعة إلى زين العابدين وقالوا : يا ابن رسول الله أجلونا عن البلدان ، وأفنونا بالقتل الذريع ، وقد أعلنوا لعن أمير المؤمنين في البلدان وفي مسجد رسول الله وعلى منبره ، ولا ينكر عليهم منكر ، ولا يغير عليهم مغير ، فإن أنكر واحد منا على لعنه قالوا : هذا ترابي ورفع ذلك إلى سلطانهم وكتب إليه إن هذا ذكر أبا تراب بخير حتى ضرب وحبس ثم قتل ، فلما سمع ذلك نظر إلى السماء وقال : سبحانك ما أعظم شأنك إنك أمهلت عبادك حتى ظنوا أنك أهملتهم ، وهذا كله بعينك إذ لا يغلب قضاءك ولا يرد تدبير محتوم أمرك فهو كيف شئت وأنى شئت لما أنت أعلم به منا .
    ثم دعا بابنه محمد بن علي الباقر فقال : يا محمد قال : لبيك قال : إذا كان غدا فاغد إلى مسجد رسول الله وخذ الخيط الذي نزل به جبرئيل على رسول الله فحركه تحريكا لينا ، ولا تحركه تحريكا شديدا فيهلكوا جميعا قال جابر رضوان الله عليه : فبقيت متعجبا من قوله لا أدري ما أقول ، فلما كان من الغد جئته ، وكان قد طال علي ليلي حرصا لأنظر ما يكون من أمر الخيط ، فبينما أنا بالباب إذ خرج فسلمت عليه فرد السلام وقال : ما غدا بك يا جابر ولم تكن تأتينا في هذا الوقت ؟ فقلت له : لقول الإمام بالأمس خذ الخيط الذي أتى به جبرئيل وصر إلى مسجد جدك وحركه تحريكا لينا ولا تحركه تحريكا شديدا فتهلك الناس جميعا ، قال الباقر : لولا الوقت المعلوم والأجل المحتوم والقدر المقدور لخسفت بهذا الخلق المنكوس في طرفة عين بل في لحظة ولكنا عباد مكرمون لا نسبقه بالقول وبأمره نعمل يا جابر ، قال جابر : فقلت : يا سيدي ومولاي ولم تفعل بهم هذا ؟ فقال لي : أما حضرت بالأمس والشيعة تشكو إلى أبي ما يلقون من هؤلاء ؟ فقلت : يا سيدي ومولاي نعم ، فقال : إنه أمرني أن أرعبهم لعلهم ينتهون ، وكنت أحب أن تهلك طائفة منهم ويطهر الله البلاد والعباد منهم .

    قال جابر رضوان الله عليه : فقلت : سيدي ومولاي كيف ترعبهم وهم أكثر من أن يحصوا ؟ فقال الباقر : امض بنا إلى مسجد رسول الله لأريك قدرة من قدرة الله تعالى التي خصنا بها ، وما من به علينا من دون الناس .

    فقال جابر رضوان الله عليه : فمضيت معه إلى المسجد فصلى ركعتين ثم وضع خده على التراب وتكلم بكلام ثم رفع رأسه وأخرج من كمه خيطا دقيقا فاحت منه رائحة المسك ، فكان في المنظر أدق من سم الخياط ، ثم قال لي : خذ يا جابر إليك طرف الخيط وامض رويدا ، وإياك أن تحركه ، قال : فأخذت طرف الخيط ومشيت رويدا ، فقال : قف يا جابر فوقفت ، ثم حرك الخيط تحريكا خفيفا ما ظننت أنه حركه من لينه ، ثم قال : ناولني طرف الخيط فناولته وقلت : ما فعلت به يا سيدي ؟ قال : ويحك اخرج فانظر ما حال الناس .

    قال جابر رضوان الله عليه : فخرجت من المسجد وإذا الناس في صياح واحد والصائحة من كل جانب ، فإذا بالمدينة قد زلزلت زلزلة شديدة وأخذتهم الرجفة والهدمة ، وقد خربت أكثر دور المدينة وهلك منها أكثر من ثلاثين ألفا رجالا ونساء دون الولدان ، وإذ الناس في صياح وبكاء وعويل ، وهم يقولون إنا لله وإنا إليه راجعون خربت دار فلان وخرب أهلها ، ورأيت الناس فزعين إلى مسجد رسول الله وهم يقولون : كانت هدمة عظيمة ، وبعضهم يقول : قد كانت زلزلة ، وبعضهم يقول : كيف لا نخسف وقد تركنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وظهر فينا الفسق والفجور ، وظلم آل رسول الله والله ليزلزل بنا أشد من هذا وأعظم أو نصلح من أنفسنا ما أفسدنا .

    قال جابر - ره - : فبقيت متحيرا أنظر إلى الناس حيارى يبكون ، فأبكاني بكاؤهم وهم لا يدرون من أين اتوا ، فانصرفت إلى الباقر وقد حف به الناس في مسجد رسول الله وهم يقولون يا ابن رسول الله أما ترى إلى ما نزل بنا ؟ فادع الله لنا ، فقال لهم : افزعوا إلى الصلاة والدعاء والصدقة ، ثم أخذ بيدي وسار بي ، فقال لي : ما حال الناس ؟ فقلت : لا تسأل يا ابن رسول الله ، خربت الدور والمساكن ، وهلك الناس ورأيتهم بحال رحمتهم ، فقال : لا رحمهم الله أما إنه قد أبقيت عليك بقية ، ولولا ذلك لم ترحم أعداءنا وأعداء أوليائنا ، ثم قال : سحقا سحقا وبعدا للقوم الظالمين ، والله لولا مخافة مخالفة والذي لزدت في التحريك وأهلكتهم أجمعين ، وجعلت أعلاها أسفلها ، فكان لا يبقى فيها دار ولا جدار ، فما أنزلونا وأولياءنا من أعدائنا هذه المنزلة غيرهم ، ولكني أمرني مولاي أن أحرك تحريكا ساكنا ، ثم صعد المنارة وأنا أراه والناس لا يرونه فمد يده وأدارها حول المنارة ، فزلزلت المدينة زلزلة خفيفة وتهدمت دور ، ثم تلا الباقر " ذلك جزيناهم ببغيهم وهل نجازي إلا الكفور " وتلا أيضا " فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها " وتلا " فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون " .

    قال جابر : فخرجت العواتق من خدورهن في الزلزلة الثانية يبكين و يتضرعن منكشفات لا يلتفت إليهن أحد ، فلما نظر الباقر إلى تحير العواتق رق لهن ، فوضع الخيط في كمه وسكنت الزلزلة ، ثم نزل عن المنارة والناس لا يرونه ، وأخذ بيدي حتى خرجنا من المسجد ، فمررنا بحداد اجتمع الناس بباب حانوته والحداد يقول : أما سمعتم الهمهمة في الهدم ؟ فقال بعضهم : بل كانت همهمة كثيرة ، وقال قوم آخرون : بل والله كلام كثير إلا أنا لم نقف على الكلام .

    قال جابر رضوان الله عليه : فنظر إلي الباقر وتبسم ، ثم قال : يا جابر هذا لما طغوا وبغوا ، فقلت : يا ابن رسول الله ما هذا الخيط الذي فيه العجب ؟ فقال : " بقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة " ، ونزل به جبرئيل ويحك يا جابر إنا من الله تعالى بمكان ومنزلة رفيعة ، فلو لا نحن لم يخلق الله تعالى سماء ولا أرضا ولا جنة ولا نارا ولا شمسا ولا قمرا ولا جنا ولا إنسا ، ويحك يا جابر لا يقاس بنا أحد ، يا جابر بنا والله أنقذكم الله ، وبنا نعشكم ، وبنا هداكم ، ونحن والله دللنا لكم على ربكم فقفوا عند أمرنا ونهينا ، ولا تردوا علينا ما أوردنا عليكم فانا بنعم الله أجل وأعظم من أن يرد علينا ، وجميع ما يرد عليكم منا فما فهمتموه فاحمدوا الله عليه ، وما جهلتموه فردوه إلينا ، وقولوا : أئمتنا أعلم بما قالوا .

    قال جابر رضوان الله عليه : ثم استقبله أمير المدينة المقيم بها من قبل بني أمية قد نكب ونكب حواليه حرمته وهو ينادي : معاشر الناس أحضروا ابن رسول الله علي بن الحسين وتقربوا به إلى الله تعالى وتضرعوا إليه وأظهروا التوبة والإنابة لعل الله يصرف عنكم العذاب .

    قال جابر : - رفع الله درجته - فلما بصر الأمير بالباقر محمد بن علي سارع نحوه فقال : يا ابن رسول الله أما ترى ما نزل بأمة محمد وقد هلكوا وفنوا ثم قال له : أين أبوك حتى نسأله أن يخرج معنا إلى المسجد فنتقرب به إلى الله تعالى فيرفع عن أمة محمد البلاء فقال الباقر : يفعل إن شاء الله تعالى ، ولكن أصلحوا من أنفسكم ، وعليكم بالتوبة والنزوع عما أنتم عليه ، فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون . قال جابر رضوان الله عليه : فأتينا زين العابدين بأجمعنا وهو يصلي ، فانتظرنا حتى انفتل وأقبل علينا ، ثم قال لابنه سرا : يا محمد كدت أن تهلك الناس جميعا قال جابر : قلت : والله يا سيدي ما شعرت بتحريكه حين حركه .

    فقال : يا جابر لو شعرت بتحريكه ما بقي عليها نافخ نار ، فما خبر الناس ؟ فأخبرناه ، فقال : ذلك مما استحلوا منا محارم الله ، وانتهكوا من حرمتنا فقلت : يا ابن رسول الله إن سلطانهم بالباب قد سألنا أن نسألك أن تحضر المسجد حتى تجتمع الناس إليك يدعون ويتضرعون إليه ويسألونه الإقالة فتبسم ثم تلا " أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال " ، قلت : يا سيدي ومولاي العجب أنهم لا يدرون من أين اتوا فقال : أجل ثم تلا " فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وكانوا بآياتنا يجحدون " هي والله يا جابر آياتنا ، وهذه والله إحداها ، وهي مما وصف الله تعالى في كتابه " بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون " ثم قال : يا جابر ما ظنك بقوم أماتوا سنتنا وضيعوا عهدنا ، ووالوا أعداءنا ، وانتهكوا حرمتنا ، وظلمونا حقنا ، وغصبونا إرثنا ، وأعانوا الظالمين علينا ، وأحيوا سنتهم ، وساروا سيرة الفاسقين الكافرين في فساد الدين وإطفاء نور الحق ، قال جابر : فقلت : الحمد لله الذي من علي بمعرفتكم ، وعرفني فضلكم وألهمني طاعتكم ووفقني لموالاة أوليائكم ، ومعاداة أعدائكم ، فقال : يا جابر أتدري ما المعرفة ؟ فسكت جابر ، فأورد عليه ، الخبر بطوله .

    بيان : قال الفيروزآبادي : الشأفة قرحة تخرج في أسفل القدم فتكوى فتذهب ، فإذا قطعت مات صاحبها ، والأصل ، واستأصل الله شأفته أذهبه كما تذهب تلك القرحة ، أو معناه أزاله من أصله انتهى . ومالأه على الامر ساعده وشايعه ، قوله : بعينك أي بعلمك ، قوله : أبقيت عليك أي رحمتك ، وفي بعض النسخ بقيت عليك بقية أي لم يأت زمان هلاك جميعهم والسحق البعد ، والعواتق : جمع العاتق وهي الجارية الشابة أول ما تدرك ، والخدور جمع الخدر بالكسر وهي ناحية من البيت يترك عليها ستر فيكون فيها الجارية البكر وقوله : نكب على البناء للمفعول من قولهم نكبه الدهر أي بلغ منه أو أصابه بنكبة .

    - الاختصاص : ابن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن مالك بن عطية ، عن أبي عبد الله قال : كنت أسير مع أبي في طريق مكة ونحن على ناقتين ، فلما صرنا بوادي ضجنان خرج علينا رجل في عنقه سلسلة يسحبها فقال : يا ابن رسول الله اسقني سقاك الله ، فتبعه رجل آخر فاجتذب السلسلة ، وقال : يا ابن رسول الله لا تسقه لا سقاه الله ، فالتفت إلي أبي فقال : يا جعفر عرفت هذا ؟ هذا معاوية ، لعنه الله .

    - الاختصاص * بصائر الدرجات : عنه ، عن محمد بن المثنى ، عن أبيه ، عن عثمان بن زيد ، عن جابر ، عن أبي جعفر قال : سألته عن قول الله عز وجل " وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض " قال : فكنت مطرقا إلى الأرض فرفع يده إلى فوق ، ثم قال لي : ارفع رأسك فرفعت رأسي ، فنظرت إلى السقف قد انفجر حتى خلص بصري إلى نور ساطع حار بصري دونه ، قال : ثم قال لي : رأى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض هكذا ، ثم قال لي : أطرق فأطرقت ثم قال لي : ارفع رأسك فرفعت رأسي ، قال : فإذا السقف على حاله ، قال : ثم أخذ بيدي وقام وأخرجني من البيت الذي كنت فيه ، وأدخلني بيتا آخر ، فخلع ثيابه التي كانت عليه ولبس ثيابا غيرها .

    ثم قال لي : غض بصرك ، فغضضت بصري وقال لي : لا تفتح عينيك ، فلبثت ساعة ثم قال لي : أتدري أين أنت ؟ قلت : لا جعلت فداك ، فقال لي : أنت في الظلمة التي سلكها ذو القرنين ، فقلت له : جعلت فداك أتأذن لي أن أفتح عيني ؟ فقال لي : افتح فإنك لا ترى شيئا ، ففتحت عيني فإذا أنا في ظلمة لا أبصر فيها موضع قدمي ، ثم سار قليلا ووقف ، فقال لي : هل تدري أين أنت ؟ قلت : لا ، قال : أنت واقف على عين الحياة التي شرب منها الخضر .

    وخرجنا من ذلك العالم إلى عالم آخر فسلكنا فيه فرأينا كهيئة عالمنا في بنائه ومساكنه وأهله ، ثم خرجنا إلى عالم ثالث كهيئة الأول والثاني ، حتى وردنا خمسة عوالم ، قال ثم قال : هذه ملكوت الأرض ولم يرها إبراهيم ، وإنما رأى ملكوت السماوات وهي اثنا عشر عالما ، كل عالم كهيئة ما رأيت ، كلما مضى منا إمام سكن أحد هذه العوالم ، حتى يكون آخرهم القائم في عالمنا الذي نحن ساكنوه ، قال : ثم قال لي : غض بصرك فغضضت بصري ، ثم أخذ بيدي فإذا نحن في البيت الذي خرجنا منه فنزع تلك الثياب ولبس الثياب التي كانت عليه وعدنا إلى مجلسنا ، فقلت : جعلت فداك كم مضى من النهار ؟ قال : ثلاث ساعات .

    بيان : قوله : ولم يرها إبراهيم ، لعل المعنى أن إبراهيم لم ير ملكوت جميع الأرضين وإنما رأى ملكوت أرض واحدة ، ولذا أتى الله تعالى الأرض بصيغة المفرد ، ويحتمل أن يكون في قرائتهم عليهم السلام الأرض بالنصب .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، وأبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار جميعا ، عن علي بن حديد ، عن جميل بن دراج ، عن زرارة قال : كان أبو جعفر في المسجد الحرام فذكر بني أمية ودولتهم ، وقال له بعض أصحابه : إنما نرجو أن تكون صاحبهم وأن يظهر الله عز وجل هذا الامر على يدك ، فقال : ما أنا بصاحبهم ولا يسرني أن أكون صاحبهم ، إن أصحابهم أولاد الزنا إن الله تبارك وتعالى لم يخلق منذ خلق السماوات والأرض سنين ولا أياما أقصر من سنيهم وأيامهم ، إن الله عز وجل يأمر الملك الذي في يده الفلك فيطويه طيا .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحديث الخيط

    - عيون المعجزات المنسوب إلى المرتضى رحمه الله مرفوعا ، عن جابر قال : لما أفضت الخلافة إلى بني أمية سفكوا في أيامهم الدم الحرام ، ولعنوا أمير المؤمنين على منابرهم ألف شهر ، واغتالوا شيعته في البلدان وقتلوهم واستأصلوا شأفتهم ، ومالأتهم على ذلك علماء السوء رغبة في حطام الدنيا وصارت محنتهم على الشيعة لعن أمير المؤمنين ، فمن لم يلعنه قتلوه ، فلما فشا ذلك في الشيعة وكثر وطال ، اشتكت الشيعة إلى زين العابدين وقالوا : يا ابن رسول الله أجلونا عن البلدان ، وأفنونا بالقتل الذريع ، وقد أعلنوا لعن أمير المؤمنين في البلدان وفي مسجد رسول الله وعلى منبره ، ولا ينكر عليهم منكر ، ولا يغير عليهم مغير ، فإن أنكر واحد منا على لعنه قالوا : هذا ترابي ورفع ذلك إلى سلطانهم وكتب إليه إن هذا ذكر أبا تراب بخير حتى ضرب وحبس ثم قتل ، فلما سمع ذلك نظر إلى السماء وقال : سبحانك ما أعظم شأنك إنك أمهلت عبادك حتى ظنوا أنك أهملتهم ، وهذا كله بعينك إذ لا يغلب قضاءك ولا يرد تدبير محتوم أمرك فهو كيف شئت وأنى شئت لما أنت أعلم به منا .
    ثم دعا بابنه محمد بن علي الباقر فقال : يا محمد قال : لبيك قال : إذا كان غدا فاغد إلى مسجد رسول الله وخذ الخيط الذي نزل به جبرئيل على رسول الله فحركه تحريكا لينا ، ولا تحركه تحريكا شديدا فيهلكوا جميعا قال جابر رضوان الله عليه : فبقيت متعجبا من قوله لا أدري ما أقول ، فلما كان من الغد جئته ، وكان قد طال علي ليلي حرصا لأنظر ما يكون من أمر الخيط ، فبينما أنا بالباب إذ خرج فسلمت عليه فرد السلام وقال : ما غدا بك يا جابر ولم تكن تأتينا في هذا الوقت ؟ فقلت له : لقول الإمام بالأمس خذ الخيط الذي أتى به جبرئيل وصر إلى مسجد جدك وحركه تحريكا لينا ولا تحركه تحريكا شديدا فتهلك الناس جميعا ، قال الباقر : لولا الوقت المعلوم والأجل المحتوم والقدر المقدور لخسفت بهذا الخلق المنكوس في طرفة عين بل في لحظة ولكنا عباد مكرمون لا نسبقه بالقول وبأمره نعمل يا جابر ، قال جابر : فقلت : يا سيدي ومولاي ولم تفعل بهم هذا ؟ فقال لي : أما حضرت بالأمس والشيعة تشكو إلى أبي ما يلقون من هؤلاء ؟ فقلت : يا سيدي ومولاي نعم ، فقال : إنه أمرني أن أرعبهم لعلهم ينتهون ، وكنت أحب أن تهلك طائفة منهم ويطهر الله البلاد والعباد منهم .

    قال جابر رضوان الله عليه : فقلت : سيدي ومولاي كيف ترعبهم وهم أكثر من أن يحصوا ؟ فقال الباقر : امض بنا إلى مسجد رسول الله لأريك قدرة من قدرة الله تعالى التي خصنا بها ، وما من به علينا من دون الناس .

    فقال جابر رضوان الله عليه : فمضيت معه إلى المسجد فصلى ركعتين ثم وضع خده على التراب وتكلم بكلام ثم رفع رأسه وأخرج من كمه خيطا دقيقا فاحت منه رائحة المسك ، فكان في المنظر أدق من سم الخياط ، ثم قال لي : خذ يا جابر إليك طرف الخيط وامض رويدا ، وإياك أن تحركه ، قال : فأخذت طرف الخيط ومشيت رويدا ، فقال : قف يا جابر فوقفت ، ثم حرك الخيط تحريكا خفيفا ما ظننت أنه حركه من لينه ، ثم قال : ناولني طرف الخيط فناولته وقلت : ما فعلت به يا سيدي ؟ قال : ويحك اخرج فانظر ما حال الناس .

    قال جابر رضوان الله عليه : فخرجت من المسجد وإذا الناس في صياح واحد والصائحة من كل جانب ، فإذا بالمدينة قد زلزلت زلزلة شديدة وأخذتهم الرجفة والهدمة ، وقد خربت أكثر دور المدينة وهلك منها أكثر من ثلاثين ألفا رجالا ونساء دون الولدان ، وإذ الناس في صياح وبكاء وعويل ، وهم يقولون إنا لله وإنا إليه راجعون خربت دار فلان وخرب أهلها ، ورأيت الناس فزعين إلى مسجد رسول الله وهم يقولون : كانت هدمة عظيمة ، وبعضهم يقول : قد كانت زلزلة ، وبعضهم يقول : كيف لا نخسف وقد تركنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وظهر فينا الفسق والفجور ، وظلم آل رسول الله والله ليزلزل بنا أشد من هذا وأعظم أو نصلح من أنفسنا ما أفسدنا .

    قال جابر - ره - : فبقيت متحيرا أنظر إلى الناس حيارى يبكون ، فأبكاني بكاؤهم وهم لا يدرون من أين اتوا ، فانصرفت إلى الباقر وقد حف به الناس في مسجد رسول الله وهم يقولون يا ابن رسول الله أما ترى إلى ما نزل بنا ؟ فادع الله لنا ، فقال لهم : افزعوا إلى الصلاة والدعاء والصدقة ، ثم أخذ بيدي وسار بي ، فقال لي : ما حال الناس ؟ فقلت : لا تسأل يا ابن رسول الله ، خربت الدور والمساكن ، وهلك الناس ورأيتهم بحال رحمتهم ، فقال : لا رحمهم الله أما إنه قد أبقيت عليك بقية ، ولولا ذلك لم ترحم أعداءنا وأعداء أوليائنا ، ثم قال : سحقا سحقا وبعدا للقوم الظالمين ، والله لولا مخافة مخالفة والذي لزدت في التحريك وأهلكتهم أجمعين ، وجعلت أعلاها أسفلها ، فكان لا يبقى فيها دار ولا جدار ، فما أنزلونا وأولياءنا من أعدائنا هذه المنزلة غيرهم ، ولكني أمرني مولاي أن أحرك تحريكا ساكنا ، ثم صعد المنارة وأنا أراه والناس لا يرونه فمد يده وأدارها حول المنارة ، فزلزلت المدينة زلزلة خفيفة وتهدمت دور ، ثم تلا الباقر " ذلك جزيناهم ببغيهم وهل نجازي إلا الكفور " وتلا أيضا " فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها " وتلا " فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون " .

    قال جابر : فخرجت العواتق من خدورهن في الزلزلة الثانية يبكين و يتضرعن منكشفات لا يلتفت إليهن أحد ، فلما نظر الباقر إلى تحير العواتق رق لهن ، فوضع الخيط في كمه وسكنت الزلزلة ، ثم نزل عن المنارة والناس لا يرونه ، وأخذ بيدي حتى خرجنا من المسجد ، فمررنا بحداد اجتمع الناس بباب حانوته والحداد يقول : أما سمعتم الهمهمة في الهدم ؟ فقال بعضهم : بل كانت همهمة كثيرة ، وقال قوم آخرون : بل والله كلام كثير إلا أنا لم نقف على الكلام .

    قال جابر رضوان الله عليه : فنظر إلي الباقر وتبسم ، ثم قال : يا جابر هذا لما طغوا وبغوا ، فقلت : يا ابن رسول الله ما هذا الخيط الذي فيه العجب ؟ فقال : " بقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة " ، ونزل به جبرئيل ويحك يا جابر إنا من الله تعالى بمكان ومنزلة رفيعة ، فلو لا نحن لم يخلق الله تعالى سماء ولا أرضا ولا جنة ولا نارا ولا شمسا ولا قمرا ولا جنا ولا إنسا ، ويحك يا جابر لا يقاس بنا أحد ، يا جابر بنا والله أنقذكم الله ، وبنا نعشكم ، وبنا هداكم ، ونحن والله دللنا لكم على ربكم فقفوا عند أمرنا ونهينا ، ولا تردوا علينا ما أوردنا عليكم فانا بنعم الله أجل وأعظم من أن يرد علينا ، وجميع ما يرد عليكم منا فما فهمتموه فاحمدوا الله عليه ، وما جهلتموه فردوه إلينا ، وقولوا : أئمتنا أعلم بما قالوا .

    قال جابر رضوان الله عليه : ثم استقبله أمير المدينة المقيم بها من قبل بني أمية قد نكب ونكب حواليه حرمته وهو ينادي : معاشر الناس أحضروا ابن رسول الله علي بن الحسين وتقربوا به إلى الله تعالى وتضرعوا إليه وأظهروا التوبة والإنابة لعل الله يصرف عنكم العذاب .

    قال جابر : - رفع الله درجته - فلما بصر الأمير بالباقر محمد بن علي سارع نحوه فقال : يا ابن رسول الله أما ترى ما نزل بأمة محمد وقد هلكوا وفنوا ثم قال له : أين أبوك حتى نسأله أن يخرج معنا إلى المسجد فنتقرب به إلى الله تعالى فيرفع عن أمة محمد البلاء فقال الباقر : يفعل إن شاء الله تعالى ، ولكن أصلحوا من أنفسكم ، وعليكم بالتوبة والنزوع عما أنتم عليه ، فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون . قال جابر رضوان الله عليه : فأتينا زين العابدين بأجمعنا وهو يصلي ، فانتظرنا حتى انفتل وأقبل علينا ، ثم قال لابنه سرا : يا محمد كدت أن تهلك الناس جميعا قال جابر : قلت : والله يا سيدي ما شعرت بتحريكه حين حركه .

    فقال : يا جابر لو شعرت بتحريكه ما بقي عليها نافخ نار ، فما خبر الناس ؟ فأخبرناه ، فقال : ذلك مما استحلوا منا محارم الله ، وانتهكوا من حرمتنا فقلت : يا ابن رسول الله إن سلطانهم بالباب قد سألنا أن نسألك أن تحضر المسجد حتى تجتمع الناس إليك يدعون ويتضرعون إليه ويسألونه الإقالة فتبسم ثم تلا " أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال " ، قلت : يا سيدي ومولاي العجب أنهم لا يدرون من أين اتوا فقال : أجل ثم تلا " فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وكانوا بآياتنا يجحدون " هي والله يا جابر آياتنا ، وهذه والله إحداها ، وهي مما وصف الله تعالى في كتابه " بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون " ثم قال : يا جابر ما ظنك بقوم أماتوا سنتنا وضيعوا عهدنا ، ووالوا أعداءنا ، وانتهكوا حرمتنا ، وظلمونا حقنا ، وغصبونا إرثنا ، وأعانوا الظالمين علينا ، وأحيوا سنتهم ، وساروا سيرة الفاسقين الكافرين في فساد الدين وإطفاء نور الحق ، قال جابر : فقلت : الحمد لله الذي من علي بمعرفتكم ، وعرفني فضلكم وألهمني طاعتكم ووفقني لموالاة أوليائكم ، ومعاداة أعدائكم ، فقال : يا جابر أتدري ما المعرفة ؟ فسكت جابر ، فأورد عليه ، الخبر بطوله .

    بيان : قال الفيروزآبادي : الشأفة قرحة تخرج في أسفل القدم فتكوى فتذهب ، فإذا قطعت مات صاحبها ، والأصل ، واستأصل الله شأفته أذهبه كما تذهب تلك القرحة ، أو معناه أزاله من أصله انتهى . ومالأه على الامر ساعده وشايعه ، قوله : بعينك أي بعلمك ، قوله : أبقيت عليك أي رحمتك ، وفي بعض النسخ بقيت عليك بقية أي لم يأت زمان هلاك جميعهم والسحق البعد ، والعواتق : جمع العاتق وهي الجارية الشابة أول ما تدرك ، والخدور جمع الخدر بالكسر وهي ناحية من البيت يترك عليها ستر فيكون فيها الجارية البكر وقوله : نكب على البناء للمفعول من قولهم نكبه الدهر أي بلغ منه أو أصابه بنكبة .

    - الاختصاص : ابن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن مالك بن عطية ، عن أبي عبد الله قال : كنت أسير مع أبي في طريق مكة ونحن على ناقتين ، فلما صرنا بوادي ضجنان خرج علينا رجل في عنقه سلسلة يسحبها فقال : يا ابن رسول الله اسقني سقاك الله ، فتبعه رجل آخر فاجتذب السلسلة ، وقال : يا ابن رسول الله لا تسقه لا سقاه الله ، فالتفت إلي أبي فقال : يا جعفر عرفت هذا ؟ هذا معاوية ، لعنه الله .

    - الاختصاص * بصائر الدرجات : عنه ، عن محمد بن المثنى ، عن أبيه ، عن عثمان بن زيد ، عن جابر ، عن أبي جعفر قال : سألته عن قول الله عز وجل " وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض " قال : فكنت مطرقا إلى الأرض فرفع يده إلى فوق ، ثم قال لي : ارفع رأسك فرفعت رأسي ، فنظرت إلى السقف قد انفجر حتى خلص بصري إلى نور ساطع حار بصري دونه ، قال : ثم قال لي : رأى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض هكذا ، ثم قال لي : أطرق فأطرقت ثم قال لي : ارفع رأسك فرفعت رأسي ، قال : فإذا السقف على حاله ، قال : ثم أخذ بيدي وقام وأخرجني من البيت الذي كنت فيه ، وأدخلني بيتا آخر ، فخلع ثيابه التي كانت عليه ولبس ثيابا غيرها .

    ثم قال لي : غض بصرك ، فغضضت بصري وقال لي : لا تفتح عينيك ، فلبثت ساعة ثم قال لي : أتدري أين أنت ؟ قلت : لا جعلت فداك ، فقال لي : أنت في الظلمة التي سلكها ذو القرنين ، فقلت له : جعلت فداك أتأذن لي أن أفتح عيني ؟ فقال لي : افتح فإنك لا ترى شيئا ، ففتحت عيني فإذا أنا في ظلمة لا أبصر فيها موضع قدمي ، ثم سار قليلا ووقف ، فقال لي : هل تدري أين أنت ؟ قلت : لا ، قال : أنت واقف على عين الحياة التي شرب منها الخضر .

    وخرجنا من ذلك العالم إلى عالم آخر فسلكنا فيه فرأينا كهيئة عالمنا في بنائه ومساكنه وأهله ، ثم خرجنا إلى عالم ثالث كهيئة الأول والثاني ، حتى وردنا خمسة عوالم ، قال ثم قال : هذه ملكوت الأرض ولم يرها إبراهيم ، وإنما رأى ملكوت السماوات وهي اثنا عشر عالما ، كل عالم كهيئة ما رأيت ، كلما مضى منا إمام سكن أحد هذه العوالم ، حتى يكون آخرهم القائم في عالمنا الذي نحن ساكنوه ، قال : ثم قال لي : غض بصرك فغضضت بصري ، ثم أخذ بيدي فإذا نحن في البيت الذي خرجنا منه فنزع تلك الثياب ولبس الثياب التي كانت عليه وعدنا إلى مجلسنا ، فقلت : جعلت فداك كم مضى من النهار ؟ قال : ثلاث ساعات .

    بيان : قوله : ولم يرها إبراهيم ، لعل المعنى أن إبراهيم لم ير ملكوت جميع الأرضين وإنما رأى ملكوت أرض واحدة ، ولذا أتى الله تعالى الأرض بصيغة المفرد ، ويحتمل أن يكون في قرائتهم عليهم السلام الأرض بالنصب .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، وأبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار جميعا ، عن علي بن حديد ، عن جميل بن دراج ، عن زرارة قال : كان أبو جعفر في المسجد الحرام فذكر بني أمية ودولتهم ، وقال له بعض أصحابه : إنما نرجو أن تكون صاحبهم وأن يظهر الله عز وجل هذا الامر على يدك ، فقال : ما أنا بصاحبهم ولا يسرني أن أكون صاحبهم ، إن أصحابهم أولاد الزنا إن الله تبارك وتعالى لم يخلق منذ خلق السماوات والأرض سنين ولا أياما أقصر من سنيهم وأيامهم ، إن الله عز وجل يأمر الملك الذي في يده الفلك فيطويه طيا .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عبد الرحمان بن أبي هاشم عن عنبسة بن بجاد العابد ، عن جابر ، عن أبي جعفر قال : كنا عنده وذكروا سلطان بني أمية ، فقال أبو جعفر : لا يخرج على هشام أحد إلا قتله ، قال : وذكر ملكه عشرين سنة ، قال : فجزعنا ، فقال : ما لكم ؟ إذا أراد الله عز وجل أن يهلك سلطان قوم أمر الملك فأسرع بالسير الفلك فقدر على ما يريد ، قال : فقلنا لزيد هذه المقالة ، فقال : إني شهدت هشاما ورسول الله يسب عنده فلم ينكر ذلك ولم يغيره ، فوالله لو لم يكن إلا أنا وابني لخرجت عليه .

    بيان : يمكن أن يكون طي الفلك وسرعته في السير كناية عن تسبيب أسباب زوال ملكهم ، وأن يكون لكل ملك ودولة فلك غير الأفلاك المعروفة السير ، ويكون الاسراع والابطاء في حركة ذلك الفلك ليوافق ما قدر لهم من عدد دوراته .

    حسين ، عن عبد الرحمان بن أبي هاشم عن عنبسة بن بجاد العابد ، عن جابر ، عن أبي جعفر قال : كنا عنده وذكروا سلطان بني أمية ، فقال أبو جعفر : لا يخرج على هشام أحد إلا قتله ، قال : وذكر ملكه عشرين سنة ، قال : فجزعنا ، فقال : ما لكم ؟ إذا أراد الله عز وجل أن يهلك سلطان قوم أمر الملك فأسرع بالسير الفلك فقدر على ما يريد ، قال : فقلنا لزيد هذه المقالة ، فقال : إني شهدت هشاما ورسول الله يسب عنده فلم ينكر ذلك ولم يغيره ، فوالله لو لم يكن إلا أنا وابني لخرجت عليه .

    بيان : يمكن أن يكون طي الفلك وسرعته في السير كناية عن تسبيب أسباب زوال ملكهم ، وأن يكون لكل ملك ودولة فلك غير الأفلاك المعروفة السير ، ويكون الاسراع والابطاء في حركة ذلك الفلك ليوافق ما قدر لهم من عدد دوراته .



  8. #8
    صديق مؤسس
    صاحبة الامتياز
    معجزاته و معالي أموره و غرائب

    شبه الجنون الذي اعترى جابر بن يزيد الجعفي


    - الكافي : علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن محمد بن أورمة ، عن أحمد بن النضر ، عن النعمان بن بشير ، قال : كنت مزاملا لجابر بن يزيد الجعفي فلما أن كنا بالمدينة ، دخل على أبي جعفر فودعه وخرج من عنده وهو مسرور ، حتى وردنا الأخيرجة - أول منزل تعدل من فيد إلى المدينة - يوم جمعة فصلينا الزوال ، فلما نهض بنا البعير إذا أنا برجل طوال آدم معه كتاب فناوله فقبله ووضعه على عينيه ، وإذا هو من محمد بن علي إلى جابر بن يزيد وعليه طين أسود رطب ، فقال له : متى عهدك بسيدي ؟ فقال : الساعة ، فقال له : قبل الصلاة أو بعد الصلاة ؟ فقال : بعد الصلاة ، قال : ففك الخاتم وأقبل يقرأه و يقبض وجهه حتى أتى على آخره ، ثم أمسك الكتاب فما رأيته ضاحكا ولا مسرورا حتى وافى الكوفة . فلما وفينا الكوفة ليلا بت ليلتي ، فلما أصبحت أتيته إعظاما له ، فوجدته قد خرج علي وفي عنقه كعاب قد علقها وقد ركب قصبة وهو يقول أجد منصور ابن جمهور أميرا غير مأمور وأبياتا من نحو هذا ، فنظر في وجهي ونظرت في وجهه فلم يقل لي شيئا ولم أقل له وأقبلت أبكي لما رأيته ، واجتمع علي وعليه الصبيانوالناس وجاء حتى دخل الرحبة وأقبل يدور مع الصبيان والناس يقولون : جن جابر ابن يزيد ، فوالله ما مضت الأيام حتى ورد كتاب هشام عبد الملك إلى واليه أن انظر رجلا يقال له : جابر بن يزيد الجعفي فاضرب عنقه وابعث إلي برأسه فالتفت إلى جلسائه فقال لهم : من جابر بن يزيد الجعفي ؟ قالوا : أصلحك الله كان رجلا له علم وفضل وحديث وحج فجن وهو ذا في الرحبة مع الصبيان على القصب يلعب معهم ، قال : فأشرف عليه فإذا هو مع الصبيان يلعب على القصب ، فقال : الحمد لله الذي عافاني من قتله ، قال : ولم تمض الأيام حتى دخل منصور بن جمهور الكوفة وصنع ما كان يقول جابر.
    بيان : فيد : منزل بطريق مكة ، والمعنى أنك إذا توجهت من فيد إلى المدينة فهو أول منازلك ، والحاصل : أن الطريق من الكوفة إلى مكة وإلى المدينة مشتركان إلى فيد ثم يفترق الطريقان ، فإذا ذهبت إلى المدينة عادلا عن طريق مكة فأول منزل تنزله الأخيرجة .

    وقيل : أراد به أن المسافة بين الأخيرجة وبين المدينة كالمسافة بين فيد والمدينة .

    وقيل : المعنى أن المسافة بينها وبين الكوفة كانت مثل ما بين فيد والمدينة وما ذكرنا أظهر . ومنصور بن جمهور كان واليا بالكوفة ولاه يزيد بن الوليد من خلفاء بني أمية بعد عزل يوسف بن عمر في سنة ست وعشرين ومائة ، وكان بعد وفات الباقر باثنتي عشرة سنة ، ولعل جابرا رحمه الله أخبر بذلك فيما أخبر من وقائع الكوفة .

    - بصائر الدرجات : محمد بن الحسين ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن سدير الصيرفي قال : أوصاني أبو جعفر بحوائج له بالمدينة قال : فبينا أنا في فخ الروحاء على راحلتي إذا انسان يلوي بثوبه ، قال : فملت إليه وظننت أنه عطشان فناولته الأداوة ، قال : فقال : لا حاجة لي بها ، ثم ناولني كتابا طينه رطب ، قال : فلما نظرت إلى ختمه إذا هو خاتم أبي جعفر ، فقلت له : متى عهدك بصاحب الكتاب ؟ قال : الساعة ، قال : فإذا فيه أشياء يأمرني بها ، قال : ثم التفت فإذا ليس عندي أحد ، قال : فقدم أبو جعفر فلقيته ، فقلت له : جعلت فداك رجل أتاني بكتابك وطينه رطب ، قال : إذا عجل بنا أمر أرسلت بعضهم يعني الجن . وزاد فيه محمد بن الحسين بهذا الاسناد : يا سدير إن لنا خدما من الجن فإذا أردنا السرعة بعثناهم .

    - عيون المعجزات : روي أن حبابة الوالبية رحمها الله ، بقيت إلى إمامة أبي جعفر فدخلت عليه ، فقال : ما الذي أبطأ بك يا حبابة ؟ قالت : كبر سني وابيض رأسي وكثرت همومي ، فقال : ادني مني ، فدنت منه فوضع يده في مفرق رأسها ودعا لها بكلام لم نفهمه ، فاسود شعر رأسها وعاد حالكا وصارت شابة ، فسرت بذلك وسر أبو جعفر لسرورها ، فقالت : بالذي أخذ ميثاقك على النبيين أي شئ كنتم في الأظلة ؟ فقال : يا حبابة نورا قبل أن خلق الله آدم نسبح الله سبحانه فسبحت الملائكة بتسبيحنا ، ولم تكن قبل ذلك ، فلما خلق الله تعالى آدم أجرى ذلك النور فيه .

    - منتخب البصائر : عن أبي سليمان بن داود ، بإسناده عن سهل بن زياد ، عن عثمان بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي جعفر : أنا مولاك ومن شيعتك ضعيف ضرير فاضمن لي الجنة ، قال : أولا أعطيك علامة الأئمة ؟ قلت : وما عليك أن تجمعها لي ، قال : وتحب ذلك ؟ قلت : وكيف لا أحب ، فما زاد أن مسح على بصري فأبصرت جميع الأئمة عنده في السقيفة التي كان فيها جالسا ، قال : يا أبا محمد مد بصرك فانظر ماذا ترى بعينك ؟ قال : فوالله ما أبصرت إلا كلبا أو خنزيرا أو قردا قلت : ما هذا الخلق الممسوخ ؟ قال : هذا الذي ترى هو السواد الأعظم ، ولو كشف للناس ما نظر الشيعة إلى من خالفهم إلا في هذه الصورة ، ثم قال : يا أبا محمد إن أحببت تركتك على حالك هذا وإن أحببت ضمنت لك على الله الجنة ورددتك إلى حالك الأول ، قلت : لا حاجة لي في النظر إلى هذا الخلق المنكوس ردني ردني إلى حالتي فما للجنة عوض ، فمسح يده على عيني فرجعت كما كنت .

    قد مضى أخبار ظهور الملائكة والجن له في كتاب الإمامة وسيأتي كثير من معجزاته في الأبواب الآتية .



    علمه بالغائب وعدم إحراق النار بيته

    - الكتاب العتيق الغروي : عبد الله بن محمد المروزي عن عمارة بن زيد ، عن عبد الله بن العلا عن الصادق قال : كنت مع أبي وبيننا قوم من الأنصار إذ أتاه آت ، فقال له : الحق فقد احترقت دارك ، فقال : يا بني ما احترقت ، فذهب ثم لم يلبث أن عاد فقال : قد والله احترقت دارك ، فقال : يا بني والله ما احترقت ، فذهب ثم لم يلبث أن عاد ومعه جماعة من أهلنا وموالينا يبكون ويقولون قد احترقت دارك ، فقال : كلا والله ما احترقت ولا كذبت ولا كذبت وأنا أوثق بما في يدي منكم ومما أبصرت أعينكم ، وقام أبي وقمت معه حتى انتهوا إلى منازلنا والنار مشتعلة عن أيمان منازلنا ، وعن شمائلها ومن كل جانب منها ، ثم عدل إلى المسجد فخر ساجدا ، وقال في سجوده : وعزتك وجلالك لا رفعت رأسي من سجودي أو تطفيها قال : فوالله ما رفع رأسه حتى طفئت واحترق ما حولها وسلمت منازلنا ، ثم ذكر أن ذلك لدعاء كان قرأه .
    سيأتي ذكر الدعاء في موضعه انشاء الله .



    علمه بالغائب وعدم إحراق النار بيته

    - الكتاب العتيق الغروي : عبد الله بن محمد المروزي عن عمارة بن زيد ، عن عبد الله بن العلا عن الصادق قال : كنت مع أبي وبيننا قوم من الأنصار إذ أتاه آت ، فقال له : الحق فقد احترقت دارك ، فقال : يا بني ما احترقت ، فذهب ثم لم يلبث أن عاد فقال : قد والله احترقت دارك ، فقال : يا بني والله ما احترقت ، فذهب ثم لم يلبث أن عاد ومعه جماعة من أهلنا وموالينا يبكون ويقولون قد احترقت دارك ، فقال : كلا والله ما احترقت ولا كذبت ولا كذبت وأنا أوثق بما في يدي منكم ومما أبصرت أعينكم ، وقام أبي وقمت معه حتى انتهوا إلى منازلنا والنار مشتعلة عن أيمان منازلنا ، وعن شمائلها ومن كل جانب منها ، ثم عدل إلى المسجد فخر ساجدا ، وقال في سجوده : وعزتك وجلالك لا رفعت رأسي من سجودي أو تطفيها قال : فوالله ما رفع رأسه حتى طفئت واحترق ما حولها وسلمت منازلنا ، ثم ذكر أن ذلك لدعاء كان قرأه .
    سيأتي ذكر الدعاء في موضعه انشاء الله .




    من مكاتيبه ورسائله

    أما رسائله التي نقلتها لنا المصادر فهي كثيرة منها : رسالتان إلى سعد الخير رواهما الكليني ( رحمه الله ) ( ت / 329 ه‍ ) في روضة الكافي ، قال : كتب أبو جعفر إلى سعد الخير :
    بسم الله الرحمن الرحيم

    أما بعد : فإني أوصيك بتقوى الله ، فإن فيها السلامة من التلف ، والغنيمة في المنقلب ، إن الله تعالى يقي بالتقوى عن العبد ما عزب عنه عقله ، ويجلي بالتقوى عنه عماه وجهله ، وبالتقوى نجا نوح ومن معه في السفينة .

    وصالح ومن معه من الصاعقة ، وبالتقوى فاز الصابرون ، ونجت تلك العصب من المهالك ، ولهم إخوان على تلك الطريقة يلتمسون تلك الفضيلة ، نبذوا طغيانهم من التذاذ بالشهوات ، لما بلغهم في الكتاب من المثلات حمدوا ربهم على ما رزقهم وهو أهل الحمد ، وذموا أنفسهم على ما فرطوا وهم أهل الذم ، وعلموا أن الله تعالى الحليم العليم ، إنما غضبه على من لم يقبل منه رضاه ، وإنما يمنع من لم يقبل منه عطاه ، وإنما يضل من لم يقبل منه هداه ثم أمكن أهل السيئات من التوبة بتبديل الحسنات ، دعا عباده في الكتاب إلى ذلك بصوت رفيع لم ينقطع ، ولم يمنع دعاء عباده ، فلعن الله الذين يكتمون ما أنزل الله ، وكتب على نفسه الرحمة ، فسبقت قبل الغضب ، فتمت صدقا وعدلا فليس يبتدئ العباد بالغضب قبل أن يغضبوه ، وذلك من علم اليقين .

    وعلم التقوى وكل أمة قد رفع الله عنهم علم الكتاب حين نبذوه ، ولاهم عدوهم حين تولوه ، وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه ، وحرفوا حدوده ، فهم يروونه ولا يرعونه ، والجهال يعجبهم حفظهم للرواية ، والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية ، وكان من نبذهم الكتاب أن ولوه الذين لا يعلمون ، فأوردوهم الهوى وأصدروهم إلى الردى ، وغيروا عرى الدين ، ثم ورثوه في السفه والصبا .

    فالأمة يصدرون عن أمر الناس بعد أمر الله تعالى ، وعليه يردون ، بئس للظالمين بدلا ولاية الناس بعد ولاية الله ، وثواب الناس بعد ثواب الله ، ورضا الناس بعد رضا الله ! فأصبحت الأمة كذلك وفيهم المجتهدون في العبادة على تلك الضلالة ، معجبون مفتونون ، فعبادتهم فتنة لهم ولمن اقتدى بهم ، وقد كان في الرسل ذكرى للعابدين ، إن نبيا من الأنبياء كان مستكمل الطاعة ، ثم عصى الله تعالى في الباب الواحد ، فيخرج به من الجنة . وينبذ به في بطن الحوت ، ثم لا ينجيه إلا الاعتراف والتوبة .

    فاعرف أشباه الأحبار والرهبان الذين ساروا بكتمان الكتاب وتحريفه ، فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين ، ثم اعرف أشباههم من هذه الأمة الذين أقاموا حروف الكتاب وحرفوا حدوده ، فهم مع السادة والكثرة فإذا تفرقت قادة الأهواء كانوا مع أكثرهم دنيا .

    ذلك مبلغهم من العلم ، لا يزالون كذلك في طمع وطبع ، فلا تزال تسمع صوت إبليس على ألسنتهم بباطل كثير ، يصبر منهم العلماء على الأذى والتعنيف ، ويعيبون على العلماء بالتكليف ، والعلماء في أنفسهم خانة إن كتموا النصيحة ، إن رأوا تائها ضالا لا يهدونه ، أو ميتا لا يحيونه ، فبئس ما يصنعون ، لأن الله تبارك وتعالى أخذ عليهم الميثاق في الكتاب أن يأمروا بالمعروف وبما أمروا به ، وأن ينهوا عما نهوا عنه ، وأن يتعاونوا على البر والتقوى ، ولا يتعاونوا على الإثم والعدوان ، فالعلماء من الجهال في جهد وجهاد ، إن وعظت ، قالوا : طغت ، وإن علموا الحق الذي تركوا ، قالوا : خالفت ، وإن اعتزلوهم قالوا : فارقت ، وإن قالوا : هاتوا برهانكم على ما تحدثون قالوا : نافقت .

    وإن أطاعوهم قالوا : عصيت الله عز وجل ، فهلكت جهال في ما لا يعلمون ، أميون في ما يتلون ، يصدقون بالكتاب عند التعريف ، ويكذبون به عند التحريف ، فلا ينكرون .

    أولئك أشباه الأحبار والرهبان ، قادة في الهوى ، سادة في الردى ، وآخرون منهم جلوس بين الضلالة والهدى ، لا يعرفون إحدى الطائفتين من الأخرى ، يقولون ما كان الناس يعرفون هذا ولا يدرون ما هو وصدقوا ، تركهم رسول الله على البيضاء ليلها من نهارها ، لم يظهر فيهم بدعة ، ولم تبدل فيهم سنة ، لا خلاف عندهم ولا اختلاف ، فلما غشي الناس ظلمة خطاياهم صاروا إمامين : داع إلى الله تعالى ، وداع إلى النار . فعند ذلك نطق الشيطان ، فعلا صوته على لسان أوليائه ، وكثر خيله ورجله ، وشارك في الأموال والولد من أشركه ، فعمل بالبدعة ، وترك الكتاب والسنة ، ونطق أولياء الله بالحجة ، وأخذوا بالكتاب والحكمة ، فتفرق من ذلك اليوم أهل الحق وأهل الباطل ، وتخاذل وتهاون أهل الهدى ، وتعاون أهل الضلالة ، حتى كانت هي الجماعة مع فلان وأشباهه . فاعرف هذا الصنف ، وصنفا آخر فأبصرهم رأي العين نجباء ، وألزمهم حتى ترد أهلك ، فإن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ، ألا ذلك هو الخسران المبين . وفي رواية محمد بن يحيى ، زيادة : " لهم علم بالطريق ، فإن كان دونهم بلاء فلا ينظر إليهم ، فإن كان دونهم عسف من أهل العسف وخسف ، ودونهم بلايا تنقضي . ثم تصير إلى رخاء .

    ثم اعلم أن إخوان الثقة ذخائر بعضهم لبعض ، ولولا أن تذهب بك الظنون عني لجليت لك عن أشياء من الحق غطيتها ، ولنشرت لك أشياء من الحق كتمتها ولكني أتقيك وأستبقيك ، وليس الحليم الذي لا يتقي أحدا في مكان التقوى والحلم لباس العالم ، فلا تعرين منه ، والسلام " .

    والرسالة الثانية ينقلها إلينا نفس المصدر وهي أيضا إلى سعد الخير ، حيث كتب إليه أبو جعفر يقول فيها :

    بسم الله الرحمن الرحيم

    أما بعد : فقد جاءني كتابك تذكر فيه معرفة ما لا ينبغي تركه ، وطاعة من رضى الله رضاه ، فقبلت من ذلك لنفسك ما كانت نفسك مرتهنة لو تركته . فعجب أن رضى الله وطاعته ونصيحته لا تقبل ولا توجد ولا تعرف إلا في عباد غرباء ، أخلاء من الناس ، قد اتخذتهم الناس سخريا لما يرمونهم به من المنكرات ، وكان يقال : " لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون أبغض إلى الناس من جيفة الحمار " ولولا أن يصيبك من البلاء مثل الذي أصابنا فتجعل فتنة الناس كعذاب الله - وأعيذك بالله وإيانا من ذلك - لقربت على بعد منزلتك .

    واعلم - رحمك الله - أنه لا تنال محبة الله إلا ببغض كثير من الناس ، ولا ولايته إلا بمعاداتهم ، وفوت ذلك قليل يسير لدرك ذلك من الله لقوم يعلمون .

    [ أ ] يا أخي إن الله عز وجل جعل في كل من الرسل بقايا من أهل العلم ، يدعون من ضل إلى الهدى ، ويصبرون معهم على الأذى ، يجيبون داعي الله ، ويدعون إلى الله ، فأبصرهم رحمك الله فإنهم في منزلة رفيعة ، وإن أصابتهم في الدنيا وضيعة ، إنهم يحيون بكتاب الله الموتى ، ويبصرون بنور الله من العمى .

    كم من قتيل لإبليس قد أحيوه ، وكم من تائه ضال قد هدوه ، يبذلون دماءهم دون هلكة العباد ، وما أحسن أثرهم على العباد ؟ ! وما أقبح آثار العباد عليهم ؟ ! " .

    وعن الاختصاص : ( قال : حدثني محمد بن أحمد الكوفي الخزاز ، عن أحمد بن محمد بن سعد الكوفي ، عن ابن فضال ، عن إسماعيل بن مهران ، عن أبي مسروق النهدي ، عن مالك بن عطية ، عن أبي حمزة قال : دخل سعد بن عبد الملك - وكان أبو جعفر يسميه سعد الخير وهو من ولد عبد العزيز بن مروان - على أبي جعفر فبينا ينشج كما تنشج النساء .

    قال : فقال له أبو جعفر : ما يبكيك يا سعد ؟ قال : وكيف لا أبكي وأنا من الشجرة الملعونة في القرآن ؟ ! فقال له : لست منهم أنت أموي منا أهل البيت ، أما سمعت قول الله عز وجل يحكي عن إبراهيم : ( فمن تبعني فإنه مني ) ، .

    وله كتب ورسائل أخرى إلى بعض خلفاء بني أمية كهشام بن عبد الملك وعمر بن عبد العزيز ، وإلى جابر الجعفي وعبد الله بن المبارك ، وكتبه في الإمامة وغيرها جاءت في مواضعها بعنوان وصايا أو مواعظ أو أجوبة . إلى هنا نكتفي من سرد هذه الحكم والمواعظ ، ومن الله سبحانه نستمد العون والتسديد .




    أسماء بعض الرجال الذين صحبوا الإمامين الباقر والصادق وأخذوا عنهم علوم الدين


    1 - ابان بن أبي عياش فيروز تابعي ، وينسب إليه وضع كتاب سليم بن قيس الهلالي .
    2 - إبراهيم بن جميل الكوفي وهو أخو طربال الكوفي .

    3 - إبراهيم بن حيان الأسدي الكوفي وقيل بن حنان ، نزل واسط .

    4 - إبراهيم بن صالح الأنماطي الكوفي يكنى أبا إسحاق ، وثقه الشيخ الطوسي ، وله كتاب الغيبة .

    5 - إبراهيم بن عبد الله الأحمري كوفي .

    6 - إبراهيم بن عبيد الأنصاري أبو غرة الأنصاري .

    7 - إبراهيم بن عمر الصنعاني اليماني قال النجاشي : شيخ من أصحابنا ، ثقة ، وله كتاب يرويه .

    8 - إبراهيم بن مرثد الكندي الأزدي أبو سفيان .

    9 - إبراهيم بن معاذ روى عن الامام الباقر في قوله تعالى : ( إن الذين ارتدوا على أدبارهم ) حديث التعاقد بين القوم .

    10 - إبراهيم بن معوض الكوفي وقيل بن مغرض .

    11 - إبراهيم بن نصر بن القعقاع الجعفي كوفي ، وثقه النجاشي ، صحيح الحديث .

    12 - أبو مرهف .

    13 - أبو هارون .

    14 - أبو هارون المكفوف ( واسمه موسى بن عمير ) .

    15 - أبو الورد بن القيس .

    16 - احمد بن عائذ بن حبيب الأحمسي البجلي ، مولى ، وثقه النجاشي ، وكان خلالا .

    17 - إسحاق بن الفضل بن يعقوب بن الفضل بن عبد الله بن الحرث بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب .

    18 - إسحاق بن عبد الله بن سعد بن مالك الأشعري القمي وثقه النجاشي .

    19 - إسحاق بن يزيد بن إسماعيل الطائي أبو يعقوب ، مولى ، كوفي ، وثقه النجاشي .

    20 - إسرائيل بن عباد المكي .

    21 - اسلم المكي القواس .

    22 - اسلم بن أيمن التميمي المنقري الكوفي .

    23 - إسماعيل بن أبي خالد .

    24 - إسماعيل بن جابر الخثعمي الكوفي وثقه الشيخ الطوسي ، ممدوح .

    25 - إسماعيل بن زياد البزاز الكوفي الأسدي تابعي .

    26 - إسماعيل بن سلمان الأزرق وقيل ابن سليمان ، يكنى أبا خالد .

    27 - إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب المدني تابعي ، من أصحاب الامام السجاد والباقر والصادق .

    28 - إسماعيل بن عبد الخالق بن عبد ربه الجعفي قال النجاشي : مولى بني أسد ، وجه من وجوه أصحابنا وفقيه من فقهائنا وهو من بيت الشيعة كلهم ثقات .

    29 - إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكوفي أبو محمد القرشي المفسر .

    30 - إسماعيل بن عبد العزيز .

    31 - أسيد بن القاسم .

    32 - بدر بن الخليل الأسدي أبو خليل الكوفي .

    33 - برد الإسكاف الأزدي الكوفي مولى ، له كتاب .

    34 - بسام بن عبد الله الصيرفي يكنى أبا عبد الله ، مولى بني هاشم .

    35 - بشر بن جعفر الجعفي أبو الوليد .

    36 - بشر بن يسار الضبعي أخو سعيد ، مولى بني ضبيعة بن عجل ، وثقه النجاشي .

    37 - بشير بن سلمان المدني .

    38 - بشير الرحال وقيل بشر الرحال .

    39 - بشير الكوفي أبو عبد الصمد بن بشر ( بشير ) .

    40 - بشير بن أبي أراكة ميمون بن سنجار الوابشي الهمداني النبال الكوفي .

    41 - بكر بن أبي حبيبة .

    42 - بكر بن خالد الكوفي .

    43 - بكر بن حبيب الأحمسي البجلي الكوفي وكنيته أبو مريم .

    44 - بكر بن كرب الصيرفي كوفي .

    45 - بكروية الكندي الكوفي .

    46 - بكير بن جندب الكوفي .

    47 - تميم بن زياد .

    48 - ثابت بن زائدة العكلي وقيل العجلي ، مولى ، كوفي .

    49 - ثابت بن هرمز الكوفي الحداد أبو المقدام العجلي وعده الكشي من البترية .

    50 - جارود بن السري التميمي السعدي الكوفي .

    51 - جارود بن المنذر الكندي النخاس كوفي ، وثقه النجاشي ، له كتاب .

    52 - جراح المدائني .

    53 - جعفر بن إبراهيم الجعفي .

    54 - جعفر بن عمرو بن ثابت العجلي الكوفي .

    55 - حارث بن المغيرة النصري من نصر بن معاوية ، بصرى ، وثقه النجاشي .

    56 - حارث بن حصيرة الأزدي أبو نعمان ، كوفي ، تابعي .

    57 - حبيب أبو عميرة الإسكاف كوفي ، تابعي .

    58 - حبيب بن المعلى السجستاني .

    59 - حبيب بن أبي ثابت الأسدي الكوفي أبو يحيى الأسدي ، من أصحاب الامام أمير المؤمنين ، تابعي ، وكان فقيه الكوفة ، أعور ، مات سنة 119 .

    ‍60 - حجاج بن أرطاة النخعي كوفي ، مات بالري في زمن الامام الباقر .

    61 - حجاج بن كثير الكوفي .

    62 - حسان بن مهران الجمال مولى ، وثقه النجاشي .

    63 - حسن بن السري الكاتب الكرخي .

    64 - حسن بن أبي سارة النيلي الأنصاري القرظي مولى ، ثقة .

    65 - حسن بن حبيش الأسدي وقيل بن خنيس ، الكوفي .

    66 - حسن بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب المدني المعروف بالحسن المثلث .

    67 - حسن بن رباط كوفي .

    68 - حسن بن زياد الصيقل يكنى أبا الوليد ، مولى ، كوفي .

    69 - حسن بن شهاب بن زيد البارقي الأزدي الكوفي .

    70 - حسن بن علي الأحمري الكوفي .

    71 - حسن بن المنذر .

    72 - حسين بن المنذر بن أبي طريفة ، ابن عم ( أبيه ) محمد بن علي بن النعمان ( مؤمن الطاق ) .

    73 - حسين بن أبي العلاء الخفاف أبو علي الأعور ، مولى ، له كتاب .

    74 - حسين بن حماد بن ميمون العبدي . مولى ، كوفي . له كتاب .

    75 - حسين بن حمزة الليثي الكوفي ابن بنت أبي حمزة الثمالي وثقه النجاشي .

    76 - حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن بن عبد المطلب تابعي .

    77 - حسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب تابعي ، مدني ، توفي في المدينة سنة 157 ه‍ ودفن بالبقيع ويكنى أبا عبد الله ، وله أربع وسبعون سنة ، وقال الشيخ المفيد عنه انه كان فاضلا ورعا وروى حديثا كثيرا عن أبيه الامام علي بن الحسين وأخيه الامام الباقر وعمته فاطمة بنت الحسين .

    78 - حسين بن مصعب .

    79 - حفص الأعور الكوفي وقيل بن عيسى الكناسي .

    80 - حفص بن غياث النخعي القاضي كوفي ، ولي القضاء ببغداد الشرقية لهارون ، ثم ولاه قضاء الكوفة ومات بها سنة 194 .

    ‍ 81- حكم بن الصلت الثقفي .

    82 - حكم بن المختار بن أبي عبيدة وكنيته أبو محمد ، وثقه الشيخ الطوسي .

    83 - حكيم بن صهيب الصيرفي أبو شبيب ، مولى بني ضبة .

    84 - حكيم بن معاوية .

    85 - حماد بن أبي العطارد الطائي الكوفي .

    86 - حماد بن بشير الطنافسي الكوفي .

    87 - حماد بن راشد الأزدي البزاز أبو العلاء الكوفي ، توفي سنة 156 .

    ‍ 88- حماد بن المغيرة .

    89 - حمزة بن حمران بن أعين الشيباني له كتاب .

    90 - حمزة بن محمد الطيار .

    91 - حمزة الليثي أبو الحسين ، ختن أبي حمزة الثمالي . كوفي .

    92 - خالد بن أبي كريمة .

    93 - خالد بن بكار الكوفي أبو العلاء الخفاف .

    94 - خالد بن أوفى الغنزي الشامي وكنيته أبو الربيع .

    95 - خالد بن طهمان الكوفي .

    96 - خيثمة بن عبد الرحمن الجعفي الكوفي .

    97 - ربيعة بن ناجذ بن كثير الكوفي أبو صادق الكوفي .

    98 - رفيد مولى بني هبيرة .

    99 - زكريا بن عبد الله النقاض الكوفي .

    100 - زياد الأحلام الكوفي مولى .

    101 - زياد الأسود البان الكوفي .

    102 - زياد بن أبي الحلال كوفي ، مولى ، وثقه النجاشي .

    103 - زياد بن أبي رجاء الكوفي وثقه الكشي .

    104 - زياد بن سوقة البجلي الكوفي تابعي ، كوفي ، مولى ، وثقه النجاشي .

    105 - زياد بن عيسى الحذاء كنيته أبو عبيدة ، كوفي ، وثقه النجاشي ، مات في حياة الامام الباقر .

    106 - زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الثائر الشهيد ( رضوان الله تعالى عليه ) .

    107 - زيد بن محمد بن يونس الشحام الكوفي مولى .

    108 - سالم المكي .

    109 - سعد بن أبي عمرو الجلاب .

    110 - سعد بن طريف الحنظلي مولاهم ، الإسكاف كوفي وكان قاضيا .

    111 - سلمة بن محرز .

    112 - سليم بن قيس الهلالي العامري الكوفي صاحب الامام أمير المؤمنين والامام الحسن والامام الحسين والامام السجاد ، والامام الباقر ، وله كتاب باسمه .

    113 - سورة بن كليب بن معاوية الأسدي .

    114 - شجرة بن ميمون أبي أراكة بن سنجار الوابشي الهمداني النبال الكوفي وثقه النجاشي في ترجمة ابنه علي بن شجرة .

    115 - صالح بن عقبة الأسدي له كتاب .

    116 - صالح بن ميثم الكوفي .

    117 - طاهر مولى أبي جعفر الباقر .

    118 - طربال بن رجاء .

    119 - طلحة بن زيد أبو الخزرج النهدي الشامي ، له كتاب .

    120 - ظريف بن ناصح أصله كوفي ، نشأ ببغداد ، وكان ثقة في حديثه ، صدوقا ، له كتب منها كتاب الديات وكتاب الحدود ، وكتاب النوادر وكتابه الجامع في سائر أبواب الحلال والحرام .

    121 - عباد بن صهيب أبو بكر التميمي الكليبي اليربوعي ، بصري ، وثقه النجاشي .

    122 - عبد الله بن شريك العامري .

    123 - عبد الله بن عجلان .

    124 - عبد الله بن عطاء المكي .

    125 - عبد الله بن الحسن بن الامام الحسن بن علي بن أبي طالب أبو محمد ، هاشمي مدني تابعي شيخ الطالبيين .

    126 - عبد الله بن محمد الأسدي الكوفي يكنى أبا بصير .

    127 - عبد الجبار بن أعين بن سنسن الشيباني أخ زرارة بن أعين وحمران .

    128 - عبد الحميد الواسطي .

    129 - عبد الحميد بن عواض الطائي الكوفي .

    130 - عبد الرحمن بن أعين أخو زرارة بن أعين .

    131 - عبد الرحيم القصير .

    132 - عبد الغفار بن القاسم الأنصاري بن قيس بن قيس بن فهد وكنيته أبو مريم الأنصاري وثقه النجاشي .

    133 - عبد الملك بن أعين أخو زرارة بن أعين .

    134 - عبد المؤمن بن القاسم أخو أبو مريم الأنصاري .

    135 - عبد الواحد بن المختار الأنصاري .

    136 - علباء بن ذراع ( دراع ) الأسدي .

    137 - علي بن أبي المغيرة الزبيدي الأزرق .

    138 - علي بن حنظلة الكوفي العجلي يكنى أبا صخر .

    139 - علي بن رباط .

    140 - علي بن ميمون الصائغ يكنى أبا الحسن الصائغ .

    141 - عمرو بن ثابت .

    142 - عمرو بن خالد .

    143 - عمر بن حنظلة الكوفي العجلي .

    144 - عمر بن الامام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب كنيته أبو حفص الأشرف ، أخ الامام الباقر .

    145 - عمرو بن خالد الواسطي .

    146 - عمرو بن دينار المكي أحد أئمة التابعين ، وكان فاضلا عالما .

    147 - عمرو بن سعيد بن هلال الثقفي .

    148 - عنبسة بن بجاد مولى بني أسد ، كان قاضيا ، وثقه النجاشي .

    149 - عيسى بن حمزة .

    150 - عيسى بن أبي منصور القرشي .

    151 - غياث بن إبراهيم التميمي الأسدي بصري ، سكن الكوفة ، وثقه النجاشي .

    152 - فضيل بن عثمان الأعور المرادي الكوفي .

    153 - قاسم بن محمد بن أبي بكر .

    154 - قيس بن رمانة الأشعري .

    155 - كليب بن معاوية بن جبلة الصيداوي الأسدي .

    156 - مالك بن عطية الأحمسي البجلي الكوفي كنيته أبو الحسين وثقه النجاشي .

    157 - محمد بن شريح الحضرمي أبو عبد الله ، وثقه النجاشي.

    158 - محمد الطيار مولى فزارة .

    159 - محمد بن رستم بن جرير الطبري يروي عن الأصبغ بن نباتة .

    160 - محمد بن علي الحلبي الكوفي .

    161 - مسعدة بن زياد وثقه النجاشي .

    162 - مسكين وثقه الشيخ الطوسي .

    163 - مسمع كردين الكوفي من أهل البصرة وثقه الكشي في رجاله .

    164 - معاذ بن مسلم الهراء النحوي .

    165 - معمر بن يحيى بن سام العجلي الكوفي كوفي ، عربي صميم ، وثقه النجاشي .

    166 - مفضل بن قيس بن رمانة .

    167 - مفضل بن مزيد .

    168 - منصور بن حازم قال النجاشي : أبو أيوب البجلي ، كوفي ، ثقة ، عين صدوق ، من جلة أصحابنا وفقهائهم .

    169 - موسى بن الحسن الأشعري بن عامر بن عمران الأشعري القمي ، كنيته أبو الحسن . قال النجاشي : ثقة ، عين ، جليل ، صنف ثلاثين كتابا منها في الطلاق والوصايا والفرائض والفضائل والحج والصلاة والصيام والزكاة والطب .

    170 - مهزم الأسدي .

    171 - ميسر بن عبد العزيز النخعي المدائني .

    172 - ناجية بن أبي عمارة .

    - هارون بن حمزة الغنوي الصيرفي كوفي ، وثقه النجاشي .

    174 - يحيى بن أبي العلاء الرازي .

    175 - هيثم بن أبي مسروق النهدي أبو محمد ، كوفي .

    176 - يزيد الكناسي يكنى أبا خالد .

    177 - يزيد بن زياد الكوفي .

    178 - يزيد بن عبد الملك النوفلي .

    179 - يعقوب بن شعيب بن ميثم الأسدي مولى بني أسد ، كنيته أبو محمد ، وثقه النجاشي .





    من أقواله وحكمه

    عن أبي جعفر الباقر قال : والله ما ترك الله الأرض منذ قبض الله آدم إلا وفيها امام يهتدى به إلى الله تعالى ، وهو حجته على عباده ، ولا تبقى الأرض بغير امام حجة لله على عباده .
    وعنه قال : قال الله تبارك وتعالى : وعزتي لا أخرج لي عبدا من الدنيا أريد رحمته إلا استوفيت كل سيئة هي له ، اما بالضيق في رزقه ، أو ببلاء في جسده ، واما خوف ادخله عليه ، فان بقي عليه شئ شددت عليه [ سكرات ] الموت .

    وقال : وقال الله : وعزتي [ وجلالي ] لا أخرج لي عبدا من الدنيا وأريد عذابه ، إلا استوفيت كل حسنة له ، اما بالسعة في رزقه ، أو بالصحة في جسده ، واما بأمن ادخله عليه ، فان بقي عليه شئ ، هونت عليه الموت .

    وعن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر : قال قال أمير المؤمنين : الا أخبركم بالفقيه حقا ؟ قالوا : بلى يا أمير المؤمنين قال : من لم يقنط الناس من رحمة الله ، ولم يؤمنهم من عذاب الله ، ولم يرخص لهم من معاصي الله ، ولم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره ، ألا لا خير في علم ليس فيه تفهم ، ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبر ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفقه .

    روي عن جابر الجعفي عن أبي جعفر الباقر قال : قال رسول الله : أتاني جبرئيل بين الصفا والمروة فقال : يا محمد طوبى لمن قال من أمتك : " لا اله إلا الله " مخلصا .

    وعن جابر عن أبي جعفر قال ان الله عز وجل رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف .

    وعن أبي جعفر قال : قال رسول الله : ان الرفق لم يوضع على شئ إلا زانه ولا نزع من شئ إلا شأنه .

    وعن جابر الجعفي عن أبي جعفر انه قال : يأتي على الناس زمان يغيب عنهم امامهم فطوبى ( كذا ) للثابتين على أمرنا في ذلك الزمان ان أدنى ما يكون لهم من الثواب ان يناديهم الله جل وعز ، عبادي آمنتم بسري وصدقتم بغيبتي فأبشروا بحسن الثواب مني فأنتم عبادي وأمنائي حقا ، منكم أتقبل وعنكم اعفو ولكم اغفر ، بكم أسقي عبادي الغيث ، وادفع عنهم البلاء ، ولولاكم لأنزلت عليهم عذابي .

    قال جابر : قلت : يا بن رسول الله : فما أفضل ما يستعمله المؤمنون في ذلك الزمان ؟ قال : حفظ اللسان ولزوم البيت .

    وقال : أبلغ شيعتنا أنهم إذا قاموا بما أمروا انهم هم الفائزون يوم القيامة .

    وقال : أيما عبد من عباد الله سن سنة هدى كان له أجر مثل من عمل بذلك من غير ان ينقص من أجورهم شئ .

    وعن أبي الجارود قال : قلت لأبي جعفر الباقر : يا بن رسول الله هل تعرف مودتي لكم وانقطاعي إليكم ، وموالاتي إياكم ؟ قال : فقال : نعم قال : فقلت : فاني أسألك مسألة تجيبني فيها فاني مكفوف البصر ، قليل المشي ، ولا أستطيع زيارتكم كل حين ، قال : هات حاجتك ، قلت : أخبرني بدينك الذي تدين الله عز وجل به ، قال : ان كنت أقصرت الخطبة ، فقد أعظمت المسألة ، والله لأعطينك ديني ودين آبائي الذي ندين الله عز وجل به : شهادة أن لا إله إلا الله ، وان محمدا رسول الله والاقرار بما جاء به من عند الله ، والولاية لولينا ، والبراءة من أعدائنا " عدونا " ، والتسليم لأمرنا ، وانتظار قائمنا ، والاجتهاد والورع . وعن محمد بن قيس عن أبي جعفر الباقر قال : أوحى الله تبارك وتعالى إلى آدم ، يا آدم : اني اجمع لك الخير في أربع كلمات واحدة لي ، وواحدة لك ، وواحدة فيما بيني وبينك ، وواحدة فيما بينك وبين الناس ، فاما التي لي فتعبدني لا تشرك بي شيئا ، واما التي لك فأجازيك بعملك أحوج ما تكون اليه واما التي بيني وبينك فعليك الدعاء وعلى الإجابة ، واما التي فيما بينك وبين الناس فترضى للناس ما ترضى لنفسك .

    وكان يقول : بلية الناس علينا عظيمة ، ان دعوناهم لم يستجيبوا لنا ، وان تركناهم لم يهتدوا بغيرنا .

    وقال : ما من عبادة عند الله تعالى ، أفضل من عفة بطن أو فرج ، وما من شئ أحب إلى الله تعالى من أن يسأل ، وما يدفع القضاء إلا الدعاء ، وإن أسرع الخير ثوابا البر والعدل ، وأسرع الشر عقوبة البض ، وكفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى عنه نفسه ، وان يأمرهم بما لا يستطيع التحول عنه ، وأن يؤذي جليسه بما لا يعنيه " .

    وقال : من صدق لسانه زكا عمله ، وحسنت نيته وزيد في رزقه ، ومن حسن بره بأهله زيد في عمره .

    وقال : إن أشد الناس حسرة يوم القيامة ، عبد وصف عدلا ثم خالفه إلى غيره .

    وقال : أشد الاعمال ثلاثة : مواسات الاخوان في المال ، وإنصاف الناس من نفسك ، وذكر الله على كل حال .

    وقال : شيعتنا من أطاع الله عز وجل .

    وقال : إياك والخصومة ، فإنها تفسد القلب ، وتورث النفاق .

    وقال : ما دخل قلب امرئ من الكبر إلا نقص من عقله مثل ذلك .

    وقال : اعرف المودة في قلب أخيك بماله في قلبك .

    وقال : لكل شئ آفة وآفة العلم النسيان .

    وقال : لموت عالم أحب إلى إبليس من موت سبعين عابدا .

    وقال : ليس شئ محيل الاخوان إليك مثل الإحسان إليهم .

    وقال : الكمال كل الكمال ، التفقه في الدين ، والصبر على النائبة ، وتقدير المعيشة .

    وقال : ما اغرورقت عين بمائها إلا حرم الله وجه صاحبها على النار ، فإن سالت على الخدين لم يرهق ذلك الوجه قتر ولا ذلة يوم القيامة ، وما من شئ إلا وله أجر إلا الدمعة فإن الله يكفر بها بحور الخطايا ، ولو أن باكيا بكى في أمة لحرم الله تلك الأمة على النار .

    وقال : من لم يجعل الله له من نفسه واعظا فان مواعظ الناس لن تغني عنه شيئا .

    وقال : صلة الأرحام تزكي الأعمال ، وتنمي الأحوال ، وتدفع البلوى ، وتيسر الحساب ، وتنسئ في الأجل .

    وقال : المتكبر ينازع الله رداءه .

    وقال : الغلبة بالخير فضيلة ، وبالشر قبيحة .

    وقال : يأخذ المظلوم من دين الظالم ، أكثر مما يأخذ الظالم من دنيا المظلوم .

    وقال : ثلاث قاصمات الظهر : رجل استكثر عمله ، ونسي ذنبه ، وأعجب برأيه .

    وقال : بئس العبد أن يكون ذا وجهين وذا لسانين ، يطري أخاه في الله شاهدا ، ويأكله غائبا ، إن أعطي حسده ، وإن ابتلي خذله .

    وقال : ان قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار ، وان قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد ، وان قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار .

    قال : توقي الصرعة خير من سؤال الرجعة .

    وقال لابنه الامام جعفر الصادق : يا بني ، إذا أنعم الله عليك بنعمة فقل : الحمد لله وإذا أحزنك أمر فقل : لا حول ولا قوة إلا بالله ، وإذا أبطأ عليك الرزق فقل : استغفر الله .

    وقال له أيضا : يا بني : ان الله خبأ ثلاثة أشياء في ثلاثة أشياء ، خبأ رضاه في طاعته فلا تحقرن من الطاعة شيئا فلعل رضاه فيه ، وخبأ سخطه في معصيته فلا تحقرن من المعصية شيئا فلعل سخطه فيه ، وخبأ أولياءه في خلقه فلا تستصغرن أحدا ( من عباده ) فلعل ذلك الولي .

    وقال : ثلاثة من مكارم الدنيا والآخرة : أن تعفو عمن ظلمك ، وتصل من قطعك ، وتحلم إذا جهل عليك .

    وقال : المؤمن أخو المؤمن لا يشتمه ، ولا يحرقه ، ولا يسئ به الظن .

    وقال : ان الله عز وجل اعطى المؤمن ثلاث خصال : العزة في الدنيا ، والفلح في الآخرة ، والمهابة في صدور الظالمين ، ثم قرأ : ( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ) .

    وقال : يا جابر : بلغ شيعتي عني السلام واعلمهم انه لا قرابة بيننا وبين الله عز وجل ، ولا يتقرب اليه إلا بالطاعة له ، يا جابر ، من أطاع الله وأحبنا فهو ولينا ، ومن عصى الله لم ينفعه حبنا .

    وقال : البشر الحسن وطلاقة الوجه مكسبة للمحبة ، وقربة من الله ، وعبوس الوجه وسوء البشر مكسبة للمقت وبعد عن الله .

    عن الامام أبي جعفر الباقر عن آبائه عن علي بن أبي طالب ، انه قال : ان الله تبارك وتعالى أخفى أربعة في أربعة :

    1 - أخفى رضاه في طاعته فلا تستصغرن شيئا من طاعته فربما وافق رضاه وأنت لا تعلم .

    2 - وأخفى سخطه في معصيته فلا تستصغرن شيئا من معصيته فربما وافق سخطه وأنت لا تعلم .

    3 - وأخفى اجابته في دعوته فلا تستصغرن شيئا من دعائه فربما وافق اجابته وأنت لا تعلم .

    4 - وأخفى وليه في عباده فلا تستصغرن عبدا من عباد الله فربما يكون وليه وأنت لا تعلم .

    وقال : صنائع المعروف تدفع مصارع السوء .

    وقال : من كظم غيظا وهو يقدر على امضائه حشى الله قلبه أمنا وأمانا يوم القيامة .

    حمران بن أعين عن أبي جعفر قال : قال الندامة على العفو أفضل وأيسر من الندامة على العقوبة .

    جابر الجعفي عن أبي جعفر قال : ثلاث لا يزيد بهن المرء المسلم إلا عزا : الصفح عمن ظلمه ، واعطاء من حرمه ، والصلة لمن قطعه .

    جابر الجعفي عن أبي جعفر قال : مروة الصبر في حالة الحاجة والفاقة والتعفف والغنى أكثر من مروة الاعطاء .

    عن أبي جعفر قال : إن لكل شئ قفلا ، وقفل الايمان الرفق ، ومن قسم له الرفق قسم له الايمان .

    وقال : كل الكمال ، التفقه في الدين والصبر على النائبة وتقدير المعيشة .

    وقال : قم بالحق واعتزل ما لا يعنيك وتجنب عدوك واحذر صديقك .

    ولا تصحب الفاجر ولا تطلعه على سرك واستشر في أمرك الذين يخشون الله .

    وقال : ان استطعت ألا تعامل أحدا الا ولك الفضل عليه فافعل .

    وقال : ما من عبد يمتنع من معونة أخيه المسلم والسعي في حاجته قضيت أو لم تقض الا ابتلي بالسعي في حاجة من يؤثم عليه ولا يؤجر .

    وما من عبد يبخل بنفقة ينفقها فيما يرضي الله الا ابتلي بأن ينفق اضعافها فيما أسخط الله .

    وقال : في كل قضاء الله خير للمؤمن .

    وقال : ان الله كره الحاح الناس على بعضهم في المسألة وأحب ذلك لنفسه ، ان الله جل ذكره يحب أن يسأل ويطلب ما عنده .

    وقال : من كان ظاهره أرجح من باطنه خف ميزانه .

    وقال : كم من رجل لقي رجلا فقال له كب الله عدوك وما له من عدو الا الله .

    وقال : لا يكون العبد عالما حتى لا يكون حاسدا لمن فوقه ولا محقرا لمن دونه .

    وقال : انما مثل الحاجة إلى من أصاب ماله حديثا كمثل الدرهم في فم الأفعى أنت إليه محوج وأنت منها على خطر .

    وقال : ثلاث خصال لا يموت صاحبهن أبدا حتى يرى وبالهن : البغي ، وقطيعة الرحم ، واليمين الكاذبة يبارز الله بها .

    وان اعجل الطاعة ثوابا لصلة الرحم .

    وان القوم ليكونون فجارا فيتواصلون فتنمو أموالهم ويثرون وان اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم ليذران الديار بلاقع من أهلها .

    وقال : الظلم ثلاثة : ظلم لا يغفره الله ، وظلم يغفره الله ، وظلم لا يدعه الله ، فأما الظلم الذي لا يغفره الله فالشرك بالله ، وأما الظلم الذي يغفره الله فظلم الرجل نفسه فيما بينه وبين الله ، وأما الظلم الذي لا يدعه الله فالمداينة بين العباد .

    وقال : والله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه ، وما كانوا يعرفون إلا بالتواضع والتخشع وأداء الأمانة ، وكثرة ذكر الله ، والصوم ، والصلاة ، والبر بالوالدين ، وتعهد الجيران من الفقراء وذوي المسكنة والغارمين والأيتام وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكف الألسن عن الناس إلا من خير وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء .

    وقال : أربع من كنوز البر : كتمان الحاجة ، وكتمان الصدقة ، وكتمان الوجع ، وكتمان المصيبة .

    وقال : من استفاد أخا في الله على ايمان بالله ووفاء بإخائه طلبا لمرضاة الله فقد استفاد شعاعا من نور الله وأمانا من عذاب الله وحجة يفلح بها يوم القيامة وعزا باقيا وذكرا ناميا .

    وقال : التواضع : الرضا بالمجلس دون شرفك وان تسلم على من لقيت وان تترك المراء وان كنت محقا .

    وقال : ان المؤمن أخو المؤمن لا يشتمه ولا يحرمه ولا يسيء به الظن .

    وقال : اصبر نفسك على الحق فإنه من منع شيئا في حق أعطي في باطل مثليه .

    وقال : من قسم له الخرق حجب عنه الايمان .

    وقال : ان الله يبغض الفاحش المتفحش .

    وقال : ان لله عقوبات في القلوب والأبدان ، ضنك في المعيشة ، ووهن في العبادة ، وما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب .

    يقول الله تعالى : يا ابن آدم ، اجتنب ما حرمت عليك تكن من أورع الناس .

    وقال : الحياء والايمان مقرونان في قرن فإذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه .

    وقال : من علم باب هدى فله مثل أجر من عمل به ولا ينقص أولئك من أجورهم شيئا .

    ومن علم باب ضلال كان عليه مثل أوزار من عمل به ولا ينقص أولئك من أوزارهم شيئا .

    وقال : الا أنبئكم بشيء إذا فعلتموه يبعد السلطان والشيطان منكم ؟ فقال أبو حمزة : بلى ، فقال : عليكم بالصدقة فبكروا بها فإنها تسود وجه إبليس وتكسر شره السلطان الظالم عنكم في يومكم ذلك وعليكم بالحب في الله والتودد والمؤازرة على العمل الصالح فإنه يقطع دابرهما - يعني السلطان والشيطان - وألحوا في الاستغفار فإنه ممحاة للذنوب .

    وقال : ان هذا اللسان مفتاح كل خير وشر فينبغي للمؤمن ان يختم على لسانه كما يختم على ذهبه وفضته فان رسول الله قال : رحم الله مؤمنا امسك لسانه من كل شر فان ذلك صدقة منه على نفسه ، ثم قال : لا يسلم أحد من الذنوب حتى يخزن لسانه . وإن الغيبة ان تقول في أخيك ما ستره الله عليه وان البهتان أن تقول في أخيك ما ليس فيه .

    وقال : عليكم بالورع والاجتهاد وصدق الحديث وأداء الأمانة إلى من أئتمنكم عليها برا كان أو فاجرا .

    وقال : أيها الناس انكم في هذه الدنيا اغراض تنتضل فيكم المنايا لن يستقبل أحد منكم يوما جديدا من عمره الا بانقضاء آخر من أجله ، فأية أكلة ليس فيها غصص ؟ ! أم أي شربة ليس فيها شرق ؟ ! استصلحوا ما تقدمون عليه بما تظعنون عنه فان اليوم غنيمة وغدا لا تدري لمن هو ، أهل الدنيا سفر يحلون عقد رحالهم في غيرها قد خلت منا أصول نحن فروعها ، فما بقاء الفرع بعد أصله ؟ أين الذين كانوا أطول أعمارا منكم وابعد آمالا ؟ آتيك يا بن آدم ما لا ترده ، وذهب عنك ما لا يعود فلا تعدن عيشا منصرفا عيشا ما لك منه الا لذة تزدلف بك إلى حمامك وتقربك من أجلك فكأنك قد صرت الحبيب المفقود والسواد المخترم فعليك بذات نفسك ودع ما سواها واستعن بالله يعنك .

    وقال : من صنع مثلما صنع إليه فقد كافأ ومن أضعف كان شكورا ومن شكر كان كريما .

    ومن علم ان ما صنع كان إلى نفسه لم يستبطئ الناس في شكرهم ولم يستردهم في مودتهم فلا تلتمس من غيرك شكر ما اتيته إلى نفسك ووقيت به عرضك واعلم ان طالب الحاجة لم يكرم وجهه عن مسألتك فأكرم وجهك عن رده .

    وقال : ان الله يتعهد عبده المؤمن بالبلاء كما يتعهد الغائب أهله بالهدية ويحميه عن الدنيا كما يحمي الطبيب المريض .

    وقال : الكسل يضر بالدين والدنيا ، لو يعلم السائل ما في المسألة ما سأل أحد أحدا ولو يعلم المسؤول ما في المنع ما منع أحد أحدا .

    وقال : إن لله عبادا ميامين مياسير يعيشون ويعيش الناس في أكنافهم وهم في عباده مثل القطر ، ولله عباد ملاعين مناكيد لا يعيشون ولا يعيش الناس في أكنافهم وهم في عباد الله مثل الجراد لا يقعون على شئ الا أتوا عليه .

    وقال : قولوا للناس : أحسن ما تحبون ان يقال لكم فان الله يبغض اللعان السباب الطعان على المؤمنين الفاحش المتفحش السائل الملحف ويحب الحليم العفيف المتعفف .

    وقال : ان الله يحب افشاء السلام .

    وقال يوما لمن حضره : ما المروءة ؟ فتكلموا ، فقال : المروءة ان لا تطمع فتذل ، ولا تسأل فتقل ، ولا تبخل فتشتم ، ولا تجهل فتخصم ، فقيل : ومن يقدر على ذلك ؟ فقال : من أحب أن يكون كالنظر في الحدقة ، والمسك في الطيب ، وكالخليفة في يومكم هذا في القدر .

    وقال : يوما رجل عنده : اللهم أغننا عن جميع خلقك ، فقال أبو جعفر : لا تقل هكذا ولكن قل : اللهم أغننا عن شرار خلقك فان المؤمن لا يستغني عن أخيه .

    وقال : ما عرف الله من عصاه ، وانشد :

    تعصي الإله وأنت تظهر حبه * هذا لعمرك في الفعال بديع

    لو كان حبك صادقا لأطعته * ان المحب لمن أحب مطيع

    وقال أبو عثمان الجاحظ في كتاب البيان والتبيين : جمع محمد بن علي الباقر صلاح شأن الدنيا بحذافيرها في كلمتين فقال : صلاح شأن المعاش والتعاشر ملء مكيال : ثلثان فطنة ، وثلث تغافل .

    فضيل بن يسار عن أبي جعفر قال : بني الإسلام على خمس : على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية ، ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية ، فأخذ الناس بأربع ، وتركوا هذه .

    يعني الولاية .

    وعن أبي بصير عن أبي جعفر الباقر قال : سمعته يقول : [ قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ] .

    فمن زعم انهم آمنوا فقد كذب ، ومن زعم أنهم لم يسلموا فقد كذب .

    جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر قال : في قول الله عز وجل : وقولوا للناس حسنا ، قال : قولوا للناس أحسن ما تحبون أن يقال لكم .

    وقال الباقر : تذاكر العلم ساعة خير من قيام ليل .

    وقال : إذا جلست إلى عالم فكن على أن تسمع احرص منك على ان تقول ، وتعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن القول ، ولا تقطع على أحد حديثه .

    عن جابر الجعفي قال : قلت لأبي جعفر : يرحمك الله ما الصبر الجميل ؟ قال : ذلك الصبر الذي ليس فيه شكوى إلى الناس .

    عن زرارة قال سمعت أبا جعفر يقول : ان العبد إذا أذنب ذنبا أجل من غدوة إلى الليل فان استغفر الله لم يكتب عليه .

    جابر الجعفي عن أبي جعفر قال : قال رسول الله : ان الله يحب الحيي الحليم العفيف المتعفف .

    الحناط قال : سمعت أبا جعفر يقول : أيام الله ثلاثة : يوم يقوم القائم ، ويوم الكرة ، ويوم القيامة .

    عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا جعفر يقول : لا والله ، لا يكون عالم جاهلا أبدا ، عالم بشيء جاهل بشيء .

    ثم قال : الله أجل واعز وأعظم وأكرم من أن يفرض طاعة عبد يحجب عنه علم سمائه وأرضه ، ثم قال : لا يحجب ذلك عنه .

    روي عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا جعفر الباقر يقول : ما من شئ أعظم ثوابا من شهادة أن لا إله إلا الله ، لأن الله تعالى لا يقدره شئ ولا يشركه في الأمر أحد .

    قال أبو جعفر : ان الحجة لا تقوم لله عز وجل على خلقه إلا بامام حي يعرفونه .

    زرارة عن أبي جعفر عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب قال : ضاقت الأرض بسبعة ، بهم ترزقون وبهم تنصرون وبهم تمطرون ، منهم : سلمان ، والمقداد ، وأبو ذر ، وعمار ، وحذيفة رحمة الله عليهم ، وكان علي يقول : وانا إمامهم وهم الذين صلوا على فاطمة .



  9. #9
    صديق مؤسس
    صاحبة الامتياز
    من أقواله وحكمه

    عن أبي جعفر الباقر قال : والله ما ترك الله الأرض منذ قبض الله آدم إلا وفيها امام يهتدى به إلى الله تعالى ، وهو حجته على عباده ، ولا تبقى الأرض بغير امام حجة لله على عباده .
    وعنه قال : قال الله تبارك وتعالى : وعزتي لا أخرج لي عبدا من الدنيا أريد رحمته إلا استوفيت كل سيئة هي له ، اما بالضيق في رزقه ، أو ببلاء في جسده ، واما خوف ادخله عليه ، فان بقي عليه شئ شددت عليه [ سكرات ] الموت .

    وقال : وقال الله : وعزتي [ وجلالي ] لا أخرج لي عبدا من الدنيا وأريد عذابه ، إلا استوفيت كل حسنة له ، اما بالسعة في رزقه ، أو بالصحة في جسده ، واما بأمن ادخله عليه ، فان بقي عليه شئ ، هونت عليه الموت .

    وعن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر : قال قال أمير المؤمنين : الا أخبركم بالفقيه حقا ؟ قالوا : بلى يا أمير المؤمنين قال : من لم يقنط الناس من رحمة الله ، ولم يؤمنهم من عذاب الله ، ولم يرخص لهم من معاصي الله ، ولم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره ، ألا لا خير في علم ليس فيه تفهم ، ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبر ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفقه .

    روي عن جابر الجعفي عن أبي جعفر الباقر قال : قال رسول الله : أتاني جبرئيل بين الصفا والمروة فقال : يا محمد طوبى لمن قال من أمتك : " لا اله إلا الله " مخلصا .

    وعن جابر عن أبي جعفر قال ان الله عز وجل رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف .

    وعن أبي جعفر قال : قال رسول الله : ان الرفق لم يوضع على شئ إلا زانه ولا نزع من شئ إلا شأنه .

    وعن جابر الجعفي عن أبي جعفر انه قال : يأتي على الناس زمان يغيب عنهم امامهم فطوبى ( كذا ) للثابتين على أمرنا في ذلك الزمان ان أدنى ما يكون لهم من الثواب ان يناديهم الله جل وعز ، عبادي آمنتم بسري وصدقتم بغيبتي فأبشروا بحسن الثواب مني فأنتم عبادي وأمنائي حقا ، منكم أتقبل وعنكم اعفو ولكم اغفر ، بكم أسقي عبادي الغيث ، وادفع عنهم البلاء ، ولولاكم لأنزلت عليهم عذابي .

    قال جابر : قلت : يا بن رسول الله : فما أفضل ما يستعمله المؤمنون في ذلك الزمان ؟ قال : حفظ اللسان ولزوم البيت .

    وقال : أبلغ شيعتنا أنهم إذا قاموا بما أمروا انهم هم الفائزون يوم القيامة .

    وقال : أيما عبد من عباد الله سن سنة هدى كان له أجر مثل من عمل بذلك من غير ان ينقص من أجورهم شئ .

    وعن أبي الجارود قال : قلت لأبي جعفر الباقر : يا بن رسول الله هل تعرف مودتي لكم وانقطاعي إليكم ، وموالاتي إياكم ؟ قال : فقال : نعم قال : فقلت : فاني أسألك مسألة تجيبني فيها فاني مكفوف البصر ، قليل المشي ، ولا أستطيع زيارتكم كل حين ، قال : هات حاجتك ، قلت : أخبرني بدينك الذي تدين الله عز وجل به ، قال : ان كنت أقصرت الخطبة ، فقد أعظمت المسألة ، والله لأعطينك ديني ودين آبائي الذي ندين الله عز وجل به : شهادة أن لا إله إلا الله ، وان محمدا رسول الله والاقرار بما جاء به من عند الله ، والولاية لولينا ، والبراءة من أعدائنا " عدونا " ، والتسليم لأمرنا ، وانتظار قائمنا ، والاجتهاد والورع . وعن محمد بن قيس عن أبي جعفر الباقر قال : أوحى الله تبارك وتعالى إلى آدم ، يا آدم : اني اجمع لك الخير في أربع كلمات واحدة لي ، وواحدة لك ، وواحدة فيما بيني وبينك ، وواحدة فيما بينك وبين الناس ، فاما التي لي فتعبدني لا تشرك بي شيئا ، واما التي لك فأجازيك بعملك أحوج ما تكون اليه واما التي بيني وبينك فعليك الدعاء وعلى الإجابة ، واما التي فيما بينك وبين الناس فترضى للناس ما ترضى لنفسك .

    وكان يقول : بلية الناس علينا عظيمة ، ان دعوناهم لم يستجيبوا لنا ، وان تركناهم لم يهتدوا بغيرنا .

    وقال : ما من عبادة عند الله تعالى ، أفضل من عفة بطن أو فرج ، وما من شئ أحب إلى الله تعالى من أن يسأل ، وما يدفع القضاء إلا الدعاء ، وإن أسرع الخير ثوابا البر والعدل ، وأسرع الشر عقوبة البض ، وكفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى عنه نفسه ، وان يأمرهم بما لا يستطيع التحول عنه ، وأن يؤذي جليسه بما لا يعنيه " .

    وقال : من صدق لسانه زكا عمله ، وحسنت نيته وزيد في رزقه ، ومن حسن بره بأهله زيد في عمره .

    وقال : إن أشد الناس حسرة يوم القيامة ، عبد وصف عدلا ثم خالفه إلى غيره .

    وقال : أشد الاعمال ثلاثة : مواسات الاخوان في المال ، وإنصاف الناس من نفسك ، وذكر الله على كل حال .

    وقال : شيعتنا من أطاع الله عز وجل .

    وقال : إياك والخصومة ، فإنها تفسد القلب ، وتورث النفاق .

    وقال : ما دخل قلب امرئ من الكبر إلا نقص من عقله مثل ذلك .

    وقال : اعرف المودة في قلب أخيك بماله في قلبك .

    وقال : لكل شئ آفة وآفة العلم النسيان .

    وقال : لموت عالم أحب إلى إبليس من موت سبعين عابدا .

    وقال : ليس شئ محيل الاخوان إليك مثل الإحسان إليهم .

    وقال : الكمال كل الكمال ، التفقه في الدين ، والصبر على النائبة ، وتقدير المعيشة .

    وقال : ما اغرورقت عين بمائها إلا حرم الله وجه صاحبها على النار ، فإن سالت على الخدين لم يرهق ذلك الوجه قتر ولا ذلة يوم القيامة ، وما من شئ إلا وله أجر إلا الدمعة فإن الله يكفر بها بحور الخطايا ، ولو أن باكيا بكى في أمة لحرم الله تلك الأمة على النار .

    وقال : من لم يجعل الله له من نفسه واعظا فان مواعظ الناس لن تغني عنه شيئا .

    وقال : صلة الأرحام تزكي الأعمال ، وتنمي الأحوال ، وتدفع البلوى ، وتيسر الحساب ، وتنسئ في الأجل .

    وقال : المتكبر ينازع الله رداءه .

    وقال : الغلبة بالخير فضيلة ، وبالشر قبيحة .

    وقال : يأخذ المظلوم من دين الظالم ، أكثر مما يأخذ الظالم من دنيا المظلوم .

    وقال : ثلاث قاصمات الظهر : رجل استكثر عمله ، ونسي ذنبه ، وأعجب برأيه .

    وقال : بئس العبد أن يكون ذا وجهين وذا لسانين ، يطري أخاه في الله شاهدا ، ويأكله غائبا ، إن أعطي حسده ، وإن ابتلي خذله .

    وقال : ان قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار ، وان قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد ، وان قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار .

    قال : توقي الصرعة خير من سؤال الرجعة .

    وقال لابنه الامام جعفر الصادق : يا بني ، إذا أنعم الله عليك بنعمة فقل : الحمد لله وإذا أحزنك أمر فقل : لا حول ولا قوة إلا بالله ، وإذا أبطأ عليك الرزق فقل : استغفر الله .

    وقال له أيضا : يا بني : ان الله خبأ ثلاثة أشياء في ثلاثة أشياء ، خبأ رضاه في طاعته فلا تحقرن من الطاعة شيئا فلعل رضاه فيه ، وخبأ سخطه في معصيته فلا تحقرن من المعصية شيئا فلعل سخطه فيه ، وخبأ أولياءه في خلقه فلا تستصغرن أحدا ( من عباده ) فلعل ذلك الولي .

    وقال : ثلاثة من مكارم الدنيا والآخرة : أن تعفو عمن ظلمك ، وتصل من قطعك ، وتحلم إذا جهل عليك .

    وقال : المؤمن أخو المؤمن لا يشتمه ، ولا يحرقه ، ولا يسئ به الظن .

    وقال : ان الله عز وجل اعطى المؤمن ثلاث خصال : العزة في الدنيا ، والفلح في الآخرة ، والمهابة في صدور الظالمين ، ثم قرأ : ( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ) .

    وقال : يا جابر : بلغ شيعتي عني السلام واعلمهم انه لا قرابة بيننا وبين الله عز وجل ، ولا يتقرب اليه إلا بالطاعة له ، يا جابر ، من أطاع الله وأحبنا فهو ولينا ، ومن عصى الله لم ينفعه حبنا .

    وقال : البشر الحسن وطلاقة الوجه مكسبة للمحبة ، وقربة من الله ، وعبوس الوجه وسوء البشر مكسبة للمقت وبعد عن الله .

    عن الامام أبي جعفر الباقر عن آبائه عن علي بن أبي طالب ، انه قال : ان الله تبارك وتعالى أخفى أربعة في أربعة :

    1 - أخفى رضاه في طاعته فلا تستصغرن شيئا من طاعته فربما وافق رضاه وأنت لا تعلم .

    2 - وأخفى سخطه في معصيته فلا تستصغرن شيئا من معصيته فربما وافق سخطه وأنت لا تعلم .

    3 - وأخفى اجابته في دعوته فلا تستصغرن شيئا من دعائه فربما وافق اجابته وأنت لا تعلم .

    4 - وأخفى وليه في عباده فلا تستصغرن عبدا من عباد الله فربما يكون وليه وأنت لا تعلم .

    وقال : صنائع المعروف تدفع مصارع السوء .

    وقال : من كظم غيظا وهو يقدر على امضائه حشى الله قلبه أمنا وأمانا يوم القيامة .

    حمران بن أعين عن أبي جعفر قال : قال الندامة على العفو أفضل وأيسر من الندامة على العقوبة .

    جابر الجعفي عن أبي جعفر قال : ثلاث لا يزيد بهن المرء المسلم إلا عزا : الصفح عمن ظلمه ، واعطاء من حرمه ، والصلة لمن قطعه .

    جابر الجعفي عن أبي جعفر قال : مروة الصبر في حالة الحاجة والفاقة والتعفف والغنى أكثر من مروة الاعطاء .

    عن أبي جعفر قال : إن لكل شئ قفلا ، وقفل الايمان الرفق ، ومن قسم له الرفق قسم له الايمان .

    وقال : كل الكمال ، التفقه في الدين والصبر على النائبة وتقدير المعيشة .

    وقال : قم بالحق واعتزل ما لا يعنيك وتجنب عدوك واحذر صديقك .

    ولا تصحب الفاجر ولا تطلعه على سرك واستشر في أمرك الذين يخشون الله .

    وقال : ان استطعت ألا تعامل أحدا الا ولك الفضل عليه فافعل .

    وقال : ما من عبد يمتنع من معونة أخيه المسلم والسعي في حاجته قضيت أو لم تقض الا ابتلي بالسعي في حاجة من يؤثم عليه ولا يؤجر .

    وما من عبد يبخل بنفقة ينفقها فيما يرضي الله الا ابتلي بأن ينفق اضعافها فيما أسخط الله .

    وقال : في كل قضاء الله خير للمؤمن .

    وقال : ان الله كره الحاح الناس على بعضهم في المسألة وأحب ذلك لنفسه ، ان الله جل ذكره يحب أن يسأل ويطلب ما عنده .

    وقال : من كان ظاهره أرجح من باطنه خف ميزانه .

    وقال : كم من رجل لقي رجلا فقال له كب الله عدوك وما له من عدو الا الله .

    وقال : لا يكون العبد عالما حتى لا يكون حاسدا لمن فوقه ولا محقرا لمن دونه .

    وقال : انما مثل الحاجة إلى من أصاب ماله حديثا كمثل الدرهم في فم الأفعى أنت إليه محوج وأنت منها على خطر .

    وقال : ثلاث خصال لا يموت صاحبهن أبدا حتى يرى وبالهن : البغي ، وقطيعة الرحم ، واليمين الكاذبة يبارز الله بها .

    وان اعجل الطاعة ثوابا لصلة الرحم .

    وان القوم ليكونون فجارا فيتواصلون فتنمو أموالهم ويثرون وان اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم ليذران الديار بلاقع من أهلها .

    وقال : الظلم ثلاثة : ظلم لا يغفره الله ، وظلم يغفره الله ، وظلم لا يدعه الله ، فأما الظلم الذي لا يغفره الله فالشرك بالله ، وأما الظلم الذي يغفره الله فظلم الرجل نفسه فيما بينه وبين الله ، وأما الظلم الذي لا يدعه الله فالمداينة بين العباد .

    وقال : والله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه ، وما كانوا يعرفون إلا بالتواضع والتخشع وأداء الأمانة ، وكثرة ذكر الله ، والصوم ، والصلاة ، والبر بالوالدين ، وتعهد الجيران من الفقراء وذوي المسكنة والغارمين والأيتام وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكف الألسن عن الناس إلا من خير وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء .

    وقال : أربع من كنوز البر : كتمان الحاجة ، وكتمان الصدقة ، وكتمان الوجع ، وكتمان المصيبة .

    وقال : من استفاد أخا في الله على ايمان بالله ووفاء بإخائه طلبا لمرضاة الله فقد استفاد شعاعا من نور الله وأمانا من عذاب الله وحجة يفلح بها يوم القيامة وعزا باقيا وذكرا ناميا .

    وقال : التواضع : الرضا بالمجلس دون شرفك وان تسلم على من لقيت وان تترك المراء وان كنت محقا .

    وقال : ان المؤمن أخو المؤمن لا يشتمه ولا يحرمه ولا يسيء به الظن .

    وقال : اصبر نفسك على الحق فإنه من منع شيئا في حق أعطي في باطل مثليه .

    وقال : من قسم له الخرق حجب عنه الايمان .

    وقال : ان الله يبغض الفاحش المتفحش .

    وقال : ان لله عقوبات في القلوب والأبدان ، ضنك في المعيشة ، ووهن في العبادة ، وما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب .

    يقول الله تعالى : يا ابن آدم ، اجتنب ما حرمت عليك تكن من أورع الناس .

    وقال : الحياء والايمان مقرونان في قرن فإذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه .

    وقال : من علم باب هدى فله مثل أجر من عمل به ولا ينقص أولئك من أجورهم شيئا .

    ومن علم باب ضلال كان عليه مثل أوزار من عمل به ولا ينقص أولئك من أوزارهم شيئا .

    وقال : الا أنبئكم بشيء إذا فعلتموه يبعد السلطان والشيطان منكم ؟ فقال أبو حمزة : بلى ، فقال : عليكم بالصدقة فبكروا بها فإنها تسود وجه إبليس وتكسر شره السلطان الظالم عنكم في يومكم ذلك وعليكم بالحب في الله والتودد والمؤازرة على العمل الصالح فإنه يقطع دابرهما - يعني السلطان والشيطان - وألحوا في الاستغفار فإنه ممحاة للذنوب .

    وقال : ان هذا اللسان مفتاح كل خير وشر فينبغي للمؤمن ان يختم على لسانه كما يختم على ذهبه وفضته فان رسول الله قال : رحم الله مؤمنا امسك لسانه من كل شر فان ذلك صدقة منه على نفسه ، ثم قال : لا يسلم أحد من الذنوب حتى يخزن لسانه . وإن الغيبة ان تقول في أخيك ما ستره الله عليه وان البهتان أن تقول في أخيك ما ليس فيه .

    وقال : عليكم بالورع والاجتهاد وصدق الحديث وأداء الأمانة إلى من أئتمنكم عليها برا كان أو فاجرا .

    وقال : أيها الناس انكم في هذه الدنيا اغراض تنتضل فيكم المنايا لن يستقبل أحد منكم يوما جديدا من عمره الا بانقضاء آخر من أجله ، فأية أكلة ليس فيها غصص ؟ ! أم أي شربة ليس فيها شرق ؟ ! استصلحوا ما تقدمون عليه بما تظعنون عنه فان اليوم غنيمة وغدا لا تدري لمن هو ، أهل الدنيا سفر يحلون عقد رحالهم في غيرها قد خلت منا أصول نحن فروعها ، فما بقاء الفرع بعد أصله ؟ أين الذين كانوا أطول أعمارا منكم وابعد آمالا ؟ آتيك يا بن آدم ما لا ترده ، وذهب عنك ما لا يعود فلا تعدن عيشا منصرفا عيشا ما لك منه الا لذة تزدلف بك إلى حمامك وتقربك من أجلك فكأنك قد صرت الحبيب المفقود والسواد المخترم فعليك بذات نفسك ودع ما سواها واستعن بالله يعنك .

    وقال : من صنع مثلما صنع إليه فقد كافأ ومن أضعف كان شكورا ومن شكر كان كريما .

    ومن علم ان ما صنع كان إلى نفسه لم يستبطئ الناس في شكرهم ولم يستردهم في مودتهم فلا تلتمس من غيرك شكر ما اتيته إلى نفسك ووقيت به عرضك واعلم ان طالب الحاجة لم يكرم وجهه عن مسألتك فأكرم وجهك عن رده .

    وقال : ان الله يتعهد عبده المؤمن بالبلاء كما يتعهد الغائب أهله بالهدية ويحميه عن الدنيا كما يحمي الطبيب المريض .

    وقال : الكسل يضر بالدين والدنيا ، لو يعلم السائل ما في المسألة ما سأل أحد أحدا ولو يعلم المسؤول ما في المنع ما منع أحد أحدا .

    وقال : إن لله عبادا ميامين مياسير يعيشون ويعيش الناس في أكنافهم وهم في عباده مثل القطر ، ولله عباد ملاعين مناكيد لا يعيشون ولا يعيش الناس في أكنافهم وهم في عباد الله مثل الجراد لا يقعون على شئ الا أتوا عليه .

    وقال : قولوا للناس : أحسن ما تحبون ان يقال لكم فان الله يبغض اللعان السباب الطعان على المؤمنين الفاحش المتفحش السائل الملحف ويحب الحليم العفيف المتعفف .

    وقال : ان الله يحب افشاء السلام .

    وقال يوما لمن حضره : ما المروءة ؟ فتكلموا ، فقال : المروءة ان لا تطمع فتذل ، ولا تسأل فتقل ، ولا تبخل فتشتم ، ولا تجهل فتخصم ، فقيل : ومن يقدر على ذلك ؟ فقال : من أحب أن يكون كالنظر في الحدقة ، والمسك في الطيب ، وكالخليفة في يومكم هذا في القدر .

    وقال : يوما رجل عنده : اللهم أغننا عن جميع خلقك ، فقال أبو جعفر : لا تقل هكذا ولكن قل : اللهم أغننا عن شرار خلقك فان المؤمن لا يستغني عن أخيه .

    وقال : ما عرف الله من عصاه ، وانشد :

    تعصي الإله وأنت تظهر حبه * هذا لعمرك في الفعال بديع

    لو كان حبك صادقا لأطعته * ان المحب لمن أحب مطيع

    وقال أبو عثمان الجاحظ في كتاب البيان والتبيين : جمع محمد بن علي الباقر صلاح شأن الدنيا بحذافيرها في كلمتين فقال : صلاح شأن المعاش والتعاشر ملء مكيال : ثلثان فطنة ، وثلث تغافل .

    فضيل بن يسار عن أبي جعفر قال : بني الإسلام على خمس : على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية ، ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية ، فأخذ الناس بأربع ، وتركوا هذه .

    يعني الولاية .

    وعن أبي بصير عن أبي جعفر الباقر قال : سمعته يقول : [ قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ] .

    فمن زعم انهم آمنوا فقد كذب ، ومن زعم أنهم لم يسلموا فقد كذب .

    جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر قال : في قول الله عز وجل : وقولوا للناس حسنا ، قال : قولوا للناس أحسن ما تحبون أن يقال لكم .

    وقال الباقر : تذاكر العلم ساعة خير من قيام ليل .

    وقال : إذا جلست إلى عالم فكن على أن تسمع احرص منك على ان تقول ، وتعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن القول ، ولا تقطع على أحد حديثه .

    عن جابر الجعفي قال : قلت لأبي جعفر : يرحمك الله ما الصبر الجميل ؟ قال : ذلك الصبر الذي ليس فيه شكوى إلى الناس .

    عن زرارة قال سمعت أبا جعفر يقول : ان العبد إذا أذنب ذنبا أجل من غدوة إلى الليل فان استغفر الله لم يكتب عليه .

    جابر الجعفي عن أبي جعفر قال : قال رسول الله : ان الله يحب الحيي الحليم العفيف المتعفف .

    الحناط قال : سمعت أبا جعفر يقول : أيام الله ثلاثة : يوم يقوم القائم ، ويوم الكرة ، ويوم القيامة .

    عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا جعفر يقول : لا والله ، لا يكون عالم جاهلا أبدا ، عالم بشيء جاهل بشيء .

    ثم قال : الله أجل واعز وأعظم وأكرم من أن يفرض طاعة عبد يحجب عنه علم سمائه وأرضه ، ثم قال : لا يحجب ذلك عنه .

    روي عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا جعفر الباقر يقول : ما من شئ أعظم ثوابا من شهادة أن لا إله إلا الله ، لأن الله تعالى لا يقدره شئ ولا يشركه في الأمر أحد .

    قال أبو جعفر : ان الحجة لا تقوم لله عز وجل على خلقه إلا بامام حي يعرفونه .

    زرارة عن أبي جعفر عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب قال : ضاقت الأرض بسبعة ، بهم ترزقون وبهم تنصرون وبهم تمطرون ، منهم : سلمان ، والمقداد ، وأبو ذر ، وعمار ، وحذيفة رحمة الله عليهم ، وكان علي يقول : وانا إمامهم وهم الذين صلوا على فاطمة .


    من خطبه

    مناقب ابن شهرآشوب : أبو بكر بن دريد الأزدي ، باسناد له ، وعن الحسن بن علي الناصر بن الحسن بن علي بن عمر بن علي ، وعن الحسين بن علي بن جعفر بن موسى بن جعفر عن آبائهم كلهم عن الصادق قال : لما أشخص أبي محمد بن علي إلى دمشق سمع الناس يقولون : هذا ابن أبي تراب ، قال : فأسند ظهره إلى جدار القبلة ثم حمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم قال : اجتنبوا أهل الشقاق ، وذرية النفاق وحشو النار ، وحصب جهنم ، عن البدر الزاهر ، والبحر الزاخر ، والشهاب الثاقب وشهاب المؤمنين ، والصراط المستقيم ، من قبل أن تطمس وجوه فترد على أدبارها أو يلعنوا كما لعن أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا .
    ثم قال بعد كلام : أبصنو رسول الله تستهزؤون ؟ أم بيعسوب الدين تلمزون ؟ وأي سبيل بعده تسلكون ؟ وأي حزن بعده تدفعون ؟ هيهات هيهات برز والله بالسبق وفاز بالخصل ، واستوى على الغاية ، وأحرز الخطار ، فانحسرت عنه الابصار ، و خضعت دونه الرقاب ، وفرع الذروة العليا ، فكذب من رام من نفسه السعي وأعياه الطلب ، فأنى لهم التناوش من مكان بعيد ، وقال : أقلوا عليهم لا أبا لأبيكم من اللوم أو سدوا مكان الذي سدوا أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنا وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا فأنى يسد ثلمة أخي رسول الله إذ شفعوا ، وشقيقه إذ نسبوا ، ونديده إذ فشلوا ، وذي قرني كنزها إذ فتحوا ، ومصلي القبلتين إذ تحرفوا ، والمشهود له بالايمان إذ كفروا ، والمدعى لنبذ عهد المشركين إذ نكلوا ، والخليفة على المهاد ليلة الحصار إذ جزعوا ، والمستودع لأسرار ساعة الوداع ، إلى آخر كلامه .

    توضيح : أهل الشقاق أي يا أهل الشقاق عن البدر الزهر أي عن سوء القول فيه ، وذخر البحر أي مد وكثر ماؤه وارتفعت أمواجه ، والثاقب : المضئ ، و الصنو : بالكسر المثل وأصله أن تطلع نخلتان من عرق واحد ، واللمز : العيب و الوقوع في الناس ، برز والله بالسبق : أي ظهر وخرج من بينهم بأن سبقهم في جميع الفضائل .

    قوله : بالخصل أي بالغلبة على من راهنه في إحراز سبق الكمال .

    قال الفيروزآبادي الخصل إصابة القرطاس وتخاصلوا تراهنوا على النضال وأحرز خصله وأصاب خصله غلب ، وخصلهم خصلا وخصالا بالكسر فضلهم انتهى .

    والغاية : العلامة التي تنصب في آخر الميدان فمن انتهى إليه قبل غيره فقد سبقه ، والخطار بالكسر جمع خطر بالتحريك : وهو السبق الذي يتراهن عليه فانحسرت أي كلت عن إدراكه الابصار لبعده في السبق عنهم ، وفرع : أي صعد وارتفع أعلى الدرجة العليا من الكمال . فكذب : بالتشديد أي صار ظهور كماله سببا لظهور كذب من طلب السعي لتحصيل الفضل ، وأعياه الطلب ومع ذلك ادعى مرتبته ، ويحتمل التخفيف أيضا و يمكن عطف قوله وأعياه على قوله كذب ، وعلى قوله رام ، والتناوش : التناول أي كيف يتيسر تناول درجته وفضله وهم في مكان بعيد منها ، أقلوا عليهم أي على أهل البيت عليهم السلام .

    قوله : وسدوا مكان الذي سدوا ، لعل المراد سدوا الفرج والثلم التي سدها أهل البيت عليهم السلام من البدع والأهواء في الدين أو كونوا مثل الذين سدوا ثلم الباطل ، كما يقال سد مسده ، مؤيده قوله : فأنى يسد ، ويحتمل أن يكون من قولهم سد يسد أي صار سديدا قوله فأنى يسد أي كيف يمكن سد ثلمة حصلت بفقده بغيره .

    والحال أنه كان أخا رسول الله إذ صار كل منهم شفعا بنظيره كسلمان مع أبي ذر ، وأبي بكر مع عمر ، والشقيق الأخ كأنه شق نسبه من نسبه ، وكل ما انشق نصفين كل منهما شقيق ، أي عده الرسول صلى الله عليه وآله شقيق نفسه عندما لحق كل ذي نسب بنسبه ، ونديده أي مثله في الثبات والقوة إذ قتلوا وصرفوا وجوههم عن الحرب ، أو فشلوا من الفشل : الضعف والجبن .

    قوله : وذي قرني كنزها إشارة إلى قول النبي له لك كنز في الجنة وأنت ذو قرنيها ، ويحتمل إرجاع الضمير إلى الجنة وإلى الأمة وقد مر تفسيرها في كتاب تاريخه .

    وقوله : إذ فتحوا أي قال ذلك حين أصابهم فتح أو أنه ملكه وفوض إليه عند كل الفتوح اختيار طرفي كنزها وغنائمها لكونها على يده وعلى تقدير إرجاع الضمير إلى الجنة يحتمل أن يكون المراد فتح بابها ، ويحتمل أن يكون إذ قبحوا على المجهول من التقبيح أي مدحه حين ذمهم ، والادعاء لنبذ عهد المشركين يمكن حمله على زمان النبي وبعده ، فعلى الأول المراد أنه لما أراد النبي طرح عهد المشركين والمحاربة معهم كان هو المدعى والمقدم عليه وقد نكل غيره عن ذلك فيكون إشارة إلى تبليغ سورة براءة وقراءتها في الموسم و نقض عهود المشركين وايذانهم بالحرب وغير ذلك مما شاكله ، وعلى الثاني إشارة إلى العهود التي كان عهدها النبي على المشركين فنبذ خلفاء الجور تلك العهود وراءهم فادعى إثباتها وإبقاءها والأول أظهر ، قوله : ليلة الحصار أي محاصرة ، المشركين النبي في بيته .

    فمن خطبة له خطبها في الشام في مسجدها الجامع على ما يبدو ما نقله قال : لما اشخص أبي محمد بن علي إلى دمشق سمع الناس يقولون : هذا ابن أبي تراب ! ! قال : فأسند ظهره إلى جدار القبلة ثم حمد الله واثنى عليه ، وصلى على النبي وآله ثم قال : اجتنبوا أهل الشقاق ، وذرية النفاق ، وحشو النار ، وحصب جهنم عن البدر الزاهر ، والبحر الزاخر والشهاب الثاقب ، وشهاب المؤمنين ، والصراط المستقيم ، من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو يلعنوا كما لعن أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا .

    ثم قال بعد كلام : أبصنو رسول الله تستهزؤون ، أم بيعسوب الدين تلمزون ؛ وأي سبل بعده تسلكون ، وأي حزن بعده تدفعون ؟ ! هيهات هيهات ، برز والله بالسبق ، وفاز بالخصل ، واستوى على الغاية ، واحرز على الخطاب فانحسرت عنه الابصار ، وخضعت دونه الرقاب ، وقرع الذروة العليا ، فكذب من رام من نفسه السعي ، وأعياه الطلب ، فانى لهم التناوش من مكان بعيد ؟ وقال :

    أقلوا عليهم لا أبا لأبيكم * من اللوم أو سدوا الذي سدوا أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنا * وإن عاهدوا وفوا وان عقدوا شدوا فأنى تسد ثلمة أخي رسول الله إذ شفعوا ، وشقيقه إذ نسبوا ، ونديده إذ فشلوا ، وذي قربى كنزها إذ فتحوا ، ومصلي القبلتين إذ تحرفوا ، والمشهود له بالايمان إذ كفروا ، والمدعي لنبذ عهد المشركين إذ نكلوا ، والخليفة على المهاد ليلة الحصار إذ جزعوا ، والمستودع لاسرار ساعة الوداع ؟ إلى آخر كلامه .

    وله خطبة أخرى في الشام في مجلس هشام بن عبد الملك هذه المرة : لما حمل أبو جعفر إلى الشام إلى هشام بن عبد الملك وصار ببابه ، قال هشام لأصحابه : إذا سكت من توبيخ محمد بن علي فلتوبخوه ، ثم أمر أن يؤذن له فلما دخل عليه أبو جعفر قال بيده : السلام عليكم ، فعمهم بالسلام جميعا ثم جلس ، فازداد هشام عليه حنقا بتركه السلام بالخلافة وجلوسه بغير اذن ، فقال : يا محمد بن علي لا يزال الرجل منكم قد شق عصا المسلمين ، ودعا إلى نفسه ، وزعم أنه الإمام سفها وقلة علم ، وجعل يوبخه ، فلما سكت أقبل القوم عليه رجل بعد رجل يوبخه .

    فلما سكت القوم نهض قائما ثم قال : أيها الناس أين تذهبون وأين يراد بكم ، بنا هدى الله أولكم ، وبنا ختم آخركم ، فإن يكن لكم ملك معجل فإن لنا ملكا مؤجلا ، وليس بعد ملكنا ملك لأنا أهل العاقبة ، يقول الله عز وجل : ( والعاقبة للمتقين ) .

    فأمر به إلى الحبس ، فلم يبق في الحبس رجل الا ترشفه .

    وحسن عليه ، فجاء صاحب الحبس إلى هشام وأخبره بخبره ، فأمر به فحمل على البريد هو وأصحابه وردوا إلى المدينة .




    أحاديث ومروياته عند النبي صلى الله عليه وآله

    أحاديث إمامنا الباقر على ضربين : فهي إما أن تكون مسندة ، وهي التي يذكر فيها سنده عن آبائه الطاهرين عن رسول الله أو عن أحد الصحابة أو التابعين الذين روى الإمام عنهم عن النبي .
    وإما أن تكون مرسلة ، فينسب الإمام الحديث مباشرة إلى النبي أو للامام أمير المؤمنين دون أن يذكر رجال السند ، وقد سئل عن ذلك فقال : إذا حدثت بالحديث فلم أسنده فسندي فيه أبي زين العابدين عن أبيه الحسين الشهيد عن أبيه علي بن أبي طالب عن رسول الله عن جبرائيل عن الله عز وجل .

    فأما أحاديثه عن النبي فتتعلق تارة بالفقه الإسلامي ، وقد عرضت لها الموسوعات الفقهية والحديثية ، وأخرى بآداب السلوك والأخلاق وغير ذلك من الشؤون المختلفة ، ونعرض نماذج ، من أحاديثه المروية عن آبائه عن النبي كشواهد على ما ذكرنا : فقد روى عن آبائه عن رسول الله أنه قال : ما جمع شئ إلى شئ أفضل من حلم إلى علم .

    وروى بسنده عن آبائه عن رسول الله قوله : فضل العلم أحب إلى الله من فضل العبادة ، وأفضل دينكم الورع . وقال : قال رسول الله : رأس العقل بعد الإيمان بالله عز وجل التحبب إلى الناس .

    وروى عن رسول الله قوله : من واسى الفقير ، وأنصف الناس من نفسه فذلك المؤمن حقا .

    وقال : قال رسول الله : صنفان من أمتي إذا صلحا صلحت أمتي ، وإذا فسدا فسدت أمتي ، قيل يا رسول الله ومن هما ؟ قال : الفقهاء والأمراء .

    وقال : قال رسول الله : كل عين باكية يوم القيامة إلا ثلاث أعين : عين بكت من خشية الله ؛ وعين غضت عن محارم الله ؛ وعين باتت ساهرة في سبيل الله .

    وروى عن آبائه عن رسول الله : أربع يمتن القلب : الذنب على الذنب ؛ وكثرة مناقشة النساء - يعني محادثتهن - ومماراة الأحمق ، تقول ، ويقول ولا يرجع إلى خير أبدا ؛ ومجالسة الموتى ، فقيل له : يا رسول الله وما الموتى ؟ قال : كل مترف .

    وروى عن آبائه عن رسول الله أنه قال : من باع واشترى فليتجنب خمس خصال - وإلا فلا يبيعن ولا يشتر - الربا ؛ والحلف ؛ وكتمان العيب ؛ والمدح إذا باع ، والذم إذا اشترى .

    كما روى عن آبائه عن رسول الله قال : ستة لعنهم الله وكل نبي مجاب : الزائد في كتاب الله ، والمكذب بقدر الله ، والتارك لسنتي ، والمستحل لعترتي ما حرم الله ، والمتسلط بالجبروت ليذل من أعزه الله ، ويعز من أذله الله ، والمستأثر بفيء المسلمين والمستحل له .

    وروى عن آبائه أن رسول الله قال في وصيته لعلي : يا علي ان الله تبارك وتعالى أعطاني فيك سبع خصال : أنت أول من ينشق عنه القبر معي ، وأنت أول من يقف على الصراط معي ، وأنت أول من يكسى إذا كسيت ، ويحيى إذا حييت ، وأنت أول من يسكن معي في عليين ، وأنت أول من يشرب معي من الرحيق المختوم الذي ختامه مسك .

    رواياته عن الإمام أمير المؤمنين
    فقد روى الإمام أبو جعفر عن جده علي بن أبي طالب حكمه وطائفة من أقواله اخترنا نماذج منها : قال الباقر : سئل أمير المؤمنين كم بين الحق والباطل ؟ فقال : أربع أصابع - ووضع يده على أذنه وعينه - فقال : ما رأته عيناك فهو الحق ، وما سمعته أذناك فأكثره الباطل .

    وقال : قال أمير المؤمنين : إن قلوب الجهال تستفزها الأطماع ، وترتهنها المنى ، وتستعلقها الخدائع .

    وقال أيضا : قال أمير المؤمنين : جمع الخير كله في ثلاث خصال : النظر ، والسكوت ، والكلام ؛ فكل نظر ليس فيه اعتبار فهو سهو ؛ وكل سكوت ليس فيه فكرة فهو غفلة ؛ وكل كلام ليس فيه ذكر فهو لغو ، فطوبى لمن كان نظره عبرة ، وسكوته فكرا ، وكلامه ذكرا ، وبكى على خطيئته وأمن الناس شره .

    كذلك روى الباقر عن جده الحسين السبط الشهيد وعن أبيه زين العابدين ، كما له روايات عن الصحابة والتابعين بسنده أمثال جابر بن عبد الله الأنصاري وابن عباس وزيد بن أرقم وأبي ذر الغفاري وغيرهم .




    في تفسيره للقرآن الكريم

    تفسير : فيما يلي بعض النماذج من تفسير آيات القرآن الكريم التي رواها عنه المفسرون : الشيخ المفيد بسنده عن محمد بن علي بن الحسين في قول الله عز وجل : ( فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) قال : نحن أهل الذكر .
    قال الشيخ الرازي : وقد سألت محمد بن مقاتل عن هذا فتكلم فيه برأيه ، وقال : أهل الذكر : العلماء كافة ؛ فذكرت ذلك لأبي زرعة فبقي متعجبا من قوله ، وأوردت عليه ما حدثني به يحيى بن عبد الحميد ، قال : صدق محمد بن علي ، إنهم أهل الذكر ، ولعمري إن أبا جعفر لمن أكبر العلماء .

    وروى العلماء : أن عمرو بن عبيد وفد على محمد بن علي بن الحسين ليمتحنه بالسؤال ، فقال له : جعلت فداك ما معنى قوله عز اسمه : ( أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما ) ما هذا الرتق والفتق ؟ فقال له أبو جعفر : كانت السماء رتقا لا تنزل القطر ، وكانت الأرض رتقا لا تخرج النبات . فانقطع عمرو ولم يجد اعتراضا .

    ومضى ثم عاد إليه فقال له : خبرني - جعلت فداك - عن قوله جل ذكره : ( ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى ) ، ما غضب الله ؟ فقال أبو جعفر : غضب الله عقابه يا عمرو ، ومن ظن أن الله يغيره شئ فقد كفر .

    وقد روى العياشي باسناده عن أبي جعفر في قوله تعالى : ( ولكل قوم هاد ) أنه قال : على الهادي ، ومنا الهادي ، فقلت : فأنت - جعلت فداك - الهادي ؟ قال : صدقت إن القرآن حي لا يموت ، والآية حية لا تموت ، فلو كانت الآية إذا نزلت في الأقوام وماتوا ماتت الآية ، لمات القرآن ؛ ولكن هي جارية في الباقين كما جرت في الماضين .

    وسأله نافع بن الأزرق عن قوله تعالى : ( وسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ) من الذي يسأل محمدا وكان بينه وبين عيسى خمسمائة سنة .

    فقرأ أبو جعفر : ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا ) ثم ذكر اجتماعه بالمرسلين ، والصلاة بهم في المسجد الأقصى وسؤاله منهم على من يشهدون ؟ وما كانوا يعبدون ؟ قالوا : نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأنك رسول الله ، أخذت على ذلك عهودنا ومواثيقنا .

    فقال - نافع - : صدقت يا أبا جعفر ! فأخبرني عن قول الله عز وجل : ( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ) أي أرض تبدل ؟ فقال أبو جعفر : خبزة بيضاء يأكلونها حتى يفرغ الله من حساب الخلائق .

    قال : إنهم عن الأكل لمشغولون .

    فقال أبو جعفر : أهم حينئذ أشغل أم هم في النار ؟ قال نافع : بل هم في النار . قال : فقد قال عز وجل : ( ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله ) ما أشغلهم إذا دعوا بالطعام فأطعموا الزقوم ، ودعوا بالشراب فسقوا من الجحيم .

    قال : صدقت يا ابن رسول الله ! وفي قوله عز وجل : ( وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ) قال : بما صبروا على الفقر ومصائب الدنيا .

    وعن أبي الجارود قال : قال أبو جعفر : إذا حدثتكم بشيء فاسألوني من كتاب الله ثم قال - في بعض حديثه - : إن النبي نهى عن القيل والقال ، وفساد المال ، وكثرة السؤال .

    فقيل له : يا ابن رسول الله أين هذا من كتاب الله عز وجل ؟ قال : قوله : ( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ) ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما ) وقال : ( لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) .

    وجاء في بصائر الدرجات : عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن يزيد العجلي قال : سألت أبا جعفر عن قول الله تبارك وتعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) قال : نحن أمة الوسط ، ونحن شهداء الله على خلقه وحجته في أرضه .

    وفيه أيضا عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور ، عن جليس له عند أبي حمزة قال : قلت لأبي جعفر : جعلني الله فداك أخبرني عن قول الله تبارك وتعالى : ( كل شئ هالك إلا وجهه ) قال : يا فلان فيهلك كل شئ ويبقى وجه الله ، الله أعظم من أن يوصف ، ولكن معناها كل شئ هالك إلا دينه ، نحن وجه الله الذي يؤتى الله منه ، لم نزل في عباد الله ما دام لله فيهم روية ، قلت : وما الروية جعلني الله فداك ؟ قال : حاجة فإذا لم يكن له فيهم حاجة رفعنا إليه فيصنع بنا ما أحب .

    وسئل أبو جعفر عن قول الله عز وجل : ( وقولوا للناس حسنا ) قال : قولوا لهم أحسن ما تحبون أن يقال لكم ، ثم قال : إن الله عز وجل يبغض اللعان السباب ، الطعان الفحاش المتفحش ، السائل الملحف ، ويحب الحي الحليم ، العفيف المتعفف .

    وفي قوله تعالى : ( أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ) قال : الغرفة : هي الجنة وهي جزاء لهم بما صبروا على الفقر في الدنيا .

    وأما قوله تعالى : ( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى ) فقد فسر الهداية بالولاية لأئمة أهل البيت وقال : فوالله لو أن رجلا عبد الله عمره ما بين الركن والمقام ، ولم يجئ بولايتنا إلا أكبه الله في النار على وجهه .

    وفي قوله تعالى : ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ) قال : يعني بذلك تبليغ ما أنزل إلى الرسول في فضل علي وقد روى أن الله أوحى إلى نبيه أن يستخلف عليا فكان يخاف أن يشق ذلك على جماعة من أصحابه فأنزل الله تعالى هذه الآية تشجيعا له على القيام بما أمره الله بأدائه .

    وقوله تعالى : ( ذرني ومن خلقت وحيدا ) نزلت هذه الآية في الوليد بن المغيرة المخزومي الذي اتهم النبي بالسحر ، وكان الوليد يسمى في قومه الوحيد ، والآية سيقت على وجه التهديد له ، وقد روى محمد بن مسلم عن أبي جعفر أنه قال : الوحيد ولد الزنا ، وقال زرارة ذكر لأبي جعفر أن أحد بني هشام قال في خطبته أنا ابن الوحيد فقال : ويله لو علم ما الوحيد ما فخر بها ! فقلنا له : وما هو ؟ قال : من لا يعرف له أب .

    وفي قوله تعالى : ( تنزل الملائكة والروح فيها ) قال : تنزل الملائكة والكتبة إلى سماء الدنيا فيكتبون ما يكون في السنة من أمور ما يصيب العباد ، والأمر عنده موقوف له فيه على المشيئة فيقدم ما يشاء ، ويؤخر ما يشاء و يثبت وعنده أم الكتاب .

    وأما قوله تعالى : ( فكبكبوا فيها هم والغاوون ) المراد من الآية ان الغاوين والقوى الكافرة يجمعون ويطرح بعضهم على بعض في النار قال الإمام أبو جعفر : إنها نزلت في قوم وصفوا عدلا بألسنتهم ثم خالفوه إلى غيره .

    وفي قوله تعالى : ( وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) قال : في تفسيره للآية انه تعالى أعظم وأعز وأجل وأمنع من أن يظلم ، ولكنه خلطنا بنفسه فجعل ظلمنا ظلمه ، وولايتنا ولايته حيث يقول : ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ) يعني الأئمة منا ، ثم قال : في موضع آخر ( وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) .

    وأما في قوله تعالى : ( هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب ) قال : نحن الذين يعلمون وعدونا الذين لا يعلمون ، وشيعتنا أولوا الألباب .

    وفي قوله تعالى : ( بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم ) فسر الإمام أبو جعفر ( الذين أوتوا العلم ) بأئمة أهل البيت ، وروى أبو بصير : أن الإمام أبا جعفر قرأ هذه الآية وأومأ بيده إلى صدره .

    وفي قوله تعالى : ( يوم ندعو كل أناس بإمامهم ) روى جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر قال : لما نزلت هذه الآية قال المسلمون : يا رسول الله ألست إمام الناس كلهم أجمعين ؟ فقال : أنا رسول الله إلى الناس أجمعين ، ولكن سيكون من بعدي أئمة على الناس من أهل بيتي يقومون في الناس فيكذبون ، ويظلمهم أئمة الكفر والضلال وأشياعهم ، فمن والاهم واتبعهم ، وصدقهم فهو مني ومعي ، وسيلقاني ، ألا ومن ظلمهم وكذبهم فليس مني ، ولا معي ، وأنا منه بريء .

    قال تعالى : ( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بأذن الله ) . وسأل سالم الإمام أبا جعفر عن هذه الآية فقال : السابق بالخيرات الإمام ، والمقتصد العارف للإمام ، والظالم لنفسه الذي لا يعرف الإمام .

    وروى زياد بن المنذر عنه أنه قال : أما الظالم لنفسه فمن عمل صالحا وآخر سيئا ، وأما المقتصد فهو المتعبد المجتهد وأما السابق بالخيرات فعلي والحسن والحسين ومن قتل من آل محمد شهيدا .

    وفي قوله تعالى : ( إن في ذلك لآيات للمتوسمين ) قال : قال أمير المؤمنين : كان رسول الله المتوسم ، وأنا من بعده والأئمة من ذريتي المتوسمون .

    وفي قوله تعالى : ( وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا ) قال : يعني لو استقاموا على ولاية علي بن أبي طالب أمير المؤمنين والأوصياء من ولده ، وقبلوا طاعتهم في أمرهم ونهيهم لأسقيناهم ماء غدقا يعني : أشربنا قلوبهم الإيمان ، والطريقة : هي الإيمان بولاية علي والأوصياء .

    سأل بريد بن معاوية الإمام أبا جعفر عن المعنيين بقوله تعالى : ( قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب ) فقال : إيانا عنى ، وعلي أولنا ، وأفضلنا وخيرنا بعد النبي .

    سأل بريد العجلي الإمام أبا جعفر عن هذه الآية ، فقال : ( فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما ) جعل في آل إبراهيم الرسل والأنبياء والأئمة فكيف يقرونه في آل إبراهيم ، وينكرونه في آل محمد ؟ قال بريد : وما المراد ( وآتيناهم ملكا عظيما ) قال : الملك العظيم أن جعل فيهم أئمة من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله فهو الملك العظيم .

    وعن قوله تعالى : ( ونفخت فيه من روحي ) سئل عن الروح فقال : هي القدرة .

    وفي قوله تعالى : ( ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا ) قال : في قوله تعالى : ( إنه كان فاحشة ) معصية ومقتا ، فإن الله يمقته ويبغضه ( وساء سبيلا ) هو أشد الناس عذابا ، والزنا من أكبر الكبائر .

    وفي تفسير قوله تعالى : ( وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ) قال : خلق كل شئ منكبا غير الإنسان خلق منتصبا .

    وفي قوله تعالى : ( فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا ) قال : ( متعوهن ) حملوهن بما قدرتم عليه من معروف ، فإنهن يرجعن بكآبة من أعدائهن ، فإن الله كريم يستحي ، ويحب أهل الحياء ، إن أكرمكم أشدكم إكراما لحلائله .

    وفي قوله تعالى : ( وأنى لهم التناوش من مكان بعيد ) قال : إنهم طلبوا الهدى من حيث لا ينال ، وقد كان مبذولا من حيث ينال .

    وفي قوله تعالى : ( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ) قال : يريهم في أنفسهم المسخ ، ويريهم في الآفاق انتقاض الآفاق عليهم ، فيرون قدرة الله في أنفسهم وفي الآفاق ، وقوله ( حتى يتبين لهم أنه الحق ) يعني بذلك خروج القائم ، هو الحق من الله عز وجل ، يراه هذا الخلق لابد منه .

    قال أبو حمزة : سألته عن قوله عز وجل : ( هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ) قال : هو الإيمان .

    قال : وسألته عن قول الله عز وجل : ( وأيدهم بروح منه ) قال : هو الإيمان .

    وأما تفسيره لقوله تعالى : ( ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين ) قال : حجوا إلى الله عز وجل .

    وفي قوله تعالى : ( إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم ) قال : وذلك أن الرجل إذا أراد الهجرة إلى رسول الله تعلق به ابنه وامرأته وقالوا : ننشدك الله أن تذهب عنا فنضيع بعدك ، فمنهم من يطيع أهله فيقيم ، فحذرهم الله أبناءهم ونساءهم ، ونهاهم عن طاعتهم .

    ومنهم من يمضي وينذرهم ويقول : أما والله لئن لم تهاجروا معي ، ثم جمع الله بيني وبينكم في دار الهجرة لا أنفعكم بشيء أبدا .

    فلما جمع الله بينه وبينهم ، أمره أن يتوق بحسن وصله فقال : ( وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم ) .

    وفي قوله تعالى : ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ) .

    روى أبو إسحاق الثعلبي النيسابوري في تفسيره الكشف والبيان عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر قوله : إن معناها : بلغ ما أنزل إليك من ربك في فضل على ، فلما نزلت أخذ رسول الله بيد على ، فقال : من كنت مولاه فعلى مولاه .

  10. #10
    صديق مؤسس
    صاحبة الامتياز
    كلام الخضر معه وقصة شيخ

    - إكمال الدين : ابن البرقي ، عن أبيه ، عن جده أحمد ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمزة بن حمران وغيره عن الصادق جعفر بن محمد قال : خرج أبو جعفر محمد بن علي الباقر بالمدينة فتصحر وأتكأ على جدار من جدرانها مفكرا ، إذ أقبل إليه رجل فقال : يا أبا جعفر على م حزنك ؟ أعلى الدنيا ؟ فرزق الله حاضر يشترك فيه البر والفاجر ، أم على الآخرة ؟ فوعد صادق ، يحكم فيه ملك قادر قال أبو جعفر : ما على هذا أحزن أما حزني على فتنة ابن الزبير فقال له الرجل : فهل رأيت أحدا خاف الله فلم ينجه ؟ أم هل رأيت أحدا توكل على الله فلم يكفه ؟ وهل رأيت أحدا استخار الله فلم يخر له ؟ قال أبو جعفر : فولى الرجل وقال : هو ذاك ، فقال أبو جعفر : هذا هو الخضر .
    قال الصدوق : جاء هذا الحديث هكذا ، وقد روي في حديث آخر أن ذلك كان مع علي بن الحسين .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن إسحاق بن عمار قال : حدثني رجل من أصحابنا ، عن الحكم بن عتيبة قال : بينا أنا مع أبي جعفر والبيت غاص بأهله ، إذ أقبل شيخ يتوكأ على عنزة له ، حتى وقف على باب البيت فقال : السلام عليك يا ابن رسول الله ورحمة الله وبركاته ، ثم سكت فقال أبو جعفر : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ، ثم أقبل الشيخ بوجهه على أهل البيت وقال : السلام عليكم ، ثم سكت حتى أجابه القوم جميعا وردوا ، ثم أقبل بوجهه على أبي جعفر ثم قال : يا ابن رسول الله أدنني منك جعلني الله فداك ، فوالله إني لأحبكم وأحب من يحبكم ، ووالله ما أحبكم وأحب من يحبكم لطمع في دنيا ، وإني لأبغض عدوكم وأبرأ منه ، ووالله ما أبغضه وأبرأ منه لوتر كان بيني وبينه ، والله إني لأحل حلالكم وأحرم حرامكم ، وأنتظر أمركم ، فهل ترجو لي جعلني الله فداك ؟ فقال أبو جعفر إلي إلي حتى أقعده إلى جنبه .

    ثم قال : أيها الشيخ إن أبي علي بن الحسين أتاه رجل فسأله عن مثل الذي سألتني عنه فقال له أبي : إن تمت ترد على رسول الله وعلى علي والحسن والحسين ، وعلى علي بن الحسين ، ويثلج قلبك ، ويبرد فؤادك وتقر عينك وتستقبل بالروح والريحان مع الكرام الكاتبين ، لو قد بلغت نفسك ههنا - وأهوى بيده إلى حلقه - وإن تعش ترى ما يقر الله به عينك ، وتكون معنا في السنام الأعلى .

    قال الشيخ : قلت : كيف يا أبا جعفر ؟ فأعاد عليه الكلام فقال الشيخ : الله أكبر يا أبا جعفر إن أنا مت أرد على رسول الله وعلى علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ، وتقر عيني ؟ ويثلج قلبي ، ويبرد فؤادي ، واستقبل بالروح والريحان مع الكرام الكاتبين ، لو قد بلغت نفسي ههنا ، وإن أعش أرى ما يقر الله به عيني ، فأكون معكم في السنام الأعلى ؟ ثم أقبل الشيخ ينتحب ، ينشج ها ها ها حتى لصق بالأرض ، وأقبل أهل البيت ينتحبون وينشجون ، لما يرون من حال الشيخ ، وأقبل أبو جعفر يمسح بإصبعه الدموع من حماليق عينيه وينفضها .

    ثم رفع الشيخ رأسه فقال لأبي جعفر : يا ابن رسول الله ناولني يدك جعلني الله فداك ، فناوله يده فقبلها ، ووضعها على عينيه وخده ، ثم حسر عن بطنه وصدره ، فوضع يده على بطنه وصدره ، ثم قام ، فقال : السلام عليكم ، وأقبل أبو جعفر ، ينظر في قفاه وهو مدبر ، ثم أقبل بوجهه على القوم فقال : من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة ، فلينظر إلى هذا ، فقال الحكم بن عتيبة : لم أر مأتما قط يشبه ذلك المجلس .

    بيان : غاص بأهله : أي ممتلئ بهم ، والوتر الجناية التي يجنيها الرجل على غيره ، من قتل أو نهب أو سبي ، ويثلج قلبك أي يطمئن قلبك ، وتفرح فؤادك ، وتسر عينك ، والعرب تعبر عن الراحة والفرح والسرور بالبرد ، والسنام الأعلى أي أعلا درجات الجنان ، وسنام كلى شئ أعلاه ، والانتحاب رفع الصوت بالبكاء ، ونشج الباكي ينشج نشجا إذا غص بالبكاء في حلقه ، وحملاق العين باطن أجفانها الذي يسودها الكحل ، وجمعه حماليق .

    - الكافي : محمد بن أبي عبد الله ، ومحمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن الحسن بن بن الحريش ، عن أبي جعفر الثاني قال : قال أبو عبد الله : بينا أبي يطوف بالكعبة ، إذا رجل معتجر قد قيض له ، فقطع عليه أسبوعه حتى أدخله إلى دار جنب الصفا ، فأرسل إلي فكنا ثلاثة فقال : مرحبا يا ابن رسول الله ، ثم وضع يده على رأسي وقال : بارك الله فيك ، يا أمين الله بعد آبائه ، يا أبا جعفر إن شئت فأخبرني ، وإن شئت فأخبرتك وإن شئت سلني ، وإن شئت سألتك ، وإن شئت فأصدقني ، وإن شئت صدقتك ، قال : كل ذلك أشاء قال : فإياك أن ينطق لسانك عند مسألتي بأمر تضمر لي غيره قال : إنما يفعل ذلك من في قلبه علمان ، يخالف أحدهما صاحبه ، وإن الله عز وجل أبى أن يكون له علم فيه اختلاف ، قال : هذه مسألتي وقد فسرت طرفا منها ، أخبرني عن هذا العلم الذي ليس فيه اختلاف ، من يعلمه ؟ قال : أما جملة العلم فعند الله جل ذكره ، وأما ما لابد للعباد منه فعند الأوصياء .

    قال : ففتح الرجل عجرته ، واستوى جالسا وتهلل وجهه وقال : هذه أردت ولها أتيت زعمت أن علم ما لا اختلاف فيه من العلم عند الأوصياء فكيف يعلمونه ؟ قال : كان رسول الله يعلمه إلا أنهم لا يرون ما كان رسول الله يرى لأنه كان نبيا وهم محدثون ، وإنه كان يفد إلى الله جل جلاله ، فيسمع الوحي وهم لا يسمعون فقال : صدقت يا ابن رسول الله سآتيك بمسألة صعبة : أخبرني عن هذا العلم ماله لا يظهر ، كما كان يظهر مع رسول الله قال : فضحك أبي وقال : أبى الله أن يطلع على علمه إلا ممتحنا للايمان به كما قضى على رسول الله أن يصبر على أذى قومه ، ولا يجاهدهم إلا بأمره ، فكم من اكتتام قد اكتتم به حتى قيل له : " اصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين " وأيم الله أن لو صدع قبل ذلك ، لكان آمنا ، ولكنه إنما نظر في الطاعة ، وخاف الخلاف ، فلذلك كف ، فوددت أن عينيك تكون مع مهدي هذه الأمة ، والملائكة بسيوف آل داود بين السماء والأرض ، تعذب أرواح الكفرة من الأموات ، وتلحق بهم أرواح أشباههم من الاحياء ، ثم أخرج سيفا ثم قال : ها ! إن هذا منها .

    قال : فقال أبي إي والذي اصطفى محمدا على البشر ، قال : فرد الرجل اعتجاره وقال : أنا إلياس ما سألتك عن أمرك ولي به جهالة ، غير أني أحببت أن يكون هذا الحديث قوة لأصحابك ، وساق الحديث بطوله إلى أن قال : ثم قام الرجل وذهب فلم أره .


    نوادر أخباره

    - أمالي الطوسي : المفيد عن زيد بن محمد بن جعفر السلمي ، عن الحسن بن الحكم الكندي ، عن إسماعيل بن صبيح اليشكري ، عن خالد بن العلا ، عن المنهال بن عمر قال : كنت جالسا مع محمد بن علي الباقر إذ جاءه رجل فسلم عليه فرد ، قال الرجل : كيف أنتم ؟ فقال له محمد : أو ما آن لكم أن تعلموا كيف نحن ، إنما مثلنا في هذه الأمة مثل بني إسرائيل ، كان يذبح أبناؤهم وتستحيا نساؤهم ، ألا وإن هؤلاء يذبحون أبناءنا ويستحيون نساءنا ، زعمت العرب أن لهم فضلا على العجم فقالت العجم : وبما ذلك ؟ قالوا : كان محمد منا عربيا ، قالوا لهم : صدقتم ، وزعمت قريش أن لها فضلا على غيرها من العرب فقالت لهم العرب من غيرهم : وبما ذاك ؟ قالوا : كان محمد قرشيا قالوا لهم : صدقتم ، فإن كان القوم صدقوا فلنا فضل على الناس لأنا ذرية محمد ، وأهل بيته خاصة وعترته ، لا يشركنا في ذلك غيرنا ، فقال له الرجل : والله إني لأحبكم أهل البيت قال : فاتخذ للبلاء جلبابا ، فوالله إنه لأسرع إلينا وإلى شيعتنا من السيل في الوادي وبنا يبدو البلاء ثم بكم ، وبنا يبدو الرخاء ثم بكم .
    بيان : يستحيون أي يستبقون وقال الجزري في حديث علي : من أحبنا أهل البيت فليعد للفقر جلبابا أي ليزهد في الدنيا وليصبر على الفقر والقلة ، والجلباب الإزار والرداء ، وقيل : الملحفة ، وقيل : هو كالمقنعة تغطي بها المرأة رأسها وظهرها وصدرها ، وجمعه جلابيب ، كنى به عن الصبر .

    لأنه يستر الفقر كما يستر الجلباب البدن ، وقيل : إنما كنى بالجلباب عن اشتماله بالفقر أي فليلبس إزار الفقر ويكون منه على حالة تعمه وتشمله ، لان الغنى من أحوال أهل الدنيا ، ولا يتهيأ الجمع بين حب الدنيا وحب أهل البيت .



    شذرات من حياته

    اسمه : الامام أبو جعفر محمد بن علي الباقر .
    أبوه : الامام زين العابدين - علي بن الحسين .

    جده : الامام الحسين - السبط الشهيد .

    أمه : العلوية فاطمة بنت الامام الحسن السبط المجتبى وتكنى " بأم عبد الله " ، وكانت من سيدات نساء بني هاشم ، وكان الإمام زين العابدين يسميها " الصديقة " ، ويقول فيها الامام جعفر الصادق : كانت صديقة لم تدرك في آل الحسن مثلها ، وحسبها فخرا وسموا انها بضعة من رسول الله وتربى في حجرها الطاهر .

    اما الأب فغني عن التعريف ، فهو زين العابدين وسيد الساجدين فرع من الدوحة الهاشمية ، اخذ المجد كابرا عن كابر ، فهو هاشمي من هاشميين ، وعلوي من علويين ، وفاطمي من فاطميين ، وأول من اجتمعت له ولادة من الحسن والحسين .

    ولد الامام الباقر يوم الجمعة غرة رجب سنة 75 هـ. ، وفي رواية الثالث من شهر صفر سنة 75 هجرية .

    كان يشبه جده رسول الله ، لذا لقب بالشبيه ، وكان ربع القامة ، رقيق البشرة ، جعد الشعر ، أسمر ، له خال على خده ، ضامر الكشح ، حسن الصوت ، مطرق الرأس .

    عاش مع جده الامام الحسين أربع سنين ، وشهد واقعة الطف في كربلاء . كنيته : أبو جعفر ، ولا كنية له غيرها .

    ألقابه : الشريف والتي دلت على عظمة شخصيته ، الباقر ، الشاكر ، أو الشاكر لله ، الهادي ، الأمين ، الشبيه ، لأنه كان يشبه جده المصطفى ، وأشهرها الباقر لقبه به جده رسول الله ، لبقره العلم ، وتفجره ، وتوسعه .

    وقد قال فيه الغرضي ، ونعم ما قال :

    يا باقر العلم لأهل التقى * وخير من لبى على الأجبل

    أشهر زوجاته : أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر ، وأم حكيم بنت أسد بن المغيرة الثقفية .

    أولاده : خمسة : جعفر ، عبيد الله ، إبراهيم ، عبد الله المحض ، وعلي ، اما البنات ، فهن : زينب ، وأم سلمة ، من أمهات شتى وهم :

    أ - الإمام جعفر الصادق وشقيقه عبيد الله ، وأمهما أم فروة بنت القاسم ابن محمد بن أبي بكر .

    ب - إبراهيم ، وشقيقه عبد الله المحض ، وأمهما أم حكيم الثقفية .

    ج - علي ، وشقيقته زينب ، أمهما أم ولد .

    د - أم سلمة ، أمها أم ولد .

    قوم هم الغاية في فضلهم * فالأول السابق كالآخر

    بدا بهم نور الهدى مشرقا * وميز البر من الفاجر

    نقش خاتمه : " العزة لله " .

    وعن الصدوق : كان خاتمه " إن الله بالغ أمره " ، وفي الفصول المهمة " رب لا تذرني فردا " ، ولعله كانت عنده عدة خواتم .

    شعراؤه : الكميت الأسدي ، كثير عزة ، الورد الأسدي أخو الكميت ، السيد الحميري . بوابه : جابر بن يزيد الجعفي .

    علمه : ملأ الدنيا بعلمه وحديثه ، قال محمد بن مسلم : سألته عن ثلاثين ألف حديث - فأجابني عليها - .

    مؤلفاته : كتاب التفسير ( ذكره ابن النديم ) ، رسالة إلى سعد الخير من بني أمية ، رسالة ثانية منه اليه ، وكتاب الهداية .

    أخلاقه : كان أصدق أهل زمانه لهجة ، وأحسنهم بهجة ، وكان ظاهر الجود ، مشهورا بالكرم ، معروفا بالفضل والإحسان ، على رغم كثرة عياله ، وتوسط حاله ، وكان أقل أهل البيت مالا وأعظمهم مؤونة .

    وملخص ما قال فيه فطاحل العلماء والعظماء في عصره وبعده : أبو جعفر محمد بن علي الباقر ، فهو غرة الدهر ، ودرة العصر ، ولد في الثالث من صفر سنة 56 وفي رواية سنة 75 ه‍ ، وفي رواية أخرى ولد يوم الجمعة غرة رجب من سنة 75 من الهجرة ، فهو هاشمي من هاشميين ، وعلوي من علويين ، وفاطمي من فاطميين ، وأول من اجتمعت له ولادة الحسن والحسين .

    لقب بالباقر لتبقره في العلم ، وتبحره فيه .

    وفي لسان العرب : لقب به لانه بقر العلم ، وعرف أصله ، واستنبط فرعه ، وتوسع فيه ، والتبقر التوسع .

    أشار على عبد الملك بن مروان بضرب الدنانير والدراهم وعلمه كيفية ذلك في حياة أبيه الامام السجاد وحرر بذلك المسلمين اقتصاديا .

    حكام وجبابرة عصره : الوليد بن عبد الملك ، سليمان بن عبد الملك ، عمر بن عبد العزيز ( كان ألينهم عريكة ، وأعدلهم حكما ) يزيد بن عبد الملك ، وآخرهم هشام بن عبد الملك وكان أشدهم على أهل البيت والأئمة الطاهرين حقدا ، وهو الذي دس اليه السم واستشهد الإمام من جرائه .

    شهادته يوم الاثنين السابع من شهر ذي الحجة الحرام سنة 114 هجرية ، وكان عمره الشريف سبع وخمسون سنة ، وهناك روايات متعددة عن سنة شهادته ، وعمره الشريف ، سنذكر ذلك فيما بعد .

    مدة إمامته : ( 19 ) تسع عشرة سنة .

    قبره : دفن في البقيع في المدينة المنورة في القبة التي فيها أبوه الامام زين العابدين وعم أبيه الامام الحسن المجتبى و بن عبد المطلب .

    هدم الوهابيون قبره وقبور الأئمة في البقيع ، عندما استولوا على الحكم الوهابيون من آل سعود ، كما هدمت مراقد جميع عظماء المسلمين ، والمشاهد المشرفة في بدر ، وأحد ، لا سيما قبر سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب وبقية قبور شهداء أحد .

    قال الشاكري : ولئن فات بني سعود ايذاء أهل البيت الطاهرين في حياتهم ، فلقد تتبعوهم رميما وهدموا قبورهم ، وطاردوا شيعتهم ومحبيهم وزوارهم ، وإلى يومنا هذا .

    كما قال الشاعر البسامي :

    تالله إن كانت أمية قد أتت * قتل ابن بنت نبيها مظلوما

    فلقد اتاه بنو أبيه بمثله * هذا لعمرك قبره مهدوما

    أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا * في قتله فتتبعوه رميما

    ولقد أتى بنو سعود بمثله ، أو أكثر منه .






    إشراقة النور أشرقت الدنيا بمولد الإمام الزكي محمد بن علي الباقر

    وما يزال إشراقها يستمد من فيض إطلالته المباركة على عالم الوجود ، رغم مرور أكثر من أربعة عشر قرنا على رحيله عن عالمنا المادي .
    فكان كما بشر به رسول الله وأنبأ بمولده قبل ولادته بعشرات السنين ، وسماه باسمه محمدا ، وكناه بالباقر .

    كان يوم مولده الميمون في ( يثرب ) المدينة المنورة ، يوم الاثنين غرة رجب الحرام من سنة 75 هجرية .

    وهو الذي عليه أغلب العلماء والمؤرخين وأصحاب التراجم والسير من الفريقين .

    أقام مع أبيه السجاد خمسا وثلاثين سنة إلا شهرين ، وبعد مضي أبيه قام بأعباء الإمامة تسع عشرة سنة .

    ويذهب غالبية المؤرخين إلى أن شهادته كانت في السابع من ذي الحجة سنة 114 هجرية .

    وهناك آراء أخرى ذهبت مذاهب شتى في تعيين سنة ولادته ووفاته ومبلغ عمره الشريف ، لا حاجة لنا في بسط الكلام فيها حيث أخذنا بالمشهور من الأقوال .

    وكما كان الاختلاف في تعيين سنة مولده واستشهاده ، كان الاختلاف أيضا في تعيين اليوم والشهر الذي ولد واستشهد فيه .

    اما ولادته فقد ترددت الأقوال بين الأول من رجب والثالث من صفر وغيرها .

    وأما استشهاده فقد ترددت الأقوال فيها أيضا بين السابع من ذي الحجة والسابع من ربيع الأول أو الآخر - والأول أشهر عند أهل البيت - .

    ومهما يكن من اختلاف قل أو كثر . . بعد أو قرب من الواقع . . فقد كان الباقر أول وليد في البيت النبوي الشريف يجتمع له نسب الحسن والحسين ، فأبوه علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، وأمه فاطمة بنت الحسن بن علي بن أبي طالب ، التي وصفها بأنها صديقة لم تدرك في آل الحسن امرأة مثلها .

    ولها من الكرامات ما رواه الباقر نفسه فقال : كانت أمي قاعدة عند جدار ، فتصدع الجدار ، وسمعنا هدة شديدة ، فقالت بيدها : لا وحق المصطفى ما أذن الله لك في السقوط ، فبقي الجدار معلقا حتى جازته ، فتصدق عنها أبي بمئة دينار .

    ولقد عاش الإمام في ظل جده الحسين نحوا من أربع سنين أو قد تزيد بضعة شهور ، كانت خاتمتها واقعة الطف الأليمة .

    فقد شاهد بعض الفصول من رزايا كربلاء وما جرى على عترة رسول الله من صنوف القتل والترويع والسبي ، كما جرت أمامه عملية القتل الجماعي بوحشية قاسية لعترة النبي والتمثيل الآثم بجثمان سيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي وقطع رأسه الشريف ، وغير ذلك من الكوارث التي تذوب من هولها القلوب .

    قال أبو جعفر : قتل جدي الحسين ولي أربع سنين ، وإني لأذكر مقتله وما نالنا في ذلك الوقت .

    وشاهد بعد كربلاء العديد العديد من الرزايا والمصائب - من تقتيل وتشريد - التي توالت على أبيه وأهل بيته من أولئك الحكام الطغاة العتاة الذين انغمسوا في الجرائم ، وتنكروا للقيم والأخلاق وجميع المبادئ التي جاء بها الإسلام وجاهد الرسول من أجلها أكثر من عشرين عاما .

    نعم ، في مثل تلك الظروف القاسية كانت ولادة الامام ونشأته الأولى ، حيث الحكم بيد طاغية جبار أثيم ، تجل أرذل النعوت والصفات عن أن يوصف بها ، ثم ما يلبث أن يقبر الماكر حتى يسلمها إلى خمار فاجر ، أحط من أبيه تسافلا وتحللا ، فهما من تلكم الشجرة الملعونة شجرة أمية وأبي سفيان التي لا تثمر إلا عن مثل هؤلاء اللئام ، وأنى لها أن تثمر طيبا ومنبتها خبيث ( والذي خبث لا يخرج إلا نكدا ) ، والبلاد الإسلامية يومذاك تئن وتموج بالظلم والجور من عسف الحكام الأمويين وولاتهم ، وتصرفهم بالبلاد والعباد بغير ما أنزل الله ، أنزل الله ، فقد نشروا الرعب والإرهاب . . وأشاعوا الفساد في طول البلاد وعرضها .





    في ظل جده وأبيه

    وتبدأ حياة في سنيها الأولى في كنف جده الحسين الذي عني بتربيته ، وأفرغ عليه أشعة من روحه المقدسة ، وغذاه بالمثل الكريمة ، وأفاض عليه ما استقر في نفسه من نور النبوة ، وهدي الرسالة ، وخلق السماء .
    وهكذا يترعرع المولود في حجر سيد شباب أهل الجنة ، وريحانة رسول الله الذي ما زال يوسعه لثما وتقبيلا ، ويوليه عناية خاصة ؛ ليشعر الأمة بأن النبي الأكرم ينتظر منه القيام بدوره القيادي بأن يفجر في ربوع أمته ينابيع الحكمة ، ويذيع فيها العلم ، ويهديها إلى سواء السبيل .

    ولم تسمح الظروف للصبي بأن يواصل رؤية جده أكثر من أعوامه الأربعة الأولى ، التي عاشها في ظله الشريف .

    فيحمل أبى الضيم الحسين بن علي حفيده معه إلى كربلاء مع من حمل ؛ ليعطيه دروسا بليغة حية في الصلابة والثبات في مقارعة الظلم والظالمين ، ولو أنه لم يكن يدرك تلك المعاني بعد . . إلا أنه سرعان ما وعى تلك الحقيقة بعد أن ظلت أحداث كربلاء ، وما تلاها من مآس وآلام راسخة في ذهنه .

    حيث روى الكثير من فصول الواقعة ، مما علق في ذهنه الشريف يومذاك ، وما كان سمعه من أبيه السجاد وهو أكبر هاشمي من الرجال بقي على قيد الحياة ممن أتى مع ركب الحسين كما روى المؤرخون عنه بعضا من فصول الواقعة ، كالطبري الذي روى بسنده عن الباقر بعض صور تلك المأساة المروعة ، وألف جماعة آخرون من أعلام أصحابه كتبا في مقتل الحسين ، حيث دونوا فيها ما سمعوه منه ومن غيره .

    وبعد كربلاء يتولى الإمام زين العابدين تنشئة ابنه محمد ، ويعده إعدادا خاصا لتسلم منصب الإمامة ، ونشر فقه الرسالة المحمدية ، التي كاد نجمها يؤول إلى الأفول ، لولا أن الله سبحانه تعاهد رسالته الخاتمة بحفظها على يد الصفوة المختارة من آل .

    لقد عاش مع أبيه السجاد نحوا من ثمان وثلاثين سنة في أكثر التقادير ، وصاحبه طيلة مدة حياته فلم يفارقه حتى لبى نداء ربه والتحق بالرفيق الأعلى .

    فشاهد ما عاناه أبوه الإمام زين العابدين من جور وعسف حكام الضلال الظالمين ، كما مرت على نفسه فترة العهود المظلمة من حكم بني أمية - وكل أيام حكمهم مظلمة عدا سنين قلائل قد لا تتجاوز الثلاثة من حكم عمر بن عبد العزيز - حيث كان الحكم بيد الباغي معاوية بن أبي سفيان ، ثم من بعده ابنه يزيد الخمور والفجور ، ثم يستولي على زمام الخلافة طريد رسول الله مروان بن الحكم بعد أن تنازل عنها معاوية بن يزيد آخر من حكم من بني أمية ؛ ليؤول الحكم إلى البيت المرواني . . ثم يتوالى على الحكم أناس أقل ما يقال بحقهم أنهم : ( استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله ) ، أمثال عبد الملك بن مروان والوليد بن عبد الملك وسليمان بن عبد الملك وعمر بن عبد العزيز وهو أهونهم شرا ، ويزيد بن عبد الملك ، وآخر الذين عاصرهم هشام بن عبد الملك الذي كان أكثرهم شرا وأعتاهم على أئمة أهل البيت .

    ومن خلال استعراض أسماء من ذكرنا ممن عاصرهم الإمامان السجاد والباقر يتبين مدى الظلم والتعسف والحيف الذي وقع على وشيعته من بعده ، ومن بعده ولده الامام الباقر من قبل أولئك الطغاة .

    فهذا عبد الملك بن مروان - على سبيل المثال - الذي يدعي البعض أنه كان يحاول أن يكون أقل عنفا من أسلافه مع العلويين ، فيقال إنه كتب إلى عامله في الحجاز كتابا جاء فيه : جنبني دماء آل أبي طالب ، فإني رأيت آل حرب لما تهجموا بها لم ينصروا . وإذا صح عنه أنه كان أرفق بالعلويين وشيعتهم من أسلافه ، فذلك لأنه قد أدرك مدى الاستياء الذي خلفته سياسة معاوية وولده يزيد معهم ، وما ترتب عليها من الانتفاضات في مختلف أنحاء الدولة لا سيما وقد ظهر منافسه الجديد - عبد الله بن الزبير - في الحجاز ، واتسعت أطماعه للعراق وغيرها من المناطق ، لكن هذه الظاهرة من عبد الملك لم ترافقه طيلة حكمه ، فما أن تم له القضاء على خصمه ابن الزبير حتى كتب إلى عماله وأمرهم بالشدة والقسوة على شيعة أهل البيت ، وأمر الحجاج بأن يذهب إلى العراق وقال له : احتل لقتلهم فقد بلغني عنهم ما أكره ، وإذا قدمت الكوفة - وهي مركز التشيع - فطأها وطأة يتضاءل لها أهل البصرة .

    وراح هذا الطاغية السفاك يراقب تحركات الإمام وتصرفاته ، ويبث العيون لرصد ارتباطاته بالموالين له من الأمة ، واتخذ بعض الإجراءات الوقائية للحد من لقاء جماهير الشيعة بإمامها ؛ لكنه غفل - وكذا : ( أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون ) - عن أن حب آل رسول الله والولاء لهم إنما هو في ضمير ووجدان محبيهم لا يزيله التضييق والإرهاب والقسوة ، بل ذلك ما يزيده إلا عمقا ورسوخا وصلابة .

    هذا مع المتساهلين مع أهل البيت النبوي وشيعتهم ، فما ظنك بالعتاة المتشددين . . كالطاغية الحقود هشام بن عبد الملك ، الذي ورث حقد أسلافه على النبي وآله الأطهار ، إذ ما فتئ يتربص بالإمام الدوائر ويتحين الفرص لأذاه والنيل منه ، والبطش به ، حتى دس للإمام السم المثمل فقتله .

    وقضى الامام الباقر نحبه شهيدا مظلوما يشكو إلى ربه ظلم وتعسف الحكام المجرمين من آل أبي سفيان وآل مروان ، ومن سار على طريقتهم .

    نعم ، ويتأثر بهدي أبيه الإمام زين العابدين الذي قال فيه سعيد بن المسيب : ( ما رأيت قط أفضل من علي بن الحسين ) .

    وقال الزهري : ( ما رأيت قرشيا أفضل منه ) . وقال غيرهم نحو مقولتهم هذه أمثال : أبو حازم ، وزيد بن أسلم ، وعمر بن العزيز ، ومالك بن أنس وجابر بن عبد الله ، وغيرهم . ولا يسع المجال هنا لذكر أوصاف وصفات وسمو أخلاقه ، وعلمه وحلمه ، وشجاعته وكرمه ، وورعه وتقواه ، وهيبته ، فقد بسطنا البحث في ذلك كله وتوسعنا في الجزء السابع من هذه الموسوعة والذي بحث فيه عن حياة .

    ولا غرو أن يكون الولد على سر أبيه ، فيأخذ صفاته في خلقه وتقواه وورعه وزهده وشدة انقطاعه وإقباله على الله سبحانه . . كما أنه ليس غريبا أن تنطبع السيرة السجادية في قرارة نفس وترتسم في أعماق ذاته ؛ ومن ثم لتطهر على مسرح الحياة العلمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية لتصور السيرة المشرقة للامام التي هي امتداد لصور وسير آبائه الطاهرين ، التي تجسد المثل العليا وروح الرسالة المحمدية رسالة السماء الممتدة من عالم ما وراء الطبيعة إلى الأرض .

    نعم ، وتمر هذه السيرة المعطاءة على الدنيا فتملؤها بنور العلم ، وتفعمها بهدي السماء ، وتكسوها من خلق الربوبية . . فتأتي الأجيال بعد ذلك لتنهل من ذلك النبع الصافي . . وتلك هي سيرة الأنبياء والمرسلين .




    مناقبه وفيه أخبار جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه

    1 - أمالي الصدوق : ابن الوليد ، عن الحميري ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن الصادق جعفر بن محمد قال : إن رسول الله قال ذات يوم لجابر بن عبد الله الأنصاري : يا جابر إنك ستبقى حتى تلقى ولدي محمد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المعروف في التوراة بالباقر فإذا لقيته فاقرأه مني السلام فدخل جابر إلى علي بن الحسين فوجد محمد بن علي عنده غلاما فقال له : يا غلام أقبل فأقبل ، ثم قال له : أدبر فأدبر .
    فقال جابر : شمايل رسول الله ورب الكعبة ، ثم أقبل على علي بن الحسين فقال له : من هذا ؟ قال : هذا ابني وصاحب الامر بعدي : محمد الباقر ، فقام جابر فوقع على قدميه يقبلهما ويقول : نفسي لنفسك الفداء يا ابن رسول الله ، اقبل سلام أبيك ، إن رسول الله يقرأ عليك السلام ، قال : فدمعت عينا أبي جعفر ثم قال : يا جابر على أبي رسول الله السلام ما دامت السماوات والأرض وعليك يا جابر بما بلغت السلام .

    2 - أمالي الطوسي : جماعة ، عن أبي المفضل عن محمد بن محمد بن سليمان الباغندي و الحسن بن محمد بن بهرام ، عن سويد بن سعيد ، عن الفضل بن عبد الله ، عن أبان بن تغلب عن أبي جعفر قال : دخل علي جابر بن عبد الله وأنا في الكتاب ، فقال : اكشف عن بطنك قال : فكشفت له ، فألصق بطنه ببطني ، فقال : أمرني رسول الله أن أقرئك السلام .

    3 - أمالي الطوسي : ابن حمويه ، عن محمد بن محمد بن بكر ، عن الفضل بن حباب ، عن مكي بن مروك الأهوازي ، عن علي بن بحر ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه قال : دخلنا على جابر بن عبد الله ، فلما انتهينا إليه سأل عن القوم حتى انتهى إلي فقلت : أنا محمد بن علي بن الحسين ، فأهوى بيده إلى رأسي فنزع زري الأعلى وزري الأسفل ، ثم وضع كفه بين ثديي وقال : مرحبا بك وأهلا يا ابن أخي سل ما شئت ، فسألته وهو أعمى ، فجاء وقت الصلاة فقام في نساجة فالتحف بها فلما وضعها على منكبه رجع طرفاها إليه من صغرها ، ورداؤه إلى جنبيه على المشجب ، فصلى بنا فقلت : أخبرني عن حجة رسول الله فقال بيده : فعقده تسعا ، الخبر .

    بيان : لعل المراد بالنساجة الملحفة المنسوجة ، والمشجب بكسر الميم خشبات منصوبة تعلق عليها الثياب ، ولعل المراد أنه مع كون الرداء بجنبه لم يرتد به واكتفى بالنساجة الضيقة ، فالغرض بيان جواز الاكتفاء بذلك ، وظاهر قوله صلى بنا أنه كان إماما وفيه إشكال ولعله إنما فعل ذلك اتقاء عليه مع أنه يمكن أن يؤول بأنه كان إماما .

    4 - علل الشرائع : الطالقاني ، عن الجلودي ، عن المغيرة بن محمد ، عن رجاء بن سلمة ، عن عمرو بن شمر قال : سألت جابر بن يزيد الجعفي فقلت له : ولم سمي الباقر باقرا ؟ قال : لأنه بقر العلم بقرا أي شقه شقا ، وأظهره إظهارا .

    ولقد حدثني جابر بن عبد الله الأنصاري ، أنه سمع رسول الله يقول : يا جابر إنك ستبقى حتى تلقى ولدي محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المعروف في التوراة بباقر ، فإذا لقيته فاقرأه مني السلام فلقيه جابر بن عبد الله الأنصاري في بعض سكك المدينة ، فقال له : يا غلام من أنت ؟ قال : أنا محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب ، قال له جابر : يا بني أقبل فأقبل ، ثم قال له : أدبر فأدبر فقال : شمائل رسول الله ورب الكعبة ، ثم قال : يا بني رسول الله يقرئك السلام ، فقال : على رسول الله السلام ما دامت السماوات والأرض وعليك يا جابر بما بلغت السلام فقال له جابر : يا باقر ! يا باقر ! يا باقر ! أنت الباقر حقا أنت الذي تبقر العلم بقرا ، ثم كان جابر يأتيه فيجلس بين يديه فيعلمه ، فربما غلط جابر فيما يحدث به عن رسول الله فيرد عليه ويذكره ، فيقبل ذلك منه ويرجع إلى قوله ، وكان يقول : يا باقر يا باقر يا باقر أشهد بالله أنك قد أوتيت الحكم صبيا .

    5 - الخرائج : روي عن أبي عبد الله قال : إن جابر بن عبد الله كان آخر من بقي من أصحاب رسول الله وكان رجلا منقطعا إلينا أهل البيت فكان يقعد في مسجد الرسول معتجرا بعمامة ، وكان يقول : يا باقر يا باقر ، فكان أهل المدينة يقولون : جابر يهجر ، فكان يقول : لا والله لا أهجر ولكني سمعت رسول الله يقول : إنك ستدرك رجلا مني اسمه اسمي وشمائله شمائلي يبقر العلم بقرا فذلك الذي دعاني إلى ما أقول ، قال : فبينما جابر ذات يوم يتردد في بعض طرق المدينة إذ مر محمد بن علي فلما نظر إليه قال : يا غلام أقبل فأقبل فقال : أدبر فأدبر ، فقال : شمائل رسول الله والذي نفس جابر بيده ما اسمك يا غلام ؟ قال محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فقبل رأسه ثم قال : بأبي أنت وأمي ، أبوك رسول الله يقرئك السلام فقال : وعلى رسول الله السلام فرجع محمد إلى أبيه وهو ذعر فأخبره بالخبر فقال : يا بني قد فعلها جابر ؟ قال : نعم ، قال : يا بني الزم بيتك ، فكان جابر يأتيه طرفي النهار فكان أهل المدينة يقولون : واعجبا لجابر يأتي هذا الغلام طرفي النهار ، وهو آخر من بقي من أصحاب رسول الله فلم يلبث أن مضى علي بن الحسين ، فكان محمد بن علي يأتيه على الكرامة لصحبته لرسول الله قال : فجلس الباقر يحدثهم عن الله فقال أهل المدينة : ما رأينا أحدا قط أجرأ من ذا ، فلما رأى ما يقولون حدثهم عن رسول الله فقال أهل المدينة : ما رأينا قط أحدا أكذب من هذا يحدث عمن لم يره ، فلما رأى ما يقولون حدثهم عن جابر بن عبد الله فصدقوه ، وكان والله جابر يأتيه فيتعلم منه .

    6 - الاختصاص : ابن الوليد ، عن الصفار ، رفعه عن حريز ، عن أبان بن تغلب عنه مثله .

    7 - رجال الكشي : حمدويه وإبراهيم ابنا نصير ، عن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان عن حريز مثله .

    بيان : قال الجزري : الاعتجار : هو أن يلف العمامة على رأسه ويرد طرفها على وجهه ، ولا يعمل منها شيئا تحت ذقنه انتهى ولعله إنما نهاه عن الخروج بعد ذلك خوفا عليه من أهل المدينة لئلا يؤذوه حسدا .

    8 - الإرشاد : روى ميمون القداح عن جعفر بن محمد ، عن أبيه قال : دخلت على جابر بن عبد الله فسلمت عليه فرد علي السلام ، قال لي : من أنت ؟ - وذلك بعد ما كف بصره - فقلت : محمد بن علي بن الحسين ، قال : يا بني ادن مني فدنوت منه فقبل يدي ثم أهوى إلى رجلي يقبلها فتنحيت عنه ثم قال لي : رسول الله يقرئك السلام فقلت : وعلى رسول الله السلام ورحمة الله وبركاته فكيف ذاك يا جابر ؟ فقال : كنت معه ذات يوم فقال لي : يا جابر لعلك تبقى حتى تلقى رجلا من ولدي يقال له محمد بن علي بن الحسين ، يهب الله له النور والحكمة فاقرءه مني السلام .

    9 - كشف الغمة : نقل عن أبي الزبير محمد بن مسلم المكي أنه قال : كنا عند جابر ابن عبد الله فأتاه علي بن الحسين ومعه ابنه محمد وهو صبي فقال علي لابنه : قبل رأس عمك ، فدنا محمد من جابر فقبل رأسه فقال جابر ، من هذا - وكان قد كف بصره - فقال له علي : هذا ابني محمد فضمه جابر إليه وقال : يا محمد ! محمد رسول الله يقرأ عليك السلام فقالوا لجابر : كيف ذلك يا با عبد الله ؟ فقال : كنت مع رسول الله والحسين في حجره وهو يلاعبه ، فقال : يا جابر يولد لابني الحسين ابن يقال له : علي إذا كان يوم القيامة نادى مناد ليقم سيد العابدين ، فيقوم علي بن الحسين ، ويولد لعلي ابن يقال له : محمد ، يا جابر إن رأيته فاقرءه مني السلام واعلم أن بقاءك بعد رؤيته يسير ، فلم يعش بعد ذلك إلا قليلا ومات .

    وقال محمد بن سعيد عن ليث ، عن أبي جعفر قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : أنت ابن خير البرية وجدك سيد شباب أهل الجنة ، وجدتك سيدة نساء العالمين .

    وعن أبي جعفر محمد بن علي قال : دخل علي جابر بن عبد الله وأنا في الكتاب ، فقال : اكشف عن بطنك ، فكشفت له فألصق بطنه ببطني وقال : أمرني رسول الله أن أقرئك السلام .

    10 - الاختصاص : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن محمد بن عيسى ، عن بشير ، عن هشام ابن سالم قال : قال لي أبو عبد الله : إن لأبي مناقب ليست لاحد من آبائي إن رسول الله قال لجابر بن عبد الله : إنك تدرك محمدا ابني فاقرأه مني السلام فأتى جابر علي بن الحسين فطلبه منه ، فقال : نرسل إليه فندعوه لك من الكتاب ، فقال : أذهب إليه فأتاه فأقرأه السلام من رسول الله وقبل رأسه والتزمه فقال : وعلى جدي السلام ، وعليك يا جابر ، قال : فسأله جابر أن يضمن له الشفاعة يوم القيامة ، فقال له : أفعل ذلك يا جابر .

    11 - رجال الكشي : جعفر بن معروف ، عن الحسن بن علي بن النعمان ، عن أبيه عن عاصم الحناط ، عن محمد بن مسلم ، عن مثله .





    أزواجه وأولاده ، وبعض أحوالهم وأحوال أمه رضي الله عنها

    - إعلام الورى * الإرشاد : كان أولاده سبعة منهم : أبو عبد الله جعفر بن محمد وكان يكنى به ، وعبد الله بن محمد أمهما أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر ، وإبراهيم وعبيد الله درجا أمهما أم حكيم بنت السيد بن المغيرة الثقفية وعلي وزينب لام ولد ، وأم سلمة لام ولد .
    بيان : درجا أي ماتا في حياته .

    - إعلام الورى : وقيل إن لأبي جعفر ابنة واحدة فقط أم سلمة ، واسمها زينب .

    - الإرشاد : ولم يعتقد في أحد من ولد أبي وجعفر الإمامة إلا في أبي عبد الله جعفر بن محمد خاصة ، وكان أخوه عبد الله رضي الله عنه يشار إليه بالفضل والصلاح وروي أنه دخل على بعض بني أمية فأراد قتله ، فقال له عبد الله رحمة الله عليه : لا تقتلني أكن لله عليك عونا واتركني أكن لك على الله عونا ، يريد بذلك أنه ممن يشفع إلى الله ، فيشفعه ، فلم يقبل ذلك منه ، فقال له الأموي : لست هناك ، وسقاه السم فقتله .

    - كشف الغمة : كان له ثلاثة من الذكور ، وبنت واحدة ، وأسماء أولاده : جعفر وهو الصادق ، وعبد الله ، وإبراهيم ، وأم سلمة ، وقيل : كان أولاده أكثر من ذلك .

    - مناقب ابن شهرآشوب : أولاده سبعة : جعفر الامام ، وكان يكنى به ، وعبد الله الأفطح من أم فروة بنت القاسم ، وعبيد الله ، وإبراهيم ، من أم حكيم ، وعلي ، وأم سلمة ، وزينب من أم ولد ، ويقال زينب لام ولد أخرى ، ويقال : له ابنة واحدة ، وهي أم سلمة ، درجوا كلهم إلا أولاد الصادق .

    - قرب الإسناد : ابن عيسى ، عن البزنطي قال : ذكر عند الرضا القاسم بن محمد خال أبيه ، وسعيد بن المسيب ، فقال : كانا على هذا الامر ، وقال : خطب أبي إلى القاسم بن - محمد يعني أبا جعفر - فقال القاسم لأبي جعفر : إنما كان ينبغي لك أن تذهب إلى أبيك حتى يزوجك .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن عبد الله بن أحمد ، عن صالح ابن مزيد ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن أبي الصباح ، عن أبي جعفر قال : كانت أمي قاعدة عند جدار ، فتصدع الجدار ، وسمعنا هدة شديدة ، فقالت بيدها : لا وحق المصطفى ما أذن الله لك في السقوط ، فبقي معلقا في الجو حتى جازته ، فتصدق أبي عنها بمائة دينار ، قال أبو الصباح : وذكر أبو عبد الله جدته أم أبيه يوما فقال : كانت صديقة لم تدرك في آل الحسن امرأة مثلها .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن بعض أصحابه ، عن علي بن إسماعيل الميثمي ، عن أبي الجارود قال : دخلت على أبي جعفر وهو جالس على متاع فجعلت ألمس المتاع بيدي فقال : هذا الذي تلمسه بيدك أر مني له : وما أنت والأرمني ؟ فقال : هذا متاع جاءت به أم علي - امرأة له - فلما كان من قابل دخلت عليه فجعلت ألمس ما تحتي فقال : كأنك تريد أن تنظر ما تحتك ؟ فقلت : لا ولكن الأعمى يعبث ، فقال لي : إن ذلك المتاع كان لام علي ، وكانت ترى رأي الخوارج ، فأدرتها ليلة إلى الصبح أن ترجع على رأيها ، وتتولى أمير المؤمنين ، فامتنعت علي فلما أصبحت طلقتها .

    - الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن علي بن النعمان ، عن داود بن فرقد ، عن عبد الأعلى قال : رأيت أم فروة تطوف بالكعبة عليها كساء متنكرة ، فاستلمت الحجر بيدها اليسرى ، فقال لها رجل ممن يطوف يا أمة الله أخطأت السنة فقالت : إنا لأغنياء عن علمك .

    روى أبو الفرج الأصفهاني في المقاتل بإسناده عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبيه قال : دخل عبد الله بن محمد بن علي بن الحسين على رجل من بني أمية ، فأراد قتله فقال له عبد الله : لا تقتلني أكن لله عليك عينا ولك على الله عونا فقال : لست هناك ، وتركه ساعة ثم سقاه سما في شراب سقاه إياه فقتله .


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال