أصبحت المساعدات الرقمية جزءًا لا يتجزأ من حياة مُستخدمي الأجهزة الذكية، فباستخدامها يُمكن ترجمة الكلمات من خلال نطقها فقط ودون الحاجة إلى كتابتها بشكل يدوي، بالإضافة إلى إمكانية تنفيذ بعض الأوامر مثل عمليات البحث أو تشغيل التطبيق من خلال أمر صوتي وحيد، فكل ما يحتاجه المُستخدم هو نطق تعليمة مثل ‘ افتح ألبوم الصور ‘ ليقوم المُساعد الرقمي بالبقية.
سيري Siri من آبل، جوجل ناو Google Now، وكورتانا Cortana من مايكروسوفت تُعتبر من أوائل المُساعدات الرقمية الذكية التي يُمكن الحصول عليها داخل الهواتف الذكية، فالبداية كانت مع سيري عام 2011، مبتوعةً بجوجل ناو في 2012، وأخيرًا كورتانا في 2014.
سعت الشركات خلال السنوات الماضية إلى تحويل هذه المُساعدات الرقمية إلى مُساعدات أقرب ما تكون إلى الإنسان من خلال طريقة التفاعل مع الأسئلة والإجابة عليها، لكن هذه الجهود يبدو أنها لم تنل الرضا، وهو ما أدى بدوره إلى ظهور مُساعدات جديدة أكثر تطورًا من المساعدات الرقمية المذكورة أعلاه، أو يُمكن اعتبارها الجيل الثاني للمُساعدات الرقمية.
بشكل عام تقتصر وظائف المُساعدات الحالية على بعض التعليمات المفهومة مُسبقًا بالإضافة إلى تحويل كلام المُستخدم إلى نصوص بحث والاستعانة بمحركات بحث مثل جوجل أو بينج للعثور على الإجابة الصحيحة وعرضها للمُستخدم، وكلما كان مُحرك البحث مُتطورًا، كلما كانت النتائج أكثر دقة وعمق.
لكن القائمين على سيري Siri وجوجل ناو وجدوا أن هذه الحلول محدودة، ولا تفي بالغرض، لذلك عملوا على مشاريع جديدة جعلت من سيري، كورتانا، أو جوجل ناو مُجرد تطبيقات عديمة الفائدة أو مُجرّدة من الذكاء إن صحّ التعبير.
طورت جوجل مؤخرًا خوارزميات البحث الخاصة بها لتفهم معنى السؤال المطلوب بعد تقسيمه إلى أكثر من مُستوى، فلو طرح المُستخدم السؤال ‘ كم كان عدد سكان الكرة الأرضية في السنة التي ربحت فيها إيطاليا كأس العالم ‘ ستقوم الخوارزميات بتقسيم السؤال وتحديد الهدف منه المُتمثّل في معرفة عدد سكان الكرة الأرضية أولًا، ثم تحديد العام الذي ربحت فيه إيطاليا كأس العالم، بعدها يتم دمج المُستويين معًا للعودة بالنتيجة للمُستخدم.
هذا النوع من التحليل للأسئلة المُركبة تم الاستفادة منه في جوجل Google Assistant المُساعد الرقمي الجديد من جوجل، والذي تنوي الشركة دمجه داخل بعض التطبيقات والأجهزة الخاصّة بها، وبالتالي يُمكن للمُستخدم إجراء حوار كامل مع هذه الأجهزة وإتمام العمليات أيًا كانت مُعقّدة.
أما فريق عمل المُساعد الرقمي الجديد Viv، وهو نفس فريق عمل سيري، فقد رأى أن المُستقبل يتجه نحو البحث المُركّب أيضًا، لكنه رأى في تجارب متاجر التطبيقات مثال رائع حول تحويل الهواتف والحواسب اللوحية إلى أدوات رائعة، وانطلق من فكرة تطوير مُساعد رقمي جديد قادر على تحليل الأسئلة وربطها معًا وإجراء حوار كامل بين المُستخدم والمُساعد، لكن قاعدة المعرفة سوف تعتمد أيضًا على التطبيقات التي يقوم المُطورون بتطويرها، وبالتالي تتوسع وظائف المُساعد الرقمي مع مرور الوقت، مثلما توسعت وظائف الأجهزة الذكية مع صدور الكثير من التطبيقات لها داخل متاجر التطبيقات.
هذه التطويرات الكبيرة على المُساعدات الرقمية جعلت من سيري وكورتانا تبدو وكأنها تطبيقات بسيطة جدًا، فعلى الرغم من وجود ذكاء فيها، إلا أن مُقارنتها مع المُساعدات الجديدة غير عادل أبدًا.
جوجل ناو قد يُصبح من الماضي بعيد إطلاق Google Assistant رسميًا خصوصًا أن شركة جوجل هي المطوّر الأساسي له، أما سيري فجميع الاحتمالات واردة ومازلنا بانتظار مؤتمر آبل الخاص بالمطوريين الذي سوف يعقد في شهر يونيو/حزيران القادم. صحيح أن القائمين على Viv هم نفسهم من قاموا بتطوير سيري، لكنهم لا يعملون مع آبل الآن، وبالتالي احتمالية ذهاب Viv إلى جهة أُخرى وارد وبشكل كبير جدًا، لكن آبل في كلتا الحالتين بحاجة لتطوير مُساعدها الرقمي بسرعة.
مايكروسوفت هي الأُخرى في مهب الريح إلى جانب آبل، فكورتانا لم يمضي على ظهوره عامين، وهي بحاجة لتسريع عجلة التطوير للوصول إلى أفضل النتائج وتمكين المُستخدم من إجراء حوار كامل مع هاتفه الذكي وإتمام العمليات بسرعة وذكاء أكبر، وهو ما أعلنت عنه بعض المصادر، حيث قالت إن الشركة تعمل على مُساعد رقمي يحمل اسم Bing Concierge Bot تطمح من خلاله إلى القفز في مجال المُساعدات الرقمية ومُقارعة الكبار في هذا المجال.
لا تلعب المُساعدات الرقمية دورًا مُحوريًا في حياة البعض، لكنها وبكل تأكيد أدوات رائعة للتخلّص من بعض القيود أثناء القيادة أو مُشاهدة التلفاز، فبكل بساطة يُمكن وبشكل صوتي الحديث مع المُساعد الرقمي وأمره بطلب الطعام ليتكفل هو بالبقية مثل تحديد الكمية، العنوان، وأخيرًا وسيلة الدفع.
أما أثناء قيادة السيارة، فيمكن من خلال المُساعد الرقمي كتابة رسالة وإرسالها عبر واتس اب إلى شخص مُحدد، دون الحاجة إلى الهاتف أبدًا، فشركة مثل جوجل تطمح إلى توفير Google Assistant داخل نظام أندرويد أوتو، وبالتالي حتى السيارات سوف تُصبح ذكية في طريقة التعامل معها.
وكمُستخدمين لا يسعنا سوى الانتظار لحين الحصول على هذه التقنيات الجديدة والبدء في استخدامها والتخلّص من بعض الأوامر المُتكررة التي نقوم بها، وبما أن Viv يُوفر قفزة هائلة في مجال الذكاء الصنعي والمُساعدات الرقمية، اترككم مع هذا المقطع الذي يستعرض مُميّزاته الأساسية.
منقول