نبذه عن حياة الرادود الحسيني الحاج
باسم الكربلائي
اسمي باسم بن إسماعيل بن محمد الكربلائي - وولادتي في عام 1967 في كربلاء المقدسة. وترعرعت في كربلاء حتى سنة 1980 وفي تلك الفترة كنت ملتزما في المشاركة بالمواكب الحسينية، وكنت أحب أن أسمع إلى الرادود حمزة الصغير (قدس سره). وانتبهت وأنا أستمع إليه حيث كان عمري سبع سنوات إلى أن صوته كان في إلقاء القصيدة عاليا، فقلت في نفسي: (إذا أصبحت رادودا حسينيا إن شاء الله فسوف ألقي قصيدة بصوت هاد منخفض بعض الشيء) ومنذ صغري كنت أشعر بأن لدي أذنا تتذوق اللحن والمقامات الصوتية.
في عام 1980 كنت في محل والدي بكربلاء المقدسة وكان عمري 13 سنة فجاء رجال النظام وهددوني وأخوتي لإجبارنا على الخروج من العراق بدعوى أصلنا من الفرس، حيث مسقط راس جدي في منطقة أصفهان، وفي ليلة ذلك اليوم بتنا في زنزانة بكربلاء مع الأخوة ثم هجرنا إلى إيران، وعند الوصول إلى الحدود الإيرانية دخلنا إلى إيران وسكنا في أصفهان حيث مسقط رأس جدي.
وبدأت في أصفهان بخدمة الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام. فأول ما ابتدأت فيه هو تعلم تلاوة القرآن وقراءته، واستمررت على ذلك لمدة خمس سنوات، وكان لذلك فائدة كبيرة في تحسين صوتي وتليين حنجرتي.
وبعد شهر من التدريب، المكثف على تلاوة القرآن استحسن الأخوة صوتي في التلاوة وشجعوني على أن أصبح رادوداً حسينيا، وكان أخوالي قد أخذوني إلى الأستاذ ملا تقي الكربلائي حتى يعلمني كيف أكون رادودا حسينيا. وبعد ما نشأت تحت ظله وتعليمه المميز، طلبت منه قصيدتين في بادئ الأمر، فقال: لماذا تريد قصيدتين أتريد أن تكون رادودا؟! فقلت: نعم أحب أن أخدم أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، وبعدها اختار لي قصيدتين، الأولى (حماتي الدخل يا حسين) وقد قرأتها بطور (بحر الطويل) على عزاء الزنجيل وأما القصيدة الأخرى فكانت: (مر على الشاطئ، يحادي إرجابنه) وتدربت عليهما وقرأتهما في قم المقدسة على عزاء الزنجيل وكنت أرتجف أمام هذه الحشود المتجمعة ولكنهم قابلوني بالترحيب وشجعوني كثيرا وقالوا لي: ذكرتنا بقصائد وزمان الرادود الحسيني حمزة الصغير.
بدأت في عزاء الزنجيل وبعد العزاء عدنا إلى أصفهان لإحياء ذكرى وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وقرأت القصيدة الأخرى إلى أن جاء شهر رمضان المبارك وحينها صعدت المنبر وهو أول صعودي في أصفهان.. والقصيدة كانت للشاعر كاظم منظور الكربلائي.
بدأت أقرأ البيت الأول والبيت الثاني مع وجود أخطاء في الأداء، ولكن أستاذي ملا تقي تدارك الموقف وشد من عزيمتي وعند البيت الثالث قرأت من دود أخطاء وكانت القصيدة (تاج السعادة لليوالي حيدر.
نشأت في أحضان أسرة أنغرس فيها حب خدمة الإمام الحسين وأهل البيت عليهم الصلاة والسلام، وبعد نشأتي الأولى استقبلت الطريق الذي رسمه لي أخوالي في خدمة الإمام الحسين روحي فداه فوجدت نفسي مرتقيا المنبر وأنا ابن الثالثة عشرة من عمري وذلك عام 1980 بعد هجرتي.
ترعرعت والحمد لله في أجواء دينية، فنشأت في أجواء الدعاء والمجالس الحسينية، والقرآن، والزيارات لمراقد الأئمة والأولياء، وكنا كل ليلة جمعة نحييها بالطم على الحسين وإقامة مجلس حسيني وقراءة دعاء كميل، وكل يوم جمعة صباحا بعد صلاة الفجر نقرأ دعاء الندبة وأتذكر كنت أجلس من النوم فجراً للصلاة والدعاء.
كنا نسافر دائما في المناسبات لمواليد ووفيات المعصومين عليهم الصلاة والسلام مرة إلى قم للتشرف بتقبيل أعتاب السيدة المعصومة عليها الصلاة والسلام، ولزيارة المرجع الديني الأعلى السيد محمد مهدي الشيرازي حفظه الله ورعاه.
وعند ذكرى وفاة الإمام جعفر الصادق صلوات الله وسلامه عليه كنا نسافر إلى قم المقدسة أيضا وعند أربعين الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام كنا نسافر إلى طهران، وعند ثالث الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام كنا نسافر إلى يزد، وفي مناسبة وفاة الإمام الرضا عليه الصلاة والسلام كنا نسافر إلى مشهد، فما كانت هناك أوقات فراغ إلا ونقضيها في أجواء دينية وذكر أهل البيت عليهم الصلاة والسلام.
بصراحة واجهت كثيراً من الإغراءات وأتذكر يوم كنت في إحدى الاستوديوهات جاءني أحد الملحنين وكنت حينها أسجل قصيدة القدس. وعرض علي عقدا لمدة خمس سنوات وعلى أن لا أشارك في عزاء الحسين أو أي نشاط آخر تفرغا لمشروعه، فقلت له أنا عندي عقد مبرم مع 14 معصوم عليهم الصلاة والسلام وأنا ملتزم به.
وجاءني ملحن آخر مشهور وقال لي: أريد فتوى من مرجعك يجيز فيه الضرب على أي آلة، وبعدها سأقلب العالم بصوتك.
فقلت: أنا لم أعوّد جمهوري على آله موسيقية، والحمد لله وصلنا إلى قلوب الناس والعالم من دون آلة، وهذا ببركة ورعاية مولاي الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام.
كما عرضت علي إذاعة طهران عبر مدير الفن العربي أن أشترك مع أخي الشاعر جابر الكاظمي حفظه الله في أداء أعمال موسيقية ولكنني رفضت رفضا قاطعا. وكان ذلك قبل 11 سنة.
والحمد لله فإني في جميع ما قدمت وكسبت من شهرة لم أصرف فلسا واحدا لأجل ذلك، ويعود الفضل في ذلك كله للإمام الحسين عليه الصلاة والسلام حيث أصبحت شهرتي بفضلهم أكبر من شهرة بعض التجار مثلا، وأذكر لكم ذلك لا للفخر الذاتي وإنما لتوضيح أن من يسعى إلى الشهرة لمجرد الشهرة فإنه لا ينالها