استكمالاً للأفلام النسائية الملهمة، ها نحن نتناول معاً الجزء الثاني من المقال (لمتابعة الجزء الأول
هنا) ومجموعة جديدة من أفلام بطلاتها نساء لا تعرفن المُستحيل، بل والأكثر من ذلك أنهن استطعن أن يمنحوننا الأمل، القوة، والعزيمة على مواصلة رحلة الحياة مهما بلغت درجة صعوبتها.
Frida
فيلم إسباني-أمريكي إنتاج 2002، ترشح لـ 6 جوائز أوسكار فاز منها باثنين (أفضل موسيقى، ومكياج)، وقد ترشحت عنه بطلته سلمى حايك لأوسكار أفضل ممثلة. يعرض الفيلم السيرة الذاتية للرسامة والفنانة التشكيلية فريدا كاهلو، التي لم تلقَ الدعم المادي ولا المعنوي ولا حتى الشهرة إلا متأخراً.
بدأت المعاناة بحياة فريدا مبكراً حيث أصيبت بشلل الأطفال ما ترك إعاقة جسدية برجلها اليُمنى، وألماً نفسياً بروحها لم ينتهِ أبداً، بعدها وتحديداً في 1925 تعرّضت لحادث كاد أن يودي بحياتها، اضطرت بعده إلى التمدد على ظهرها دون حركة عاماً كاملاً! ما تسبب باكتشاف حُبّها للرسم حيث لجأت للرسم للتنفيس عن نفسها وتضييع الوقت.
لم تقتصر متاعب الحياة بالنسبة لفريدا على الجانب الجسماني فقط، بل والنفسي أيضاً نتيجة الكثير من التجارب والمشكلات الحياتية التي مرّت بها. لهذا جاءت لوحاتها مُختلفة وواقعية تُميّزها موضوعاتها وألوانها الجريئة، وتعكس خلالها وجعاً وشعوراً هائلاً بالقهر. وعلى ذلك لم تكن فريدا شخصية سلبية أبداً بل كانت شديدة الحرص على المقاومة والدفاع عن نفسها – على مدار حياتها القصيرة – من أجل المزيد من الإبداع وتحقيق الذات.
Mona Lisa Smile
فيلم أمريكي إنتاج 2003، إخراج مايك نيويل، وبطولة جوليا روبرتس، كريستين دانست، جوليا ستايلس وماجي جيلنهال. ويحكي عن المعلمة “كاثرين آن واتسون” التي ترحل عن لوس أنجلوس في 1953 وتتجه للعمل كأستاذة في (ويلسلي كولدج) وهي مَدرَسَة ثانوية يَغلُب الطابع المُحافظ على من يعمل بها وكذلك مَن يدرِسون فيها.
وهناك تقوم كاثرين بتدريس مادة الفَنّ للتلميذات، إلا أنها تملك من الأفكار الحُرة ما يُهدِّد تقاليد وأعراف المُجتمع المُحيط، ذلك لأنها تدعو التلميذات كي يفتحن أبواب عقولهن على مصراعيها، ويتركن العنان لأرواحهن فلا يَدَعن العالم يُملي عليهن كيف يعيشن حياتهن أو يرسم لهن قوالب لا يتنفسن خارجها، فهُن وحدهن من يملكن الحق في رسم حياتهن كما يُريدنها، ولا شخص آخر.
Million Dollar Baby
فيلم أمريكي إنتاج 2004، يحكي قصة مُستوحاة من الواقع تدور حول ماجي النادلة الفقيرة ذات الـ 31 عامًا، والتي تعيش على أمل أن تصبح مُلاكمة مُحتَرِفة ذات يوم، ولا ترغب في أن يُساعدها على الوصول إلى هذا الحلم إلا شخص واحد فقط هو المدرب فرانكي.
فتذهب إليه لإقناعه بموهبتها ورغم إصراره على أنه لا يقوم بتدريب النساء إلا أنها لا تيأس أبداً، وتُصرّ على المحاولة معه من جديد دون ملل أو أي شعور بالإهانة، ذلك لأنها تؤمن أن لديها ما يستحق الانتظار من أجل أن يرى النور.
وبالفِعل تنجح بالنهاية في جعله يُقرر تدريبها، لتدخل عالم الملاكمة وبسبب مهاراتها العالية يذيع صيتها وتنهال عليها المباريات والبطولات، وتتوالى الأحداث.
الفيلم يحتل المرتبة 192 بقائمة أفضل 50 فيلم بتاريخ السينما وفقاً لموقع الـ IMDb وهو من بطولة وإخراج كلينت إيستوود، شاركه في البطولة هيلاري سوانك ومورجان فريمان. وقد ترشَّح الفيلم لـ 7 جوائز أوسكار فاز بأربعة منها، أحدهما كانت من نصيب هيلاري سوانك كأفضل ممثلة بدور رئيسي.
Changeling
فيلم أمريكي إنتاج 2008، تَرَشَّح لـ 3 جوئز أوسكار، من إخراج كلينت ايستوود، وبطولة أنجيلينا جولي، وجون مالكوفيتش. وهو قصّة مايكل سترازنسكي، ومستوحى من قصّة حقيقيّة حدثت في لوس أنجلوس سنة 1928 حيث يختفى والتر ذو التسعة أعوام ابن عاملة الهاتف كريستين كولنز، وتفشل الشرطة في العثور عليه ما يتسبب في شعورها بالحَرَج ولتحسين صورتهم يقومون بإحضار طفل مُزيف يَدَّعون أنه الطفل المفقود ثم يقومون بالضغط على والدة الطفل المُختفي لتصديق أن الطفل الجديد هو ابنها بالفِعل!
لعلّ المُوجع في الفيلم على كل تفاصيله البائسة هو كونه قصة حقيقية حدثت بالفعل، استمرت على أرض الواقع سنوات وسنوات، لم تتوقف الأم خلالها يوماً عن بذل قصارى جهدها من أجل حل لغز اختفاء ابنها، جاعلةً ذلك همها الوحيد والأبدي.
My Sister’s Keeper
فيلم أمريكي، إنتاج 2009 مأخوذ عن رواية أدبية بنفس العنوان للكاتبة جودي باسويلت، إخراج نيك كازافيتيس، وبطولة كاميرون دياز، جاسون باتريك، أبيجيل بريسلين، صوفيا فاسسالايف، إيفان إلينجسون، وأليك بالدوين.
تدور أحداث الفيلم حول أسرة صغيرة مكونة من (سارة) و(براين) وأولادهما (جيسي) و(كايت) الأول في الخامسة من عُمره بينما الثانية في الثالثة، يعيشون جميعهم حياة طبيعية وسعيدة إلى أن يتم اكتشاف إصابة كايت بسرطان الدم.
وبسبب عدم وجود متبرع مناسب يقوم الوالدان باللجوء للتلقيح الصناعي من أجل إنجاب شقيق/ة لكايت يتطابق معها فى الأنسجة، فيصبح بمثابة (قطع غيار) للابنة المُصابة، كُلما احتاجت أن يتم التبرع لها بشيء ما! ليبدأ الفيلم في التصاعد الدرامي حين تقوم آنا الطفلة برفع قضية على والديها لأنها لا ترغب في أن تقوم بعمل عملية تُلزمها بالتبرع لأختها بكليتها، ذلك لأن تلك العملية ستؤثر عليها عملياً وصحياً.
الفيلم بطولة نسائية مميزة جداً، ورغم اختلاف الثلاث شخصيات الأساسية حد التناقض ببعض المواقف، إلا أن كل واحدة منهن ستُلهمك وتأسر قطعة من قلبك لدرجة تجعلك تتعاطف معها حتى ولو لم تتفق معها في موقفها. ولعل ما يُميز الفيلم كونه ثري درامياً، بجانب قُدرته على مُفاجأة المشاهد أكثر من مرة وبأكثر من طريقة، ما يجعله مُثيراً للاهتمام وقادراً على ترك أثراً على جدار الروح للأبد.
The Blind Side
فيلم درامي، رياضي، أمريكي إنتاج 2009، قصته مُقتبَسة عن كتاب بنفس العنوان صدرت في 2006، من تأليف مايكل لويس وهو مبني على قصة حقيقية، الفيلم تأليف وإخراج جون لي هانكوك، بطولة ساندرا بولوك التي فازت عن دورها بأوسكار أفضل ممثلة بدور رئيسي.
ويُعَد الفيلم بمثابة نَقلة بمسيرة ساندرا الفنية، وتدور أحداثه حول مايكل أوهير الشاب الزنجي الفقير الذي لا مأوى له، إذ تَنَقَّل بين بيوت الرعاية الاجتماعية بعد إدمان والدته للمخدرات، ويشاء القدر أن يلتحق بمدرسة كاثوليكية رفيعة المستوى تقبله على مضض بسبب مهاراته الرياضية الكبيرة.
غير أن طبيعة حياة مايكل تجعله غير قادر على تحصيل دروسه، أو أن يحظى بحياة آدمية إلى أن تُصادفه يوماً ليف آن وهي من أسرة ثرية وذات شأن، وحين يرِق قلبها تجاهه تُقرر أن تجعله عضواً بأسرتها، تتبناه، وتُقدم له كل ما تمنحه لأطفالها بلا استثناء، ومع تنمية مهاراته التعليمية والرياضية تتهافت عليه كل الجامعات مُقَدِمين له منح رياضية من أجل الانضمام لفريق كرة القدم الأمريكية لديها.
The Help
فيلم أمريكي إنتاج 2011، صُنِّف رقم 237 ضمن قائمة أفضل 250 فيلم بتاريخ السينما، وقد ترشح الفيلم لأربعة جوائز أوسكار، فازت منهم أوكتافيا سبنسر بجائزة أوسكار أفضل ممثل بدور ثان.
الفيلم تأليف وإخراج تيت تايلور، وبطولة فيولا ديفيس، أوكتافيا سبنسر، وإيما ستون. وتدور أحداثه حول كاتبة بيضاء تتغير حياتها تماماً حين تُقرر – أثناء حركة الحقوق المدنية في 1960 – أن تكتب كتاباً يتناول حياة الخادمات الأميركيات الأفارقة، على أن تجلب تفاصيله من خلال مقابلتها لبعض النساء السود بولاية ميسسيبي ومن ثَمَّ الدخول لحياتهم وسرد ما يُعانون منه ويمرون به وسط مُجتمع مُزدوج المعايير.
Still Alice
فيلم أمريكي إنتاج 2014، مأخوذ عن رواية بنفس العنوان كتبتها ليزا جينوفا وبالرغم من أن الرواية تم كتابتها في 2007 إلا أنها لم تتحول لعمل سينمائي إلا منذ عامين. الفيلم إخراج وتأليف ريتشارد جليتزر وواش ويستموريلاند، من بطولة جوليان مور، إليك بالدوين، كريستين ستيوارت، وآخرين. وقد فازت النجمة جوليان مور عن دورها بجائزة أوسكار أفضل ممثلة بدور رئيسي.
يبدأ الفيلم بالبطلة وهي تحتفل بعيد ميلادها الخمسين مع زوجها وأولادها، فنراهم معاً كأسرة سعيدة. بعدها نعرف أن أليس/البطلة تعمل كدكتورة بعلم اللغويات بجامعة كولومبيا وهي امرأة ذات شأن بمجالها، حتى أن مؤلفاتها تُعَد من أهم ما كُتب بهذا المجال.
لذا يصبح الأمر قاسياً جداً وغير مُحتملاً حين تكتشف أليس احتمالية إصابتها بمرض الزهايمر المُبكر بسبب انتقاله لها جينياً ما يؤدي بالتبعية إلى احتمالية أن يكون أولادها يملكون هذا الجين أيضاً، لتبدأ رحلة التحاليل والقلق إلى أن يتأكد الأمر. ومع الوقت تبدأ حياة (أليس) فى التداعي إذ تنسى ما تود قوله أثناء إلقاءها للمحاضرات، تنسى مكان سكنها أثناء قيامها بالركض، بل إن الأمر يصل لعدم قدرتها على التعرُّف على ابنتها الصغيرى بأحد المرات!
وبالنسبة لامرأة في مكانة البطلة، مَن يعتمد عملها على اللغة والكلام في المقام الأول كان الأمر صعباً جداً، حتى أنه كاد أن يجعلها تتحطم ووضعها على حافة الانتحار، وبرغم كل ذلك إلا أننا نري كيف تحاول البطلة جاهدةً كي تتحايل على المرض وأعراضه، فتضع لنفسها نظاماً وتتبع تطبيقات على هاتفها كي لا تنسى أساسيات حياتها، والأهم كي تعرف مع الوقت حجم التدهور بحالتها يوم بعد آخر.
ولعل ما يميز الفيلم أنه تناول مرض الزهايمر بعين المريض نفسه الذي يشهد حياته بينما تذبل وتذوى أمام عينيه، ما يُشعره بفداحة الخسارة حَد تَمَنّي الموت بدلاً من تلك الحياة المُهينة، والتي لا معنى لها بعد أن سقط الأحباء وكل ما كان مُهماً يوماً بجُب النسيان.
وقد قام المخرج والمؤلف ريتشارد جليتزر بتقديم ذلك الفيلم بعد إصابته بمرض التصلب الجانبي الضموري في 2011، وهو ما جعل الفيلم يخرج على هذا القدر من الإنسانية، والواقعية. هذا وقد قامت جوليان مور بمشاهدة العديد من الأفلام الوثائقية عن مرض الزهايمر وتجميع المعلومات الكافية عنه، من أجل الإلمام بكافة جوانب دورها الفيلم ما جعلها تستحق عنه جائزة الأوسكار التي فازت بها.
Wild
فيلم أمريكي إنتاج 2014، مأخوذ عن السيرة الذاتية لشيريل سترايد التي وصلت لما تحت الصفر نفسياً وجُسمانياً عام 1995، لتُقرر وقتها القيام برحلة غيرت مسار حياتها تماماً، ليس فقط كإنسانة ولكن كذلك على المستوى العملي، ذلك لأن شيريل حين وثَّقَتها عام 2012 أدبياً تحولت لواحدة من أشهر الكاتبات، وسُرعان ما تحولت قصتها إلى فيلم لفت انتباه الجميع، حّد تَرَشُّح بطلتيه عن أدوارهما للأوسكار.
الفيلم إخراج جاين مارك فالي، وبطولة النجمة ريس ويذرسبون، وتدور أحداثه حول شيريل ذات الـ 26 عامًا التي تُقرر أن تقوم برحلة بالبرية تقطع خلالها 1100 ميلًا سائرةً على قدميها من صحراء موهافي إلى مكان على حدود ولاية أوريغون وواشنطن يُعرف باسم “جسر الآلهة”، ليأخذنا الفيلم خلال ساعتين في رحلة أعادت شيريل اكتشاف نفسها من خلالها، لتتصالح مع كل أخطائها التي ارتكبتها بحق نفسها، وكذلك الأخطاء التي ارتكبتها الحياة بحقها.
Mustang
فيلم إنتاج (فرنسي-تركي-ألماني-قطري) مُشترك، صدر بعام 2015، إخراج دينيز جامزي إرجوفين. وتأليف كل من أليس وينوكور ودينيز جامزي إرجوفين. وقد فاز الفيلم بأربعة جوائز بمهرجان سيزار الفرنسي بباريس من مُجمل 9 ترشيحات، بجانب ترشحه إلى جائزتي الغولدن غلوب لأفضل فيلم أجنبي لهذا العام، وأوسكار أفضل فيلم بلغة أجنبية.
الفيلم بطولة مجموعة من الفتيات التركيات في التجربة السينمائية الأولى لمُعظمهن، وهن: جونيس سينسوي، دوجا زينب دوجوس، إيليت إيسكان، توجبا سنجوروجلو، وإيلادا أكدوجان.
وتدور أحداثه بقرية ما بشمال تركيا، حول 5 شقيقات تسير حياتهن بشكل روتيني بين المنزل والدراسة، إلا أنه وفي آخر يوم لهن بالسنة الدارسية يتسبب لعبهن مع زملائهم الذكور في إشاعة الشائعات حول عُذريتهن وطبيعة سلوكهن، ما يجعل أسرة الفتيات تحاول التخلص من هَمَهُن بتزويجهن أول خُطَّاب يدخلون المنزل، ويختلف رد فعل الفتيات بين واحدة وأخرى، وفي حين يغلب الشعور بالقهر على مُعظم القصص، إلا أن ذلك يُقابله ثورة ذكية تقُمن بها الفتيات في محاولة منهن لكسر القيود والوقوف بوجه مُجتمع مريض لا يُفكر إلا بنصفه السُفلي.