هل سمعت من قبل بمصطلح الذاكرة الفوتوغرافية؟ بمعنى آخر، هل سمعت بشخص قادر على تسجيل المشاهد أمامه عبر استعمال ذاكرته تمامًا مثل الكاميرا وتسجيل الصور في ذاكرته واستعادتها عند اللزوم بنفس التفاصيل حتى ولو شاهدها لمرة واحدة خاطفة؟ يبدو الوصف أقرب للخيال، لكن ما رأي العلم والطب في وجود الذاكرة الفوتوغرافية؟
ما حقيقة وجود ” الذاكرة الفوتوغرافية ” ؟
للأسف، فإن العلماء لم يُثبتوا وجود الذاكرة الفوتوغرافية. فبعد عقود من إجراء الدراسات المختلفة على الذاكرة البشرية، لم يثبت وجود ذاكرة فائقة الدقة. فقد اختلفت نتائج التشخيص على حالات معينة خضعت تحت دراسة العلماء مثل “ستيفن ويلتشير”، والذي كان قادرًا على رسم آفاق المدينة كاملةً بدون مساعدة وذلك بعد جولة قصيرة بطائرة الهيلكوبتر.
وعلى الرغم من المزاعم بوجود شخصيات تمتلك ذاكرة فوتوغرافية مثل عالم الفيزياء نيكولا تيسلا، المحلن سيرجي رحمانينوف، وغيرهم من الشخصيات التي برزت عبر التاريخ بامتلاكهم ذاكرة فائقة الدقة، أو ذاكرة تخيلية eidetic memory كما يُعِّرفها بعض الخبراء، إلا أن العلماء وجدوا صعوبة بالغة في وضع اختبار قياسي للحكم على دقة الذاكرة تمامًا. فعلى الرغم من عقد مسابقة سنوية لاختبار قوة الذاكرة، إلا أنه يصعب وضع اختبارات للتفريق بين الذاكرة الفوتوغرافية والذاكرة التي تبنى دقتها على العمل الجاد.
وقد وجد العلماء أن 2 – 15% من الأطفال يتمتعون بذاكرة تخيلية، وذلك بعد إجراء اختبار على شريحة معينة ينظر خلاله الأطفال إلى لوحة لمدة 30 ثانية ثم يصفون ما تحتويه الصورة بعد إزالتها، وكانت النتائج قريبة جدًا إلى الدقة. فقد وصف الأطفال التفاصيل الدقيقة للوحة بسرعة كبيرة وكانت أنظارهم تتوزع على الحامل الفارغ كأنهم يرسمون اللوحة بعيونهم مجددًا. لكن وعلى الرغم من أن هذه الدراسة جديرة بالثناء، إلا أنه وللأسف فإن عدد قليل من البالغين يحتفظون بالذاكرة التخيلية من الطفولة، حيث أن معظم الذكريات تتلاشى كلما تقدم الشخص في العمر.
ويبقى العلماء على أمل إيجاد ذاكرة فوتوغرافية لدراستها، لكن حتى اللحظة، فإن تحديد أدلة قوية على وجود الذاكرة الفوتوغرافية أمر صعب للغاية. ويبقى استعمال الكاميرا أفضل بكثير من الاعتماد على الذاكرة لتوثيق واستذكار صورة معينة.