بعد ثماني زيجات نظر الشيخ ياسر الجبوري الى قلعته الكبيرة وهي تمتلئ باصوات الكبار وضحكات الصغار وقال "أنا أبغض من يتزوج اكثر من زوجتين" . ليؤكد بذلك ما قاله احد الفلاسفه (اصحاب الرأي اول المخالفين له).
الشيخ ياسر الجبوري احد شيوخ عشائر بابل يسكن مع عائلته التي تضم قرابه 60 فردا يأكلون من قدر واحدة . إنه يسجل بذلك اكبر ظاهرة توافق اجتماعي يشهدها المجتمع العراقي . يقول الشيخ ياسر الذي زارته (الناس) في داره الكبير في قرية الدبلة احدى قرى ناحية القاسم شمال المحافظة : "عندما دخلت هذا البيت اول مرة كان يملأه الهواء فلم يسكنه سوى والدي وزوجته الثانية اللذين كانا كبيرين في السن وبحاجة الى رعاية ما اجبرني على الزواج أنا الابن الأصغر لابي ، ومع تحفظات اخوتي على هذه الخطوة، تزوجت من ام عامر وانا احلم بان يمتلئ البيت بالاولاد والضجيج وأن اكون قادرا على تقديم افضل الولائم لضيوفي الكثيرين، ومع ذهاب زوجتي الاولى الى اهلها بشكل مستمر لحدوث مشاكل مختلفة قررت الزواج بالثانية ، وعندها بدات رحلتي مع زوجاتي الثمان وحققت حلمي باربعين ولدا وعشرين حفيدا يملؤون قلعتي الكبيرة" .
التعاون اساس حياتهم
ويضيف أبو عامر قائلا "ارضاء الجميع امر صعب لكني احاول قدر الامكان ان اكون عادلا بين زوجاتي واولادي بعد أن استطعت ان ارسخ قواعد المحبة والتفاهم بين جميع الاطراف ، كما انني ومنذ زواجي الثاني اتعامل مع الجميع وفق قوانين ثابتة ، ولا انسى دور زوجتي الاولى او الكبيرة ام عامر التي استطاعت أن تشيع روح التفاهم بين الزوجات والابناء ، وتمكنت من ترسيخ ثقافة العائلة الواحدة بلا امتيازات ، فالكل يعرف عمله والكل يعرف ماله وماعليه ، علما ان الجميع يعمل في زراعة الارض وتربية الحيوانات كيد واحدة لتوفير متطلبات العائلة .
كانت ام عامر الزوجة الاولى ، لكنها لم تكن الاخيرة. كانت الام الكبيرة لكنها لم تكن الام الوحيدة في ذلك البيت الذي يعرفه الجميع باسم القلعة . حين دخلت ام عامر تلك القلعة الكبيرة وعمرها لم يتجاوز السادسة عشرة حلمت بان تملأه بابنائها وتتربع على عرش تلك القلعة كملكات بابل ، لكن سرعات ما تبدد حلمها وهي تستمع لزغاريد جديدة هزت جدران القلعة واعلنت دخول امرأة اخرى ماحفزها للعودة الى بيت زوجها وهي تحاول الثار من (ضرتها) بعد ان أحترقت دماؤها بمشاعر الغيرة لتستدرج زوجها نحو خمس نساء اخريات اشرفت هي على مراسيم زواجهن باقامة الافراح والولائم ..
ام عامر (الأم)
وتقول ام عامر التي يصر كل من في المنزل ان يناديها أمي "لم يختلف شعوري عن غالبية النساء عندما تنتهك حرمة زواجها بدخول امراة اخرى، الا أنني وبعد سبع زوجات لم يعد يراودني ذلك الشعور .مشيرة الى أنها تدير اكثر من سبع عائلات تتمثل بـ(ضراتها ) الست بعد أنفصال السابعة وعائلات اولادها الذين انفصلوا في دار اخرى ، الا انهم يقضون غالبية وقتهم في القلعة !
وتضيف ام عامر قائلة "كوني اكبر نساء العائلة فانا اشرف على أمور البيت وانظم عمل النساء فيه وفق جدول يلزم الجميع بتنفيذه بدءا من اعمال البيت وانتهاءً بادارة المزرعة ، ورعي الحيوانات التي تمثل مصدر رزق العائلة، كما أنني أشرف على كافة الواجبات الاجتماعية والمناسبات العائلية واستقبال الضيوف وتحضير الولائم . تبعا لذلك الجدول يتوجب على كل زوجتين ادارة المنزل ليوم في الاسبوع فيما تبقى الاخريات في المزرعة او للاستراحة في البيت. وفي حالة مجيء ضيوف ، وكثيرا مايحدث هذا الامر ، فإن على الجميع العمل على اقامة الوليمة، كما اني اعمل على حل المشكلات التي غالبا ماتحدث بين الزوجات او ابنائهن !
مؤسسة تجارية واقتصادية
لم يكتف الشيخ ياسر باقامة مؤسسة اجتماعية غريبة من نوعها بل أنه عمل من خلال زيجاته الست على أقامة مؤسسة تجارية – اقتصادية تديرها زوجاته الست وابناؤهن ، حيث يتوزع الجميع منذ الصباح الباكر للقيام بادارة المزرعة التي تزيد مساحتها على 1300 دونم مزروعة بمختلف المحاصيل الزراعية ، فضلا عن وجود عدد كبير من المواشي يتجاوز عدد الابقار فيها (التي تنتج الحليب فقط ) خمسون بقرة بالاضافة الى عشرات المواشي من الاغنام والجاموس والدواجن ، وجميعها تدار من قبل النساء وفقا لرغبة كل واحدة منهن .
يقول الشاب ماهر وهو الابن الاكبر للشيخ ياسر بان عمل النساء في المزرعة ساهم كثيرا في توفير حياة مترفة لكل افراد العائلة مشيرا الى ان النساء يقمن بادارة المزرعة في حين تتوقف مسألة بيع المنتجات والمحاصيل الزراعية على الرجال حصرا، وهم يتبعون جدولا يحدد وظيفة كل فرد في العائلة، وكل واحد منا يعمل بما يتوافق مع رغباته، فالبعض فضّل الاهتمام بزراعة وجني الخضار فيما قرر آخرون الاهتمام برعي الحيوانات او بيع منتجاتها من الحليب وغيره. وكل هذا العمل يدار من قبل الوالد والام الكبيرة التي تقع عليها مسؤولية التسوق المنزلي حيث يذهب مرتين او ثلاث مرات في الاسبوع برفقة احد الابناء لتسوق كل ما نحتاجه في المنزل .
ويضيف "تستهلك العائلة ثلاثة أكياس من الطحين اسبوعيا، ويتم تحضيرالخبز في البيت لان الجميع يأكل على نفس السفرة ، ومن نفس القدور ، والجميع اعتاد على الجميع ولا نستطيع الاستغناء عن اي فرد في العائلة، وهذا ما يجعلنا برغم زواجنا وانفصالنا في بيت اخر الا اننا نتواجد طوال اليوم في القلعة كونها المكان الذي ولدنا ونشأنا فيه ، وشهد كل تفاصيل حياتنا التي يراها البعض شيئا مستحيلا..!!
رد مع اقتباس
