إذا طلبت من مساعدك الشخصي تنفيذ مهمة من المهمات المحددة لها مثل ضبط المنبه أو معرفة حالة الطقس أو المرور فإن هذا المساعد سوف ينفذ ما تطلب منه حرفيًا، لكن إذا طلبت منه مثلًا وصفة طبية لألم في المعدة فإن ذلك بالنسبة لهذا المساعد في حكم المعقد جدًا وبالطبع لن يستطيع تنفيذه، وهذا ما يسميه علماء الحاسوب باللغة الطبيعية التي يتحدث بها البشر، ومن المستحيل على أي مساعد شخصي حاليا فهم اللغة الطبيعية التي يستخدمها البشر في حياتهم اليومية.
ولكن هذا لا يعني أن المساعدات الرقمية ستفشل للأبد في محاكاة الإنسان وفهم لغته وحياته اليومية، حيث يسعى العديد من الباحثين العاملين في العديد من شركات التكنولوجيا والجامعات لصنع أجهزة حاسوب تستطيع فهم اللغة الطبيعية الحقيقية حيث تستخدم الشبكات العصبية العميقة من الأجهزة والبرامج التي تحاكي شبكة من الخلايا العصبية في الدماغ، شركات مثل أبل و جوجل وفيس بوك وميكروسوفت تستخدم بالفعل الشبكات العصبية العميقة لتحديد الكائنات في الصور والتعرف على الكلمات الفردية ، ويمكن أن نقول أن نفس هذا النوع من الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحسن بشكل كبير من قدرة الجهاز على فهم المغزى من هذه الكلمات لفهم كيفية تفاعل هذه الكلمات لتكوين الجمل ذات المعنى.
تعتبر جوجل في طليعة الشركات التي تولي إهتماما بمجال تعليم الآلة و معالجة اللغة الطبيعية للبشر ومحاولة تقصير المسافات بين المساعدات الرقمية واللغة الطبيعية لذلك قامت بالأمس بفتح مصدر مشروعها SyntaxNet والذي نستطيع أن نسميه بالمحلل اللغوي بإستخدام الشبكات العصبية العميقة حيث يعمل على توزيع الجمل وإعادة تركيبها لفهم المعنى الحقيقي.
ماهو مشروع SyntaxNet
هو مشروع لمعالجة اللغة الطبيعية للبشر Natural Language Processing وهو مشروع قديم تعتمد عليه الشركة في عدة خدمات لها خاصة الخدمات التي تقوم على تحليل وفهم العبارات الصوتية واللغة البشرية مثل المساعد الصوتي Google Now، يعتبر هذا المشروع هو أحد أنظمة تحليل اللغة الطبيعية الذي يستخدم لفهم اللغة الطبيعية للبشر وهو مشابه لمشروع آخر عملت عليه شركة أبل منذ عدة سنوات وتستخدمه حاليا في تطوير مساعدها الرقمي Siri، يعمل هذا النظام على محاولة فهم المنطق اللغوي وتقسيم الجملة إلى أسماء وأفعال ثم إعادة ربطها مرة أخرى ضمن سياق معين، وبالتالي تقديم المعلومات للآلة حتى يمكن أن تفهمها.
يقول فرناندو بيريرا مدير الأبحاث بجوجل لقد حصلنا على دقة أفضل بكثير مما كنا قادرين على الحصول عليها بدون التعلم العميق الذي يساعد في الإشراف على عمل الشركة مع فهم اللغة الطبيعية، ويقدر أن الأداة خفضت نسبة الخطأ للشركة بنسبة تتراوح بين 20 و 40 في المئة مقارنة مع الطرق السابقة، ووفقا لعدد من الباحثين فإن نظام جوجل هو الأكثر تطورا على الإطلاق.
الشبكات العصبية العميقة والأنظمة المشابهة تأخذ الاعراب النحوي إلى مستوى جديد فهذه الشبكات تتعلم عن طريق تحليل كميات هائلة من البيانات، فمثلا يمكن أن تتعلم لتحديد صورة لقِطة على سبيل المثال عن طريق تحليل الملايين من صور القطط، في حالة SyntaxNet فإنه يتعلم فهم الكلمات عن طريق تحليل الملايين من الجمل والكلمات.
يقول Noah Smith المتخصص في علم الحاسوب بجامعة واشنطن أن الهدف من هذا المشروع هو تدريب عدد من الأنظمة على مجموعة أوسع من المعلومات التي يتم استخلاصها مباشرة من شبكة الإنترنت، ويرى أن المشروع هو أصعب من ذلك بكثير لأن الناس تستخدم لغة مختلفة على شبكة الإنترنت في العديد من الطرق المختلفة، فعندما تدرب جوجل شبكات عصبية مع هذا النوع من البيانات فإن معدل الدقة يكون قابل للإنخفاض وهذا هو مكمن الصعوبة التي تحاول جوجل تخطيها للوصول لدقة أكبر ومعدل خطأ أقل وخصوصا أن جوجل تستخدم اللغة الإنجليزية فقط في تدريب الشبكات العصبية العميقة في حين أن المطلوب هو فهم لغة البشر بصفة عامة بصرف النظر عن إختلافها.
منقول