في سنّ مبكرة ، اعتلى المنصّة ، وجاد بحصاده الوفير من الابوذية ، اللون الابداعي الذي اشتهر به اهله واجداده ، وهو الفن الصعب ، والذي لا يجيده إلا من خبره . تقول السيرة الذاتية له ... حسين صالح مهدي محمد جاسم من مواليد الشطرة 1977 ، حاصل على دبلوم معهد المعلمين ، عيّن معلّماً في ناحية الدوايّة عام 2005، في مدرسة الدوايّة للبنين ، وهي المدرسة الّتي عمل بها الفنّان (حسين نعمه) معلّماً نهاية الستينيّات لمدة سنة تقريباً ، يسكن ومازال ضمن الرقعة الجغرافيّة التي ضمّت كبار الشعراء والادباء والفنانين في الشطرة ، أمثال (زامل سعيد فتاح) و(عريان السيد خلف) و(خالد الشطري) و(صباح السهل) وعبدالحسين الشيخ سلمان والّذي داره ملاصقة لداره . للحقيقة .. كان هذا الحوار مع الشاعر المبدع حسين صالح :
حاوره / رياض الركابي
* لنتكلم عن البدايات ... وهل كانت مع الابوذية ؟ ام مع القصيدة ؟
ـ تجربتي الشعرية قد تكون نادرة ومختلفة بعض الشيء فأنا في مقدمة الشعراء الّذين إرتقوا المنصة بقراءة الأبوذية بصورة متواصلة ، وبداياتي كانت هكذا مع زملائي وأصدقائي البسطاء ، أبناء محلّتي،
وفي وقتها لم أطرح نفسي شاعراً أبداً ، أما الآن ..فأنا أميل لكتابة كافة ألوان الشعر الشعبي ، كالنعي والموال والقصيدة والدارمي ، الّذي أبدعت فيه ، ومن حقي أن أفخر بنفسي عندما أقول أبدعت في كتابته على سجية قول الشاعر العربي :
وماذا ُيعيبْ المرءْ في مدحِ نفسهِ
إذا لمْ يكُنْ في قولهِ بكذوبِ
* حدثنا عن المشهد الشعري في قضاء الشطرة في طفولتك ؟
ـ كانت البدايات من البيئة الأولى ألا وهي (البيت) الّذي كان يضم والدي وأخي الشهيد (رعد) حيث كانا يتساجلان في الأبوذيّه منتصف الثمانينيات ، ومعهم أحد أخوتي ألا وهو (لطيف) ، ومنذ ذلك الحين رنّ ذلك الجرس وتلك الموسيقى ، فبدأت بحفظ مايكتبون وبدأت أحوّر بعض الأغاني والأبيات الّتي كانت تظهر في التليفزيون تحديداً عام 1988 ، وأقول تحديداً لأن والدتي كانت تبتسم عندما أقوم بتغيير بعض الكتابات الّتي أسمعها . وهي المتوفيّة عام 1989.
و أنا أنتمي لكافة ألوان الشعر الشعبي وكنت أجد نفسي في لون (الأبوذيّه) منذ بداياتي ، حيث كتبتها بكثرة وبأنسيابيةٍ عالية ،
حيث غُرست أول بذرة من هنا وكانت البدايات في بداية التسعينيّات من القرن المنصرم ، حيث قمت بتدوين آهاتي منتصف التسعينيّات ومن أبياتي الأولى الّتي أظهرتني للساحة الشعريّة (دولهه)
******
الف جانون بجروحي .....(دولهه)
اعجزت كل الخلك توصف(دولهه)
الديار الكبل جنت اسمع (دولهه)
اذب ابره صداها ايرد عليّه
******
اهنا يالجان طرفك لامحنّه
يظل جفي اعله طيفك لامحنّه
لاظلّت شفاكه لامحنّه
الهله اشرخص الهله وشحت عليّه
******
الف شاطي الدره بضيمي ولفراك
وغرامك فج جرح كلبي ولفراك
وعلي من اتذكر ايامك ولفراك
اكول اشواية الله اعله المنيّه
******
يلوب اعليك كلبي منهليله
,لاجفني يبطّل منهليله
الليالي المضت ودّي منهليله
تردها انته وتبخ الشوك بيّه
******
ومن الدارميّات
******
لبست سواد اعضاي كلهه اعله فركاك
بس الشعر معذور فك حزّنه بجفاك
...
وجهك ثكيل اليوم مالايكنّه
ولاشوفن بملكاك ذيج المحنّه
..
العسر خاله البين وانته احكم بهاي
بين ابن اخت والخال حطتني دنياي
وطفولتي في مدينتي الشاعرة كانت متّقدة جداً حيث جمال المدينة بسكناها ، وبشكلها وبفنونها المتعددة ، أنا بيتي يقع ضمن الرقعة الجغرافية الّتي ضمت كبار الشعراء.. أمثال ..زامل سعيد فتاح وإن كان في حينها منتقلاً الى بغداد ، لكن للأطلال نكهة خاصة ..وبيتي ملاصق لبيت الشاعر الرائد (عبدالحسين الشيخ سلمان )صاحب بيت..
عفا روحي المصايبها لها حال
نحيله ويخشع الشامت لها حال
تگول الناس كل محنه لها حل
اخلصت روحي ومحنتي ذيچ هيّه
وبقرب الشهيد (رحمن الأخرس).
لامانرد خلينه طاحنه البعد…….
والشاعر الكبير خالد الشطري.. صاحب القصيدة المشهورة في عام 1954.
الزرع زرعي والتراب ترابي
فعلام تسلب من يدي أتعابي
حقيقة كنّا نتنفس الشعر
تكلمت عن شارعنا ولم أتكلم عن الشطرة ككل..
ـ كيف تنظر الآن للمشهد الشعري في الشطرة ومن هم فرسان المشهد ، وفي العراق عموما؟
ـ هل ترى نفسك مغبونا اعلاميا ؟؟
* الأغلبية عندما يطرح إسمي على طاولة الأعلام يقولون بأنك مغبون إعلامياً ..أما أنا فأبتسم وأقول ..أي شهرة أبحث عنها في هذا الجو المشحون ، المصادر لأبسط حرياتك ، وهذا الضجيج الّذي ماأنزل الله به من سلطان ، الحمدلله الّذي جعلني مشهورا في الأبوذية الّتي لم تسلّط عليها الأضواء.. علماً إني كتبت القصيدة الوجدانية بروح ترفة جداً ، ويمكنك الأستعانة باليوتيوب .
ـ من هم ابناء جيلك؟ واين اصبحوا الآن ؟
* مازالوا يكتبون للأم للوطن للحبيبة بكل أدب وإحترام وقد أكون أنا أصغر الموجودين بينهم سناً وشعراً..وهم.. سعود الخفاجي.. محمد محسن.. عماد العگيلي.. جمال الأزبچي.. محمد الزيدي ..عدنان الزيدي...... وهنالك شعراء أخذوا منحى آخر في الجوانب الابداعية فتحولوا لكتابة الرواية مثل نعيم آل مسافر ..او لكتابة القصيدة المنبرية مثل ميثم الفتلاوي وعامر عگاب ورائد عبد الستار… .
وفرسان المشهد الشعري في الشطرة ...من جيلي سعود الخفاجي والدكتور وعلاء الياسين ..ومن الباقين الدكتور فلاح الزيدي ..ومن الشباب كرار العبودي.. وآخرون… أما في العراق فالسماء ملبّدة بالغيوم !!هنالك بعض القصائد وليس شعراء… أنت سألتني عن الفرسان والفارس يجب أن يتسم بمميزات الفارس… لكي يكون شاعراً بحق
ـ كيف تنظر الى القصيدة الشبابية الحالية ؟ وما الذي تحتاجه ؟
* صراحة إقشعر جسمي بأكمله لاالبدن وحده.. المشهد الشعري الفوضوي المؤلم بسبب غياب الرقابة والشهرة المتأتية من غير متاعب عن طريق الفيس بوك واليوتيوب ووووووووو….. هنالك شعراء لكن قلائل… أما الباقون فينطبق عليهم قولي كمعادلة متمردة ( شعراء بلا مشاعر)
و القصيدة بحاجة الى صدق في المشاعر، يومياً أقرأ وأسمع الكثير من القصائد الجميلة ، ولكن أين صدق المشاعر أين الروح… القصيدة بحاجة الى إنسانية..
ـ هل انت راضٍ عن نفسك؟
* أنا غير راضٍ عن نفسي لأنني غير متسلح بثقافة إطلاع تتلائم مع موهبتي وعملي ، الموهبة وحدها لاتكفي ، والوظيفة وحدها لاتكفي أيضاً
ـ كلمة اخيرة ؟
* شكري وإمتناني منك على حوارك الهادف ، الّذي إختزل هذه السنوات العشر الماضية وعاد بي الى جريدة الناصرية ونبض الشباب… قبلاتي لك أستاذ رياض..