ظل بو بيجلو وزوجته يراقبان ابنتهما الصغيرة البالغة ستة اعوام “تِس” وهما في حيرة من أمرهما ولا يعرفان كيفية التصرف؟ فقد كانت ابنتهما تعاني من أعراض مرضية متعددة تتضمن نوبات عصبية دورية، بالإضافة إلى عدم قدرتها على النطق، وقد تكررت زيارتهما بالطفلة إلى العديد من الأطباء ولكن دون جدوى، فلم يستطع أي طبيب من تشخيص حالتها بدقة.. باختصار:
لا أحد يعرف ماذا أصاب الفتاة!
ومما زاد من حيرة الأبوين أن نتائج التحليلات الجينية لإبنتهما أظهرت خلل في الجين المسمى
USP7 إلا إنهما لم يستطيعا التأكد مما إذا كان لهذا علاقة بأعراض الفتاة المرضية أم لا، وظلت محاولات الأبوين قائمة في متابعة الأطباء حتى العام الماضي، حين نصحهما الأطباء بأن يتعلما قبول حالة ابنتها والتعايش معها، فلا يوجد شيء يمكن للطب أن يفعله، على الأقل ليس الآن.
حاملة ابنتها وحاملة معها يأسها، قررت والدة تِس اللجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وضعت منشورات بالفيسبوك تتحدث فيها عن حالة ابنتها لعلها تجد من يعرف ماذا أصاب الطفلة، أو تتواصل مع أسرة لديها نفس الحالة مع أحد أفرادها. يقول الأب بو بيجلو “ظننت أنا وزوجتي أن هذا الأمر سيتطلب وقتاً طويلاً مع أمل ضعيف في أن نجد من يقدم لنا معلومات ذات قيمة حقيقية، وإننا سنقوم بعمل نشر ومشاركة المنشورات الخاصة بحالة ابنتنا دون جدوى، ولكن للمفاجأة، فقد تلقينا في نفس اليوم مساءً مكالمة من دكتور مايك
فونتاين من كلية طب جامعة بايلور.”
استطاعت مواقع التواصل الاجتماعي أن تنجح خلال 24 ساعة فيما فشل فيه عدد كبير من الأطباء من مختلف الولايات الأمريكية، حيث كان الدكتور مايك فونتاين باحثاً في كلية طب باليور في هيوستن تكساس، وكان يدرس الجين USP7 الذي تعاني الطفلة الصغيرة تِس من مشاكل خاصة بهذا الجين.
وقد وصلت قصة آل بيجلو إلى الدكتور مايك من خلال تضافر عدد من المصادفات السعيدة التي قدمتها لهم السوشيال ميديا، فقد تبين أن حالة الفتاة هي حالة مرضية شديدة الندرة إذ لا يعاني منها سوى سبعة أشخاص فقط حول العالم، لتصبح تِس بيجلو هي الحالة الثامنة التي تصاب بهذا المرض، فبعد أن شاهد أحد الباحثين قصة الفتاة على فيسبوك قام بإعادة نشرها على موقع ريديت، ومن موقع ريديت شاهد أحد زملاء دكتور مايك فاونتين قصة حالة الفتاة الصغيرة ليخبر صديقه: “أليس هذا هو الجين الذي تعمل عليه يا دكتور مايك؟”.
ونتيجة لوصول المختصين عرفت عائلة بيجلو أخيراً ما يحدث لإبنتهم، فالخلل الجيني الذي تعاني منه تِس يتسبب في تعطيل قدرة الخلية على إعادة إنتاج البروتين بشكل صحيح، وهو الأمر الحيوي للجسم، ويتسبب ذلك في اضطراب الأعصاب الإنمائية، مما ينتج عنه إعاقة ذهنية، وربما مرض التوحد والصرع.
وفي حالة أسرة بيجلو، فإن الفتاة المريضة تِس في السادسة من عمرها، إلا إنها تملك نشاط عقلي لطفل عمره 18 شهر.
وقال الأب: “ابنتي الآن لا تستطيع التحدث نهائياً، ومعظم الوقت نفكر حول ماذا تريد، من خلال التخمينات ليس أكثر، كما أنها لا تملك وعي بجسدها أو بمعنى الأمان وحماية الجسد الخاص بها، فهي تلمس الأسطح الساخنة للغاية من دون إدراك لمدى خطورتها، حيث آذت نفسها أكثر من مرة، كما إن كل شيء تمسكه بيدها يذهب إلى فمها مباشرة، لا تستطيع أن تغفل عنها ثانية واحدة”.
وقد علّق الوالدين عن أن التعاون مع المختصين في حالة ابنتها المرضية النادرة هو أمر مطمئن حتى وإن لم يكن هناك علاج لحالة الطفلة بعد، آملين في العثور على علاج تجريبي ما قريباً.
وقد استطاع والدا تِس أن يتواصلا عبر السوشيال ميديا مع أسرة أخرى من الأسر التي يعاني أحد أفرادها من هذا التحول الجيني النادر في الجين USP7، حيث وجدا أنه من المفيد تبادل الخبرات مع أسر المرضى، على مستوى متطلبات الرعاية اليومية وعلى مستوى الدعم النفسي أيضاً.
لا يزال الخلل الجيني الذي تعاني منه تِس و7 مرضى آخرون غير واضح، إلا أن العلماء يجرون تجاربهم وأبحاثهم بشكل متواصل، من أجل العثور على حلول تساعد المرضى على مواصلة الحياة بشكل أقرب للطبيعي حتى يتم اكتشاف علاج لهذا المرض، وهو ما ساعد الطفلة تِس بيجلو بشكل كبير، حيث استطاع المختصون أن يجعلوا تجربة حياتها اليومية أكثر سهولة، مع تدريبات النطق والإدراك، أصبحت قادرة على التحدث قليلاً، وتزداد حصيلتها من الكلمات كل يوم، كما إنها بدأت تصبح أكثر اجتماعية، حيث بدأت الذهاب إلى مدرسة حضانة للأطفال في عمرها، لتكمل حياتها بصورة طبيعية نوعاً ما حتى يتم اكتشاف علاج لهذا المرض. يقول أبويها “إنها حقاً طفلة جميلة ولطيفة، وحنونة للغاية تجاه الجميع، وفي مدرستها، تحب اللعب والركض وسط زملائها، مثل فراشة صغيرة”.
منقول