بناهيان: هل قد أناط الله سبحانه مصير الشعب بالانتخابات؟ إلى حدّ كبير، نعم!/ إن الله قد جعل مصير الناس بأيديهم، ويلزمهم بنتائج انتخاباتهم، إن خيرا فخير وإن شرّا فشر/ كان أمير المؤمنين(ع) يخضع لرأي الناس أحيانا على رغم رأيه الشخصي، فكان يمهل الناس ليصطدموا بنتائج قراراتهم وأفعالهم غير الصائبة/ إن لم نبال بمصير المجتمع، نضطر إلى دفع أثمان باهضة
الزمان: 25/04/2016
المكان: رباط كريم ـ مسجد الإمام محمد الباقر(ع)
ألقى سماحة الشيخ بناهيان كلمة على أعتاب الدورة الثانية لانتخابات مجلس الشورى الإسلامي، تحت عنوان: «هل قد أناط الله سبحانه مصير الشعب بالانتخابات» فأليكم أهمّ المقاطع من كلمته:
إن الله قد جعل مصير الناس بأيديهم/ بالرغم من وجود الأنبياء والأولياء، نحن أصحاب الدور الحاسم في تعيين مصير أنفسنا/ كان أمير المؤمنين(ع) يخضع لرأي الناس أحيانا على رغم رأيه الشخصي، فكان يمهل الناس ليصطدموا بنتائج قراراتهم وأفعالهم غير الصائبة
إن الله قد جعل مصير الناس بأيديهم. فبالرغم من وجود الأنبياء والأولياء ولكن نحن أصحاب الدور الحاسم في تعيين مصير أنفسنا.
كان أمير المؤمنين(ع) في زمن حياته، يخضع لرأي الناس أحيانا على رغم رأيه الشخصي، فكان الناس يصطدمون بنتائج قراراتهم وأفعالهم غير الصائبة بعد ما تعصبوا لها في وجه أمير المؤمنين(ع)، فكان أمير المؤمنين(ع) يمهلهم ليصطدموا ويتضرّروا بأفعالهم.
لا ينبغي أن نريح بالنا اتكالا على وجود قادتنا في المجتمع وأنهم يفكّرون بدلا عنّا/ حتى ولو كان النبي(ع) على رأسنا، مع ذلك يجب أن نشعر بالقلق على مصيرنا الاجتماعي
لابدّ أن نتّصف بالذكاء والفطنة، ولا نريح بالنا اتكالا على وجود قادتنا في المجتمع وأنهم يفكّرون بدلا عنّا وأنهم حريصون علينا! فحتى لو كان النبي(ع) على رأسنا، مع ذلك يجب أن نهتمّ بأنفسنا ومجتمعنا، وأن نشعر بالقلق تجاه مصيرنا الاجتماعي. وإلا فليس لله مزاح مع أحد!
كانت غزوة حنين إحدى الغزوات التي هزم فيها جيش الإسلام، مع أنه كان أكثر عددا من جيش العدوّ، بل لم يكن عدد جيش العدوّ ممّا يعتنى به! وأكثر من ذلك كان النبي(ص) بنفسه وأمير المؤمنين(ع) حاضرين في المعركة بين صفوف جيش الإسلام. يقول الله عن هذه الغزوة (وَ يوْمَ حُنَينٍ إِذْ أَعْجَبَتْکُمْ کَثْرَتُکُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْکُمْ شَيئاً وَ ضاقَتْ عَلَيکُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيتُمْ مُدْبِرينَ) [التوبة/25] لقد قال الله سبحانه لرسوله أن قل للناس يتوكّلوا على الله، ولكنهم لم يتوكلّوا عليه، ولذلك هزموا بالرغم من حضور النبي(ص) بينهم. وهذا ما يدل على أن للناس دورا حاسما في تعيين المصير. يعني حتى لو كان المسلمون بين يدي رسول الله(ص)، مع ذلك لا يجوز لهم أن يريحوا بالهم ويقولوا: «مع وجود النبي(ص) وأمير المؤمنين(ع) بيننا، فلا يهمّ فعلنا ومستوانا بعد!» بل مستوى عملكم ومعرفتكم أمر مهمّ جدّا. فلابدّ لكم أن تتوكلوا على الله ولا تغترّوا بعددكم وعدّتكم، ويجب أن ترفعوا مستوى إيمانكم لتنالوا الفتح وتحققوا الانتصار.
الأنبياء والأولياء مؤثّرون، غير أن مصير الناس موكول على عاتقهم/ عندما طالب الناس بالراحة، قال الإمام الحسن(ع): فالزموا الراحة وشاهدوا عواقبها
وكذلك تبقى هذه القاعدة جارية بعد الظهور. فلن يقدم مولانا الإمام الحجة(عج) ليقول للناس: «تفضلوا واستريحوا في بيوتكم، فسوف أرتّب أوضاع العالم بنفسي!» فحتى الإمام المهدي(عج) سوف يصلح العالم بمعونة الناس. فالمفترض هو أن يقف الناس على أقدامهم. وإلا فلو كان المفترض أن لا يكون لنا تأثير في مصيرنا، فما الفرق بيننا وبين الملائكة والحيوانات؟!
دور الأنبياء وأولياء الله هو التأثير على المجتمع، ولكنهم لا يتحمّلون المسؤولية برمّتها. فقد أجرى الإمام الحسن(ع) استفتاء وخاطب الناس: «إِنَّ مُعَاوِيَةَ قَدْ دَعَا إِلَى أَمْرٍ لَيْسَ فِيهِ عِزٌّ وَ لَا نَصَفَةٌ فَإِنْ أَرَدْتُمُ الْحَيَاةَ قَبِلْنَاهُ مِنْهُ وَ أَغْضَضْنَا عَلَى الْقَذَى وَ إِنْ أَرَدْتُمُ الْمَوْتَ بَذَلْنَاهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ وَ حَاكَمْنَاهُ إِلَى اللَّهِ»، فَنَادَى الْقَوْمُ بِأَجْمَعِهِمْ بَلِ الْبَقِيَّةُ وَ الْحَيَاةُ. [إعلام الدين في صفاة المؤمنين/ص293] فخضع الإمام الحسن(ع) لرأي الناس تحت ضغطهم. وحري بالذكر أن أحد أهم أسباب خضوع الإمام الحسن(ع) لرأي القوم عزم بعض أصحاب الإمام الحسن(ع) على أن يخونوه وسط الحرب، ويسلّموه أسيرا بيد معاوية ولا شك بإنه حدث مؤلم ومرير جدّا. إن بعض أصحاب الإمام قد خانوه، فلمّا صاح الناس: «بَلِ الْبَقِيَّةُ وَ الْحَيَاةُ» أقرّ رأيهم ووعدهم بتبعات فعلهم. بعد ذلك كانت الكوفة موطنا للقتل الذريع الشامل وأنواع المصائب والويلات على مرّ قرون. نعم، هذا ما أراده الناس وكانوا قد اختاروا البلايا والرزايا لأنفسهم. فسمح لهم الإمام الحسن(ع) وفسح لهم المجال إذ لا يمكن إلزام الناس باختيار الطريق وفرض سبيل الهدى عليهم.
يتبع إن شاء الله...