يتخندق مروجو فتنة وأصحاب أغراض مبيتة تسعى الى النيل من وحدة المسلمين وتكاتفهم ، موقظة عقد التأريخ ، والخلافات التاريخية وتجسديها بشكل معاصر يخدم الاهداف المعاصرة التي تسعى الى تشويه التأريخ ، وإشعال نار حروب طائفية لا ينطفئ جمرها . وما يُلاحظ في شبكات التواصل الاجتماعي لاسيما في شهر رمضان كريم ازدهار الكلام الطائفي والسب والشتم للرموز الدينية لهذا المذهب وذاك ، ليصبح التخندق الرقمي الطائفي على مواقع التواصل الاجتماعي مجسدا للكثير من ظواهر الاقتتال على ارض الواقع .
وفي هذا الصدد يرى حسن عبدالله جوهر ان هذا (الزعيق) الطائفي لا يصدر من جهلة ومراهقين وحمقى فحسب ، لكن المصيبة انه يصدر من (الكبار) و مدّعي العلم والزاعمين الذين يحملون على ظهورهم أسفاراً من الكتب والمفاهيم والثقافة وتاريخاً من الدراسة والتدريس.
ويكتب جوهر في هذا المعنى " هل يجب علينا أن نتخندق من جديد، وكلما ينعق أي ناعق بالخزي والقاذورات اللفظية حتى نشفي غليل فلان وعلاّن ممن تنتفخ أوداجهم: «ردوا عليه»! وحتى تبرهن أنك من أنصار هذا المذهب أو ذاك لكي يطمئن قلب من يتنكر خلف اسم وهمي في مواقع التواصل الاجتماعي" .
ويقف جوهر مندهشا امام الظاهرة ومروجيها فيتساءل " ماذا عسانا أن نقول إذا كان مروجو الفتنة قد بلغوا أرذل العمر، ويفترض أن تكتسي شيباتهم الوقار والحياء، أو على الأقل احترام ذاتهم، ناهيك عن دورهم في النصيحة وبث روح المحبة وتحذير العوام المنغمسين في نار البغض والكراهية من الابتعاد والترفع عن الجدال العقيم والمراء السقيم؟" .
لكن .. هل السب والشتيمة في المقابل كفيل بإصلاح ما يسببه فعل شخص أحمق أو متهور في تمزيق الأمة؟ وهل الدخول في مثل هذه المساجلات المريضة يحل المشاكل أو يحدّ منها أو يردع المرتزقة الذين يقتاتون عليها؟..
ويطرح جوهر السؤال " وهل يجب علينا أن نتخندق من جديد، وكلما ينعق أي ناعق بالخزي و(القاذورات) اللفظية حتى نشفي غليل فلان وعلاّن ممن تنتفخ أوداجهم: ردوا عليه”! وحتى تبرهن أنك من أنصار هذا المذهب أو ذاك لكي يطمئن قلب من يتنكر خلف اسم وهمي في مواقع التواصل الاجتماعي! فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ".
ويشير جوهر في مقاله في صحيفة ( الجريدة ) الكويتية ، الى بعض الحمقى عندما يتعرضون بالكلام الوضيع الذي روج قبل أيام لسيدة نساء العالمين والطهر الطاهر فاطمة الزهراء ، ومن قبل ذلك بأمهات المؤمنين، وقبلها بالصحابة وأئمة أهل البيت ، فيقول " لا تتعدى كونها محاولات مريضة من نفوس بائسة لتهييج عواطف ومشاعر الآخرين ، لأنهم باختصار لا يستطيعون العيش في ظل الوئام والسلام، وهؤلاء بالتأكيد يتشوقون للسب والإهانة ولكن بعداً لهم وتعساً لهم ولأشكالهم ، والله وحده هو الكفيل بهم لا نحن البشر".
الساحة الإعلامية أقرب إلى ساحة حرب
وينبّه كمال الذيب الى ان الساحة الإعلامية أقرب إلى ساحة حرب، تسهم ربما دون إدراك في تدمير البنية التوحيدية للمنظومة الاجتماعية التي تطلب أمر توحيدها قروناً من الزمان، يحدث كل ذلك بالتوازي مع فوضى الشوارع ومع تكتيكات الحرق والسد والسكب الشهيرة، دون أن يشعر هؤلاء أو أولئك بأي إشكال يتعلق باحترام الحريات العامة والخاصة أو احترام حقوق الآخرين.
ويرى الذيب في مقال له في صحيفة الوطن البحرينية ان هذه الحرب "تستقطب جيوشاً من المواطنين، من الذين دخلوا على خط الدعاية أو الحرب الإعلامية الجديدة، غير مؤهلين لا مهنياً ولا فكرياً، بل وكثير منهم بدا وكأنه تجرد (بسبب انعدام المسؤولية الأخلاقية والقانونية) من القيم ومن روح التسامح" .
ويعرج الذيب على الحالة البحرينية ، فيقول " إن هذه الحرب الإعلامية "تكرس حالة الاستقطاب والخلاف حول التشخيص والتوصيف والمعالجة، وهذا الخلاف كان يمكن أن يكون مقبولاً لو ظل في حدود الخلاف والحوار الحي، ولكنه تحول إلى حالة من التجاذب والتخوين المتبادل بل إلى العمل على “سحق” الخصم وإلغائه من الوجود عبر الكلمات".
ويزيد القول " لكن الغريب أن طرفي الاستقطاب متفقان تماماً على الأمور الأساسية فلا خلاف من حيث المبدأ -على الأقل فيما ينشر من كتابات يومية- حول أهم العناصر مثار الخلاف في العادة مثل، ضرورة إدانة العنف والإرهاب والحرق والتعدي على الأمن وتجاوز القوانين المرعية في البلد، ورفض التحريض ضد البلد وأمنه واستقراره" .