تراجع، منذ أعوام، معتقد الجماعات الإرهابية بـ''التبرك'' بالدم خلال شهر رمضان. وكانت بداية رمضان 2102 أكثـر هدوء مقارنة مع العام الماضي، إلا ما تعلق بمقتل شرطي ببرج منايل أول أمس، بينما سبق العملية القضاء على إرهابيين في مناطق مختلفة.
تركّز، منذ فترة، نشاط الجماعات الإرهابية في الجهة الجنوبية للجزائر، على ما تشهده منطقة الساحل من تداعيات أمنية موسومة بما تواترت عنه الأزمة في ليبيا، وتدهور الوضع الأمني وانفلاته في المدن المالية. وقد انعكس التركيز الملحوظ في التحركات الإرهابية على الحدود الجنوبية للجزائر على راهن الوضع، في بداية شهر رمضان الحالي، الذي لم يشهد عمليات إرهابية ملفتة للانتباه، في تحسن صار ملحوظا منذ المواسم الرمضانية الأخيرة، بفعل المخططات الأمنية التي وضعت خصيصا لحماية الأشخاص والممتلكات في الشهر الفضيل.
وإن لم تختلف بداية رمضان الحالي عن رمضان الموسم الفارط، إلا أن حجم التحركات الأمنية الذي لوحظ رمضان 2011 كان يؤشر على احتمال وقوع عمليات إرهابية، سعت لإبطالها الأجهزة الأمنية. وهي مرحلة تخللتها عمليات تمشيط وتعقب لجماعات الدعم والإسناد، بينما لم يشهد رمضان الماضي عمليات إرهابية ذات وزن، إلا واحدة، تمثلت في الهجوم الانتحاري الذي استهدف مدخل الأكاديمية العسكرية لشرشال، وأسفر عن مقتل 18 ضابطا وجرح آخرين يوم 26 أوت. وقد خلت، بداية رمضان الجاري، من مظاهر أمنية ''استثنائية''، إلا ما تعلق باستمرار عمل الحواجز الأمنية. بينما يبرر التشديد الأمني، وفقا لمخطط يرتكز، حسب مصادر، على العمل الاستخباراتي بالدرجة الأولى، بقصد تفادي مظاهر العسكرة في الشوارع. وشهدت بداية الشهر سقوط أول ضحية من جهاز الشرطة. أول أمس. ببرج منايل على يد إرهابي سبق وأن استفاد من المصالحة الوطنية. وفي المقابل، استمرت وحدات الجيش في مسار باشرته منذ بداية الصائفة الحالية، بتعقب القيادات الإرهابية في منطقة الوسط، في بومرداس وتيزي وزو والبويرة، التي ترتكز فيها، نوعا ما، التحركات الإرهابية، حيث تمكنت قوات الجيش من القضاء، يوما واحدا قبل رمضان، على إرهابيين اثنين، أحدهما ''أمير'' سرية الأرقم المكنى ''حنظلة''، واسمه الحقيقي ''تاجر زهير''، رفقة الإرهابي الآخر ''ندرومي مالك''، ببلدية لقاطة شرقي ولاية بومرداس.
غير أن الحصار الأمني المفروض بالوسط على تحركات عناصر القاعدة دفع زعامتها إلى الانسحاب نحو الجنوب، موازاة مع انخراط القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في رهانات السيطرة على شمال مالي، وتنسيق نشاطاتها مع الحركات الجهادية المسيطرة على الوضع منذ الانقلاب على الرئيس تونامي توري. وقد استبق الإرهابيون شهر رمضان بعملية إرهابية تمثلت في تفجير مقر القيادة الجهوية للدرك الوطني بورفلة، يوم 29 جوان، أسفر عن مقتل الضابط جمال مالكي، العملية التي تبنتها حركة التوحيد والجهاد غرب إفريقيا، شكلت ''الاستثناء''، وارتبطت بخيوط فوضى الأمن على الحدود الجزائرية الليبية والجزائرية المالية، على ما يشهده راهن الوضع الأمني من تدهور ملحوظ، ومآس إنسانية على الحدود يقع عبؤها الأكبر على الجزائر، لما توفره من ظروف سانحة لتهريب السلاح والذخيرة. في وقت لم يجد فيه نشطاء المنظمات غير الحكومية من مناص سوى التعامل مع أسياد المنطقة من التنظيمات المحتلة للشمال، من أجل المساعدة على توزيع الإعانات الإنسانية. وبلغت درجة ''الثقة بالنفس'' أن صرح أحد قادة التنظيمات المسلحة ''ولد حماها'' لوكالة الأنباء الفرنسية، قائلا ''نبلغ كل العالم أننا مستعدون لمواجهة أي جيش، ونحذر سلفا من إن كل الدول التي سترسل قوات ستواجه ردا لا رحمة فيه''، كما قال الرجل الثاني في جماعة أنصار الدين ''لدينا مئات الفدائيين لعمليات استشهادية ينتظرون الأوامر'' بتنفيذ ''عمليات انتحارية''.