بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
~ تعقيدات غير قابلة للاختزال ~
التعقيد الغير قابل للاختزال هو مصطلح يستخدم لوصف سمة من سمات بعض النظم المعقدة، حيث أنها بحاجة إلى كل عنصر من أجزائها الفردية في مكانه لكي يعمل، بحيث يستحيل الحد من تعقيد نظام معقدة بشكل لا يمكن اختزاله عن طريق إزالة أي من الأجزاء المكونة لها التي لا تزال تحافظ على وظائفه، بحيث يقف كعقبة أمام التطور لا يمكن تجاوزها ومن أمثلة التعقيد الغير قابل للاختزالفي الحيوانات ما يلي:
• بيت النمل الابيض :
بيت النمل الأبيض
تعتبر بيوت النمل الأبيض (التي يبلغ ارتفاعها ما بين خمسة أمتار وستة) تحفة معمارية، وتوفر هذه البيوت بنظامها الداخلي المعقد كل ما يحتاج إليه النمل الأبيض الذي لا يستطيع الخروج في ضوء الشمس بسبب طبيعة تكوين جسمه، فبيوته بها نظام للتهوية وقنواتوممرات وغرف لليرقات، وأماكن خاصة لإنتاج الفطرومخارج أمنية وغرف خاصة للجو البارد، ففيها كل شيء والأغرب من كل ذلك هو أن النمل الأبيض الذي يبني هذه البيوت هو في الحقيقة أعمى ، فبمقارنة حجم النمل الأبيض بحجم البيوت التي يبنيها يتبين أن النمل ينفذ مشروعا معماريا أكبر من حجمه بثلاثمائة مرة، فاللنمل الأبيض صفة أخرى، فعند تقسيم بيتا من بيوته وهو في المراحل الأولى من بنائه إلى قسمين وإعادته مرة أخرى يتبين أن كل الممرات والطرق تتداخل وتتلاقى بعضها مع بعض، ويواصل النمل الأبيض عمله كأنما لم يقسِّم البيت قط إلى قسمين وكأنه يتلقى أوامره من مصدر واحد لا غير .
• النقر المتتالي لنقار الخشب:
يبني نقار الخشب أعشاشهبنقر جذوع الشجر دون أن يتعرض إلى نزيفِِ في المخ وهو يقوم بهذا النقر القوي، فما يفعله نقار الخشب يشبه غلى حد ما قيام إنسان بضرب مسمار في الجدار برأسه، ولو أن إنسانا قام بذلك فالأرجح أنه سيتعرض لصدمة في المخ ثم نزيفه، بينما يمكن لنقار الخشب أن ينقر ما بين 38 إلى 43 نقرة من جذع شجرة صلب في زمن يتراوح ما بين 2 و3 ثواني دون أن يصيبه شيء أبدا. فبنيته قد خلقت مناسبة لمثل هذا العمل، ففي جمجمته نظام يخفف شدة الضربات ويمتصها، وهو يتكون من أنسجة مليّنة خاصة بين عظامالجمجمة تقوم بذلك.
• نظام السونار عند الوطواط:
يستطيع الوطواط الطيرانفي الظلام الدامس دون أي مشقة مستخدما نظام استكشاف مثير، يطلق عليه السونار، وهو نظام يتحدد عن طريقة أشكال الأجسام المحيطة من خلال صدى الموجات الصوتية. ويستطيع الإنسان متوسط السن بصعوبة تمييز صوت تردده عشرون ألف ذبذبة في الثانية، بينما يستطيعالوطواط عن طريق نظام السونار بتصميمه الفريد تمييز أصوات ترددها ما بين خمسين ألفا ومئتي ألف ذبذبة في الثانية، وهو يرسل هذه الأصوات في جميع الاتجاهات بمعدل يتراوح بين عشرين وثلاثين مرة في الثانية، ويكون صدى الصوت الذي يستقبله الوطواط قويا جدا، حتى إنه لا يدرك فقط وجود أجسام ما حوله، بل يستطيع كذلك تحديد مكان فريسته وهي تطير مسرعة.
•التمويه:
من المميزات التي يتمتع بها الحيوان للحفاظ على حياته فن إخفاء نفسه الذي يطلق عليه التمويه، والحيوان يسعى لإخفاء نفسه لسببين، إما استعدادا للصيدواقتناص فريسةأو لحماية نفسه من الحيوانات القناصةالأخرى، والتمويه يختلف عن سائر أساليب التخفي الأخرى لأنه يشتمل على عناصر كثيرة مثل الذكاء الشديد والمهارةوالتناغم والجوانب الجمالية، ومن أمثلة التمويه ما يقوم بهالقمل الذي يمتص عصارة النبات، فهو يتغدى على سيقانالنبات بالتخفي في شكل شوكة وهو يهدف بهذا الأسلوب إلى خداع أعدائه الطيور ويضمن ألا تحط على هذهالنباتات، أما الحبار فلديه طبقة سميكة تحت الجلد تحتوي أكياسا من الصبغة الملونة المطاطة، وتكون هذه الأصباغ في الغالب صفراء أو حمراء أو سوداء أو بنية، وعند استشعارخطر ما تنتفخ الخلايا التي تحتوي على الأصباغ وتضفي على الجلد اللون المناسب، وبذلك يأخذ الحبار لون الصخرة التي يقف عليها متخذا أفضل وسيلة ممكنة للتمويه، ونظام التمويه هذا يعمل بإتقان شديد لدرجة أن الحبار يمكنه إخفاء نفسه بإعطاء جسمه خطوطا تشبه خطوط الحمار الوحشي .
• تقنيات الطيران عند طائر القطرس:
طائر القطرس فوق الماء
تستخدم الطيور المهاجرة تقنيات مختلفة للطيران لخفض كمية الطاقةالمستهلكة إلى أدنى حد، ومن الطيور التي تستخدم هذه التقنيات طائر القطرس، فهذه الطيور التي تقضي 92 في المائة من حياتها فوق البحار يبلغ عرض جناحي الواحد منها عند انبساطها ثلاثة أمتار ونصف، وأهم ما يميز طائرالقطرس هو كيفية طيرانه، فهو يستطيع الطيران لساعات دون تحريك أجنحته على الإطلاق، ويقوم بذلك عن طريق الانسياب في الهواء وبسط جناحيه باستمرار بالاعتماد علىالريح. وعلى الرغم مما يتطلبه تثبيت أجنحة يبلغ عرضها ثلاثة أمتار ونصف في الهواء من طاقة وقوة هائلة، فإنطائر القطرس يستطيع التحليق بهذا الشكل لساعات طويلة، ويرجع ذلك إلى النظام التشريحي الخاص الذي منحه الله لهذا الطائر منذ مولده، وخلال الطيران تكون أجنحة طائرالقطرس ثابتة، لذلك فهو لا يحتاج إلى استخدام أي قوة عضلية، وتظل الأجنحة منبسطة بفضل طبقات عضلاتالأجنحة فقط مما يساعده على سهولة الطيران والتحليق، كما يقلل من كمية الطاقة التي يستهلكها الطائر في الطيران، ذلك أن القطرس لا يضرب بجناحيه كما أنه لا يستهلك طاقة في إبقاء أجنحته مفتوحة، فتحليقه لساعات معتمدا تماما على الرياح فقط يمثل له مصدر طاقة غير محدود.
• نظام الرؤية:
يعتبر تعقيد النظم
الحيوية إشكالية التطورالكبري، ومنها آلية التحول المطلوب لإنتاج ذلك الجهازالمعقد المتمثل في العين، فحدوث كل طفرة متتابعة فيالحمض النووي داخل مقلة العين يتطلب تحولات جذرية ومتزامنة وشديدة التعقيد والترابط داخل بنية العظاموالأعصاب ووظيفة الدماغ، ويجب سلوك مئات من المسارات التطورية في ذات الوقت عن طريق طفرات فاعلة في جميع الجوانب المتعلقة بالرؤية، ومثل هذه التغيرات تتطلب أكثر بكثير مما يمكن توقعه من الطفرات العشوائيةوالانتقاء الطبيعي ، ولتقريب مدى صعوبة تلك العملية باتخاذ مقياس واحد فقط، وهو عدد الجينات المسؤولة عن إنتاج العين نجد أنه تم التعرف حتى الآن على 501 منالجينات المرتبطة بالعين في تلك الحشرة البدائية ذبابة الفاكهة، ما يعادل 3.5 في المائة من حجم جينومها بأكمله، وفي الكائنات الأكثر تعقيدا مثل الفقاريات نجد أن أكثر من 7500 جين يتداخل في تركيب وتنظيم شبكة العين، ما يعادل 30 في المائة من الجينات البشرية قاطبة، ومن ذلك فحدوث طفرات متزامنة على هذا العدد الهائل من المسارات والجينات هو فرضية مريعة تتخطى حدود المنطق وتتزايد مع مستويات التكامل الأرقى بين أجزاء تشكل العين، وحتى على المستويات التكوينية الأقل تدرك الداروينية تلك المشاكل الخطيرة في وضع تفسير لتطور كل جزء من نظامالرؤية، بما في ذلك العدسة ومقلة العين وشبكية العينوالنظام البصري بأكمله وفصوص القذالي في الدماغ ، مثل هذا التكامل والتنظيم أدى بالخبراء أن يسمو عملية الرؤية بالمعجزة وأن معجزة الرؤية الحقيقية تكمن في تلك العملية الحسابية التي يمكن أن تنتجها ، فكل هذه الأنظمة المختلفة يجب أن تعمل معا كوحدة متكاملة لتحقيق الرؤية، وعند دراسة أعضاء أقل تعقيدا في دراسةأسد النمل مثلا، يُتساءَل حول امكانية إنتاج مثل هذه النظم المعقدة بواسطة الانتقاء الطبيعي لطفرات عشوائية، وفرص حدوث مثل هذه الطفرات المتزامنة التي يمكنها أن تفعل ذلك، وجدوى هذه الطفرات في إنتاج الهياكل التي تلائم بعضها البعض بدقة ، ذلك يلقى طريقا مسدودا فحتى أبسط نظم الرؤية وأكثرها بدائية مثل البقع الحساسةللضوء والتي استخدمت كحلقات أولية في سلسلة التطورتتطلب وجود مجموعة كبيرة ومعقدة من النظم الأنزيميةفي المكان والوقت المناسب لكي تعمل، وهي بحد ذاتها تعقيد لا يصدق ونظام لا يمكن اختزاله.
المصدر
تنويه : قمت بغلق الموضوع لانه لتصحيح المعلومات الرائجة رغم انها مغلوطة و ليس للتعقيب و النقاش
ممتنة جدا مقدما للمرور و الاطلاع و التفهم
بالتوفيق للجميع باذن الله تعالى