لابد لكل مهتم بكرة القدم وأن سمع عن "الجابولاني".. الكرة الرسمية لكاس العالم المقامة حالياً في جنوب أفريقيا. هذه الكرة والتي تعني بلغة الزولو "لنتحتفل"، استحوذت على اهتمام الصحافة منذ انطلاق هذا المونديال وحتى قبل انطلاقه. حيث بدأ معظم اللاعبين وحراس المرمى بالاعتراض عليها قبيل انطلاق الصافرة الأولى للمونديال.
اعتمدت الجابولاني رسمياً من قبل الفيفا، وقدمت للجماهير أواخر العام الماضي. أنتجتها شركة" أديداس" العالمية، وتم تنفيذها في بريطانيا. ومن يشاهد هذه الكرة، يلاحظ الفرق "الشكلي" على الأقل بينها وبين الكرات السابقة. فقد تم تغيير الشكل، والمقاييس وحتى نوعية الجلد المستخدم في تكوينها.
تم استعمال الجابولاني وتجربتها قبل المونديال، وكان ذلك في بطولة أمم أفريقيا في أنغولا,، وكانت وقتها تحمل ألوان علم أنغولا بدلاً من علم جنوب أفريقيا. كما استعملت وجربت في عدد من الدول مثل: سويسرا والنمسا والأرجنتين وأميركا وألمانيا. كما جربها عدد من الأندية مثل ريال مدريد الأسباني و آي سي ميلان الإيطالي وتشلسي الإنكليزي.
لكن، ومن الواضح، أن المنتخب الألماني كان أكثر المستفيدين من تجربة هذه الطابة من قبل. وذلك لأنه قد تم اعتماد هذه الكرة في الدوري الألماني "البوندسليغا" منذ كانون الأول- ديسمبر 2009. وبما أن الدوري الألماني يمتاز بتواجد معظم لاعبي المنتخب في ألمانيا، أي أن معظم لاعبي المنتخب الحالي يلعبون في الدوري الألماني، لذا كان لهم الحظ والفرصة ربما للتعود على هذه الكرة الجديدة.
بالطبع هذا ليس تنقيصاً من قوة المنتخب الألماني أو تشكيكاً بقدرته على الوصول إلى المربع الذهبي، ولا تبريراً للمنتخبات التي لم تتمكن من الصمود في هذا المونديال. لكن من المؤكد أن الجميع لاحظ التحكم الكبير لمنتخب المانشافت بالكرة. وإذا دققنا جيداً وراجعنا تفاصيل هذا المونديال، نجد أن الفرق التي اجتازت المرحلتين الأولى والثانية، قد فعلت هذا إما عن طريق ضربات الحظ أو عن طريق خطأ تحكيمي- الأمر الآخر الذي تميز به هذا المونديال- فبالإضافة إلى الجابولاني والفوفوزيلا – الآلة الموسيقية المزعجة التي تستعمل من قبل المشجعين في المدرجات- كانت ظاهرة الأخطاء التحكيمية واضحة ولا زالت حتى هذه اللحظة.
بالعودة إلى موضوع الجابولاني وحظ المنتخب الألماني أو سوء حظ المنتخبات الأخرى، نسلط الضوء على أمر آخر قد لفت الأنظار في هذا المونديال، وهو عدم ظهور النجوم التي كان يتوقع لها الإبداع في هذا المونديال. فالجميع لاحظ أن ليونيل ميسي ليس هو نفسه الذي يلعب في برشلونة الأسباني، وكريستيانو رونالدو ليس هو كريستيانو رونالدو مانشستر يونايتد أو ريال مدريد, وغيرهم الكثير من الاسماء التي لم تبرز. قد يبرر البعض أن اداء هؤلاء تحكم به مدرب مغمور أو مغرور أو غير كفء. وهذا ليس صحيحاً، لأنه يمكن للمدرب أن يختار من يلعب ومن يجلس على دكة البدلاء، ويحق له أن يختار مركز لعب أي لاعب على أرض الميدان، لكن لا يمكن لأي مدرب أن يتمكن من الحد من قدرة أي لاعب أيّا كان!
لا يختلف اثنان على أن متعة كرة القدم نسبية وتختلف من شخص لآخر، فالبعض منا يجدها في الفوز بغض النظر عن الأداء، والبعض يراها في العراقة والتاريخ ولا تهمه نتائج فريقه الحالية، والبعض يراها في أسلوب اللعب الجميل الاستعراضي بغض النظر عن النتائج التي يُحققها ذلك الأداء. كما أن البعض قد يجدها في الجوانب التكتيكية والمعارك بين المدربين، إلى آخره.. ولكن الجابولاني قد حرمت معظم متتبعي هذا المونديال من إيجاد أية متعة، وقد تسببت بنقصان عدد المشاهدين لهذا المونديال بنسبة كبيرة. كما حرمت منتخبات كبيرة ومنتخبات واعدة من تحقيق اية نتيجة تذكر في هذا المونديال. وقد سجل عدد كبير من اللاعبين والمدربين اعتراضهم على هذه الكرة وتقدم البعض بالشكوى رسمياً عليها للفيفا.
" أديداس" وفي معرض دفاعها عن الجابولاني قالت أنها قد نبهت إلى التغيير الذي طرأ على هذه الكرة، وأنها وضعتها في الأسواق بمتناول يد الجميع، لكن بعض الذين يتعاملون مع شركات رياضية أخرى، رفضوا استعمال الكرة المصنعة في شركة منافسة لشركاتهم الراعية.
لكن السؤال يبقى دائماً، هل يعيد إثبات عدم نجاح هذه الكرة، أو تسببها بخسارة بعض المنتخبات شيئا لهذه المنتخبات؟ أم هل يعيد شيئا للمشاهد الذي حرم من متعة مشاهدة كأس العالم ونجومه المفضلين؟؟
والسؤال الأهم هو، هل سيذكر التاريخ هذا الأمر؟ أم أنه سيمر مرور الكرام ويكون فقط مجرد لقب جديد للدولة الرابحة أو لقباً أولاً لدولة أخرى؟!