مقالات رأي
ما إن أعلن زعيم "التيار الصدري" السيد مقتدى الصدر، السبت، إيقاف العمل السياسي للتيار، ومقاطعة كل السياسيين، حتى اقتحم أنصاره مقر البرلمان.
وقال الصدر إن جلسة برلمان، اليوم (30 04 2016)، إن وجدت، فإن المجتمعين فيها أجمعوا على وأد الحركة الإصلاحية التي لا تريد انتقاماً ومساساً بأحد. ودعا الصدر "كتلة الأحرار" إلى مقاطعة الجلسات التي يكون فيها أي نوع من أنواع المحاصصة.
ولذلك، فشل مجلس النواب في تحقيق نصاب قانوني للجلسة النيابية. ثم بعد أقل من ساعة واحدة على بيان زعيم "التيار الصدري"، اقتحم أنصاره المنطقة الخضراء ومقر البرلمان، احتجاجا على رفع جلسته إلى الأسبوع المقبل قبل التصويت على استكمال التغيير الوزاري، وأعلنوا اعتصامهم فيه.
وقال القيادي في "التيار الصدري" علي العتبي، خلال اقتحامه مع مئات المتظاهرين المنطقة الخضراء، إن "ما يحدث الآن كان يجب أن يحدث منذ سنوات. فالشعب ينزف ويموت جوعا وحرقا والقيادات الحالية تعيش في نعيم"، قبل أن يضيف: "لن نعتدي على سلطة الدولة أو القانون ولن نخل بالنظام وتحركنا منضبط".
وكان الصدر قد أعلن صباح السبت (30 04 2016) في مؤتمر صحافي عقده في النجف، أنه لن يشترك في أي عملية سياسية فيها أي نوع من المحاصصة ولو بعنوان التكنوقراط، "لأن إرادة الشعب أعلى وأهم"؛ مؤكدا "إيقاف كل عمل سياسي في مفاصل التيار إلا ما كان في تأسيس ائتلاف عابر للمحاصصة على أن لا يكون بواجهة تيارية فقط".
زعيم "التيار الصدري" أشار إلى أن "الشعب يأبى إلا أن تنجح ثورته ولو كره المفسدون". وأعلن عن رفضه أن" يجالس أي سياسي مهما كانت مطالبه دون الإصلاح الجذري".
وأضاف الصدر، "إما بقاء الفاسدين والمحاصصة، أو إسقاط الحكومة برمتها ولا يستثنى من ذلك أحد لكي لا تكون فتنة واتفاقات خارج إرادة الشعب"؛ وقال: "أقف في خانة الشعب وأقاطع كل السياسيين إلا من أراد الإصلاح الحقيقي منتظرا الانتفاضة الشعبية الكبرى لتوقف زحف الفاسدين".
الصدر كشف عن وجود تواصل مع رئيس الوزراء حيدر العبادي"؛ مشيراً إلى أن "العبادي يتعرض لضغوط كبيرة من قبل الذين يريدون المحاصصة".
وفيما دعا رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري الصدر إلى سحب المتظاهرين وحذر من انهيار الدولة، ناشد الصدر أنصاره بالاعتصام سلميا داخل المجلس.
في هذه الأثناء، سادت حالة من القلق شوراع بغداد من إمكان توقف العملية السياسية والحياة المدنية. فقد أعلنت قيادة عمليات بغداد حالة الطوارئ القصوى بعد اقتحام المنطقة الخضراء، وأغلقت جميع مداخل العاصمة العراقية، وتم إخلاء العبادي والجبوري من المنطقة الخضراء وغادرت غالبية المسؤولين العراقيين المنطقة الخضراء في بغداد. وقد استخدمت القوات العراقية القنابل الصوتية لوقف تدفق المتظاهرين إلى المنطقة الخضراء.
وتثار أسئلة مشروعة الآن:
- كيف سيتصرف العبادي إزاء حادث اقتحام البرلمان واعتصام المتظاهرين فيه؟ وما هو الهدف الذي دعا الصدر إلى الإقدام على اتخاذ قرار البدء بالاعتصام الرابع؟ وهل سينسحب الصدر من اعتصام البرلمان كما فعل في مرات سابقة على أبواب الخضراء، خصوصا أنه أعلن اليوم أنه سيعتكف لمدة شهرين إعراباً عن الرفض الكامل لأي نوعٍ من أنواع المحاصصة ولعودة الفساد والمفسدين، واستنكاراً للتقصير الذي صدر من بعض الطبقات الشعبية؟
وهل تعرض الصدر لضغط سياسي من أطراف "التحالف الوطني" بسبب قرارت جلسة الخميس الماضي، وحاول أن يكفر عن موقفه بهذه الخطوة؟ أم أنه تصرف وحده نتيجة ضغط الشارع؟
وهل أخطأ الصدر في توقيت الاعتصام الرابع وطريقته؟ أم أنه يعرف ماذا يريد، ويعرف كيف يحقق ما يريد؟ وهل سيؤدي اقتحام الصدر البرلمان إلى تعطيله ثم العودة الى النصف الثاني من عام 2004؟ وأخيرا، هل جاءت خطوة الصدر هذه بالاتفاق مع العبادي؟
وبغض النظر عما إذا كانت خطوة الصدر قد جاءت بالاتفاق مع العبادي أم لا، خاصة أن الصدر كان قد أعلن اليوم أن العبادي يتعرض لضغوط من قبل تيار المحاصصة، وأن هناك أنباء أشارت نقلا عن العبادي إلى أنه هو من أمر بفتح أبواب المنطقة الخضراء أمام المتظاهرين! ومع ذلك، فإن خطوة الصدر اليوم تعدُّ خطوة غير مسبوقة في مشهد العراق السياسي منذ عام 2003.
وفيما أعلنت اللجان التنظيمية للتيار الصدري عن وصول متظاهرين إلى مقر مجلس الوزراء العراقي في المنطقة الخضراء، التقى الصدر المرجعَ الديني السيد علي السيستاني في النجف. وبانتظار تداعيات الأحداث لمعرفة اتجهاتهاـ ولم يصدر أي تصريح عن العبادي إلى حين كتابة هذه السطور رغم أن مصادر مطلعة أفادت بأن هناك كلمة مرتقبة سيلقيها رئيس الوزراء العراقي مساء اليوم.
وبانتظار صدور موقف من العبادي، فإن تداعيات الاعتصام الرابع للصدر قد تتخذ واحدا من ثلاثة اتجاهات:
أولها، تجميد الدستور وحل البرلمان وإعلان حالة الطوارئ إن تم اعتباره انقلابا على العملية السياسية.
والسيناريو الثاني هو انسحاب المتظاهرين من البرلمان وبقاء حالة المراوحة في العملية السياسية بين اعتصام وآخر والهروب للأمام من استحقاقات الإصلاح والمصالحة.
والسيناريو الأخطر هو انتقال الصراع بين الأطراف السياسية المتنازعة من المؤسسات إلى الشوارع. وقد وردت أنباء اليوم عن سماع إطلاق نار قرب المنطقة الخضراء في بغداد، وهذا قد يؤدي أيضا إلى طلب تدخل دولي.
وقد يخرج العبادي ببيانه على الناس من إربيل وليس من بغداد إن حصل ذلك، كما فعلها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بعد سقوط العاصمة صنعاء بيد الحوثيين في العام الماضي.
عمر عبد الستار
المصدر
https://arabic.rt.com/news/821342-%D...1%D8%A7%D8%A1/