قراءة علمية لأحداث نهاية العالم 2012
بتاريخ 23/07/2012
نالت إشاعة نهاية العالم على نصيبها الإعلامي ، و انتشرت في جميع أنحاء المعمورة بشكلٍ لا يمكن تصديقه
وأصبحت تتناقل من لسان إلى لسان، وهذا ما منحهم خيالاً واسعاً لكتابة السيناريوهات المتوقعة
على شبكة الإنترنت مما زاد من الرعب العام للناس . سأكون هنا راوياً لأحداثها من ناحية علمية ثقافية .
بدأت القصة من حضارة المايا
تمثال من حضارة المايا القديمة
تلك التي سكنت شمال جواتيمالا وأجزاء متفرقة من دولة المكسيك في عام 1700 قبل الميلاد
وقد اشتهرت تلك الحضارة بكتابة التقويم والحسابات الفلكية
وأعتقد الناس في فترات زمنية بأنهم أفضل من يتنبأ بالأحداث الكونية على الإطلاق نظراً لدقة (بعض) حساباتهم الفلكية في ذلك الزمن .
ولو أطلعنا على تاريخ المايا في علوم الفلك ، سنجد أنهم تنبئوا بحدث نهاية العالم في يوم 21 ديسمبر عام 2012 م .
أي بعد نصف سنة تقريباً من تاريخ كتابتي لهذا المقال.
وقد بلغوا هذه النتيجة بعد عدّة حسابات أوصلتهم إلى فرضية تلخصت بانحراف كوكب مجهول يُدعى نيبيرو ( Nibiru ) عن مساره ودخوله إلى مسار كوكبنا
وهذا ما سيؤدي إلى حدوث فوضى في النظام الكوني ومن ثم ارتطامه بنا ليعلن نهايتنا
صورة لكوكب نيبيرو المزعوم وكيفية انحرافه عن مساره نحو الأرض .
تقول حضارة المايا بأن دورة الحياة ستنتهي في 5126 سنة . ولا يوجد سبب علمي واضح لاختيار هذا التاريخ
الذي سيصادف 21 من ديسمبر 2012 م. وهذا ما دفعهم للاعتقاد بأن هنالك كوكب غاضب
ارتبط إسمه بآلهة يونانية سيقوم بتدمير الحضارة البشرية بأكملها دون رحمة
وما زاد من مشكلة أقوال المايا ، و أخافَ الكثير من المتابعين للقضية ، هو المتنبئ الفرنسي الشهير نوستراداموس
وما قاله في رباعياته التي تتنبأ بأحداث عالمية ، إذ قال : " سيسقط مجسم كبير فوق رؤوسنا ، و سينتهي العالم في 2012 م " .
الأحداث السابقة أغرت مخرجي الأفلام لإنتاج فيلم مرعب يُحاكي الأحداث المتوقعة ، وهذا ما حدث بالفعل
حين قام المخرج Nick Everhart بإخراج فيلم 2012 : Doomsday
والذي يرسم سيناريو متوقع لنهاية الحياة على الأرض في ذلك العام
غلاف للفيلم الذي خلق سيناريو متوقع لأحداث نهاية العالم .
وقد حصل الفيلم على تقييم سيء جداً من موقع الأفلام الشهير IMDB ( 1.9 10)
وكأنها إشارة إلى عجلة المخرج ورغبته بإنتاج الفيلم في أسرع وقت ، لكي يحقق مبيعات ومشاهدات عالية دون الاهتمام بجودته
وقد حصل على مُراده وإن فشل في إخراجه ، وكان لفضول الناس و خوفهم دوراً بارزاً في إنجاح هذا الفيلم كما أنجحوا إشاعة نهاية العالم .
سوف أتحدث عن أبرز الإدعاءات المتوقعة التي قد تدمر كوكبنا في 2012 م :
- التغييرات في الحقل المغناطيسي الشمسي ستؤدي إلى إنفجارات قوية .
بالغ المبالغون في وصف الحقل المغناطيسي الشمسي المتوقع حدوثه في عام 2012 م أو عام 2013 م ،
وقالوا بأنها قد تُحدث انقلاباً في قطبي الأرض بسبب القوة المغناطيسية ،
مما سيؤدي إلى خلل في النظام الشمسي ( أي شروق الشمس من مغربها ) ، لكن هذا لن يحدث ،
لأن الشمس تتم دورتها بشكل طبيعي كل 11 عام ، وعادةً ما يصاحبها نشاط هائل في قذف البلازما إلى الأرض .
وقد سجل التاريخ في نوفمبر 2003 م حادثة انفجار شمسي هائل ، إذ أرسلت الشمس بلايين الأطنان من البلازما في اتجاه كوكبنا
ورغم شدتها إلا أنها لم تغير من قطبية الأرض ، ومازلنا نعيش بسلام حتى وقتنا الراهن .
أنصحك بقراءة بحثي الشخصي حول العواصف والبقع الشمسية في عام 2013 م بالضغط هنا .
- اصطفاف كوكبي المشتري وزحل سيؤثران في جيولوجية الأرض .
لا يوجد أي دليل علمي على أن اصطفاف كوكبي المشتري وزحل سيؤديان إلى كوارث طبيعية وجيولوجية
على سطح الأرض بسبب جاذبية ذلك الاصطفاف ، بل أن التاريخ قام بتسجيل حادثتي اصطفاف شهيرة
الأولى في عام 1962 م حيث اصطفت الكواكب (أي أصبحت جميعها على صفٍ واحد ) وتنبأ المنجمون بكوارث عظيمة
خصوصاً أنها صُوحبت بكسوف شمسي عززّ من أقاويلهم ، ولم يحدث شيء .
الثانية في عام 1982 م حيث أشاع الناس بأن كوكبنا سيصاب بزلازل مرعبة
ومد تسونامي سيغرق العالم بسبب تأثير جاذبية كوكب المشتري ، لكنه لم يحدث أي شيء
صورة نادرة لاصطفاف الكواكب في عام 1982 م
-ابتلاع الثقب الأسود في المركز المجري لكوكب الأرض ، و نيزك عملاق سيصطدم بالأرض في 2012 م .
هذا الأمر مستبعد ، لأن الثقب الأسود موجود في وسط المجرة ، و لا يؤثر على أطراف قرصها ،
ونظامنا الشمسي موجود في حافة المجرة ويبعد بمسافات كبيرة جداً .
أما بخصوص النيزك أبوفيس (Apophis ) والذي توقع العلماء اقترابه من مدار الأرض عام 2029 م
وارتطامه بالأرض بعد 7 سنوات من تاريخ اقترابه ، أي 2036 م ، فهنالك احتمالات كبيرة بعدم ارتطامه بنا
و هذا ما أكده العالم الفلكي الفرنسي شوستوف وقال بأن اقترابه من الأرض عادياً .
وهنالك دراسات متوقعة في المستقبل بإبعاد هذا النيزك عن طريق جذب جُرم سماوي إليه لكي يرتطم به قبل أن ارتطامه بالأرض .
-اكتشاف ناسا لكوكب (Nibiru ) الشرير .
هي إشاعة لا أساس لها من الصحة ، لم تصرّح وكالة ناسا عن وجود أي كوكب غريب سيرتطم بالأرض
ونفت كل ذلك عن طريق موقعها الرسمي ، وقد قمت بمراسلتها شخصياً عام 2009 م عن طريق هذا الرابط ،
و قاموا بالرد عليّ وتزويدي بروابط تكذّب تلك الأقاويل الباطلة .
و ما يجدر قوله حول هذا الكوكب ، هو انتشار صور كثيرة جداً على شبكة الإنترنت يدّعي أصحابها بأنها لكوكب نيبيرو
لكنها في الحقيقة هي مجردّ خدع فوتوغرافية أو تصاميم عن طريق برامج مختصة تسعى لإخافة الناس وإشعال فضولهم .
للاستزادة أكثر حول قصة نيبيرو الرجاء قراءة بحثي السابق حول نهاية العالم عام 2012 م بالنقر هنا .
- انفجار نجمي هائل ، وضرر ساحق بسبب أشعة غاما بعد الانفجار .
هنالك روايات تقول بأن هنالك انفجار نجمي هائل سيحدث في 2012 م ،
هذا الانفجار سيؤثر على الأرض من خلال إرساله لأشعة غاما المضرة على كوكبنا ،
وهذا ما سيؤثر بشكل سلبي على مناخ الأرض وذوبان القطبين المتجمدين ،
مما يعني غرق العالم . وهذا الكلام خالي من الصحة حتى هذه اللحظة .
أقرب نجم لكوكب الأرض هو منكب الجوزاء (Betelgeuse) ، وتقول دراسات العلماء بأن هذا النجم
قد ينفجر خلال الـ 1000 عام المقبلة . ولا يوجد احتمال لأي انفجار نجمي في 2012 م كما يزعم أصحاب الإشاعات !
ولا يوجد أي طاقة سوداء شريرة ستقوم بابتلاع مجرتنا بأكملها .
هي خزعبلات لا أساس لها من الصحة وتنفع لأن تكون سيناريو لفيلم مرعب في أفلام هوليوود .
يقول الله تعالى : " يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها "