قول أبو جعفر محمد بن جرير الطبري
1 ـ قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، المتوفى سنة 310، في كتابه تاريخ الأمم والملوك، طبع مطبعة الاستقامة بالقاهرة مصر، سنة 1358هـ، ج6 ص472:
"وفيها (أي: في سنة 183) مات موسى بن جعفر ابن محمد ببغداد)". وقال أيضاً في تاريخ الأمم والملوك طبع دار المعارف، ج8 ص177:
"وذكر أبو الأشعث الكندي قال: حدثني سليمان بن عبدالله قال: قال الربيع: رأيت المهدي يصلي في بهو(1) له في ليلة مقمرة، فما ادري أهو أحسن أم البهو أم القمر أم ثيابه.
قال: فقرأ هذه الآية: (فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم)(2).
قال: فتم صلاته والتفت الي فقال: يا ربيع.
قلت: لبيك يا أمير المؤمنين.
قال: علي بموسى، وقام إلى صلاته.
قال: فقلت: من موسى؟ ابنه موسى، أو موسى بن جعفر، وكان مجوساً عندي، قال: فجعلت أفكر، قال: فقلت: ما هو إلاّ موسى بن جعفر، قال: فاحضرته.
قال: فقطع صلاته وقال: يا موسى إني قرأت هذه الآية: (فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم)، فخفت أن أكون قد قطعت رحمك، فوثق لي انك لا تخرج علي.
قال: فقال: نعم، فوثق له وخلاّه".
____________
1 ـ البهو: البيت الذي كانوا يقيمونه امام البيوت أو الخيام منزلا للغرباء والضيوف ويعبر عنه أيضاً: قاعة أو محل الاستقبال.
2 ـ محمد: 22.

الصفحة 4

قول أبو محمد التميمي الحنظلي الرازي
2 ـ قال أبو محمد عبدالرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس بن المنذر التميمي الحنظلي الرازي، المتوفى سنة 327هـ، في كتابه (الجرح والتعديل) طبع دار احياء التراث العربي في بيروت لبنان، أوفست من طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدرآباد الركن الهند، سنة 1372هـ، ج8 ص139:
"موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب.
روى عن أبيه، وروى عنه ابنه علي بن موسى، وأخوه علي بن جعفر، سمعت أبي يقول ذلك.
حديثا عبدالرحمن قال: سئل أبي عنه فقال: ثقة صدوق إمام من أئمة المسلمين".
قول أبو الفرج الأصفهاني
3 ـ قال أبو الفرج الأصفهاني علي بن الحسين، المتوفى سنة 356، في كتابه (مقاتل الطالبيين)، طبع دار المعرفة بيروت، ص499 ـ 505:
"موسى بن جعفر بن محمد:
وموسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليه السلام)، ويكنّى أبا الحسن وأبا إبراهيم، وأمه أم ولد تدعى حميدة.
حدثني أحمد بن محمد بن سعيد، قال حدثنا يحيى بن الحسن قال: كان موسى ابن جعفر إذا بلغه عن الرجل ما يكره بعث إليه بصرة دنانير، وكانت صراره ما بين الثلاثمائة إلى المائتين دينار، فكانت صرار موسى مثلا.
حدّثني أحمد بن سعيد، قال: حدثنا يحيى: أن رجلا من آل عمر بن الخطاب كان يشتم علي بن أبي طالب إذا رأى موسى بن جعفر، ويؤذيه إذا لقيه.
فقال له بعض مواليه وشيعته: دعنا نقتله: فقال: لا.

الصفحة 5
ثم مضى راكباً حتى قصده في مزرعة له، فتواطأها بحماره، فصاح: لا تدس زرعنا، فلم يصغ إليه، واقبل حتى نزل عنده فجلس معه وجعل يضاحكه.وقال له: كم غرمت على زرعك هذا؟ قال: مائة درهم، قال: فكم ترجوا ان تربح؟ قال: لا أدري، قال: إنما سألتك كم ترجو؟ قال: مائة اخرى.
قال: فاخرج ثلاثمائة دينار فوهبها له، فقام فقبّل رأسه.
فلمّا دخل المسجد بعد ذلك وثب العمري فسلّم عليه، وجعل يقول: الله أعلم حيث يجعل رسالته(1)، فوثب أصحابه عليه وقالوا: ما هذا؟ فشاتمهم.
وكان بعد ذلك كلما دخل موسى خرج يسلّم عليه ويقوم له.
فقال موسى لمن قال ذلك القول: أيما كان خيراً ما أردتم أو ما أردت؟
حدّثني أحمد بن عبدالله بن عمار، قال: حدّثني محمد بن عبدالله المدائني، قال: حدّثني أبي، قال حدّثني بعض أصحابنا: أن الرشيد لما حجّ لقيه موسى بن جعفر على بغلة.
فقال له الفضل ابن الربيع: ما هذه الدابة التي تلقيت عليها أمير المؤمنين فأنت وإن طلبت عليها لم تدرك وإن طلبت لم تفت.
قال: إنها تطأطأت عن خيلاء الخيل وارتفعت عن ذلة العير، وخير الأمور أوسطها.
ذكر السبب في أخذه وحبسه:
حدثني بذلك أحمد بن عبيد الله بن عمار، قال: حدّثنا علي بن محمد النوفلي، عن أبيه.
وحدثني أحمد ابن سعيد، قال: حدّثني يحيى بن الحسن العلوي.
وحدّثني غيرهما ببعض قصته.
فجمعت ذلك بعضه إلى بعض، قالوا:
____________
1 ـ الأنعام: 124.

الصفحة 6
كان السبب في أخذ موسى بن جعفر: ان الرشيد جعل ابنه محمداً في حجر جعفر بن محمد بن الأشعث، فحسده يحيى بن خالد بن برمك على ذلك وقال: ان أفضت الخلافة إليه زالت دولتي ودولت ولدي، فاحتال على جعفر بن محمد، وكان يقول بالإمامة، حتى داخله وانسى به وأسر إليه، وكان يكثر غشيانه في منزله، فيقف على أمره ويرفعه إلى الرشيد، ويزيد عليه في ذلك بما يقدح في قلبه.ثم قال يوماً لبعض ثقاته: اتعرفون لي رجلا من آل أبي طالب ليس بواسع الحال يعرفني ما احتاج إليه من أخبار موسى بن جعفر؟ فدلّ على علي بن إسماعيل بن جعفر بن محمد، فحمل إليه يحيى بن خالد البرمكي مالا.
وكان موسى يأنس إليه ويصله وربما أفضى إليه باسراره، فما طلب ليشخص بخ أحس موسى بذلك، فدعاه فقال: إلى أين يا بن أخي؟ قال: إلى بغداد قال: وما تصنع؟ قال: علي دين وأنا مملق، قال: فأنا اقضي دينك وافعل بك واصنع، فلم يلتفت إلى ذلك.
فعمل على الخروج، فاستدعاه أبو الحسن موسى فقال له: أنت خارج فقال له: نعم لابدّ من ذلك، فقال له: انظر يا ابن أخي واتق الله لا توتم أولادي، وأمر له بثلاثمائة دينار وأربعة آلاف درهم.
قالوا فخرج علي بن اسماعيل حتى أتى يحيى بن خالد البرمكي، فتعرف منه خبر موسى بن جعفر، فرفعه إلى الرشيد وزاد فيه، ثم أوصله إلى الرشيد فسأله عن عمه فسعى به إليه.
فعرف يحيى جميع خبره وزاد عليه وقال له: إن الأموال تحمل إليه من المشرق والمغرب، وإن له بيوت أموال، وانه اشترى ضيعة بثلاثين ألف دينار فسمّاها اليسيرة، وقال له صاحبها وقد احضره المال: لا أخذ هذا النقد ولا

الصفحة 7
أخذ إلاّ نقد كذا وكذا، فأمر بذلك فردّ واعطاه ثلاثين ألف دينار من النقد الذي سال بعينه.فسمع ذلك منه الرشيد، وأمر له بمائتي الف درهم نسبت له على بعض النواحي، فاختار كور المشرق، ومضت رسله لقبض المال، ودخل هو في بعض الأيام إلى الخلاء فزحر زحرة فخرجت حشوته كلها فسقطت، وجهدوا في ردها فلم يقدروا، فوقع ليما به، وجاءه المال وهو ينزع فقال: وما اصنع به وأنا أموت؟
وحج الرشيد في تلك السنة، فبدأ بقبر النبي(صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله اني اعتذر إليك من شيء أريد أن أفعله: أريد أن أحبس موسى بن جعفر، فانه يريد التشتت بين أمتك وسفك دمائها(1).
ثم أمر به فأخذ من المسجد، فادخل إليه فقيده، وأخرج من داره بغلان عليهما قبتان مغاطاتان هو في أحديهما، ووجه مع كل واحد منهما خيلا.
فأخذوا بواحدة على طريق البصرة والأُخرى على طريق الكوفة، ليعمى على الناس أمره، وكان موسى في التي مضت إلى البصرة.
فأمر الرسول أن يسلّمه إلى عيسى بن جعفر ابن المنصور، وكان على البصرة حينئذ، فمضى به فحبسه عنده سنة.
ثم كتب إلى الرشيد: أن خذه مني وسلّمه إلى من شئت وإلاّ خلّيت سبيله، فقد اجتدهت أن أخذ عليه حجة فما أقدر على ذلك، حتى أني لاتسمع عليه إذا دعا لعله يدعوا علي أو عليك فما اسمعه يدعوا إلاّ لنفسه، يسأل الله الرحمة والمغفرة.
____________
1 ـ مجيء هارون إلى قبر النبي(صلى الله عليه وآله) والاعتذار منه لحبس الإمام الكاظم(عليه السلام) لانه... ليس هو إلاّ من المكر والخديعة اللذين عرفا من هارون الرشيد لاستغلال عواطف الناس...

الصفحة 8
فوجه من تسلمه منه، وحبسه عند الفضل بن الربيع ببغداد، فبقى عنده مدة طويلة، وأراده الرشيد على شيء من أمره(1) فأبى، فكتب إليه ليسلّمه إلى الفضل بن يحيى، فتسلّمه منه، وأراد ذلك منه(2) فلم يفعل.وبلغه أنه عنده في رفاهية وسعة ودعة، وهو حينئذ بالرقة، فانفذ مسروراً الخادم إلى بغداد على البريد، وأمره أن يدخل من فوره إلى موسى فيعرف خبره فان كان الأمر على ما بلغه أوصل كتاباً منه إلى العباس بن محمد وأمره بامتثاله وأوصل كتاباً منه إلى السندي بن شاهك يأمره بطاعة العباس بن محمد.
فقدم مسرور فنزل دار الفضل بن يحيى لا يدري أحد ما يريده ـ ثم دخل على موسى فوجده على ما بلغ الرشيد، فمضى من فوره إلى العباس بن محمد والسندي ابن شاهك، فاوصل الكتابين إليهما.
فلم يلبث الناس أن خرج الرسول يركض ركضاً إلى الفضل بن يحيى، فركب معه وخرج مشدوهاً(3) دهشاً، حيت دخل على العباس، فدعا العباس بالسياط وعقابين فوجه بذلك إلى السدي، فأمر بالفضل فجرّد، ثم ضربه مائة سوط وخرج متغير اللون بخلاف ما دخل، فذهبت قوته، فجعل يسلم على الناس يميناً وشمالا.
وكتب مسرور بالخبر إلى الرشيد، فأمر بتسليم موسى للسندي بن شاهك وجلس الرشيد مجلساً حافلا وقال: أيها الناس أن الفضل بن يحيى قد عصاني وخالف طاعتي ورأيت أن العنه فالعنوه، فلعنه الناس من كل ناحية، حتى ارتج البيت والدار بلعنه.
____________
1 ـ أي أراده ليقتل الإمام موسى بن جعفر(عليه السلام).
2 ـ أي: قتل الإمام الكاظم(عليه السلام).
3 ـ أي: مدهوشاً، كما في كتب اللغة.

الصفحة 9
وبلغ يحيى بن خالد الخبر، فركب إلى الرشيد، فدخل من غير الباب الذي يدخل منه الناس حتى جاءه من خلفه وهو لا يشعر، ثم قال له: التفت إلي يا أمير المؤمنين، فاصغى إليه فزعاً، فقال له: ان الفضل حدث وأنا اكفيك ما تريد(1) فانطلق وجهه وسرّه، فقال له يحيى: يا أمير المؤمنين، فقد غضضت من الفضل بلعنك إياه فشرفه بازالة ذلك.فاقبل على الناس فقال: ان الفضل قد عصاني في شيء فلعنته، وقد تاب وأناب إلى طاعتي فتولوه، فقالوا: نحن أولياء من واليت وأعداء من عاديت، وقد توليناه.
ثم خرج يحيى ابن خالد بنفسه على البريد حتى وافى بغداد، فماج الناس وارجفوا بكل شيء، وأظهر انه ورد لتعديل السواد والنظر في أعمال العمال وتشاغل ببعض ذلك.
ثم دخل ودعا بالسندي وأمره فيه بأمره(2)، فلفه على بساط، وقعد الفراشون النصارى على وجهه.
وأمر السندي عند وفاته أن يحضر مولى لم ينزل عند دار العباس بن محمد في مشرعة القصب ليغسله ففعل ذلك.
قال: وسألته(3) أن يأذن لي في أن أكفنه، فأبى وقال: أنا أهل بيت مهور نسائنا وحج صرورتنا واكفان موتانا من طاهر أموالنا، وعندي كفني.
فلما مات ادخل عليه الفقهاء ووجوه أهل بغداد، وفيهم الهيثم بن عدي وغيره، فنظروا إليه لا أثر به، وشهدوا على ذلك.
وأخرج فوضع على الجسر ببغداد، فنودي: هذا موسى بن جعفر قد مات
____________
1 ـ أي: ما تريد من قتل موسى بن جعفر.
2 ـ أي: بقتل موسى بن جعفر.
3 ـ أي: قال السندي: وسألت موسى بن جعفر.

الصفحة 10
فانظروا إليه، فجعل الناس يتفرسون في وجهه وهو ميت.وحدّثني رجل من أصحابنا عن بعض الطالبيين: انه نودي عليه: هذا موسى بن جعفر الذي تزعم الرافضة(1) انه لا يموت، فانظروا إليه، فنظروا.
قالوا: وحمل فدفن في مقابر قريش رحمه الله، فوقع قبره إلى جانب قبر رجل من النوفليين يقال له: عيسى بن عبدالله".
قول أحمد بن أبي يعقوب
4 ـ قال أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح الكتاب العباسي المعروف باليعقوبي، في كتابه المعروف بتاريخ اليعقوبي صادر بيروت، صفحة 414 ـ 415:
"وتوفى موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وأمه أم ولد يقال لها حميدة ـ سنة 183، وسنة ثمان وخمسون سنة.
وكان ببغداد في حبس الرشيد قبل السندي بن شاهك، فأحضر مسروراً الخادم وأحضر القواد والكتاب والهاشميين والقضاة ومن حضر ببغداد من الطالبيين، ثم كشف عن وجهه فقال لهم: اتعرفون هذا؟ قالوا نعرفه حق معرفته، هذا موسى بن جعفر، فقال هارون: أترون أن به اثراً وما يدل على اغتيال؟ قالوا: لا.
ثم غسل وكفن واخرج ودفن في مقابر قريش في الجانب الغربي.
وكان موسى بن جعفر من أشد الناس عبادة.
وكان قد روى عن أبيه.
قال الحسن بن أسد: سمعت موسى بن جعفر يقول: ما أهان الدنيا قوم قط إلاّ هناهم الله إياها وبارك لهم فيها، وما أعزها قوم قط إلاّ نغّصهم الله إياها.
وقال: إن قوماً يصحبون السلطان يتخذهم المؤمنون كهوفاً، فهم الآمنون
____________
1 ـ الذين زعموا بأن موسى بن جعفر هو المهدي فرقة من الشيعة انقرضوا، ولم يدم بقاؤهم إلاّ قليلا.

الصفحة 11
يوم القيامة، إن كنت لأرى فلاناً(1) منهم.وذكر عنده بعض الجبابرة فقال: إما والله لئن عز بالظلم في الدنيا ليزلف بالعدل في الآخرة.
وقيل لموسى بن جعفر وهو في الحبس: لو كتبت إلى فلان يدلم فيك الرشيد فقال: حدّثني أبي، عن آبائه: إن الله عزوجل أوحى إلى داود: يا داود، انه ما اعتصم به من عبادي بأحد من خلقي دوني عرفت ذلك إلاّ وقطعت عنه أسباب السماء واسخت الأرض من تحته.
وقال موسى بن جعفر: حدّثني أبي: أن موسى بن عمران قال: يا رب أي عبادك شر؟ قال: الذي يتهمني، قال يا رب، وفي عبادك من يتهمك؟ قال: نعم، الذي يستجيرني ثم لا يرضى بقضائي.
وكان له الولد ثمانية عشر ذكراً وثلاث وعشرون بنتاً.
فالذكور: علي الرضي، وابراهيم، والعباس، والقاسم، واسماعيل، وجعفر وهارون، والحسن، وأحمد، ومحمد، وعبيد الله، وحمزة، وزيد، وعبدالله، واسحاق والحسين، والفضل، وسليمان.
وأوصى موسى بن جعفر ألا تتزوج بناته(2)، فلم تتزوج واحدة منهن إلاّ أم سلمة، فانها تزوجت بمصر، تزوجها القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد فجرى في هذا بينه وبين أهله شيء شديد، حتى حلف انه ما كشف لها كنفاً، وانه ما اراد إلاّ أن يحج بها".
____________
1 ـ الظاهر ان المراد من فلان: علي بن يقطين.
2 ـ هذا المطلب تفرّد بنقله أحمد بن يعقوب، وهو غير كاف لاثباته وهو مخالف للسيرة والتاريخ، فتأمل.

الصفحة 12

قول أبو الحسن المسعودي
5 ـ قال ابو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي، المتوفى سنة 346 في كتابه مروج الذهب طبع منشورات دار الهجرة 1409، اوفست عن دار الكتب اللبنانية ج3 ص355:
"موت موسى بن جعفر الطالبي:
وقبض موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ببغداد مسموماً لخمسة عشرة سنة خلت من ملك الرشيد سنة ست وثمانين ومائة، وهو ابن اربع وخمسين سنة.
وقد ذكرنا في رسالته بيان أسماء الأئمة القطعيه من الشيعة أسماؤهم واسماء امهاتهم ومواضع قبورهم ومقادير اعمارهم وكم عاش كل واحد منهم مع أبيه ومن ادرك من أجداده(عليهم السلام)".
وقال أيضاً في مروج الذهب ج3 ص346:
"رؤيا للرشيد يُؤمر بالتخلية عن موسى بن جعفر:
وذكر عبدالله بن مالك الخزاعي ـ وكان على دار الرشيد وشرطته ـ قال: أتاني رسول الرشيد في وقت، ما جاءني فيه قط، فانتزعني من موضعي ومنعني من تغيير ثيابي، فراعني ذلك منه، فلما صرت إلى الدار سبقني الخادم، فعرف الرشيد خبري، فإذن لي في الدخول عليه، فدخلت، فوجدته قاعداً على فراشه، فسلمت فسكت ساعة، فطار عقلي وتضاعف الجزع علي، قال لي: يا عبدالله اتدري لم طلبتك في هذا الوقت؟ قلت: لا والله يا أمير المؤمنين، قال: اني رأيت الساعة في منامي كان جيشاً(1) قد أتاني ومعه حربة، فقال لي: ان لم تخجل عن موسى بن جعفر الساعة وإلاّ نحرتك بهذه الحربة.
فاذهب فخل عنه.
فقلت: يا أمير المؤمنين، اطلق موسى بن جعفر؟ ثلاثاً، قال: نعم امض الساعة حتى تطلق موسى بن جعفر واعطه ثلاثين الف درهم، وقل له: ان
____________
1 ـ كذا في الكتاب، والظاهر حبشياً كما في بقية المصادر.

الصفحة 13
احببت المقام قبلنا فلك عندي ما تحب، وان أحببت المضي إلى المدينة فالإذن في إليك.قال فمضيت إلى الحبس لاخرجه، فلما رآني موسى وثب إلي قائماً وظن اني قد امرت فيه بمكروه، فقلت: لا تخف، وقد امرني أمير المؤمنين باطلاقك وان ادفع اليك ثلاثين الف درهم وهو يقول لك: ان احببت المقام قبلنا فلك ما تحب، وان احببت الانصراف إلى المدينة فالأمر في ذلك مطلق إليك، واعطيته الثلاثين ألف درهم، وخليت سبيله.
وقلت: لقد رأيت من أمرك عجباً، قال: فاني اخبرك: بينما أنا نائم اذ أتاني النبي(صلى الله عليه وآله) فقال: يا موسى حبست مظلوماً، فقال هذه الكلمات فانك لا تبيت هذه الليلة في الحبس، فقلت: بأبي وأمي ما أقول؟ فقال: قل: يا سامع كل صوت(1)، ويا سابق الفوت، ويا كاسي العظام لحماً ومنشرها بعد الموت، اسألك باسمائك الحسنى وباسمك الأعظم الأكبر المخزون المكنون الذي لم يطلع عليه أحد من المخلوقين، يا حليماً ذا اناة لا يقوى على اناته، يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبداً ولا يحصى عدداً فرج عني، فكان ماترى".
قول الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي
6 ـ قال الحافظ أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي، المتوفى سنة 463، في كتابه تاريخ بغداد أو مدينة السلام، الطبعة الأولى 1349هـ، الموافق 1931م، مكتبة الخانجي بالقاهرة والمكتبة العربية ببغداد، ج13 ص27 ـ 32:
"(موسى بن جعفر الهاشمي) موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو الحسن الهاشمي.
يقال انه ولد بالمدينة في سنة ثمان وعشرين، وقيل: سنة تسع وعشرين
____________
1 ـ في نسخة: يا سامع الصوت.

الصفحة 14
ومائة.واقدمه المهدي بغداد، ثم ردّه إلى المدينة، وأقام بها إلى أيام الرشيد، فقدم هارون منصرفاً من عمرة شهر رمضان سنة تسع وسبعين(1)، فحمل موسى معه إلى بغداد وحبسه بها إلى أن توفي في محبسه.
اخبرنا الحسن بن أبي بكر، اخبرنا الحسن بن محمد بن حيى بن الحسن بن الحسن العلوي حدثني جدي قال: كان موسى بن جعفر يدّعى بالعبد الصالح من عبادته واجتهاده.
روى اصحابنا انه دخل مسجد رسول الله(صلى الله عليه وآله) فسجد سجدة في أول الليل، وسمع وهو يقول في سجوده: عظم الذنب عندي فليحسن العفو عندك، يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة، فجعل يردّدها حتى أصبح.
وكان سخياً كريماً، وكان يبلغه عن الرجل أنه يؤذيه، فبعث إليه بصرة فيها ألف دينار، وكان يصر الصرر ثلاثمائة دينار، واربعمائة دينار، ومائتي دينار ثم يقسّمها بالمدينة، وكان مثل صرر موسى بن جعفر إذا جاءت الإنسان الصرة فقد استغنى.
اخبرنا الحسن، حدثني جدي، حدّثنا اسماعيل بن يعقوب، حدّثني محمد بن عبدالله البكري، قال: قدمت المدينة اطلب بها ديناً، فأعياني، فقلت لو ذهبت إلى أبي الحسن موسى بن جعفر فشكوت ذلك إليه، فأتيته بنقمي(2)في ضيعته، فخرج إلي ومعه غلام له منسف فيه قديد مجزع ليس معه غيره، فأكل واكلت معه، ثم سألني عن حاجتي، فذكرت له قصتي، فدخل، فلم يقم إلاّ يسيراً حتى خرج إلي، فقال لغلامه: اذهب، ثم مد يده إلي فدفع إلي صرة
____________
1 ـ ومائة.
2 ـ نقمي بالتحريك والمد: موضع من اعراض المدينة إلى جنب احد، كان لآل أبي طالب.

الصفحة 15
فيها ثلاثمائة دينار، ثم قام فولى، فقمت فركبت دابتي وانصرفت.قال جدي يحيى بن الحسن وذكر لي غير واحد من أصحابنا ـ ان رجلا من ولد عمر بن الخطاب كان بالمدينة يؤذيه ويشتم علياً، قال: وكان قد قال له بعض حاشيته: دعنا نقتله، فنهاهم عن ذلك أشد النهي، وزجرهم أشد الزجر وسأل عن العمري فذكر له انه يزدرع بناحية من نواحي المدينة، فركب إليه في مزرعته فوجده فيها، فدخل المزرعة بحماره، فصاح به العمري: لا تطأ زرعنا فوطأه بالحمار حتى وصل إليه، فنزل فجلس عنده وضاحكه وقال له: كم غرمت في زرعك هذا؟ قال له: مائة دينار، قال: فكم ترجو أن يصيب؟ قال: أنا لا أعلم الغيب، قال: انما قلت لك كم ترجوا أن يجيئك فيه؟ قال: أرجو أن يجيئني مائتا دينار، قال: فأعطاه ثلاثمائة دينار وقال: هذا زرعك على حاله، قال: فقام العمري فقبّل رأسه وانصرف.
قال: فراح المسجد فوجد العمري جالساً، فلما نظر إليه قال: (الله اعلم حيث يجعل رسالته)(1)، قال: فوثب أصحابه فقالوا له: ما قصك؟ قد كنت تقول خلاف هذا، قال: فخاصمهم وشائمهم، قال: وجعل يدعو لأبي الحسن موسى كلما دخل وخرج.
قال: فقال أبو الحسن موسى لحاشيته الذين أرادوا قتل العمري: أيما كان خير: ما أردتم، أو ما أردت أن أصلح امره بهذا المقدار؟
اخبرنا سلامة بن الحسين المقري وعمر بن محمد بن عبيدالله المودب قالا: اخبرنا علي بن عمر الحافظ، حدثنا القاضي الحسين ابن اسماعيل، حدّثنا عبدالله بن أبي سعد، حدّثني محمد بن الحسين بن محمد بن عبدالمجيد الكناني الليثي، قال حدثني عيسى بن محمد مغيث القرطي ـ