هناك تلك الحرب التي ليس لك فيها ناقة ولا جمل، يتراشق الجميع – فيها – الاتهامات ويتناول بعضهم البعض بالسخرية اللاذعة، يصل الأمر إلى حد تبادل الشتائم البذيئة والاستخفاف بقدرة الأخر على التفكير والاختيار، يتهمون بعضهم بالانحياز الأعمى وهم إلى العمى أقرب، يدافعون وكأنهم يدافعون عن دينهم أو أوطانهم أو حتى أهلهم.
حزبين؛ وبدأ يعلو صوت ثالثهما… حزب المنحازون إلى نظام تشغيل أندرويد… حزب المنحازون إلى نظام تشغيل iOS… والحزب المستميت صاحب النَفَس الطويل في معركة العمالقة والمنحاز إلى نظام تشغيل ويندوز موبايل…
العقلاء يضربون كفًا على كف ويتساءلون… ما بال هؤلاء الحمقى! لماذا يسعون إلى الحزبية من لا شيء؟ ما العائد الذي يرجونه من الدفاع المستميت عن نظام تشغيل هاتفهم الذكي أو الهجوم على نظام تشغيل منافس؟ لا إجابة مُقنِعة… (صوت صرصور الحقل)…!

خزانة عليهم إفراغها
عزيزي مستخدم الجهاز الذكي؛ من وجهة نظر أغلب الشركات المصنعة أنت مجرد مستهلك، حقيبة نقود تسير على قدمين، مهمتهم الأساسية هي تفريغ ما بها من أموال أولًا بأول وابقاءها خاوية على عروشها، ووقتما لا تستطيع اقتناء جهاز جديد يحمل نظام تشغيل من الشركة التي تتعصب لها لن يأتيك كهدية تقديرًا لولائك وظروفك المادية… ستكون كم مهمل لا حاجة إليه.
لذلك لا تتعصب، لا تنحاز، لا تُعادي ناسًا لا تعرفهم لمجرد انتماء وهمي اصطنعته لنفسك بنفسك، فلا أنت قد ساهمت في تطوير هذا النظام أو قمت ببنائه، ولا أنت قمت بشراء حصة من الشركة وتنتظر عوائدها المادية نهاية كل عام مالي.
استمتع بالنظام الذي تريد استخدامه، وتابع المستجدات في الأنظمة المنافسة لعلك تجد فيها ضالتك المنشودة، فلن يطولك العار لو اعترفت بأن هناك بعض المزايا في الأنظمة الأخرى لا تتوافر في النظام الذي تستخدمه، صدقني، لن ينتقص من قدرك شيء!

لعنة قسم التعليقات
وصل الأمر معي أن أصبحت أتجنب النظر إلى قسم التعليقات في أي موقع تقني يحمل خبرًا أو مقالًا منصفًا لنظام تشغيل على حساب نظام أخر حتى لا أرى “وصلة الردح” التي باتت سمة أساسية في تلك الأقسام، فهذا يعلق بأن أصحاب “نظام التهنيج” من جوجل لن يعجبهم الخبر، بينما يرد عليه أخر بأنه إذا ما أصدرت أبل “قطعة من الغائط” فسيهلل لها خِرافها كالمعتاد فاغرين الأفواه، ليدخل ثالث وينحاز لأحد الرأيين مدعمًا بسباب أقوى، ورابع يعدل كف الميزان لتكون حربًا متكافئة الأطراف!
مهازل لا أعلم إلى أي مدى يتمتع أصحابها بالعقل! والأمر موجود في جميع أنحاء العالم وليس مقتصرًا على مستخدمين عرب فقط، فمصطلح Fan Boy لم يأت من فراغ! بل إن من يستخدمه أصبح يقصد به ممارسة الانحياز ضد الأخر أيضًا وليس وصف الأخر بالانحياز الأعمى فقط…!

ليس أندرويد و iOS فقط…
كل ما سبق ينطبق على أشياء أخرى عديدة… سامسونج أم أبل؟ ويندوز أم لينكس؟ ويندوز أم ماك؟ كروم أم فايرفوكس؟ إنتل أم AMD؟ AMD أم إنفيديا؟ …. إلخ. ولا يقتصر الأمر حتى على عالم التقنية، بل يمتد ليشمل مجالات كثيرة من الحياة، الأهلي أم الزمالك؟ البارسا أم الريال؟ عمرو دياب أم تامر حسني؟ … والأمثلة تحتاج إلى مقال منفصل…
الكل يقدم ما عنده، ولك مُطلق الحرية في اختيار ما تراه مناسبًا لك بدون التعدي على حرية اختيار الآخرين. تذوق ما تريد، ناقش ما تتذوقه، ولكن لا تتعصب مع أو ضد شيء لا يربطك به أي صلة سوى علاقة (المُقدم – المُتلقي) بشكل ما. فصدقني… الحياة لا تحتمل المزيد من الانقسامات!

المصدر
www.arageek.com