أطفالنا.. لماذا يجب أن نُعزز قدراتهم على التخيّل ونجعل أفكارهم ناضجة؟
تناولت الأخبار في اليابان مؤخراً وفاة طفلة في السادسة من عمرها عقب سقوطها من مبنى مرتفع، قامت بالقفز من فوقه بعدما شاهدت أحد الأفلام الكارتونية التي أظهرت البطل كشخص يمكنه الطيران.
تلك الحادثة تمسّ الكثيرين بشكل شخصي، لأنه عندما كنا في السن ذاته، ظن الكثيرون منا أننا نستطيع الطيران، وفق تقرير نشرته الغارديان البريطانية.
ربما كنا أكثر حظاً من تلك الفتاة اليابانية المسكينة التي صدّقت قدراتها التخيلية بقوة أكثر، ولكن رغم فظاعة تلك الحادثة، إلا أننا نتعجب من كونها أمراً غير متكرر الحدوث.
داخل المنزل، يرى الكثير منا أن القدرات التخيلية العالية للطفل هي أمر مثالي، ونقوم حتى بتشجيعهم على المزيد من ذلك، من خلال إصرارنا على قصص مثل سانتا كلوز وقصص الجنيات والسحر، ونحاول إقناعهم بكون تلك القصص حقيقية.
ما نقوم به في الحقيقة هو أننا نستثمر في الحفاظ على الخيال الخصب لأطفالنا، ولهذا السبب، نحزن كثيراً عندما يستيقظون في ليلة عيد الميلاد ويصممون أنه لا وجود لشخصية سانتا.
نوم المنطق
يصف الفيلسوف والمفكر جان جاك روسو مرحلة الطفولة بمرحلة "نوم المنطق"، وأن خيال الطفل هو جزء أساسي من ذلك. كلنا نستخدم التخيل، ولكن عندما نكون في مرحلة الطفولة، لا يكون لدينا حتى المقدرة على التمييز بين ما هو حقيقي وما هو ليس كذلك، ما قد يكون له عواقب مروعة في مرات نادرة، إلا أن أمر التخيل في حد ذاته يعتبر خطراً رغم من أنه أمر مذهل.
في روايته الشهيرة Hard Times، يضع الكاتب توماس غرادغريند شخصية Cissy Jupe أمام الحقيقة الطبيعية للخيال، والتي دائماً ما كان يملك أفكاراً حالمة بشأنها، وهو ما فعله كتاب آخرون في روايات أخرى حاولوا فيها وضع الصورة الحقيقية للأشياء، حيث يعتقدون أن الخيال يهدد الواقع بالفعل ويسحب العقل بعيداً عنه.
هذه الأيام، يحاول الكثيرون نظرياً تقدير عملية التخيل بالنظر إليها من منظور إبداعي، وربما يكون أحد أكثر الأفكار التي يظنها الآباء عن أطفالهم هي أنه "خيالي" و"مبدع".
التخيل الزائد خطير
بالتأكيد، قد يكون التخيل الزائد عن الحد أمراً خطيراً، وهو ما حدث في حالة هتلر على الأرجح. وأياً كانت حالتنا، لا نجد أمامنا أية فرصة سوى فقدان هذه القدرات على التخيل كلما كبرنا، ونستبدلها بخيالات أخرى أكثر نضوجاً، حيث نتخيل أحياناً حلولاً لمشكلاتنا، أو حتى ما هو قادم في المستقبل، لذلك، يعد التخيل عملية غير منتهية، وأن تتخيل هو تماماً أن تكون إنساناً، ولكن طبيعة التخيل تختلف باختلاف المراحل العمرية.
ربما تكون حالة تلك الطفلة اليابانية أمراً مأساوياً، إلا أنها لا تعني سوى مجرد سوء حظ ، فقدرات العقل البشري على التخيل تستحق التقدير رغم كل المخاطر التي قد يتعرض لها، رغم كل الجهود المبذولة في أنظمة التعليم الحديثة لقتل هذه الحالة لدى الأطفال. إذاً ينبغي علينا نحن -كآباء- أن نعزز قدرة أطفالنا على التخيل وأن نحمي أفكارهم الصغيرة.
- هذه المادة مترجمة بتصرف عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، يرجى الضغط هنا.