بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم وصح فطوركم جميعا
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''تسحّروا فإنّ في السّحور بركة'' متفق عليه.
قال النووي: أجمع العلماء على استحبابه وأنّه ليس بواجب، وأمّا البركة الّتي فيه فظاهره، لأنّه يقوي على الصّيام وينشط له، وتحصل بسببه الرغبة في الازدياد من الصّيام لخفّة المشقّة فيه على المتسحّر. فهذا هو الصّواب المعتمد في معناه، وقيل لأنّه يتضمّن الاستيقاظ والذِّكر والدعاء في ذلك الوقت الشّريف، وقت تنزل الرّحمة وقبول الدعاء والاستغفار، وربّما توضّأ صاحبه وصلّى أو أدام الاستيقاظ للذِّكر والدعاء والصّلاة أو التأهّب لها حتّى يطلع الفجر.
وقوله: ''فإنّ في السّحور بركة''، وفي معنى كونه بركة وجوب أن يبارك في القليل اليسير منه، حيث تحصل به الإعانة على الصّوم، وفي حديث عليّ عند ابن عدي مرفوعاً: ''تسحّروا ولو بشُربة من ماء''، وفي حديث أبي أُمامة عند الطبراني مرفوعاً: ''ولو بتمرة ولو بحبّات زبيب'' الحديث، ويكون ذلك بالخاصية. كما بُورِك في الثريد والاجتماع على الطعام أو المراد بالبركة التبعة، وصحّ حديث أبي هريرة ممّا ذكره في الفردوس: ''ثلاثة لا يحاسب عليها العبد، أكلة السّحور وما أفطر عليه وما أكل مع الإخوان''. والمراد بها التقوي على الصّيام وغيره من أعمال النّهار، وفي حديث جابر عند ابن ماجه والحاكم مرفوعاً: ''استعينوا بطعام السّحر على صيام النّهار وبالقيلولة على قيام اللّيل''. ويحصل به النشاط ومدافعة سوء الخُلق الّذي يثيره الجوع، والمراد بها الأمور الأخروية، فإنّ إقامة السُّنّة توجب الأجر وزيادة.
قال القاضي عياض: قد تكون هذه البركة ما يتّفق للمتسحّر من ذِكر أو صلاة أو استغفار، وغير ذلك من زيادات الأعمال الّتي لولا القيام للسّحور، لكان الإنسان نائماً عنها وتاركاً، وتجديد النّية للصّوم ليخرج من خلاف مَن أوجب تجديدها إذا نام بعدها.