اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
كانت رسالة عليّ (ع) أن يكون المجتمع الإسلامي مجتمعاً متعلّماً مثقفاًواعياً، وهذا هو نهج القرآن الكريم، حيث قال سبحانه: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون}، {وقل ربي زدني علماً}، فعلى الإنسان أن يدعو ربه أن يزيده من العلم، بحيث يكون دائماً في حركة تصاعدية في علمه.. من هنا، فإن ولاية عليّ (ع) تعني أن تسير على نهجه في أن تكون الإنسان الواعي الذي يطلب العلم ويملأ عقله به حتى يقوده العلم إلى المعرفة.
وهناك حديث في نهج البلاغة، وهي أول خطبة ألقاها عليّ (ع) عندما استلم الخلافة بعد أن أُبعد عنها خمساً وعشرين سنة، يعطي فيها المنهج، فيقول (ع): "إن الله سبحانه أنزل كتاباً هادياً ـ وهو القرآن الكريم ـ بيّن فيه الخير والشر، فخذوا نهج الخير تهتدوا ـ ادرسوا القرآن وتعرّفوا منهج الخير فيه، الخير في أوضاعكم، في أنفسكم ومع أهلكم والناس، وكل مشاريعكم ـ واصدفوا عن سمت الشر تقصدوا ـ اعرضوا عن جانب الشر تستقيموا، لأن الشر يمثل الانحراف ـ الفرائض الفرائض ـ يقولها بما يشبه الاستغاثة، والفرائض ليست فقط العبادات، بل كل ما فرضه الله تعالى على الإنسان مما ألزمه الله به في حقوقه على الناس وفي حقوق الناس عليه ـ أدّوها إلى الله تؤدكم إلى الجنة، إن الله حرّم حراماًُ غير مجهول ـ فالله تعالى بيّن المحرّمات فيما تأكل وتشرب وتستمتع وتتحدث به في لسانك وما تمارسه في حياتك ـ
وأحلّ حلالاً خير مدخول ـ حلال صاف لم يدخله الضرر والفساد للناس ـ وفضّل حرمة المسلم على الحرم كلها.
وقد روي عن الإمام الصادق (ع) أنه كان جالساً إلى جانب الكعبة وكان معه أحد أصحابه، فقال له: "أترى إلى هذه الكعبة"، قال: بلى، فقال: "إن حرمة المؤمن عند الله أعظم من حرمة الكعبة سبعين مرة"، فعلى المسلم أن يحفظ حرمة أخيه المسلم ولا ينكر عليه حقاً ولا يؤذيه ـ وشدّ بالإخلاص والتوحيد حقوق المسلمين في معاقدها ـ ركّز حقوق المسلمين باعتبار أن لكل مسلم حقاً على المسلم الآخر وله عليه حق، فهذا العقد الإيماني بين المسلمين شدّه الله بلحاظ الإخلاص والتوحيد، فإذا كنت مخلصاً لله ولرسوله ولدينك، فإن ذلك يفرض عليك أن تكون الإنسان الذي يرتبط بالحقوق العامة للمسلمين، ولا فرق بين المسلم البعيد أو القريب.
وقد جاء في وصية للإمام عليّ (ع): "ولا تضيّعن حق أخيك اتكالاً على ما بينك وبينه، فإنه ليس لك بأخ من أضعت حقه"، وعلى هذا الأساس، فإن ابنك وابنتك وزوجتك هم أخوك وأختك في الإيمان، وهذا يفرض نوعاً من التكامل والتواصل ـ فالمسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه إلا بالحق، ولا يحلّ أذى المسلم إلا بما يجب، بادروا أمر العامة وخاصة أحدكم وهو الموت ـ استعدوا وتهيأوا لتحضير الزاد له ـ فإن الناس أمامكم ـ سبقوكم إلى النهايات التي أرادكم الله أن تنتهوا إليها ـ وإن الساعة تحدوكم من خلفكم، تخففوا تلحقوا ـ تخففوا من أوزاركم وسيئاتكم ومن حقوق الناس عليكم عند ذلك تلحقوا، لأن الحَمْل سوف يكون خفيفاً ـ فإنما يُنتظر بأولكم آخركم. اتقوا الله في عباده وبلاده ـ لا تسيئوا إلى الأرض التي تسكنون فيها، فلا تبيعوها إلى أعداء الله والإنسان، اجعلوها حرة وخصبة ومنتجة، ولا تسيئوا إلى عباد الله بالفتن والفساد وكل ما يسقط حياة الإنسان ـ فإنكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم، أطيعوا الله ولا تعصوه".