النتائج 1 إلى 3 من 3
الموضوع:

كلمة أمير المؤمنين علي (ع) لإبي ذر الغفاري رض

الزوار من محركات البحث: 3861 المشاهدات : 8180 الردود: 2
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    عضو محظور
    تاريخ التسجيل: June-2015
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 9,133 المواضيع: 928
    صوتيات: 19 سوالف عراقية: 2
    التقييم: 3115
    مزاجي: مزاجية
    آخر نشاط: 24/February/2018

    كلمة أمير المؤمنين علي (ع) لإبي ذر الغفاري رض

    يا أبا ذر إنك غضبت لله فارج من غضبت له، إن القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك، فاترك في أيديهم ما خافوك عليه، واهرب منهم بما خفتهم عليه، فما أحوجهم إلى ما منعتهم، وما أغناك عما منعوك، وستعلم من الرابح غدا، والأكثر حسدا، ولو إن السماوات والأرضين كانتا على عبد رتقا ثم اتقى الله لجعل الله له منهما مخرجا، لا يؤنسنك إلا الحق، ولا يوشنك إلا الباطل، فلو قبلت دنياهم لأحبوك، ولو قرضت منها لأمنوك (2).ذكر ابن أبي الحديد في الشرح 2: 387375 تفصيل قصة أبي أبي ذر ورآه____________(1) حديث العهد أخرجه أحمد في مسنده.(2) نهج البلاغة 1: 247.مشهورا متضافرا وإليك نصه قال:واقعة أبي ذر وإخراجه إلى الربذة أحد الأحداث التي نقمت على عثمان وقد روى هذا الكلام أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة عن عبد الرزاق عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس قال: لما أخرج أبو ذر إلى الربذة أمر عثمان فنودي في الناس: أن لا يكلم أحد أبا ذر ولا يشيعه، وأمر مروان بن الحكم أن يخرج به فخرج به وتحاماه الناس إلا علي بن أبي طالب عليه السلام وعقيلا أخاه وحسنا وحسينا عليهما السلام وعمارا فإنهم خرجوا معه يشيعونه فجعل الحسن عليه السلام يكلم أبا ذر فقال له مروان: أيها يا حسن! ألا تعلم أن أمير المؤمنين قد نهى عن كلام هذا الرجل؟ فإن كنت لا تعلم فاعلم ذل. فحمل علي عليه السلام على مروان فضرب بالسوط بين أذني راحلته وقال:تنح نحاك الله إلى النار. فرجع مروان مغضبا إلى عثمان فأخبره الخبر فتلظى على علي عليه السلام ووقف أبو ذر فودعه القوم ومعه ذكوان مولى أم هاني بنت أبي طالب قال ذكوان: فحفظت كلام القوم وكان حافظا فقال علي عليه السلام:يا أبا ذر! إنك غضبت لله أن القوم خافوك على دنياهم، وخفتهم على دينك، فامتحنوك بالقلى ونفوك إلى القلا، والله لو كانت السموات والأرض على عبد رتقا ثم اتقى الله لجعل له منها مخرجا، يا أبا ذر! لا يؤنسنك إلا الحق، ولا يوحشن إلا الباطل.ثم قال لأصحابه: ودعوا عمكم. وقال لعقيل: ودع أخاك فتكلم عقيل فقال:ما عسى ما نقول يا أبا ذر؟! وأنت تعلم أنا نحبك وأنت تحبنا، فاتق الله فإن التقوى نجاة، واصبر فإن الصبر كرم، واعلم أن استثقالك الصبر من الجزع، واستبطاءك العافية من اليأس، فدع الياس والجزع.ثم تكلم الحسن فقال: يا عماه لولا إنه لا ينبغي للمودع أن يسكت وللمشيع أن ينصرف لقصر الكلام وإن طال الأسف، وقد أتى من القوم إليك ما ترى، فضع عنك الدنيا بتذكر فراغها، وشدة ما اشتد منها برجاء ما بعدها، واصبر حتى تلقى نبيك صلى الله عليه وآله وهو عنك راض.ثم تكلم الحسين عليه السلام فقال: يا عماه إن الله تعالى قادر أن يغير ما قد ترى، الله كل يوم هو في شأن، وقد منعك القوم دنياهم ومنعتهم دينك، فما أغناك عما منعوك، وأحوجهم.إلى ما منعتهم؟ فاسأل الله الصبر والنصر، واستعذبه من الجشع والجزع، فإن الصبر من الدين والكرم، وإن الجشع لا يقدم رزقا، والجزع لا يؤخر أجلا.ثم تكلم عمار مغضبا فقال: لا آنس الله من أوحشك، ولا آمن من أخافك، أما و الله لو أردت دنياهم لأمنوك، ولو رضيت أعمالهم لأحبوك، وما منع الناس أن يقولوا بقولك إلا الرضا بالدنيا والجزع من الموت، ومالوا إلى ما سلطان جماعتهم عليه، والملك لمن غلب، فوهبوا لهم دينهم ومنحهم القوم دنياهم، فخسروا الدنيا والآخرة، إلا ذل هو الخسران المبين.فبكى أبو ذر رحمه الله وكان شيخا كبيرا وقال: رحمكم الله يا أهل بيت الرحمة!إذا رأيتكم ذكرت بكم رسول الله صلى الله عليه وآله، مالي بالمدينة سكن ولا شجن، غيركم، إني ثقلت على عثمان بالحجاز كما ثقلت على معاوية بالشام، وكره أن أجاور أخاه وابن خاله بالمصرين (1) فافسد الناس عليهما فسيرني إلى بلد ليس لي به ناصر ولا دافع إلا الله، والله ما أريد إلا الله صاحبا، وما أخشى مع الله وحشة.ورجع القوم إلى المدينة فجاء علي عليه السلام إلى عثمان فقال له: ما حملك على رد رسولي وتصغير أمري؟ فقال علي عليه السلام: أما رسولك فأراد أن يرد وجهي فرددته، و أما أمرك فلم أصغره، قال: أما بلغت نهيي عن كلام أبي ذر؟ قال: أو كلما أمرت بأمر معصية أطعناك فيه؟ قال عثمان: أقد مروان من نفسك. قال: م ذا؟ قال: من شتمه و جذب راحلته. قال: أما راحلته فراحلتي بها، وأما شتمه إياي فوالله لا يشتمني شتمة إلا شتمتك مثلها لا أكذب عليك. فغضب عثمان وقال: لم لا يشتمك؟ كأنك خير منه؟قال علي: أي والله ومنك. ثم قام فخرج فأرسل عثمان إلى وجوه المهاجرين والأنصار وإلى بني أمية يشكو إليهم عليا عليه السلام فقال القوم: أنت الوالي عليه وإصلاحه أجمل.قال: وددت ذاك. فأتوا عليا عليه السلام فقالوا: لو اعتذرت إلى مروان وأتيته. فقال: كلا أما مروان فلا آتيه ولا اعتذر منه، ولكن إن أحب عثمان أتيته. فرجعوا إلى عثمان فأخبروه فأرسل عثمان إليه فأتاه ومعه بنو هاشم فتكلم علي عليه السلام فحمد الله وأثنى عليه____________(1) يعني مصر والبصرة، كان والي مصر عبد الله بن سعيد بن أبي سرح أخا عثمان من الرضاعة وكان على البصرة عبد الله بن عامر ابن خاله كما مر ص 290.ثم قال: أما ما وجدت علي فيه من كلام أبي ذر ووداعه فوالله ما أردت مساءتك ولا الخلاف عليك ولكن أردت به قضاء حقه، وأما مروان فإنه اعترض يريد ردي عن قضاء حق الله عز وجل فرددته، رد مثلي مثله، وأما ما كان مني إليك فإنك أغضبتني فأخرج الغضب مني ما لم أرده.فتكلم عثمان فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما ما كان منك إلي فقد وهبته لك، وأما ما كان منك إلى مروان فقد عفى الله عنك، وأما ما حلفت عليه فأنت البر الصادق، فادن يدك. فأخذ يده فضمها إلى صدره، فلما نهض قالت قريش وبنو أمية لمروان:أأنت رجل جبهك علي وضرب راحلتك؟ وقد تفانت وائل في ضرع ناقة، وذبيان و عبس في لطمة فرس، والأوس والخزرج في نسعة (1) أفتحمل لعلي عليه السلام ما أتاه اليك؟فقال مروان: والله لو أردت ذلك لما قدرت عليه.فقال ابن أبي الحديد: واعلم أن الذي عليه أكثر أرباب السيرة وعلماء الأخبار والنقل: إن عثمان نفى أبا ذر أولا إلى الشام ثم استقدمه إلى المدينة لما شكى منه معاوية، ثم نفاه من المدينة إلى الربذة لما عمل بالمدينة نظير ما كان يعمل بالشام، أصل هذه الواقعة: إن عثمان لما أعطى مروان بن الحكم وغيره بيوت الأموال واختص زيد بن ثابت بشئ منها جعل أبو ذر يقول بين الناس وفي الطرقات والشوارع: بشر الكانزين (2) بعذاب أليم، ويرفع بذلك صوته ويتلو قوله تعالى: والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم. فرفع ذلك إلى عثمان مرارا وهو ساكت ثم إنه أرسل إليه مولى من مواليه أن انته عما بلغني عنك فقال أبو ذر: أينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله تعالى، وعيب من ترك أمر الله تعالى؟ فوالله لإن أرضي الله بسخط عثمان أحب إلي وخير لي من أن أسخط الله برضا عثمان، فأغضب عثمان ذلك واحفظ فتصابر وتماسك إلى أن قال عثمان يوما والناس حوله: أيجوز للإمام أن يأخذ من المال شيئا قرضا فإذا أيسر قضى؟ فقال كعب الأحبار: لا بأس بذلك. فقال أبو ذر: يا ابن اليهوديين أتعلمنا ديننا؟ فقال عثمان: قد كثر أذاك لي وتولعك بأصحابي، إلحق بالشام. فأخرجه إليها فكان____________(1) النسعة بكسر النون: حبل عريض طويل تشد به الرحال.(2) في النسخة: الكافرين. والصحيح ما ذكرناه كما مر عن البلاذري.


    أبو ذر ينكر على معاوية أشياء يفعلها فبعث إليه معاوية يوما ثلثمائة دينار فقال أبو ذر لرسوله:إن كانت من عطائي الذي حرمتمونيه عامي هذا؟ اقبلها، وإن كاتنت صلة؟ فلا حاجة لي فيها. وردها عليه، ثم بنى معاوية الخضراء بدمشق فقال أبو ذر: يا معاوية! إن كانت هذه من مال الله؟ فهي الخيانة، وإن كانت من مالك؟ فهي الإسراف، وكان أبو ذر يقول بالشام، والله لقد حدثت أعمال ما أعرفها، والله ما هي في كتاب الله ولا سنة نبيه صلى الله عليه وآله، والله إني لأرى حقا يطفأ، وباطلا يحيا، وصادقا مكذبا، وأثرة بغير تقى، وصالحا مستأثرا عليه. فقال حبيب بن مسلمة الفهري لمعاوية: إن أبا ذر لمفسد عليكم الشام فتدارك أهله إن كان لك فيه حاجة.وروى شيخنا أبو عثمان الجاحظ في كتاب السفيانية عن جلام بن جندل الغفاري قال: كنت غلاما لمعاوية على قنسرين والعواصم في خلافة عثمان فجئت إليه يوما أسأله عن حال عملي إذ سمعت صارخا على باب داره يقول: أتتكم القطار بحمل النار، اللهم العن الآمرين بالمعروف والتاركين له، اللهم العن الناهين عن المنكر المرتكبين له.فازبأر (1) معاوية وتغير لونه وقال: يا جلام! أتعرف الصارخ؟ فقلت: الله لا. قال:من عذيري من جندب بن جنادة يأتينا كل يوم فيصرخ على باب قصرنا بما سمعت ثم قال: ادخلوه علي فجئ بأبي ذر قوم يقودونه حتى وقف بين يديه فقال له معاوية:يا عدو الله وعدو رسوله! تأتينا في كل يوم فتصنع ما تصنع، أما إني لو كنت قاتل رجل من أصحاب محمد من غير إذن أمير المؤمنين عثمان لقتلتك ولكنك استأذن فيك.قال جلام: وكنت أحب أن أرى أبا ذر لأنه رجل من قومي فالتفت إليه فإذا رجل أسمر ضرب (2) من الرجال خفيف العارضين في ظهره حناء فأقبل على معاوية وقال:ما أنا بعدو لله ولا لرسوله، بل أنت وأبوك عدوان لله ولرسوله، أظهرتما الاسلام وأبطنتما الكفر، ولقد لعنك رسول الله صلى الله عليه وآله ودعا عليك مرات أن لا تشبع، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إذا ولي الأمة الأعين (3) الواسع البلعوم الذي يأكل____________(1) ازبأر الرجل ازبئرارا: تهيأ للشر.(2) الضرب: الرجل الماضي الندب.(3) في لفظ الحديث سقط كما لا يخفى.


    ولا يشبع فلتأخذ الأمة حذرها منه (1). فقال معاوية: ما أنا ذاك الرجل. قال أبو ذر:بل أنت ذلك الرجل أخبرني بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسمعته يقول وقد مررت به:اللهم العنه ولا تشبعه إلا بالتراب. وسمعته صلى الله عليه وآله يقول: إست معاوية في النار. فضحك معاوية وأمر بحبسه وكتب إلى عثمان فيه فكتب عثمان إلى معاوية: أن احمل جندبا إلي على أغلظ مركب وأوعره. فوجه به مع من سار به الليل والنهار وحمله على شارف ليس عليها إلا قتب حتى قدم به المدينة وقد سقط لحم فخذيه من الجهد فلما قدم بعث إليه عثمان: الحق بأي أرض شئت قال: بمكة. قال: لا. قال: بيت المقدس. قال: لا. قال: بأحد المصرين. قال: لا، ولكني مسيرك إلى الربذة فسيره إليها فلم يزل بها حتى مات.وفي رواية الواقدي: أن أبا ذر لما دخل على عثمان قال له:لا أنعم الله بقين عينا * نعم ولا لقاه يوما زينا
    تحية السخط إذا التقينا
    فقال أبو ذر: ما عرفت إسمي قينا قط. وفي رواية أخرى: لا أنعم الله بك عينا يا جنيدب. فقال أبو ذر: أنا جندب وسماني رسول الله صلى الله عليه وآله عبد الله فاخترت اسم رسول لله صلى الله عليه وآله الذي سماني به على اسمي، فقال له عثمان: أنت الذي تزعم إنا نقول: يد الله مغلولة وإن الله فقير ونحن أغنياء؟ فقال أبو ذر: لو كنتم لا تقولون هذا؟ لأنفقتم مال الله على عباده، ولكني أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا جعلوا مال الله دولا، وعباده خولا، ودينه دخلا. فقال عثمان لمن حضر:اسمعتوها من رسول الله؟ قالوا: لا. قال عثمان: ويلك أبا ذر! أتكذب على رسول الله؟فقال أبو ذر لمن حضر: أما تدرون أني صدقت؟ قالوا: لا والله ما ندري. فقال عثمان: ادعوا لي عليا. فلما جاء قال عثمان لأبي ذر: اقصص عليه حديثك في بني أبي العاص.فأعاده فقال عثمان لعلي عليه السلام: أسمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: لا وقد صدق أبو ذر فقال: كيف عرفت صدقه؟ قال: لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ما أظلت____________(1) وفي حديث علي عليه السلام: لا يذهب أمر هذه الأمة الأعلى رجل واسع السرم، ضخم البلعوم.ذكره ابن الأثير في النهاية 1: 112، لسان العرب 14: 322، تاج العروس 8: 206.الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر. فقال من حضر: أما هذا فسمعناه كلنا من رسول الله. فقال أبو ذر: أحدثكم إني سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله فتتهموني؟ ما كنت أظن أني أعيش حتى أسمع هذا من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله.وروى الواقدي في خبر آخر بإسناده عن صهبان مولى الأسلميين قال: رأيت أبا ذر يوم دخل به على عثمان فقال له: أنت الذي فعلت وفعلت؟ فقال أبو ذر: نصحتك فاستغششتني ونصحت صاحبك فاستغشني قال عثمان: كذبت ولكنك تريد الفتنة وتحبها قد انغلت الشام علينا قال له أبو ذر: إتبع سنة صاحبيك لا يكن لأحد عليك كلام فقال عثمان:مالك وذل؟ لا أم لك. قال أبو ذر: والله ما وجدت لي عذرا إلا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. فغضب عثمان وقال: أشيروا علي في هذا الشيخ الكذاب، إما أن أضربه أو أحبسه أو أقتله فإنه قد فرق جماعة المسلمين، أو أنفيه من أرض الاسلام.فتكلم علي عليه السلام وكان حاضر فقال: أشير عليك بما قال مؤمن آل فرعون فإن يك كاذبا؟فعليه كذبه، وإن يك صادقا، يصبكم بعض الذي يعدكم، إن الله يهدي من هو مسرف كذاب. فأجابه عثمان بجواب غليظ وأجابه علي عليه السلام بمثله ولم نذكر الجوابين تذمما منهما.قال الواقدي: ثم إن عثمان حظر على الناس أن يقاعدوا أبا ذر ويكلموه فمكث كذلك أياما ثم أتي به فوقف بين يديه فقال أبو ذر: ويحك يا عثمان! أما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله؟ ورأيت أبا بكر وعمر؟ هل هديك كهديهم؟ أما إنك لتبطش بي بطش جبار. فقال عثمان: أخرج عنا من بلادنا. فقال أبو ذر: ما أبغض إلي جوارك فإلى أين أخرج؟ قال:حيث شئت. قال: أخرج إلى الشام أرض الجهاد. قال: إنما جلبتك من الشام لما قد أفسدتها، أفأردك إليها؟ قال: أفأخرج إلى العراق؟ قال: لا إنك إن تخرج إليها تقدم على قوم أولي شقة وطعن على الأئمة والولاة. قال: أفأخرج إلى مصر؟ قال: لا، قال: فإلى أين أخرج؟ قال: إلى البادية. قال أبو ذر: أصير بعد الهجرة أعرابيا؟ قال:نعم. قال أبو ذر: فأخرج إلى بادية نجد. قال عثمان: بل إلى الشرق الأبعد أقصى فأقصى امض على وجهك هذا فلا تعدون الربذة فخرج إليها.وروى الواقدي أيضا عن مالك بن أبي الرجال عن موسى بن ميسرة: إن أبا الأسود


    الدؤلي قال: كنت أحب لقاء أبي ذر لأسأله عن سبب خروجه إلى الربذة فجئته فقلت له: ألا تخبرني أخرجت منا المدينة طائعا؟ أم أخرجت كرها؟ فقال كنت في ثغر من ثغور المسلمين أغني عنهم فأخرجت إلى المدينة فقلت: دار هجرتي وأصحابي، فأخرجت من المدينة إلى ما ترى، ثم قال: بينا أنا ذات ليلة نائم في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله إذ مر بي عليه السلام فضربني برجله وقال: لا أراك نائما في المسجد. فقلت: بابي أنت وأمي غلبتني عيني فنمت فيه. قال: فكيف تصنع إذا أخرجوك منه؟ قلت: إذا الحق بالشام فإنها أرض مقدسة وأرض الجهاد. قال: فكيف تصنع إذا أخرجت منها؟ قلت: أرجع.إلى المسجد. قال: فكيف تصنع إذا أخرجوك منه؟ قلت: آخذ سيفي فأضربهم به فقال: ألا أدلك على خير من ذلك؟ انسق معهم حيث ساقوك وتسمع وتطيع. فسمعت وأطعت و أنا أسمع وأطيع، والله ليلقين الله عثمان وهو آثم في جنبي.ثم ذكر ابن أبي الحديد الخلاف في أمر أبي ذر وحكى عن أبي علي حديث البخاري الذي أسلفناه ص 295 فقال: ونحن نقول: هذه الأخبار وإن كانت قد رويت لكنها ليست في الاشتهار والكثرة كتلك الأخبار، والوجه أن يقال في الاعتذار عن عثمان و حسن الظن بفعله: إنه خاف الفتنة واختلاف كلمة المسلمين فغلب على ظنه إن إخراج أبي ذر إلى الربذة أحسم للشغب وأقطع لأطماع من يشرئب إلى شق العصا، فأخرجه مراعاة للمصلحة ومثل ذلك يجوز للإمام، هكذا يقول أصحابنا المعتزلة وهو الأليق بمكارم الأخلاق فقد قال الشاعر:إذا ما أتت من صاحب لك زلة * فكن أنت محتالا لزلته عذراوإنما يتأول أصحابنا لمن يحتمل حاله التأويل كعثمان، فأما من لم يحتمل حاله التأويل وإن كانت له صحبة سالفة كمعاوية وأضرابه فإنهم لا يتأولون لهم، إذا كانت أفعالهم وأحوالهم لا وجه لتأويلها ولا تقبل العلاج والاصلاح. انتهي.من المستصعب جدا التفكيك بين الخليفتين وبين أعمالهما، فإنهما من شجرة واحدة، وهما في العمل صنوان، لا يشذ أحدهما عن الآخر، فتربص حتى حين، وسنوقفك على جلية الحال.هلم معي إلى نظارة التنقيبقال الأميني: هل تعرف موقف أبي ذر الغفاري من الإيمان، وثباته على المبدأ، ومحله من الفضل، ومبلغه من العلم، ومقامه من الصدق، ومبوأه من الزهد، ومرتقاه من العظمة، وخشونته في ذات الله، ومكانته عند صاحب الرسالة الخاتمة؟ فإن كنت لا تعرف؟ فإلى الملتقى.المصدر كتاب
    أبو ذر
    تأليف
    https://forums.alkafeel.net/showthread.php?t=59609العلاّمة الشيخ عبد الحسين الأميني

  2. #2
    عضو محظور

    رجال حول امير المؤمنين (ع) عدي بن حاتم الطائي (رض)

    عدي بن حاتم الطائي(رضوان الله عليه)
    نسبه

    عَدِيّ بن حاتِم الطائيّ بن عبدالله... بن يَعرُب بن قحطان. يُكنّى بـ « أبي طَريف » و « أبي وَهب » .ولادته
    بناءً على أنّ عمره حين وفاته 120 سنة، تكون ولادته ما بين سنة 51 ـ 54 قبل الهجرة النبويّة المباركة.نشأته

    نشأ عَدِيّ بن حاتِم منذ طفولته في الجاهليّة وسط بيت يشخص فيه والده المعروف بالكرم؛ فقد كان أحد الثلاثة الذين ضُرب بهم المثَل في الجود زمن الجاهليّة. تزوّج حاتم امرأة تُدعى النَّوار، كانت تلومه على كرمه، فتزوّج ماويّة بنت عفزر من بنات ملوك اليمن وكانت تحبّ الكرم وتوقّر الكرماء، فأنجبت له عَدِيّاً.
    وقد ورث عَدِيٌّ تلك الخصال الحميدة عن أبيه.. الذي روى فيه الإمامُ الرضا عليه السّلام أن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال لعديّ: رُفع عن أبيك العذاب بسخاوة نفسِه.
    ونشأ على تلك المكارم حتّى هذّبها له الإسلام، فانتهت إليه رئاسة طيّء بعد أبيه.. وفي ذلك يقول الشاعر:
    شابَهَ حاتِماً عَدِيٌّ في الكَرَمْ ومَن يُشابِهْ أبَهُ فما ظلَمْ

    ومن أخبار جُود عَدِيّ أنّه سمع رجلاً من الأعراب يقول: يا قوم، تصدّقوا على شيخٍ مُعيل، وعابرِ سبيل، شَهِد له ظاهرُه، وسمع شكواه خالقُه.. بدنُه مطلوب، وثوبُه مسلوب.
    فقال له عديّ: مَن أنت ؟ قال: رجلٌ من بني سعد في ديةٍ لَزِمَتْني. قال: فكم هي ؟ قال: مائة بعير، قال عديّ: دوَنكَها في بطن الوادي.
    وأرسل الأشعث بن قيس إلى عَديّ يستعير منه قُدورَ حاتم أبيه، فأمر بها عديّ فمُلِئت، وحملها الرجال إلى الأشعث، فأرسل الأشعث إليه: إنّما أردناها فارغة، فأرسل إليه عديّ: إنّا لا نُعيرها فارغة.
    ومن هنا وصفه ابن عبد البَرّ بأنّه: كان سيّداً شريفاً في قومه، فاضلاً كريماً، خطيباً حاضر الجواب.
    وقال فيه ابن كثير: كان حاتم جواداً مُمدَّحاً في الجاهليّة، وكذلك ابنُه في الإسلام.
    وقال ابن حجر العسقلانيّ يعرّفه: وَلَد الجواد المشهور، أبو طَريف، وكان جواداً.
    وقال ابن الأثير: وكان جواداً شريفاً في قومه، معظَّماً عندهم وعند غيرهم.
    وقال الزركليّ يتابع: عديّ بن حاتم.. أمير صحابيّ من الأجواد العقلاء، كان رئيس طيّء في الجاهليّة والإسلام.صفته

    كان عديّ بن حاتم رجلاً جسيماً، أعور.. ولم يكن العَوَر خِلقةً فيه، بل طرأ عليه أثناء حروبه إلى جانب أمير المؤمنين عليه السّلام، فشهد واقعة الجمل وفيها ذهبت إحدى عينيه، وشهد وقعة صِفِّين فذهبت فيها الأُخرى.
    ويبدو أنّ ذهاب العين لم يكن كاملاً، لأن عديّاً اشترك في معركة النهروان وعاصر ما بعدها من الأحداث، لكنّ العرب يعبّرون عن انقلاب الجفن وما شابهه من العيوب التي تُصيب العين ولا تذهب بالبصر كلّه بـ « العَوَر ».قصّة إسلامه

    كان عديّ قبل البعثة على دين النصرانيّة أو الركوسيّة ( وهو دين بين النصرانيّة والصابئيّة )، ولم يكن وثنيّاً، وكانت له زعامة قومه ورئاستهم.. وقد حاول أن يحتفظ بمنصبه في طيّء وبين قبائل العرب، لكنّ الخلُقّ النبويّ جعله يدخل الإسلام ويعتنقه ويعتقده اعتقاد قلبٍ وجَنان.
    إيمانه وولاؤه

    كان عديّ بن حاتم على جانب عظيم من الوثاقة، ومن خُلَّص أصحاب أمير المؤمنين عليه السّلام، ومن بعده وَلدِه الإمام الحسن عليه السّلام. وكانت له مواقف مشرّفة وكلمات صادقة تحكي مدى إيمانه بالله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وآله، وشدّة انشداده إلى أئمّة أهل البيت عليهم السّلام.
    ويُعلم جلالته وثباته في نصرة الدين.. أنّه لمّا خطب الإمام الحسن عليه السّلام ودعا الناس إلى الخروج إلى الجهاد ضدّ معاوية، ما تكلّم أحد منهم ولا أجابه بحرف، فلمّا رأى عديّ ذلك قام فقال: أنا ابن حاتم، سبحان الله ما أقبح هذا المقام!... ثمّ خرج إلى « النُّخَيلة »، فكان أوّلَ الناس عسكراً. ثمّ قام: قيس بن سعد بن عُبادة الأنصاريّ، ومَعقِل بن قيس الرياحيّ، وزياد بن حفصة التميميّ، فأنَّبوا الناسَ ولاموهم وحَرّضوهم، وكلّموا الإمام الحسن عليه السّلام بمثل كلام عديٍّ، فقال لهم الإمام عليه السّلام: صَدَقتُم رحمكمُ الله، ما زلتُ أعرفكم بصدق النيّة والوفاء والقبول والمودّة الصحيحة، فجزاكمُ اللهُ خيرا.
    وكان يومَ الجمل مع أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام، وفُقِئت عينُه وقُتل ولده محمّد. وشهد صِفّين مع أمير المؤمنين عليه السّلام أيضاً، وله فيها مواقف شكرها له مولاه سلام الله عليه، وكانت راية قُضاعة وطَيّء معه وهو الأمير عليهم. وصحِب بعده الإمامَ الحسن عليه السّلام وقام معه للحرب، ولازمه إلى زمان الصلح.
    وكان عديّ بن حاتم الطائيّ ممن اعتقدوا ورَوَوا أنّ الأئمّة بعد النبيّ صلّى الله عليه وآله اثنا عشر إماماً، كلّهم من قريش. وفي مناشدة أمير المؤمنين عليه السّلام حين قال: أُنشد اللهَ مَن شَهِد يومَ غدير خُمّ إلاّ قام، ولا يقوم رجل يقول نُبّئتُ أو بلغني، إلاّ رجلٌ سمِعت أُذُناه ووعاه قلبه. فقام سبعة عشر رجلاً منهم: عَدِيّ بن حاتم.. فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: هاتوا ما سمعتم. فنقلوا واقعة الغدير حتّى انتهَوا إلى القول: ثمّ أخذ صلّى الله عليه وآله بيدك يا أمير المؤمنين، فرفعها وقال: مَن كنتُ مولاه فهذا عليّ مولاه، اللهمّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه. فقال عليٌّ عليه السّلام: صدقتُم، وأنا على ذلك من الشاهدين.
    شجاعته

    كان عدِيّ بن حاتم ذا إقدام قتاليّ وخبرة بشؤون الحرب وممارسة قديمة في المواجهات في عهد الجاهليّة.. لكنّ الأدوار المتميّزة والوقائع العظيمة كانت له أيّام حروب أمير المؤمنين عليه السّلام ضدّ المارقين والقاسطين والناكثين. فتولّى مناصبَ حسّاسةً ومواقع مهمّة في المعارك.
    فحين رأى أميرُ المؤمنين عليه السّلام أنّ القتال حول الجمَل قد اشتدّ.. جمع إليه حُماةَ أصحابه وقال لهم: اعقُروا الجمَل. فخرج مالك الأشتر وعدِيّ بن حاتم وعمّار بن ياسر وعمرو بن الحَمِق.. في عدد من أصحابهم فشدّوا على الجمل، وقاتلَ عديّ حتّى فُقِئت إحدى عينيه.
    وحين استشار أميرُ المؤمنين عليه السّلام الناسَ في المسير إلى معاوية.. أشاروا عليه بعدم المسير، سوى نفرٍ من خاصّته.. منهم عديّ بن حاتم الطائيّ.
    ولمّا كانت واقعة صِفّين.. أقلقت بطولات عديٍّ وأمثاله معاويةَ بن أبي سفيان، فقال لأصحابه حين تعاظمت عليه الأُمور: إنّه قد غَمّني رجال من أصحاب عليّ، منهم: سعيد بن قيس في هَمْدان، والأشتر في قومه، والمِرقال وعَديّ بن حاتم وقيس بن سعد في الأنصار.
    ولمّا استُشهد عمّار بن ياسر نادى أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّها الناس، مَن يَشْرِ نفسَه لله يَربَح.. هذا يوم له ما بعده، إنّ عدوّكم قد مَسّه القَرح كما مسّكم. فانتدب له ما بين عشرة آلاف إلى اثني عشر ألفاً، قد وضعوا سيوفهم على عواتقهم وتقدّمهم الإمام عليّ عليه السّلام منقطعاً على بغلة رسول الله... وتبعه عديّ بن حاتم بلوائه... وتقدّم الأشتر... وحمل الناس حملةً واحدةً فلم يبق لأهل الشام صفٌّ إلاّ انتقض، وأهمدوا ما أتوا عليه حتّى أفضى الأمر إلى مضرب معاوية... فدعا معاوية بفرسه لينجوَ عليه.
    وحين كُتب كتاب الصلح بين أمير المؤمنين عليه السّلام ومعاوية، وضُرب فيه أجل محدود ومدّة معلومة، قال أيمن بن خُريم مخوِّفاً أهلَ الشام بأنّ لعليٍّ عليه السّلام وأصحابه وثبةً لا ينجو منها معاوية ولا أصحابه، فهدّدهم بأبطال العراق: الأشتر وعديّ بن حاتم وأشباههما من حُماة أصحاب أمير المؤمنين عليه السّلام قائلاً:
    أما والذي أرسى ثَبيراً مكانَهُ وأنزلَ ذا الفُرقانَ في ليلةِ القَدْرِ
    لَئن عَطَفت خيلُ العراق عليكمُ وللهِ لا للناسِ عاقبةُ الأمرِ
    تَقحّمها قُدْماً عَدِيُّ بن حاتِمٍ والاشترُ يَهدي الخيلَ في وضَحِ الفجرِ

    .. إلى آخر أبياته، فلما سمع القوم كَفّوا عن الحرب.وقائع وأدوار

    كان لعديّ بن حاتم أدوار مهمّة وركائز عديدة ساهمت في تغيير وجه الأحداث، منها:
    ثباته هو وقومه وقبيلته طيّء على الإسلام ولم يرتدّوا بعد وفاة النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم في بعض من ارتدّ.
    شهوده فتحَ العراق ووقعة القادسيّة ووقعة مِهران، ويوم الجِسر.. وكان له فيه بلاءٌ حَسَن.
    وثوبه على الوليد بن عُقْبة حين شرب الخمر وأساء السيرة، فشارك في عزله عن ولاية الكوفة.
    كان من المعارضين للسياسة الخاطئة التي سَرَت أيام عثمان.
    كان من المسارعين لبيعة أمير المؤمنين عليه السّلام والمناصرين له والمؤازرين، وكان له الباع الأطول في تحشيد القوات من طيّء وتسييرها لأمير المؤمنين عليه السّلام.
    في معركة الجمَل.. أناط به أمير المؤمنين عليه السّلام مواقع مهمّة، فجعله ومحمّدَ بن أبي بكر على القلب، محمّداً على الخيل وعديّاً على رجّالتها. كما جعله في موقع آخر على خيل قُضاعة ورجّالتها ، ثمّ اشترك في عَقر الجمَل هو والحمُاة حتّى عَرقَبوه.
    وفي صِفّين.. أمّره الإمام عليّ عليه السّلام على طيّء. حتّى إذا كان التوادع إلى أن ينسلخ المحرّم، أرسل أمير المؤمنين عليه السّلام عديّاً في جماعة ليدعوَ معاوية إلى الطاعة. فقام عديّ مقاماً مشكوراً أثنى فيه على أمير المؤمنين عليٍّ عليه السّلام، وهدّد معاويّةَ بأمرِّ القتال وأشدّه.
    ثمّ قاد الجيش العلويّ وجحافلَه ضدّ الجيش الأُموي بقيادة عبدالرحمن بن خالد بن الوليد يوم 8 صفر سنة 37 هجريّة، وقد حشّد معاوية أشدّاءَ رِجاله، فكان النصر حليف عديّ، وفرّ عبدالرحمن وتوارى في العَجاج وعاد إلى معاوية مقهوراً.
    وكان من بلائه الحسَن أن أردى المُقاتلَ الشاميّ المشجّع بن بِشر الجُذاميّ، وكان يحاول قتلَ أمير المؤمنين عليه السّلام، فطعنه عديّ في لَبّته فجدّله قتيلاً. وضرب همّامَ بن قُبيصة النُّميريّ ـ وكان من أشتم الناس للإمام عليّ عليه السّلام ـ وكان معه لواء هَوازِن، فسلب لواءه.
    ولمّا كان الصلح.. وبّخ عديٌّ الحكَمَين واتّهمهما لمّا أبطأ أمرهما، ولمّا فُرغ من الكتاب كان عديّ أحد شهوده؛ امتثالاً لأمر إمامه.
    ولمّا عزم الإمام عليّ عليه السّلام المعاودة إلى صفّين وقتال الشاميّين.. دعا الناسَ لذلك، فكان عديّ في أوائل مَن أجابوه، حيث رفعوا له أربعين ألف مقاتل وسبعة عشر ألفاً من الأبناء وثمانية آلاف من عبيدهم ومَواليهم.
    وعندما بايع الناسُ الإمام الحسن عليه السّلام.. خطب الناسَ ودعاهم إلى قتال معاوية فتخاذلوا، فقام عديّ بن حاتم فخطبهم ووبّخهم، ثمّ كان أوّل من سمح بطاعته وأبدى استعداده، حيث مضى إلى النُّخيلة فكان أوّل الناس عسكراً.
    كان عديّ من المؤيّدين لثورة حُجْر بن عَديّ الكنديّ وأصحابه، فتوسّط ودافع عنه عند زياد بن أبيه دون جدوى، ثمّ تعاطف بعد مقتله مع عبدالله بن خليفة الطائي ـ أحد أصحاب حجر ـ تعاطفاً شديداً وأبى أن يسلّمه لابن زياد.ملَكاته
    عُرف عن عَدِيّ بن حاتِم الطائيّ كونه خطيباً بارعاً، ومِقوالاً لامعاً، ومُحجاجاً بالتي هي أحسن، لا ينقطع عن الجواب بل هو حاضره. وخُطبه ومحاوراته ومناظراته شاهدة على ذلك.
    وأمّا شاعريّته.. فهو في طليعة شعراء أمير المؤمنين عليه السّلام، وكان أبوه حاتم من شعراء الجاهليّة وله ديوان، وكأنّ عديّاً وَرِث هذه الملَكة عن أبيه مُضيفاً إليها القيم الإسلاميّة ومواقفها المبدئيّة والولاءات الصادقة للنبيّ وآله صلوات الله عليه وعليهم.
    وكان من شعر عديّ بن حاتم قوله:

  3. #3
    عضو محظور
    صعصعة بن صوحان
    قبيلته
    ينتمي إلى قبيلة عبد القيس من ربيعة التي قدمت إلى البحرين في الجاهلية أخو الأمير زيد بن صوحان التل.
    مولده
    ولد صعصعة بن صوحان في جزيرة تاروت شرق القطيف سنة 24 قبل الهجرة الشريفة.. وهاجر منها بحراً عبر شاطئ دارين في جزيرة تاروت إلى سواحل البصرة لمقصده الكوفة حيث مقر الخلافة للإمام علي بن ابي طالب.
    نسبه
    هو صعصعة بن صوحان بن الحارث بن الهجرس بن صبرة بن حدرجان بن عساس بن ليث بن حداد بن ظالم بن دحل بن عجل بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن أقصي بن عبد القيس العبدي بن دعمي بن جديعة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.
    وآل صوحان من أسرة تنتمي إلى قبيلة (عبد القيس) من (ربيعة) التي عرفت بولائها الخالص لعلي بن أبي طالب، أما رأس هذه الأسرة (صوحان) والد الصحابي صعصعة كان سيدا مطاعا في قومه، ورئيسا نافذ القول فيهم كما قالت عنه عائشة أم المؤمنين أنه كان رأسا في الجاهلية وسيدا في الإسلام. و لصعصعة إخوان كرام وهم: زيد (هو نفسه الأمير زيد بن صوحان الذي بقع ضريحه في قرية المالكية في البحرين) وسيحان وقيل هو نفسه عبد الله، أما زيد فكان من الأبدال وقد أستشهد مع علي بن أبي طالب في موقعة الجمل عام (36 هجرية) وأستشهد معه أخوه سيحان في نفس الواقعة مدافعين بذلك عن الإسلام وتحت لواء علي، وقد وصف (عقيل بن أبي طالب) زيد وأخيه فقال فيهم: " وأما زيد وعبد الله فانهما نهران جاريان، يصب فيهما الخلجان، ويغاث بهما اللهفان، رجلا جد لا لعب معه … … ".
    كما سأل ابن عباس صعصعة في وصف أخوته فقال: (كان عبد الله سيدا شجاعا، مألفا مطاعا، خيره وساع، وشره دفاع، قلبى النحيزه، أحوزى الغريزة، لا ينههه منهنه عما أراده، ولا يركب من الأمر إلا عتاده).
    أما زيد فقال فيه: (كان والله يا ابن عباس عظيم المروءة، شريف الأخوة، جليل الخطر، بعيد الأثر، كميش العروة، أليف البدوة، سليم جوانح الصدر، قليل وساوس الدهر، ذاكر الله طرفي النهار وزلفا من الليل).
    فصاحته ورواية الحديث الشريف
    عرف عن صعصعة أنه كان خطيبا فصيحا مصداقا لقول ابن عباس له " أنك لسليل أقوام كرام خطباء فصحاء ماورثت هذا عن كلالة " كما شهد بذلك معاوية عند وصفه آل صوحان فقال : " بأنهم مخاريق الكلام ".
    لقد أسلم صعصة في عهد الرسول ولم يره، فكان يروي الحديث عن عثمان والإمام علي وروى عن أبي إسحاق السبيعي، والمنهال بن عمرو، وعبد الله بن بريدة وغيرهم الكثير. فكان أيضا صعصعة بن صوحان ثقة معروف وثقة ابن سعد والنسائي.
    ولاؤه الخالص لأمير المؤمنين علي
    فقد شهد مع الإمام علي مواقعه كلها، فقد جرح في الجمل، وكانت له مناورات مشهورة بأحقية أمير المؤمنين قال: في الإمام علي " كان فينا كأحدنا، لين الجانب، وشدة تواضع، وسهولة قياد، وكنا نهابه مهابة الأسير المربوط للسياف الواقف فوق رأسه ".
    وقف يوم بيعة الإمام علي يخاطبه " يا أمير المؤمنين لقد زنت الخلافة وما زانتك ورفعتها وما رفعتك، وهي إليك أحوج منك إليها".
    كما ذكر أبو الفرج الاصبهاني (إن صعصعة بن صوحان أستأذن على علي وقد أتاه عائدا لما ضربه أبن ملجم، فلم يكن عليه إذن، فقال صعصعة للآذن: قل له يرحمك الله يا أمير المؤمنين حيا وميتا، فقد كان الله في صدرك عظيما، ولقد كنت بذات الله عليما. فأبلغه الآذن ذلك فقال: وأنت يرحمك الله فقد كنت خفيف المؤونة، كثير المعونة.
    رثائه للإمام علي
    لقد عرف عن صعصعة بحسن بلاغة وشعره وخطابة فكان أبن عباس حبر الأمة إذا ما أراد أن يستمع إلى البلاغة والحكم وسداد الرأي وما عفا من أخبار العرب يجالس صعصعة ويسائله ويرتوي من فيض نبعه، كما أختاره وفد المصريين لرئاسة جماعة منهم عند دخولهم على الخليفة عثمان لطلب الإصلاح، ولصعصعة شعر جميل يرثي به الإمام علي فيقول :
    هل خبر القبر سائليه أم قر عينا بزائريه
    أم هل تراه أحاط علما بالجسد المستكين فيه
    لو علم القبر من يواري تاه على كل من يليه
    ياموت ماذا أردت مني حققت ما كنت أتقيه
    ياموت لو تقبل افتداء لكنت بالروح افتديه
    دهر رماني بفقد ألفي أذم دهري واشتكيه
    • وله في هجو معاوية فيقول :

    تمنيك نفسك مالا يكون جهلا معاوية لا تأثم
    • وله في عتاب المنذر بن الجارود فيقول :

    هلا سألت بني الجارود أي فتى عند الشفاعة والبان ابن صوحانا
    كنا وكانوا كأم أرضعت ولدا عق ولم نجز بالاحسان إحسانا
    لا تأمنن على سوء فتى دهرا يجزي المودة من ذي الود كفرانا
    مع ولاة عصره
    عاش صعصعة فترة عظيمة من فترات التاريخ البشري وعاصر أناسا عظام نقشوا في ذاكرة التاريخ بخطوط عريضة زاهية لا تنمحي، فقد عايش جزءا من حياة الرسول الأعظم (ص) وتربى في ظل دولته الكريمة وعاصر حياة الخلفاء الراشدين وعايش الأحداث المهمة والمؤلمة منها والمفرحة - البيعة - الردة - الفتوحات الإسلامية وانحدار المسلمين التدريجي من المجد الإيماني إلى بناء المجد الشخصي، ليرى صعصعة نفسه وجها لوجه يصطدم مع سلاطين الإسلام الذين حولوا الخلافة إلى ملك وراثي، ليروا أمامهم عقبة وهو صعصعة الذي جرعهم الغصة تلو الآخرى وغزاهم في عقر دارهم وفي مقر حكمهم بأشد الكلام وأقساه. فعملوا له الغدر ويبيتون له ويتحينون له من الفرص حتى قال عنه معاوية لاصحابه (هكذا فلتكن الرجال).
    قالوا فيه
    لقد شهد الجميع لصعصعة بالفضائل ومما قيل فيه :

    وفاته ومقامه
    توفي صعصعة بن صوحان في الكوفة بالعراق حسب كتاب الوافي للصفدي ، وذكر إبن سعد في طبقاته أن صعصعه توفي في الكوفة خلال خلافة معاوية وذكر ابن حجر كذلك ، وذكر المؤرخ أبو الحسن علي بن أبي بكر الهروبي في كتابه ( الإشارات إلى معرفة الزيارات ) أن صعصعه قبره في ظهر الكوفة .
    و له مقام في البحرين في قرية عسكر
    كما يوجد لصعصعة مسجد مسمى باسمه في الكوفة وأخر لأخيه زيد ، ولمسجد صعصعة في الكوفة أعمال مذكورة في كتب الأدعية كما ذكروا أن له فضائل وكرامات يتناقلها الخلف عن السلف.

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال