20th July. 2012
" صالون الجمعة" تجربة ثقافية عربية فريدة على الإنترنت
أحدثت ثورة المعلومات والتقنية نقلة نوعية في مختلف مجالات الحياة ، بما في ذلك المجال الثقافي، حيث ظهر الكتاب الإلكتروني، بما يشكله من تهديد للكتاب التقليدي، خصوصا مع انتشار التقنيات التي تساعد على القراءة الإلكترونية كأجهزة الـ" ايباد " والهواتف الذكية وغيرها من الأجهزة اللوحية .
ونتيجة لسرعة انتشار الكتاب الالكتروني على الانترنت وزيادة الاقبال عليه ازداد عدد المكتبات الالكترونية والمواقع المتخصصة في هذا النوع من الكتب.
واستغل المثقفون ومحبو القراءة هذه الفرص التي تتيحها الإنترنت وعالم الكتاب الالكتروني فأنشأوا العديد من المواقع المتخصصة في القراءة الالكترونية ، ولعل أبرز هذه المواقع موقع " جوودريدز " ، الذي يعد أكبر مكتبة عالمية على الشبكة العنكبوتية ، وهو يشبه " فيسبوك" في طريقة العمل ولكنه يختلف عنه في الهدف .أطلق هذه الموقع رسميا في يناير 2007 ، من قبل شاب وشابه أميركيين هما Otis Chandler و Elizabeth Khuri Chandler ، ولاقى الموقع قبولا وانتشارا واسعين حول العالم، وفي الوقت الراهن يتجاوز عدد أعضاء الموقع الـ 9.5 ملايين عضو ، أضافوا الى رفوفهم على الموقع أكثر من 340 مليون كتاب .
ولم يكن العرب بعيدين عن هذا التوجه العالمي الجديد ، فانخرطوا في الانضمام الى هذا الموقع الشهير ، ومن خلال هذا التواجد المميز بادر ثلاثة شبان من الإمارات والمغرب والأردن إلى إنشاء صالون خاص للقراءة يحاكي صالون الثلاثاء للكاتبة مي زيادة ، اطلقوا عليه اسم " صالون الجمعة " .
"البيان الالكتروني " وحرصا منه على الانفتاح على كل جديد ومفيد في عالم الانترنت تواصل مع القائمين على هذا الصالون الثقافي العربي الفريد وهم : محمد الحيالي من الامارات ، ايمان العزوزي من المغرب ولبنى العجارمة من الاردن ، للتعريف بهذا الصالون ونشاطه المميز والتعريف بهذه المكتبة الالكترونية العالمية " جوودريدز" .
سألنا الإخوة القائمين على أمر " صالون الجمعة " بداية ان يحدثونا عن موقع " جوودريدز " فقالوا إنه يعد أكبر مكتبة الكترونية على الشبكة العنكبوتية ، وأنه يتيح للجميع إمكانية فتح حساب خاص ينشئ الشخص فيه مكتبته الالكترونية الخاصة به ،هذه المكتبة مكونة من رفوف، تحدد هذه الرفوف: الكتب التي قرأها الشخص، والتي هو في طور قراءتها، والتي ينوي قراءتها ، كما يمكنه أن يختار لهذه الرفوف اسما حسب ترتيبه للكتب في مكتبته المنزلية.عندما ينشئ الشخص مكتبته الخاصة تصبح متاحة للجميع ، ويمكنه حصرها فقط على أصدقائه ، يتعرف اعضاء مكتبتك على ميولك المعرفية وبالتالي تستطيع تكوين جماعة من الأصدقاء تلتقون في الهدف والميول.الموقع ايضا يتيح للشخص امكانية كتابة انطباعاته عن الكتاب الذي قرأه وإعطائه تقييم من واحد الى خمس نجوم، كما يتيح قراءة انطباعات وقراءات الغير حول كتاب معين .
هذه القراءات والانطباعات تكون موجودة بصفحة الكتاب نفسها ، فتناقش الكتاب بطريقة مرنة ويحصل الشخص على بوصلة تمنحه القدرة على تقييم الكتب قبل قراءتها أو حتى شرائها .كما يتيح الموقع امكانية التواصل الشخصي مع الكتاب المشتركين بالموقع والذين يستطيعون بدورهم التعرف على انتقادات القراء وتقييمهم للكتاب بشكل مباشر .
ومن خلال صفحة كل شخص الرئيسية يمكنك مشاهدة نشاطات اصدقائك وقراءتهم الحالية وتقييماتهم للكتب واضافاتهم .. بمعنى اخر الامر شبيه بتحديثات الفيسبوك لكن التحديثات هنا تخص الكتب والقراءة فقط ..هدف الموقع الأول فتح المجال للقراء للتعارف والنقاش وهو أمر أضحى ضروريا في زمن العولمة الذي أصبح الكتاب فيه يجاهد ليقرأ.يبقى مهما أن نشير الى أن تواجد العرب في الموقع ضئيل بالمقارنة مع الجنسيات الأخرى وهو أمر يحاول أعضاء " صالون الجمعة " تداركه بإضافة الكتب كل حسب استطاعته ، وهناك مجموعات فتحت خصيصا لهذا الغرض،اسمها " مجموعة الكتب العربية " و يبلغ عدد اعضائها الى الان 300 عضو .
كما بادر الاخ منيف الحربي بالتواصل مع إدارة الموقع ، راجيا اياهم جعل اللغة العربية لغة رئيسة في الكتابة كغيرها من اللغات، وقد تلقى ردا ايجابيا منهم .
وعن فكرة " صالون الجمعة " تقول إيمان العزوزي : بدأ الصالون كتساؤل عام طرحته على الأصدقاء (عن طريق ستيت او تحديث على صفحتي) طالبة منهم أن نقرأ كتابا ما جماعيا ، فتوالت الردود الإيجابية من الجميع .واقترح الأخ محمد الحيالي من الإمارات أن ننظم القراءة في اطار مجموعة للقراءة الجماعية وتم الترحيب بالفكرة من الجميع فتولى مشكورا فتح المجموعة على هذا الموقع .
في هذه الاثناء كانت هناك مجموعة للقراءة مفتوحة تتولاها الأخت لبنى العجارمة من الأردن فتفضلت مشكورة بإغلاق مجموعتها لنوحد جهودنا في اطار مجموعة واحدة تلم شملنا .
وتضيف : اخترنا للمجموعة اسم " صالون الجمعة" على غرار صالون الثلاثاء للكاتبة مي زيادة لحنينا لهذا النوع من التواصل الذي اختفى اليوم وفضلنا أن يكون يوم الجمعة لأنه يوم عطلة في معظم البلاد العربية وهو اليوم الذي نبدأ فيه القراءة من كل شهر وننتهي فيه بالمناقشة العامة في آخر الشهر.القائمون على المشروع الى الآن لا يتجاوزون أصابع اليد وهم كما ذكرنا مؤسسو الصالون ايمان العزوزي من المغرب ومحمد الحيالي من الامارات ولبنى العجارمة من الأردن، غير أن اعضاء الصالون في ازدياد مطرد وعددهم يتجاوز الـ455 عضوا حاليا .
وعن اهداف الصالون يقول القائمون عليه :
هدفنا من "صالون الجمعة" هو توحيد جهودنا كعرب متواجدين في الموقع للتعرف وتشجيع بعضنا على القراءة .. قد لا نتفق أحيانا على كتاب معين لكننا نقرأه مع الجماعة فنكون رحبنا بفكر جديد لم نكن لنتعرف عليه بدون تشجيع الكل..هدفنا بالأساس تعميم فكرة القراءة وتشجيع بعضنا على الاستمرار لنؤكد لبعضنا أن هناك من يهتم بالقراءة في وقت اصبحت وسائل الاعلام تغطي على دور الكتاب.. وعن كيفية تفاعل الجمهور مع "صالون الجمعة" تقول ايمان العزوزي : هناك تفاعل كبير مع الصالون ، ولم أتوقع صراحة هذا الكم من التجاوب خصوصا وأنا جديدة على الموقع وهذا يدل على شيء واحد فقط الرغبة المتوفرة عند رواد الموقع العرب في النهوض بالقراءة في العالم العربي وبناء فكر شبابي جديد مبني على الحوار والنقاش ..عدد المنضمين الى الصالون في زيادة كل يوم وان شاء الله سنفعل ما بوسعنا لنرضي جميع الأذواق.
وعن طبيعة الكتب التي يركز الصالون عليها يقول اعضاء الصالون : " فيصالون الجمعةبدأنا بترك الاختيار للأعضاء في الصالون فيرشح كل عضو الكتاب الذي يشاء في فترة الترشيح، بعدها نجمع الكتب المرشحة والموافقة لبعض الشروط التي وضعناه مسبقا في نظام الصالون، ويتم التصويت على كتاب الشهر في فترة التصويت التي تستمر لعدة أيام، بعدها نبدأ جميعا بقراءة الكتاب الحاصل على أكبر تصويت " .
ويضيفون : " بعد تجربتنا الأولى في مايو 2012 وبعد أن كانت اختيارات الكتب عشوائية .. قررنا ان نخصص كل شهر لنوع معين من الكتب ، فبدأنا نختار نوع الكتب ونطلب من القراء تقديم ترشيحات تتناسب مع هذا النوع فكتاب شهر يونيو كان رواية عربية ، وفازت رواية " دروز بلغراد " بالتصويت، وهذا الشهر يوليو مخصص للرواية الأجنبية المترجمة للعربية وفازت رواية " 1984 " لجورج أرويل بأعلى تصويت ، وسوف نخصص شهر رمضان لكتاب ديني .. وعما حققه الصالون إلى الآن يقول القائمون عليه : "صالون الجمعة مشروع فتي لم يتجاوز الثلاثة اشهر نحن في شهرنا الثالث و قراءتنا الثالثة لهذا لا يمكن أن نتحدث عن منجزات لكن يمكن القول ان أهم انجاز لنا هو حضور هذا العدد من القراء وارادتهم في الانضمام الينا وتشجيعنا والمثابرة في التواجد والتفاعل ..لحد الآن قرأنا كتابين هما:
" الاسلام بين الشرق والغرب "لعلي عزت بيغوفيتش، والكتاب الثاني هو رواية " دروز بلغراد " والتي أنهينا المناقشة فيها قريبا ..وعن خطط تطوير الصالون يقولون : سنقوم بتطويره بإذن الله ليصبح مشروعا قائما بذاته ومستقلا عن موقع الـ"جوودريدز " من خلال موقع خاص بالصالون نسعى لإنشائه، ورغم أننا لا نقوم بأي شكل من أشكال الدعاية المتعارف عليها الا أن الصالون يعرف بنفسه من خلال الصفحات الخاصة برواده ومن خلال المدونات.
وعن المعوقات التي تعترض الصالون يقولون ان المعوقات التي تواجههم حتى اللحظة تتمثل في عدم توفر الكتب فنضطر لقراءة الكتب المتوفرة الكترونيا رغم رفضنا للفكرة وتشجعينا على شراء الكتب لكن معظم رواد الصالون لا يجدونها متوفرة في المكتبات وأحيانا تكون متوفرة لكن بأثمنة لا تناسب القارئ الفتي .ومن بين المعوقات ايضا اختلاف التوقيت بين الشعوب العربية وهو أمر نتجاوزه برغبتنا في الحضور ولذلك جعلنا فترة نقاش الكتاب ان تكون يوم الجمعة كاملا حتى يتسنى للجميع دخول الموقع بأي وقت والمشاركة بالنقاش .
أيضا اختلاف الأذواق في الكتب تجعلنا نحترم رغبة الأغلبية ونقرأ الكتاب الحاصل على أغلب الاصوات رغم عدم انسجامه مع رغبتنا في القراءة.
وعن طبيعة جمهور الصالون يقولون : " جمهور الصالون هو جمهور قارئ بالدرجة الأولى وهو مختلف من حيث السن والجنس بل أحيانا حتى الديانة وإن كان بالإمكان أن نتحدث عن القومية العربية فسنجدها بالتأكيد في هذا الصالون بعيدا عن الخوض في السياسة والأمور المتعلقة بالطوائف والشرق والغرب فالصالون يهتم بالفكر قبل كل شيء ويحترم كل الآراء مادامت لا تمس بحرية الآخرين.
هدفنا هو لم الشمل العربي وإيجاد جيل شبابي واع ومدرك لأهمية القراءة .. فالاحترام المتبادل بين الجميع يمنحنا الأمل في الغد.وعما اذا كانت هناك استفادة معينة من النقاشات التي تتم في الصالون يقولون :
" من خلال تجربتنا في الصالون لمدة شهرين فالنقاشات تستمر لمدة شهر كامل من خلال ملاحظات واقتباسات وإضافات توثيقية ومرجعية طيلة فترة القراءة أي خلال الشهر، وهذا النقاش يفيد في فهم أكثر للكتاب وتنوير الفكر لتتوج هذه النقاشات من خلال قراءات لا ندعي أنها ترقى لمصاف النقد الأكاديمي لكنها تبقى نقدا شخصيا للكتاب المقروء ".
لحد الآن تظل هذه النقاشات في الصالون فقط كما يمكن للجميع نشرها في مدوناتهم الشخصية مع حفظ الحقوق طبعا لكننا نسعى مستقبلا أن نلتقي شخصيا ولم لا بحضور الكاتب ذاته في النقاش ..لدينا أحلامنا الخاصة بالقراءة سنسعى أن نجسدها في أرض الواقع بكل الوسائل المتوفرة لدينا.
ويؤكد القائمون علىصالون الجمعة أنه صالون ثقافي عربي مفتوح للجميع ويحلمون بأن يتمكنوا من استضافة الكتّاب في نهاية كل قراءة لنتواصل معهم شخصيا وهو أمر يبقى صعبا ان لم اقل مستحيلا نظرا لاستحالة الاتصال بهم وتوفير موعد لكننا سنحاول قدر استطاعتنا ..
ونود في النهاية شكر كل قراء الـ "جوودريدز" العرب لجهودهم لتوفير مكتبة عربية تليق بحضارتنا ومكانتنا بين الحضارات ونشكر كل من التحق بالصالون لحضورهم و تفاعلهم .