الثورة الخشلوكّية:
ـــــــــــــــــــــــــ ـــ
لست أنوي الرد على المدعو غيث التميمي، فهو نكرة لا يستحق الوقوف على مقالته، لا سيما وهو يُطلق تفاهاته من لندن أم المؤمنين وجامعة شتات المقاومين الخيرين من أمثال عبد الفلاح السودانيِ، وحازم الشعلان و...إلخ.
فقوله أن السيد الصدر شخصن موضوع التغيير، وأن كرهه للمالكي هو الذي دفع به إلى التخلّي عن عمليّة التصويت على عزل الرئاسات الثلاثة، لأن المالكي ـ بزعمه ـ أوقف السيد (أعزه الله) عند حدّه، ما هو إلا قول بليد العقل لا يملك من الفكر شيئاً رُغم نعته ـ من قبل البغدادية ـ بأنه مفكّر، فالكل يعلم أن المالكي كان في موقف لا يُحسد عليه في صولته المشؤومة، وإن الرجال ضيّقوا عليه الخناق حتى ضاق به الفضاء الرحب، ولولا الكَصوصّة التي أمر من خلالها السيد الصدر بإلغاء المظاهر المُسلحة في البصرة لأصبح المالكي فعل ماضي ناقص.
والبغداديّة نفسها وفي يوم 24/ 3/ 2016م التقت بالـ (مُتحجّي) غيث التميمي وهو بنفسه أخبر أن اللجنة الأمنية في بغداد وبرئاسة محافظها ـ الاستاذ علي التميمي ـ اجتمعت لمُناقشة الوضع الأمني للعاصمة، أي قبل يوم من الجمعة الموحدة التي اصطفّت فيها صفوف المُصلّين من الكرخ إلى الرصافة، ولم نرَ لها مثيلاً في العالم الإسلامي ـ حتى في إيران التي تنعم بالأمن والرخاء ـ حيث تجاوز عدد المُصليّن الملونين نسمة.
يومها أخبر التميمي أن قائد عمليات بغداد، والذي تقع على عاتقه مسؤوليّة الحفاظ على الأمن فيها لم يحضر الاجتماع، ولو راجعتم التسجيل لوجدتم نبرة التشكيك والريبة وهو يومي إلى أنّ هُناك مؤامرة تُحاك ضد المُعتصمين بقيادة السيد الصدر، وهو أمر نؤكده وقد بيّناه في مقالنا (إيران ضد الإصلاح.. إيران مع الإصلاح) فإيران كانت ولازالت تتخوف من أن ينجح السيد الصدر في مشروعه الإصلاحي فتخسر مواقع نفوذها في العراق، وهذا أمر لا يختلف عليه اثنان في العراق حتى المناوئين للسيد الصدر يُدركون أنّه حجر العثرة الوحيد في طريق السيطرة الإيرانية الكاملة على القرار العراقي.
والاعتصام الأخير لمجلس النواب كان يحمل ألف ألف علامّة استفهام رُغم وجود بعض الخيرين من أعضاء كتلة الأحرار وبعض الكيانات السُنيّة، إلا إن دخول صاحبة نظرية سبعة في سبعة فيه، وأعضاء دولة القانون ـ جناح المالكي ـ يجعل أي مُتابع للمشهد السياسي العراقي يتوقف ليسأل: ما الذي يجري؟
فكلنا نعلم أن المالكي هو أحد كبار محور قادة المُقاومة ـ كما تحب أن تسميه زعيمة المحور ـ فكيف ينتفض بوجه وثيقة الشرف التي وقّع عليها السيد هادي العامري وهو الآخر من قادة محور المُقاومة..؟!
فهل أن (الويلاد) يلعبون بعيداً عن رأي زعيم محور المُقاومة أم هو تبادل أدوار ولعب على الحبلين، فإن نجح مشروع الإصلاح فالمالكي سيكون ممثلا عن محور المقاومة فيه وسينسب الانتصار إلى زعيم المحور، وإن أخفق فالذين عملوا على ذلك هم أيضاً من محور المقاومة، وبإيجاز بسيط جداً:
يجب أن يبقى الفضل لإيران في أي مشروع يُنجز في العراق، فهي الأخ الأكبر الذي يوجه وينصح، كما أنها صاحبة الانتصارات الكبيرة في آمرلي حتى والشهيد وليد ثجيل السويراوي يصرخ من قبره: {أنا حررت لكم أمرلي، فلماذا تبخسوني انتصاري وتنسبوه لسُليماني..؟!}
وهي من حرر لنا جُرف الصخر وتكريت وجزيرة سامراء وبيجي والرمادي، وعلى العراقيين دائماً أن يسبحوا بحمد سُليماني الذي يُدافع عن أعراضهم ومدنهم وقراهم لأنه لا يوجد رجال في العراق..!!
وبالعود إلى البغداديّة فالكل يعلم ـ والبغدادية لمحت إلى ذلك في أكثر من برنامج ـ إلى احتمال وجود مؤامرة لذبح المعتصمين وقائدهم السيد الصدر، بل القضية لم تبقَ داخل إطار التكهنات والاحتمالات بعد أن خرج علينا المالكي ببيان يُهدد فيه بالسلاح والرجال..!!
وقد أوضح سماحة السيد مقتدى الصدر وفي أكثر من بيان إلى جديّة هذه التهديدات، كقوله: (سأتي إليكم رغم التهديدات بقتلي)، وقوله: (وقد خيروني بين إبادتكم والرضوخ لهم).
رُغم ذلك والبغدادية تتغابا وتهاجم سماحة السيد أما باستظافة مَنْ تعلم أنهم سيتطاولون بألسنتهم الزفرة على سيد المُقاومة، أو تخترع اتصالات وهمية للنيل من سماحة السيد ووصف اعتصامه بالمسرحيّة، ولو أن السيد بقي مصراً على اعتصامه وانحدرت الأمور إلى المواجهات لوقفت البغدادية مع الذين سيذبحون أبناء الصدر كما وقفت إلى جانب المالكي في صولته، وإن كان الشعب العراقي قد نسي ما فعلته البغدادية أيام الصولة المشؤومة، فإننا لن ننسى ما فعله دكتور عبد الحميد و(أظلم الحمداني) وكيف كانوا يصفون أبناء الصدر بالميليشيات ويشدون على يد القائد الـ (ذرورة) بالذال وليست الضاد، ويطالبونه بالضرب بيد من حديد.
ثم البغدادية نفسها كانت ترى في السيد الصدر أنه تسلّق على اعتصامات "تيار البغدادية الخشلوكّي" ولما ترك الأمر للشعب هو يُقرر ما يريد اتهموه بأنه تآمر على الثورة "الخشلوكّيّة"..!!
وعلى قول أخوتنا المصريين: (لا كِده عاكَب ولا كِده عاكَب)..!!
فـ (أظلم الحمداني) الذي طالما تغنى بالرئيس القائد وفدائيّه "النشاما" خلع الزيتوني ليرتدي كفناً ليقود "الثورة الخشلوكّية" مُتناسياً أن الصدر وأباه واتباعه هم الذين علموا الأحرار كيف يلبسوا الكفن للدفاع عن الحق.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ عبد الجليل النداوي
حرر بتاريخ 17/ 4/ 2016م