TODAY - July 06, 2010
وزارة الكهرباء الأوروبيةضياء الخالدي
ليس العنوان بقصد الإثارة، بل هو اقتراح نقدمه للكتل السياسية المتصارعة حتى اللحظة على منصب رئاسة الوزراء. الاقتراح قد يراه شخص ما انه يحمل سخرية مريرة، وآخر يظن انه بوابة لانهاء ازمة الكهرباء فعلا، وينبغي الأخذ به. وربما يراه شخص منزو في المنطقة الخضراء وهو ضمن فئة عراقية قليلة غير معنية بالأزمة وانتفاضتها بانه – اي الاقتراح – يضرب المفهوم الوطني بالصميم، ويمزق السيادة ويجعلها خردة، ومن يطلقه هو ينفذ أجندة إقليمية.
لو يؤمن السياسيون ان وزارة الكهرباء خارج نظام توزيع الحصص الوزارية عند تشكيل الحكومة، لربما يمكنها ان تنفلت بعيدا عن الفساد الإداري والمالي، وعن التجاذبات السياسية الاخرى، وتقترب من اداء مهامها الفعلية في توفير الطاقة للناس. كيف ذلك يحدث لو افترضنا ان سياسيينا وافقوا على جعلها غير عراقية؟
نستطيع ان نقدمها مثلا إلى الاتحاد الاوروبي دون شروط من يشغلها، سواء كان فرنسيا او المانيا او حتى يونانيا. نقذفها إلى عهدة الاوروبيين ليختاروا وزيرا ومستشارين ومدراء عامين تقنيين لمدة اربع سنوات. لا يكونون مرتبطين بمجلس الوزراء، الا من ناحية توفير الميزانية المالية فقط. تسلم الوزارة بموظفيها إلى اناس يتألمون من منظر كلب مريض، او قطة دهست على الطريق . نقول للاتحاد الاوروبي بصريح العبارة، ودون تنظير "وفروا لنا الكهرباء يرحمكم الرب".
هذا الاقتراح يغنينا عن أمور كثيرة. اولا، لا وجود لأقارب الوزير او المدير العام وهم يتشابهون في الملامح- لا نقصد وزير الكهرباء المستقيل- كما هو موجود في اغلب الوزارات، وثانيا لن نسمع الوعود والشعارات دون ان نرى الفعل، وثالثا نستريح من الفضائيات والصحف الحزبيتين حين تدافع عن وزرائها، وتهاجم وزراء الاحزاب المنافسة فتضيع الحقائق عن الناس. ستكون سمعة الاتحاد الاوروبي على المحك، وهذا يزرع عند السواد من العراقيين أملا حقيقيا بطي هذه المشكلة خلف ظهورهم. لتكن سابقة لم تحدث، فما دام العراق بلد العجائب يمكننا ان نضيف اعجوبة جديدة، لا تضر الفرد، بل تنفعه، ولتكن احدى وزاراتنا الخدمية، اوروبية الملامح!
علينا البحث عن حلول حتى لو كانت في جيب مجنون، او في صندوق عجوز مسنة أصابها الخرف، لأننا فقدنا الثقة بكل عاقل يتحدث بالارقام والمنطق. بتنا مجانين، صيف عراقي، يزورنا كل سنة، وان استطاع حكامنا ان يقنعوا هذا الصيف بالمجيء كل ثلاث سنوات مرة، او خمس لبلاد الرافدين، فاننا سنقدر وطنيتهم حق تقدير، ولينعموا بخطوط الطوارئ حتى قدوم اللهيب.
هناك من سيقترح إضافة وزارات خدمية اخرى، كالتجارة والبلديات والاسكان وغيرها، لان خدمة الناس في بلدنا تأتي في آخر الاولويات، وبالتالي اراحة المسؤولين من وجع الدماغ الذي يسببه الاعلام والتظاهرات. نترك الوزارات السيادية لهم، فهم سياديون جدا، ولا يمكن ان ندخلها في اقتراحات مجنونة، لاننا بحق سنكون غير عراقيين، وما فائدة ان ننعم بالراحة، ونفقد هيبتنا السيادية بين دول العالم. وهناك من سيحترق ألما لنكتة عراقية ساخنة، شكلتها تصورات فرد يعيش الأزمات يوميا، في عصر ديمقراطي، يقال انه جاء للعراقيين كمحصلة لتضحياتهم، وعليهم ان يفرحوا به، ويحافظوا على مكتسباته. تلك المكتسبات الموجودة اغلبها في المنطقة الخضراء!