هذه القصة من الحكايات البابلية وهي من أدب بلاد الرافدين القديم وقد عثر عليها علماء الآثار في مكتبة الملك الآشوري " آشوربانيبال " وحسب ما كتب على الرقم الصيني الذي يعود للملك الذي كتب القصة فإن القصة كتبت بالخط المسماري عام 701 قبل الميلاد وهي قصة زاخرة بالحكمة وتجسد الشعر الشهير القائل لا تحقرن صغيراً في مخاصمة إن البعوضة تدمي مقلة الأسد والقصة تروي أحداث رجل فقير اسمه جميل ننورتا مع الحاكم الذي أساء له

وتقول القصة أن رجلاً فقيراً من مدينة " نفر " اسمه جميل ننورتا
بلغ به الفقر أنه لا يجد كسرة خبز في بيته ليأكلها
لذلك كان يقضي ليله مع نهاره يتضور جوعاً
وفي يوم من الأيام خطرت بباله فكرة تخفف جوعه ولو ليوم واحد
فقد قرر أن يبيع الثور الذي يمتلكه ويشتري نعجة
وبعد أن باع الثور في السوق وذهب ليشتري نعجة وجد أن ثمن النعجة باهظ جداً
فقرر أن يشتري بثمن الثور معزة صغيرة
أخذ جميل المعزة إلى بيته ولكنه سرعان ما تراجع عن ذبحها وأكلها
لأنه لو ذبحها فإن العادات والتقاليد تجبره أن يعزم جيرانه وأصدقاءه
وعليه بذلك أن يقدم لهم الشراب مع الطعام وهو ما لا يمتلك ثمنه
فقرر أن يهدي المعزة للحاكم ويشرح له حاله عله يرأف به
وعند باب الحاكم استوقفه البواب وذهب للحاكم
وأخبر الحاكم أن هناك شخصاً فقيرا من " نفر " يريد أن يقابلك
وقد جلب لك هدية معه " معزة "
اغتاظ الحاكم من هذا الأمر وشعر أن هذا الأمر يمس هيبته ويقلل من كبريائه
فطلب إدخال جميل ووبخه توبيخاً شديداً على صنيعه وطرده من القصر
فقرر جميل الإنتقام من الحاكم وأخبر البواب وهو يغادر أنه سينتقم من الحاكم
فذهب البواب وأخبر الحاكم بما قاله جميل فضحك الحاكم ضحك سخرية وتجاهل ما قاله جميل
توحه جميل من قصر الحاكم إلى قصر الملك ولكنه لم يتوجه ليطلب بعض الطعام
ولكنه توجه وهو يتظاهر بالغنى وطلب من الملك أن يؤجره عربة ملكية ليوم واحد
ووعده أن يعطيه الكثير من الذهاب لقاء هذه العربة
فسر الملك بعرض جميل وطلب من الحرس أن يقدموا له عربة
وأخذ جميل العربة ووقف ليصطاد الطيور كما يفعل الملوك
فوصل الأمر للحاكم الذي طرد جميل فقرر أن يستقبل الملك
الذي وصل بعربة ملكية لمنطقته أحر استقبال
عله بذلك ينال رضا ملك البلاد
ولما جلس جميل مع الحاكم أخبره أن الملك قد أرسله
ومعه صندوق مليء بالذهب والمجوهرات
ذاهب ليضعها في معبد مدينة " أنليل "
وعندما علم الحاكم بذلك الأمر أقام وليمة ضخمة لجميل وأجلسه في بيته
وهو لا يعلم أن هذا هو البائس الذي أهانه بالأمس دون أن يكلف نفسه عناء النظر إليه
وكان صندوق جميل فارغ ولا يوجد به أي ذهب أو مجوهرات
وعندما حل الظلام فتح جميل الصندوق وبدأ يصرخ ويمزق ثيابه
وعندما استفاق الحاكم علم أن هناك لص قد سرق محتويات الصندوق وتعدى على جميل
وكان من واجبه أن يعوض جميل بصندوق مجوهرات ويعطيه ملابس بدلاً للبسه
وهذا ما فعله وعاد جميل للملك وأعاد العربة وأعطاه بعض من المجوهرات التي غنمها من الحاكم
لم يكتف جميل بإنتقامه الأول من الحاكم وقرر أن يتبعه بانتقام ثان حتى بعد أن حصل على المجوهرات
وعلم أثناء جلوسه معه في تلك الليلة أنه يعاني مرضاً فقرر أن يتظاهر أنه طبيباً
ولبس لبس الأطباء وحلق مثلهم وتظاهر أنه طبيباً جاء من مكان بعيد ليعالج الحاكم
فرحب الحاكم به وعندما كشف حالته أخبره أن علاج مرضه لا يكون إلا بأن يدخله لغرفة مظلمة
وعندما دخلا في تلك الغرفة قام جميل بتربيط الحاكم وأوسعه ضرباً وهو يصرخ
ثم لاذ بالفرار وعندما اكتشف الأمر حراس الحاكم بدؤوا بالبحث عن جميل ولكنهم لم يعثروا عليه
لم يكتفي جميل بهذا الإنتقام بل قرر أن ينتقم مرة ثالثة من الحاكم
فطلب من أحد المارة أن يصرخ بأعلى صوته قرب بيت الحاكم أنه يعرف الشخص الذي ضرب الحاكم
وأن يلوذ بعدها بالفرار من الحراس وأعطاه المال نظير ذلك
وبالفعل قام الرجل بذلك الأمر ولحقته جميع حاشية الملك تريد أن تمسكه لتنال رضى الملك
فلاذ الرجل بالفرار وأتبعوه يتعقبوا خطاه
عندها دخل جميل قصر الحاكم وهو فارغ وأوسع الحاكم ضرباً حتى أغشي على الحاكم