كثيرًا ما نصف شخصَا ما بأنه استثنائي، إشارة لشخصيته المميزة، وعقله الناضج وطريقة تعاطيه مع الحياة بشكل مختلف، بشكل أكثر مرونة ونضج وتفهّم، لكن ما الذي جعله إستثنائي؟ ما الذي يميّزه عني وعنك؟ وهل يمكننا أن نصبح مثله يومًا ما؟
حسنًا؛ يمكننا فعل ذلك كما نفعل أي شيء آخر، كل ما علينا هو أن نريد بصدق، أن نريد ونسعى لتحقيق ما نريده بمثابرة وإصرار، هنا سنتعرف معًا على بعض العوامل التي صنعت هؤلاء الاستثنائيون الذين أبهرونا باختلافهم وتميزهم ..
القليل من العزلة .. الكثير من النضج
وحدها العزلة قادرة على أن تعيد تشكيلك من جديد، تصنع منك شخصًا آخر غير الذي كنته، الابتعاد عن الآخرين لفترة، الانسحاب من الجموع التي تحيط بك طوال الوقت، في العمل، في البيت، في الشارع، ليس الانعزال للأبد ولكن لفترة قليلة لأيام، العزلة هى من صنعت لنا عمالقة المفكرين والفلاسفة، فبها واجهوا أنفسهم وتعرفوا على ذواتهم الحقيقية، دون تجميل أو تزييف، دون خوف من نقد هذا أو تجريح ذاك، اجتمع كل منهم بأنه في عزلة عن العالمين، العزلة هى الخطوة الأولى في طريق الاستثنائية.
راقب نفسك .. راجع الأمس وفكر في الحاضر
معظمنا إن لم يكن جميعنا لا يراقب نفسه ولو للحظات، يعيش الحياة كما لو كان آلة، تمضي الأيام ويمضي هو كما تريد له أن يكون، فلا يهتم بمستقبل أو حاضر .. بل لا يتكبد حتى عناء النظر في ماضيه، الحياة بهذه الطريقة؛ موت على قيد الحياة، تجرد من الطبيعة البشرية التي من أهم سماتها التطور، هذا التطور لا يأتي دون مراقبة، أن تراقب أفعالك وتنظر في ماضيك، تتعرف على نقاط الضعف والقوة فيك، أن تعرف ماذا تريد، وإلى أين تمضي، إلى أين يأخذك هذا الطريق، وما الذي أوجدك فيه من الأساس، إلخ من الأسئلة التي تساعدك على فهم نفسك والتعرف إليها، إنها ذاتك التي يجب أن يكون أنت أعلم شخص بها على وجه الأرض.
اقرأ بشكل مختلف
ملايين المقالات والمحاضرات والنصائح والكتب التي تدعو للقراءة، وكيف إنها ستغير منك، وستزيد من قدرتك على الفهم والاستيعاب والبحث إلخ من الفوائد التي حفظناها جميعا عن ظهر قلب، السؤال هنا ليس لماذا لا تقرأ، بل هل تعرف كيف تقرأ؟
القراءة ليست وسيلة ترفيه ليمضي الوقت، ولا حتى مجرد وسيلة بها نتثقف ونتعلم، إنها أوسع من ذلك بكثير، القراءة يعني أن تقرأ بعيناك وتتفاعل بعقلك وقلبك مع ما تقرأ، أن تُفتح لك أفق جديدة ،لكن كيف هذا؟ حسنًا سأخبرك ..
التفاعل لا يأتي بالقراءة على عجل، أنت هنا تقرأ لبلع الفكرة سريعًا، هذا النوع من القراءة لا يوصلك للاستثنائية أبدًا، أن تقرأ ياعزيزي يعني أن تتدبر ما تقرأه، أن تعي وتدرك، أن ترى بعين جديدة، والأهم من ذلك أن تنتهي من كتابك وأنت قد كوّنت أفكارًا ووجهات نظر ورؤي وآراء حول ما قرأته، بدون ذلك انت لم تقرأ .. بكل أسف!
ثق بنفسك .. ثق بنفسك .. ثق بنفسك
بالنسبة للبعض الأمر بات أشبه بالصراخ في ميّت، لا يسمع ولن يستفيق ولو صرخت في أذنه مئة عام، باتت المحاولات فاشلة وبائسة، فكيف نبث الروح في ميت؟!
حسنًا ياصديقي؛ هذا الميت الذي أنهكك لسنوات ليس بميت في الواقع، أنت من تظن ذلك، عوامل عديدة دفعتك لأن تراه ميّت، أهمها المحاضرات والندوات والمجلدات الضخمة التي تعلّمك كيف تثق في نفسك، وكأن الأمر عملية إعادة روح بالفعل، وليست مجرد إدراك ورؤية صحيحة، وهموك بأن لا أمل فيك وبأن الطريق لإحياء نفسك ولبث هذه الثقة في روحك يتطلب سنين وسنين.
الأمر أبسط من ذلك بكثير .. بخطوة واضحة يمكنك نسف هذه الصورة الغبيّة عن ذاتك، والتي تتحكم فيك من زمن، فتدفعك للهرب بعيدًا عن أعين الناس، والانطواء، والتلعثم في الحديث إلخ من أعراض هذا الميكروب البسيط، الذي صوّرته لنا محاضرات التنمية البشرية وغيرهم كوباء هالك..
كل ما عليك فعله هو إحضار ورقة وقلم، وأن تكتب فيها كل نقاط ضعفك بمنتهى الصدق، بعدها ركز على نقطة نقطة واعمل على تحسينها، ستقع كثيرا لا بأس لكن الطريق ليس صعبًا وليس طويلًا .. إنها رحلة ممتعة تقوم فيها بإعادة صنع نفسك كما تريد لها أن تكون، انظر لها بهذه الطريقة أكثر جدوى وأكثر إمتاعًا.
شارك .. إجراء عصف ذهني مع الآخرين
كما إن العزلة مهمة، التحدث مع الآخرين وتبادل الآراء والأفكار معهم ليس بأقل أهمية، بل إنها وسيلة واحدة تحقق غايات كثيرة في طريق الإستثنائية، فالعصف الذهني هو تدريب على أشياء عدة، تدريب على التحدث أمام الاخرين، تدريب على طريقة التعبير عن أفكارك، تدريب على التواصل عموما، على استخدام لغة الجسد، على التواصل بالعين، والفائدة الأكبر هى تنوع الأفكار التي تستقبلها من الأخرين، إجراء عصف ذهني لا يتطلب أماكن أو قواعد معينة، قم بتبادل الأفكار مع أصدقائك مع إخوتك، أو حتى مع شخص واحد يضيف لك وتضيف له، ولكن لا تنسى احترام قواعد اللعبة، التي من أهمها تقبل الآخر مهما اختلف عنك، التقبل لا يعني التسليم بها ولكن احترام اختلافه.
المصدر
www.arageek.com