العلماء يكتشفون ثقباً أسود عملاقاً تخشاه النجوم.. فهل نخاف على الشمس؟
الثقوب السوداء هي إحدى الحقائق العلمية التي يهتم به الهواة وغير المتخصصين وكانت دائماً محوراً لكثير من قصص الخيال العلمي التي جعلتها ممراً قصيراً للسفر عبر المجرات، ولكن علمياً مازالت هذه الثقوب لديها الكثير من الأسرار لتخرجها، فقد كشفت بحوث علمية حديثة عن إمكانية وجود ثقوب سوداء هائلة الحجم في أماكن كانت غير معروفة في الكون.
ويأتي ذلك الكشف بعدما تم العثور على جسم أسود تبلغ كتلته 17 مليار ضعف كتلة الشمس في إحدى المجرات الكبرى المنعزلة التي تبعد لمسافة 200 مليون سنة ضوئية، بحسب تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، الخميس 7 أبريل/نيسان 2016.
ويتم وصف الثقوب أو الكتل السوداء بأنها "هائلة الحجم" إذا ما تجاوزت كتلتها ملايين أو مليارات أضعاف كتلة الشمس. وقد تم العثور من قبل على ثقوب سوداء هائلة الحجم في وسط مجرات كبرى تقع في مجموعات عنقودية كثيفة بالكون. ومع ذلك، فهذه هي المرة الأولى التي يجد بها علماء الفلك مثل هذا الجسم وسط مجرة كبرى في منطقة خاوية نسبياً من الكون.
أكثر انتشاراً مما نتوقع
وذكرت البروفيسورة تشانغ بي ما، مؤلفة الدراسة من جامعة كاليفورنيا ببيركلي، قائلة: "لم نتوقع رؤية مثل هذا الثقب الأسود الضخم في مكان صغير".
وأضافت أن ذلك فتح المجال أمام هذا الاحتمال المثير للاهتمام. ومع وجود مثل تلك المجرات الأكثر شيوعاً من المجموعات العنقودية الثرية، يمكن أن تنتشر تلك الثقوب السوداء هائلة الحجم.
وقال البروفيسور بوشاك غاندي، من جامعة ساوثهامبتون البريطانية "معنى ذلك أنك لا تحتاج إلى المجموعات العنقودية لهذه المجرات لإيجاد هذه الثقوب السوداء هائلة الحجم. وذلك يعرقل فهمنا لكيفية تكوين هذه الثقوب السوداء العملاقة، ويفسح المجال أمام التكهنات".
ويصف فريق من العلماء من الولايات المتحدة وألمانيا في صحيفة Nature كيف نجم اكتشاف ثقب أسود هائل الحجم في مركز إحدى المجرات المعروفة باسم NGC 1600 عن دراسة كبرى للمجرات الهائلة في الكون.
وتجمع الدراسة البيانات من خلال تليسكوب Hubble Space Telescope و Gemini Telescope في هاواي ومرصد M,cDonald في تكساس بهدف تمكين العلماء من كشف أسرار تكوين الثقب الأسود الهائل والعلاقة بين هذه الأجسام الضخمة في مجراتها.
ومن خلال دراسة حركة النجوم داخل مجرة NGC1600، استنتج علماء الفلك أن هناك ثقباً أسود عملاقاً يقع في منتصف المجرة وتعادل كتلته 17 مليار ضعف الشمس.
وذكرت بي ما قائلة: "الثقوب السوداء وفقاً لتعريفها تكون سوداء اللون، فهي لا تصدر أي ضوء وبالتالي يصعب دراستها. ومع ذلك، تحظى بجاذبية قوية للغاية، ولذلك تجعل النجوم المجاورة لها تدور بسرعة أكبر. ولذلك كنا بحاجة لدراسة النجوم المجاورة للثقب الأسود من أجل قياس حجمها".
النجوم تخشاه؟
وخلال ذلك، اكتشف العلماء أمراً جديداً، وهو أن هناك مجموعة من النجوم حول الثقب الأسود العملاق. وأضافت بي ما قائلة: "يبدو أنها تخشى الاقتراب من الثقب الأسود".
وذكرت أن ذلك يمكن أن يكون قد نشأ حينما اندمجت مجرتان لتكوين مجرة NGC1600. وخلال ذلك، يمكن أن تكون الثقوب السوداء الموجودة في مركز كل مجرة قد اقتربت من بعضها بعضاً وبدأت في الدوران حول بعضها لتشكل ما يُعرف باسم الثقوب الثنائية.
ويمكن أن يؤدي تأثير الجاذبية لدى هذا النظام إلى زعزعة استقرار مدارات النجوم المجاورة وإبعادها عن مركز المجرة.
وقال دكتور جينز توماس، مؤلف الوثيقة من معهد ماكس بلانك للفيزياء اللاأرضية: "في مرحلة ما يقترب الثقبان الأسودان للغاية حتى يندمجا".
ومع ذلك، يعتقد غاندي أن هناك حاجة للمزيد من البحوث لدعم فرضية النظام الثنائي. وذكر قائلاً: "إنه أمر ممكن، ولكن لا يوجد أدلة مباشرة على ذلك في هذه المرحلة".
مجرة عريقة
وقد أشارت بي ما إلى أن كتلة الثقب الأسود العملاق تشير أيضاً إلى ماضي المجرة، حيث يشير حجمه إلى أنه يزداد وزناً من خلال كميات الغاز الهائلة.
وأضافت أن ذلك يؤشر إلى أن المجرة كانت يوماً مصدراً مشرقاً ومفعماً بالطاقة للأشعة. وقالت: "ما نعتقده هو أن النجم قد أفُل ليصبح في صورة هذا العملاق النائم".
وبينما يعتبر NGC1600 هي أول مجرة هائلة منعزلة تضم ثقباً أسود عملاقاً في مركزها، يحرص الفريق حالياً على التعرف على ما إذا كانت هذه الأجسام العملاقة منتشرة في أنحاء الكون.
- هذه المادة مترجمة بتصرف عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على النص الأصلي اضغط هنا.