من الشبهات التي تطال الشيعة عبر قرون وكلما حصلت للمسلمين مصيبة يتهمون الشيعة انهم سببها واحدى هذه الشبهات سقوط بغداد على يد الشيعي ابن علقمي ورغم ذلك تم تكذيب هذه الاسطورة عبر العديد من العلماء الافاضل وكتبهم وهنا نستعرض جزء من كتاب كيف رد الشيعة غزو المغول للشيخ المجتهد على كوراني العاملي

وصلت الخلافة العباسية قبيل الغزو المغولي الى غاية ضعفها بسبب استغراق الخليفة وبطانته وسلاطينه في اللهو الترف وجمع المال ! وكان خطر غزو المغول واضحاً ماثلاً أمامهم ، لكن الخليفة المستعصم بالله ، بقي مستعصماً في اللهو والخمر والنساء ، حتى بعد أن وصل الزحف المغولي الى قصره
وقد شهد بذلك المؤرخ المعاصر للحدث ابن الطقطقي في الآداب السلطانية/27: (وكان المستعصم آخر الخلفاء شديد الكلف باللهو واللعب وسماع الأغاني ، لا يكاد مجلسه يخلو من ذلك ساعة واحدة ، وكان ندماؤه وحاشيته جميعهم منهمكين معه على التنعم واللذات ، لا يراعون له صلاحاً ! وفي بعض الأمثال: الحائن لا يسمع صياحاً !(الحائن: لذي حان هلاكه بحمقه) وكتبت له الرقاع من العوام وفيها أنواع التحذير وألقيت فيها الأشعار في أبواب دار الخلافة ، وملكه قد أصبح واهي المباني ! ومما اشتهر عنه أنه كتب إلى بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل يطلب منه جماعة من ذوي الطرب ، وفي تلك الحال وصل رسول السلطان هولاكو إليه يطلب منه منجنيقات وآلات الحصار ! فقال بدر الدين: أنظروا إلى المطلوبَيْن وابكوا على الإسلام وأهله ! وبلغني أن الوزير مؤيد الدين محمد بن العلقمي كان في أواخر الدولة المستعصمية ينشد دائماً:
كيف يُرجى الصلاح في أمر قومٍ ضيَّعوا الحزمَ فيه أيَّ ضياعِ
فمطاعُ المقال غيرُ سديد وسديدُ المقال غير مطاعِ).انتهى.
2- اختاروا خليفةً ضعيف الشخصية ليكون القرار بيدهم !
قال الذهبي في تاريخه:48/259: (قال الشيخ قطب الدين: كان(المستعصم)متديناً متمسكاً بالسنة كأبيه وجده ، ولكنه لم يكن على ما كان عليه أبوه وجده الناصر من التيقظ والحزم وعلو الهمة فإن المستنصر بالله كان ذا همة عالية وشجاعة وافرة ونفس أبية ، وعنده إقدام عظيم ، استخدم من الجيوش ما يزيد على مائة ألف ، وكان له أخ يعرف بالخفاجي يزيد عليه في الشهامة والشجاعة وكان يقول: إن ملكني الله لأعبرن بالجيوش نهر جيحون وأنتزع البلاد من التتار واستأصلهم ! فلما توفي المستنصر لم يَرَ الدويدار والشرابي والكبار تقليد الخفاجي الأمر وخافوا منه وآثروا المستعصم لما يعلمون من لينه وانقياده وضعف رأيه، ليكون الأمر إليهم ، فأقاموا المستعصم). انتهى.
وقال ابن العبري في تاريخ مختصر الدول/226: (وفي سنة أربعين وستمائة بويع المستعصم يوم مات أبوه المستنصر، وكان صاحب لهو وقصف وشغف بلعب الطيور واستولت عليه النساء ، وكان ضعيف الرأي قليل العزم كثير الغفلة عما يجب لتدبير الدول . وكان إذا نُبِّهَ على ما ينبغي أن يفعله في أمر التاتار إما المداراة والدخول في طاعتهم وتوخي مرضاتهم أو تجييش العساكر وملتقاهم بتخوم خراسان قبل تمكنهم واستيلائهم على العراق ، فكان يقول: أنا بغداد تكفيني ! ولا يستكثرونها لي إذا نزلت لهم عن باقي البلاد! ولايهجمون عليَّ وأنا بها وهي بيتي ودار مقامي ! فهذه الخيالات الفاسدة وأمثالها عدلت به عن الصواب ، فأصيب بمكاره لم تخطر بباله).انتهى.
أقول: أنظر الى هذه البطانة السيئة أيَّ نوع من الناس نصبته خليفة؟! وما الفرق بين منطق(الخليفة)ومنطق مدمن مخدرات؟! وهل منطق بطانته إلا مثله؟!
ثم اعجب للذين يريدون تبرئة هؤلاء السكارى الخوَّارين ، ووضع جريمتهم على عاتق شيعي تقي لا يسكر ولا يرقص ، هو محمد بن العلقمي رحمه الله!
فأين كان ابن العلقمي عندما فرض(الدويدار والشرابي والكبار)مستعصمهم في سنة640، لأنه مفصَّلٌ على مقاسهم (لما يعلمون من لينه وانقياده وضعف رأيه ليكون الأمر إليهم )؟! وكان ذلك قبل سقوط بغداد بخمس عشرة سنة ؟!
وقد وصف في النجوم الزاهرة:6/345 تخليفهم له فقال: (وفيها(640) توفي الخليفة أمير المؤمنين المستنصر بالله... وخطب له يومئذ بالجامع حتى أقبل شرف الدين إقبال الشرابي ومعه جمع من الخدام ، وسلم على ولده المستعصم بالله أمير المؤمنين ، واستدعاه إلى سدة الخلافة ، ثم عرَّف الوزير وأستاذ الدار ، ثم طلبوا الناس وبايعوه بالخلافة ، وتم أمره ) .
3 ـ قام الخليفة وبطانته بعمل أحمق فحلوا جيش الخلافة !
وقد شهدت مصادرهم المعادية للشيعة بهذا المرسوم العجيب ، وأجمعت على أن المستعصم وأباه المستنصر وقادة جيشه الشرابي والدويدار الصغير وأباه الكبير ، اتخذوا قرار تسريح جيش الخلافة وكان عدده مئة ألف ، وأنهم أصروا على ذلك رغم الإعتراضات ، وخطر مجئ المغول الى العاصمة !
قال أبو الفداء في تاريخه/804: (ولما مات المستنصر اتفقت آراء أرباب الدولة مثل الدوادار والشرابي على تقليد الخلافة ولده عبد الله ولقبوه المستعصم بالله ، وهو سابع ثلاثينهم وآخرهم ، وكنيته أبو أحمد بن المستنصر بالله منصور ، وكان عبد الله المستعصم ضعيف الرأي فاستبد كبراء دولته بالأمر ، وحسنوا له قطع الأجناد ، وجمع المال ومداراة التتر ، ففعل ذلك وقطع أكثر العساكر) .
وقال القلقشندي في مآثر الإنافة:2/89: (وأبطل أكثر العساكر ، وكان التتر من أولاد جنكزخان قد خرجوا على بلاد الإسلام على ما تقدم ، وملكوا أكثر بلاد الشرق والشمال...وكان عسكر بغداد قبل ولاية المستعصم مائة ألف فارس ، فقطعهم المستعصم ليحمل الى التتر متحصل إقطاعاتهم ! فصار عسكرها دون عشرين ألف فارس). انتهى.
قال الذهبي في تاريخه:48/34: (وكان المستنصر بالله(والد المستعصم)قد استكثر من الجند حتى بلغ عدد عساكره مائة ألف فيما بلغنا ، وكان مع ذلك يصانع التتار ويهاديهم ويرضيهم). انتهى.
أقول: كان إقبال الشرابي التركي قائد لجيش الخلافة ، وهو الذي اتخذ قرار حل الجيش مع الخليفة المستنصر ، وثار عليه الجند فقمعهم بعنف وقتل منهم قبل أن يجئ المستعصم وابن العلقمي!(النجوم الزاهرة:6/345، وأعيان الشيعة:9/85) .
فكيف نصدق المتعصبين في تحميلهم مسؤولية حل الجيش لابن العلقمي؟! والصحيح أن ابن العلقمي حاول أن يعيد تشكيل الجيش فلم يسمعوا له ! وقد شهد الذهبي وغيره بذلك عن غير قصد، كما شهدوا بأن الخليفة وقائد (جيشه) لم يكونا يسمعان لابن العلقمي رأياً ! قال في تاريخه:48/290: (كان وزيراً كافياً ، قادراً على النظم ، خبيراً بتدبير الملك ولم يزل ناصحاً لمخدومه حتى وقع بينه وبين حاشية الخليفة وخواصه منازعة فيما يتعلق بالأموال والإستبداد بالأمر دونه ، وقويت المنافسة بينه وبين الدويدار الكبير وضعف جانبه حتى قال عن نفسه:
وزيرٌ رضي من بأسه وانتقامه بِطَيِّ رُقاعٍ حشوُها النظمُ والنثرُ
كما تسجع الورقاءُ وهي حمامةٌ وليس لها نهيٌ يطاعُ ولا أمرُ).