اللغة العربية ثاني أكثر اللغات تحدثاً في السويد.. فلماذا لايتم الاعتراف بها؟
لا تمتلك السويد إحصاءات رسمية عن اللغات التي يتحدث بها سكان الدولة الأوروبية، لكن ذلك الأمر أغضب "ميكايل باركفال"، وهو عالم لغات بجامعة ستوكهولم؛ لذا قرر اكتشاف الأمر بنفسه: قرر باركفال اكتشاف ما هي اللغة الأكثر انتشاراً في السويد بعد السويدية؟
وبعد البحث والإمعان في عديد من الإحصاءات، خلُص باركفال إلى نتيجة تقول إن العربية أصبحت الآن أكثر اللغات استخداماً بعد السويدية في هذه الدولة الإسكندنافية، حسب ما نقلت صحيفة الواشنطن بوست الأميركية، الخميس 7 أبريل| نيسان 2016.
اللغة الأصلية
وقد ارتكز باركفال في دراسته على اللغات الأصلية وليس على اللغة الثانية، حيث يرى أن تلك الطريقة أفضل لتحري اللغات التي يتحدث بها السكان في البلاد (رغم أن الإنجليزية تُستخدم على نطاق واسع في السويد، فعدد المتحدثين الأصليين للإنجليزية في السويد يعد قليلاً نسبياً). وفقاً لما أُذيع بإذاعة "راديو سفيريس"، في عام 2012 كان ثمة 200 ألف شخص في السويد يتحدثون الفنلندية كلغة ثانية في مقابل 155 ألف شخص يتحدثون العربية.
وفي تصريحات لWorldViews، قال باركفال إن تدفق اللاجئين والمهاجرين القادمين من الشرق الأوسط تسبب في تغير تلك الأرقام لصالح اللغة العربية وذلك خلال الأعوام الماضية. وفي غضون ندرة المعلومات الرسمية المتعلقة بهذا الأمر يصعب علينا تحديد التوقيت الذي ستتمكن فيه اللغة العربية من تجاوز الفنلندية، لكنه يضع تقديراً للأمر، حيث قال "ربما الآن".
دول أخرى
ولا تعد السويد الدولة الأوروبية الوحيدة التي صارت اللغة العربية فيها ثاني أكثر اللغات استخداماً بعد لغتها الأولى. حيث اكتشف البحث الذي أجراه عالم اللغات أن الأمر لا يختلف عن ذلك في الدنمارك، فضلاً عن أن العربية تعتبر ثالث أكثر اللغات تحدثاً في كل من فرنسا وهولندا.
ومع هذا فإن هذا التحول قد يكون تاريخياً بالنسبة للسويد. يقول باركفال "على مدى تاريخ استخدام اللغة السويدية، كانت الفنلندية هي اللغة الثانية في البلاد". كما أضاف أن هذه التميز للغة الفنلندية يرجع لأكثر من 1000 عام. أما الآن فاللغة الفنلندية تتراجع، فمعظم متحدثي الفنلندية كانوا مهاجرين فنلنديين قدموا إلى السويد خلال حقبة الستينيات والسبعينيات، والآن هم يرحلون عن عالمنا، أما أبناؤهم فقليل منهم من يتحدث الفنلندية.
وقد أدى تدفق المهاجرين إلى السويد خلال الأعوام الماضية إلى تسارع خطى اللغة العربية نحو تجاوز الفنلندية، حيث استقبلت البلاد حوالي 163 ألف طالب لجوء في عام 2015 فقط. لكنّ باركفال يقول إن الأمر كان سيحدث على أي حال مع قدوم الناس إلى السويد من البلاد البعيدة. وأوضح قائلاً "الأمر ليس مفاجئاً لأن الكثيرين يتحدثون اللغة العربية"، وبحنكة لغوي أضاف الرجل قائلاً "إن اعتبرناها لغة واحدة من الأساس".
ويشير باركفال إلى أن افتقار السويد للبيانات المتعلقة باللغات ربما يفاجئ السويديين أنفسهم، حيث قال "أعتقد أن السويديين لديهم صورة في مخيلتهم أن بلدهم يعد عاصمة الإحصاءات، فالأخ الأكبر يعلم كل شيء عنا".
حساسيات ثقافية
ويرى باركفال أن الأمر له ارتباطات وحساسيات ثقافية، فالحكومة ترى أن "وضع خارطة لمتحدثي اللغات يشبه كثيراً وضع خارطة للإثنيات العرقية" على حد تعبيره.
ومع هذا فإن ندرة البيانات قد تخفي الحقيقة التي تشهدها الأمة، فالقانون السويدي يدرج خمس لغات باعتبارها لغات أقليات ويكفل حمايتها، وهي: الفنلندية، والسامية، والرومنية، واليديشية (لغة يهود أوروبا الشرقية)، والمينكيلية.
يقول باركفال إنه مع وجود معيار حماية لغات الأقلية الذي يحدد تلك اللغات، وكذلك في ظل الموقف السياسي الذي تمر به البلاد، فمن المرجح أن تضاف اللغة العربية لتلك القائمة.
فضلاً عن استحالة إغفال تصاعد تأثير اللغة العربية، حيث أعلن "راديو سفيريس" مؤخراً، وهي إذاعة مُمولة من الحكومة، أنهم ربما يبثون برنامجاً باللغة العربية على موجاتهم. وسوف يقدمه فنان كوميدي سوري وصل إلى البلاد العام الماضي.
هذه المادة مترجمة عن صحيفة The Washington Post الأميركية.