على الرغم من أن المسلمين يشكلون حوالي نسبة 14.4% من سكان الهند، إلا أن البلد يعتبر ثاني أكبر بلد في العالم يضم مسلمين (حوالي 176 مليون مسلم)، أي أن الهند تضم حوالي 11% من نسبة المسلمين حول العالم.
وعلى الرغم من كبر عدد مسلمي الهند، إلا أن وسائل الإعلام الغربية نادرًا ما تأتي على ذكرهم. ربما يكون ذلك بسبب أن اهتمام قادة الغرب بمجتمع المسلمين العالمي ينصب على المتشددين الأجانب، حيث يظل معظم مسلمي الهند غير راديكاليين.
تشير مقالة افتتاحية في الإيكونومست إلى “أن ذلك مرده إلى عدة عوامل”، فالتداخل الديني له جذور عميقة في الهند: “ظهر الإسلام في جنوب آسيا منذ ما يزيد على ألف سنة، ولكن كان أغلب المسلمين من الصوفيين الذين أقاموا علاقات وطيدة مع غير المسلمين كالهندوس، وتشاركوا معهم الممارسات الثقافية”، فبناء تاج محل، أحد أبرز معالم الهند، بني من قبل الإمبراطور المغولي المسلم شاه جاهان، وذلك تخليدًا لذكرى زوجته ممتاز محل التي توفيت أثناء وضع حملها، وقد ولد شاه جاهان نفسه من أب مسلم وأم هندوسية.
في عام 2009، أشار الكاتب المخضرم توماس فريدمان إلى أن هناك اتجاهًا متناميًا بين مسلمي الهند نحو رفض دفن المفجرين الانتحاريين، يقول فريدمان “ولهذا يقدم مسلمو الهند – التي تضم ثاني أكبر تجمع للمسلمين بعد إندونيسيا – خدمة جليلة للإسلام برفض دفن جثث الانتحاريين القتلة، قد لا يحد ذلك من تلك العمليات، لكنه سيساعد مع مرور الوقت”.
يضيف فريدمان: “ويعزو هذا الموقف الذي اتخذه مسلمو الهند بشكل قاطع إلى حقيقة أنهم يعيشون في مجتمع موحد وديمقراطي، فهم غير مفتونين بالمتشددين الإسلاميين ولا يتورعون عن مهاجمتهم علنًا، ولهذا لم ينضم سوى قليل من مسلمي الهند إلى القاعدة”.
لكن آخرين يقولون أن وحدة المجتمع الهندي تتراجع، ففي نفس العام، نقلت تقارير أخبارًا عن احتجاجات واسعة ضد عرض فيلم “المليونير المتشرد” الذي حصد العديد من جوائز الأوسكار، وقيل أن وراء تلك الاحتجاجات “متطرفون هندوس”.
ويبدو أن أحوال المسلمين في الهند قد ساءت في أعقاب المذابح التي وقعت بين عامي 1992 و1993 وراح ضحيتها مئات المسلمين على يد فاشيين هندوس. يقول تقرير للإيكونومست “يقبع المسلمون في مؤخرة أي حدث اقتصادي أو اجتماعي، فهم يشغلون حصة ضئيلة من الوظائف العامة والمقاعد الدراسية والسياسية”.
وقد وضع انتخاب رئيس الوزراء الجديد نيراندرا مودي – وهو قومي هندوسي – جزءًا كبيرًا من المسلمين هناك على الحافة، فثمة مخاوف من أن التزام السيد مودي بالهوية الهندوسية قد يقوض التزامه بأيديولجية الوحدة، لكن تعهده بالتعامل مع الدستور العلماني وكأنه “إنجيل” يحد من ذلك القلق.
لكن البعض يقول إن اضمحلال أيديولوجية الوحدة بات ملموسًا، يعزو البعض ذلك إلى ضعف ولاء المسلمين على خلفية التنافس التاريخي مع الجارة باكستان ذات الأغلبية المسلمة، وبسبب الصراع مع الانفصاليين المسلمين في كشمير.
إن المجتمع المسلم في الهند كبير ولا يمكن التخلص منه، كما أن ازدياد عدد المعتدلين من مسلمي الهند يجب أن يؤخذ كدليل على أن أغلبية المسلمين هناك ليسوا متشددين.
المصدر
مجلة الإيكونومست