الصدمة تعتري شباباً عاد صديقهم من الموت
السومرية نيوز/ بغداد
في يوم ربيعي مشمس ذو نسمة باردة، تناول شاب هاتفه الذكي ليلقي نظرة في الفيسبوك ليجد خبراً صاعقاً يفيد بمصرع صديقه المقرب بحادث سير، وبدأ بالنحيب وتواصل مع جميع من يعرفه على الفور، ليتفقوا على الذهاب الى منزل الراحل، هذه الفزعة الإنسانية وجدت استحسان كل الأطراف.
للوهلة الأولى، تبدو وفاة الشاب الذي يتفجر حيوية وكان قبل ساعات يتواصل مع أصداقه، كأنها ضرب من الخيال، لكن ما كتب على صفحة التواصل الاجتماعي يبدو مقنعا، ويوحي بأن الانتقال الى رحمة الله تعالى أمر وارد وقدر لا مفر منه، في هذا اليوم.
المتوفي هو الشاب العراقي نمير، البالغ من العمر 22 عاماً، والأصدقاء هم سلام وشامل ومحمد وشذى، جميعهم وآخرين انتابتهم حالة في الحزن الشديد ولم يستوعبوا الصدمة بسهولة، واتفقوا على التجمع والذهاب الى منزل صديقهم المتوفي للمشاركة في دفنه ومواساة ذويه، لكن حصل ما لم يكن متوقعا، إذ تدخل شاب حذق آخر وشك من الرواية، ورفض التسليم لها، ويشير إلى أنها "مشكوك بها"، لأنها جاءت في يوم يكثر فيه "الكذب" ضمن ما يعرف بكذبة نيسان.
الشباب يبتكرون الكذب في الأول من نيسان سنوياً، من باب المزاح، الى جانب شرائح واسعة من المجتمع، القاسم المشترك بينهم جميعاً هو أنهم يبحثون عن كذبة يصدقونها ليسود جو حماسي سرعان ما يتبدد عند معرفة الحقيقة، كما الحال مع نمير الذي سرعان ما كشف المقلب، لتتحول مشاهد الحزن الى ضحكات وحتى "شتائم" بين المجموعة، للتعبير عن غضبهم من هذه المزحة الثقيلة.
احتفال غير قانوني
بحسب الباحث في مجال التاريخ كريم سلمان، فإن العديد من الدول تحتفل في الأول من شهر نيسان من كل عام، بيوم "كذبة إبريل"، مبينا أن الاحتفال في الواقع غير معترف به قانونياً، لكنه يوم اعتاد الناس فيه على الاحتفال وإطلاق النكات وخداع بعضهم البعض.
ويقول سلمان في حديثه لـ السومرية نيوز، "في هذا اليوم اعتاد العالم على حصول مواقف كثيرة ، معظمها طريفة وبعضها محزن جراء كذب الناس"، موضحا أن أصل هذه الكذبة المنتشرة في غالبية دول العالم باختلاف ألوانهم وثقافاتهم، يعود الى تقليد أوروبي قائم على المزاح يقوم فيه بعض الناس بإطلاق الإشاعات أو الأكاذيب ويطلق على من يصدق هذه الإشاعات أو الأكاذيب اسم "ضحية كذبة نيسان".
وبدأت هذه العادة في فرنسا بعد تبني التقويم المعدل الذي وضعه شارل التاسع عام 1564م وكانت فرنسا أول دولة تعمل بهذا التقويم وحتى ذلك التاريخ كان الاحتفال بعيد رأس السنة يبدأ في يوم 21 آذار وينتهي في الأول من نيسان بعد أن يتبادل الناس هدايا عيد رأس السنة الجديدة.
وعندما تحول عيد رأس السنة إلى الأول من يناير ظل بعض الناس يحتفلون به في الأول من أبريل كالعادة ومن ثم أطلق عليهم ضحايا أبريل وأصبحت عادة المزاح مع الأصدقاء وذوي القربى في ذلك اليوم رائجة في فرنسا ومنها انتشرت إلى البلدان الأخرى وانتشرت على نطاق واسع في إنجلترا بحلول القرن السابع عشر الميلادي ويطلق على الضحية في فرنسا اسم السمكة وفياسكتلندا نكتة نيسان.
أصل الكذبة "هندي"
ويعود الباحث كريم سلمان للقول، إن هناك علاقة قوية بين كذبة نيسان وبين عيد هولي المعروف في الهند والذي يحتفل به الهندوس في 31 آذار من كل عام وفيه يقوم بعض البسطاء بمهام كاذبة لمجرد اللهو والدعاية ولا يكشف عن حقيقة أكاذيبهم هذه إلا مساء اليوم الأول من نيسان، مبينا أن رأيا آخراً يرجع أصل الكذبة إلى القرون الوسطى، إذ أن شهر نيسان في آنذاك كان وقت الشفاعة للمجانين فيطلق سراحهم في أول الشهر ويصلي العقلاء من أجلهم، ونشأ العيد المعروف باسم عيد المجانين أسوة بالعيد المشهور باسم عيد القديسين.
يذكر أن باحثين يؤكدون أن كذبة أول نيسان، لم تنتشر بشكل واسع بين غالبية شعوب العالم إلا في القرن التاسع عشر، والواقع أن كل هذه الأقوال لم تكتسب الدليل الأكيد لإثبات صحتها وسواء كانت صحيحة أم غير صحيحة، إلا أن المؤكد أن قاعدة الكذب كانت وما تزال أول نيسان، ويعلق البعض على هذا بالقول، إن "شهر نيسان يقع في فصل الربيع ومع الربيع يحلو للناس المداعبة والمرح".
المصدر