اكدت مديرية الآثار والمتاحف السورية، الجمعة، امكانية اصلاح وبناء معبد "بل" في مدينة تدمر الاثرية الذي فجره تنظيم "داعش" العام الماضي، فيما اشار الى أن حجم الأضرار بالكامل في المدينة الأثرية قد لا يكتمل قبل أسابيع.
وقال المدير العام للآثار والمتاحف السورية مأمون عبد الكريم إن "معبد بل في تدمر الذي فجره تنظيم داعش العام الماضي يمكن إصلاحه لكن تقدير حجم الأضرار بالكامل في المدينة الأثرية قد لا يكتمل قبل أسابيع بسبب الألغام التي زرعت بين الآثار".
وأظهرت صور التقطتها الأقمار الصناعية بعد نسف المعبد الذي يعود لألفي عام وصور أخرى نشرت بعد استعادة قوات الحكومة السورية السيطرة على المدينة يوم الأحد أن المعبد انهار تقريبا بالكامل وتحول إلى كومة أنقاض.
وكان المعبد واحدا من الآثار المهمة التي فجرها التنظيم في المدينة العام الماضي بينها معبد بعل شمين وقوس النصر والأبراج الجنائزية.
ورغم الضرر الكبير فقد قال عبد الكريم إن معبد بل لم يتحطم بالكامل وإن أساساته لا تزال سليمة إلى حد بعيد.
وبني معبد بل لأحد آلهة بلاد ما بين النهرين ثم أصبح كنيسة ثم مسجدا. وفي محراب داخلي أظهرت نقوش سبعة كواكب تحيطها علامات الأبراج إلى جانب موكب من الجمال ونساء منقبات.
وقال عبد الكريم لرويترز في دمشق "يقولون إنه تحول لبودرة. لم يتحول لبودرة... هناك أعمال ترميم والبنية التحتية جيدة."
وكان يتحدث قبل رحلة لباريس حيث قال إنه سيحضر اجتماعا لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة سعيا للحصول على مساعدة دولية لإعادة بناء تدمر. ودعا الرئيس السوري بشار الأسد العالم للمساعدة أمس الأربعاء.
وذكر عبد الكريم أن مهندسين عسكريين سوريين يمشطون المنطقة بالفعل بحثا عن ألغام يشتبه في أن تنظيم الدولة الإسلامية زرعها وسط الآثار.
وأضاف أن وحدات نزع ألغام روسية تستخدم أجهزة الإنسان الآلي والكلاب البوليسية وصلتسوريا لبدء تطهير المنطقة في أحدث دعم لسوريا من موسكو.
وساعد التدخل العسكري الروسي قبل ستة أشهر في تحويل مسار الصراع المستمر منذ خمسة أعوام لصالح الأسد وقلص مكاسب حققها مسلحون يدعمهم الغرب العام الماضي في شمال غرب سوريا قبل أن تشارك موسكو في الهجوم على تدمر الذي فتح صحراء سوريا الشرقية أمام القوات الحكومية.
والتزم الغرب الصمت إزاء أنباء استعادة السيطرة على تدمر بينما رحبت بعض الحكومات بالانتكاسة التي مني بها تنظيم داعش رغم أنها لم تبد استعدادا للاحتفال بانتصار رئيس يطالب كثير منها برحيله منذ خمسة أعوام.
*كنوز وذهب
كما دمر تنظيم داعش مدنا تعود للحقبتين الآشورية والرومانية في العراق وحقق مكاسب من بيع الآثار المسروقة.
ولا تزال آثار مهمة أخرى في تدمر - التي تصنفها اليونسكو بأنها ملتقى للثقافات وتمثل أهمية كبرى لعلماء الآثار والمؤرخين والسياح - موجودة مثل المسرح الروماني وما يعرف باسم الشارع المستقيم.
وقال عبد الكريم إن مسؤولين فحصوا الأضرار في متحف تدمر حيث يوجد تمثال أسد اللات الذي يبلغ وزنه 15 طنا والذي عثر عليه مكسورا في حديقة المتحف. وكان التمثال قد خضع لعملية ترميم من قبل بعد أن تعرض للكسر لبناء متحف آخر.
وأضاف أنه جرى نقل 400 قطعة أثرية من الموقع لحفظها قبل أن يسيطر تنظيم داعش على تدمر في مايو أيار الماضي لكن صورا تلفزيونية من المتحف أظهرت تماثيل مشوهة أو محطمة وصناديق عرض محطمة.
وقال إن "داعش كانوا يبحثون عن الكنوز.. يبحثون عن الذهب كانوا يفترضون وجود أطنان من الذهب في عقلهم المريض لكن لم يجدوا أطنانا من الذهب لأن الآثار نقلت إلى الشام (دمشق)"
وشبه عبد الكريم عملية ترميم التماثيل المشوهة بالعمليات التجميلية التي يخضع لها المرضي الذين أصيبوا بحروق خطيرة.
وقال "إنها مثل الرجل الذي احترق وجهه...الجمال لن يعود كما سبق لكنه بقي عائشا وحيا."
*أجهزة روبوت روسية
وقالت وزارة الدفاع الروسية إنه طبقا للأرقام الأولية سيقوم خبراء تفكيك الألغام بتمشيط نحو 450 فدانا من الأراضي بهدف تطهير المنطقة الأثرية والمناطق السكنية من المدينة.
وأضافت الوزارة أن عمل هذه الأجهزة سيواجه عراقيل لأن مقاتلي تنظيم داعش المنسحبين "تركوا وراءهم كمية متنوعة من العبوات الناسفة في تدمر إلى جانب الألغام التقليدية."
وقال عبد الكريم إن المتشددين خططوا "لتدمير المدينة" لكنهم لم ينفذوا ذلك.
وتابع "لا نستطيع أن نقيم الأضرار التي لحقت ببنية الموقع الأثري بسبب التنقيب السري الإجرامي.. نحن بحاجة لأسابيع حتى نقوم بعملية تقييم الأضرار"
ومضى يقول "دخلنا المتحف وقمنا بإجراءاتنا ودخلنا معبد بل ووصلنا لأقواس النصر ووصلنا للمسرح والشارع المستقيم لكن كل ما يكون فيه أراضي ترابية لا نستطيع الدخول هناك خوف على حياة الناس لأنه قد تكون هناك ألغام."
ومن المتوقع أن تستغرق مهمة تطهير تدمر -التي قالت مصادر عسكرية لوسائل إعلام روسية إنها ستتضمن 100 جندي على الأقل- عدة أشهر.
وستستغل القوات الروسية خبرتها الطويلة في مجال نزع الألغام في إقليم شمال القوقاز الذي يشهد تمرد متشددين إسلاميين منذ سنوات.
وفي المهام الأصعب قالت روسيا إنها سوف تستعين بالكلاب البوليسية وأجهزة روبوت من طراز أوران-6 التي يمكن التحكم بها من على بعد نحو كيلومتر وتقوم بعمل 20 خبيرا في نزع الألغام.
المصدر
www.alsumaria.tv