بيوم من الايام جنت انتظر بالشارع على باص يوصلني لباب الشرجي، وبعد انتظار طويل شفت سيارة آخر موديل جايه من بعيد ، تنهدت و تحسّرت و حسدت صاحبهاو كلت: أكيد صاحبها أسعد انسان لأن عنده هيجي سيارة فاخرة... إيييييه.. هنياله...
أشّرت للسايق، بلكد كلبه يحن و يعطف عليه، وياخذني ويّاه... والله صدك وكف... ركضت و فتحت الباب و سلّمت عليه و ركبت...
شكرته عالتوصيله و بدينه نسولف.. وبينت عليه علامات الحزن و الهم فكتله: خير انشاءالله... ليش انته مهموم؟
طفرت الدمعه من عينه و بده يحجيلي سالفته وكال:
جان عندي صديق، ما اخيره عليك، اعز من روحي ، تربينه سوه و كبرنه سوه و تزوّجنه بنفس اليوم و لبسنه عسكريه سوه، جنّه اكثر من اخوة ، ربَّ أخٍ لك لم تلده أمّك ، وبيوم من الأيام و احنه عالجبهة أيام الحرب اجانه أمر، آني و هو، أن نتقدّم كدّام القطعات الامامية و نوصل قريب من قطعات العدو و نرصد احداثيات قطعه العسكرية و عددها و نوصّل المعلومات للقيادة.
جانت الأرض الحرام متروسه الغام و جان لازم نجتاز حقول الالغام هاي، و احنه و حظنه لو ندبرهه لو ينفجر بينه لغم و نموت، جانت الدنيه كلش ظلمه، والكمر غايب، و كل مدة ينضرب تنوير فوكانه و احنه ننبطح ونزحف وبقينه نتقدّم وتجاوزنه نص المسافة و فجأةّ حسّيت بلغم جوه رجلي ، كتله لصاحبي بأن آني دايس على لغم وبس ارفع رجلي ينفجر و اصير مية وصله، كام يبجي و حضني و كال ما اعوفك ، شيل رجلك حتى نموت سوه، كتله لا.. انته لازم تعيش و تروح تنطي محبس زواجي لزوجتي و تكوللها بأن آني احبها، لتخليها تنقهر و تدير بالك عليها ، انته اخويه و اعرفك ما تقصّر. اخذ المحبس و باسني و رجع باتجاه قطعاتنه .. انتظرت الى أن اختفى بالظلام... باوعت يمنه يسره و لكيت اكو حفرة قريبه مني ، فقررت اشمر نفسي بالحفرة بلكد اخلص.. توكّلت على الله و انبطحت بالحفرة.. و انفجر اللغم و شال ويّاه كومة تراب و طمّتني، و اشتغل القصف والضرب بالمدفعية حوالي ساعة وآني مدفون جوه التراب، ما أدري آني صاحي لو مبتور مني شي، و بعد ما وكف الضرب و كلشي هدأ طلعت من الحفرة و الحمد لله ما متصوّب، كمت ازحف باتجاه قطعاتنا ، زحفت حوالي مية متر و شفت أكو جثة بالطريق ، اقتربت منه و اذا هو صديقي انضرب شضيه براسه و مات... شوف الضيم.. المفروض آني اللي أموت... هو مات و آني بعدني عايش...