قد يكفل لك التصرف بطريقة تظهر صلابتك مزيداً من التفوق الاجتماعي، لكن هل يمكن لهذه الطريقة أن تؤثر سلباً على متوسط عمرك؟
أشارت إحدى الدراسات التي نُشرت مؤخراً إلى أنه كلما زاد اعتقاد الرجل بقوته، قلّت احتمالات صدقه مع الأطباء، ما يؤدي إلى زيادة معاناته من عواقب عدم تشخيص الأمراض بشكل مناسب، كما نقلت صحيفة تلي غراف البريطانية، الخميس 24 مارس/آذار 2016.
فقد اكتشف فريق الباحثين بجامعة روتجرز أن الرجال أقل ذهاباً للطبيب مقارنة بالنساء، وإن قرروا الذهاب للطبيب، فعادة ما يقع اختيارهم على أحد الأطباء الرجال، ومع ذلك فإنهم يكونون أقل صدقاً في الحديث عن الأعراض التي يعانون منها.
أما الدافع الرئيسي لإجراء هذه الدراسة فهو البحث عن إجابة هذا السؤال: "لماذا يموت الرجال قبل النساء؟"، بحسب ديانا سانشيز، أستاذة علم النفس الباحثة الرئيسية في هذه الدراسة، التي تضيف: "التوقعات عادة ما تشير إلى وفاة الرجال قبل النساء بخمس سنوات، بينما لا توجد فروق فيسيولوجية تبرر هذا الفارق".
وقامت سانشيز وفريقها بإجراء هذه الدراسة عن طريق المقابلات وطرح الأسئلة على عينة مكوّنة من 193 طالباً (88 رجلاً، و105 نساء) في إحدى الجامعات الحكومية الكبرى شمال شرق الولايات المتحدة، بالإضافة إلى عينة أخرى من السكان، مكوّنة من 298 شخصاً، نصفهم من الرجال. لتجد أن الرجال الذين يملكون تعريفاً تقليدياً للرجولة، باعتبارها الشجاعة والاعتماد على الذات وكبح التعبير عن المشاعر، هم عادة ما يكونون أكثر عرضة لتجاهل مشاكلهم الطبية أو تأجيل التعامل معها، مقارنة بالنساء أو بالرجال ذوي الأفكار الأقل تقليدية.
وعلى الرغم من ميل الرجال لاختيار أطباء من نفس جنسهم، فقد وجدت الدراسة أنهم في نفس الوقت يكونون أقل ميلاً لمصارحة رجل آخر بحقيقة أعراضهم المقلقة.
وهو ما فسّرته سانشيز بقولها: "لأنهم لا يرغبون في إبداء ضعفهم أمام رجل آخر حتى وإن كان طبيباً". ومن المفارقات التي توصلت لها الدراسة أن الرجال يميلون إلى التصريح بالأعراض الحقيقية التي يعانون منها أمام الطبيبات، ويعتقد الأكاديميون أن هذا ربما يرجع لاعتقادهم بأن الكشف عن نقاط ضعفهم أمام النساء لن يؤثر على موقعهم في التسلسل الهرمي الذكوري.
لكن سانشيز أكدت أن الاعتماد على النفس فيما يتعلق بالأمور الطبية أمرٌ مدمّر لكلا الجنسين، وأشارت إلى أهمية الاستشارة الطبية عند ظهور أول أعراض المرض.
كما أضافت سانشيز أن "الأمر أكثر سوءاً لدى الرجال، فلديهم هذا الدليل الثقافي الذي يخبرهم بأن عليهم أن يكونوا شجعاناً وشديدي الصلابة، على العكس من النساء اللاتي لا تُفرَض عليهن رسالة ثقافية مضمونها أن النساء الحقيقيات لا يمرضن