Tuesday 17 July 2012
مشاهد العري والرقص والحب كانت السبب الأساسي للفتوى
تحريم متابعة مسلسلات رمضان يثير ردود فعل متباينة
الإسلاميون في مصر يُحَرّمون مشاهدة مسلسلات رمضان
تشكل المسلسلات الدرامية الرمضانية نقطة هامة في مصر بعد الثورة حيث لجأ الاسلاميون الى تحريم مشاهدتها لكونها تتضمن "عري ورقص وحب"، ما أثار ردود فعل متنوعة بين من أيد الفكرة ومن رفضها.بعد انتهاء أزمة المادة الثانية من الدستور دخل السلفيون معركة جديدة مع العاملين في الوسط الفني، حيث فجَّر الداعية السلفي الدكتور ياسر برهامي – نائب رئيس الدعوة السلفية- قنبلة جديدة بإعلانه تحريم مشاهدة مسلسلات شهر رمضان، مفسرا قوله بأن هذه المسلسلات كلها "عري ورقص وحب". وتساءل في حوار له بث على إحدى الفضائيات المصرية،عما أعد المسلمون لاستقبال شهر رمضان؟ مؤكدا أن سماع الموسيقى يغير القلب باعتبارها من المحرمات، واستشهد بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم- الذي رواه البخاري: «ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الخمر والحرير والمعازف».
ومتابعا: إن حكم الحرمة يمتد إلى المسلسلات التي تعرض على الشاشة، وخصوصا خلال شهر رمضان الكريم.
وأكد أن كثرة مشاهدة هذه المسلسلات تميت القلوب، قاطعا الطريق على من يقول: بإباحة مشاهدة تلك المسلسلات قائلا: لا يوجد عالم في قلبه مثقال ذرة من علم يحلل مشاهدة هذه الأعمال، مقترحا استبدال تلك المسلسلات الفاحشة بفن إسلامي يدعو الناس إلى أداء العبادة واستشعارها روحيا حتى يجد لذتها.
وقد تباينت ردود الأفعال حول فتوى الدكتور برهامي ما بين مؤيد ومعارض، حيث اتفق مع الفتوى الدكتور طارق الزمر، القيادي في الجماعة الإسلامية والذي أكد لـ"إيلاف" أنه لا سياسة في الدين، وقول الحق واجب على كل مسلم والله - سبحانه وتعالى- سوف يحاسب البشر على ما يقولونه، ولذلك فلا يجوز مجاملة أهل الفن فيما حرمه الله تعالى .
وأشار إلى أن مشاهدة ما يثير الغرائز حرام شرعا، وجميع المسلسلات فيها تجاوزات من جانب الفنانين، سواء من خلال الملابس أو المشاهد الخارجة، إلى جانب كونها لا تزرع القيم الإسلامية في الشباب بل تقوم بإفسادها.
وطالب الدكتور زمر بضرورة محاسبة القائمين على هذه المسلسلات الفاحشة التي تعرض على شاشات الفضائيات والقنوات الأرضية، سواء في رمضان أو غيره، وكون هؤلاء المسؤولين سببا في ضياع الشباب، ونشر الفسق على مدار السنوات السابقة بهدف إشغالهم عن العمل في السياسة .كما اتفق مع الفتوى الدكتور يسري حماد، نائب رئيس حزب النور السلفي، مطالبا استبدال هذه الأعمال التي تنشر الرزيلة بما أسماه «الفن الإسلامي» الهادف.وقال: "الفن ليس حرما، ونحن نؤمن برسالته ونقدر من يعمل فيه، ولكن بما يتوافق مع احترام الشريعة الإسلامية وتقاليد وعادات المجتمع، وبما يساعد على بناء قيم العمل والأخلاق في الشباب"، ضاربا المثل بالفن الإيراني والذي سبق الفن المصري بالكثير.
وأضاف حماد في حديثه لـ"إيلاف":
"رمضان تحول كل عام إلى سباق لنشر الدراما التي لا تخلو من المحرمات كتبرج النساء والاختلاط المحرم، مما يعتبر تعديًّا على حدود الله، وجميع هذه الأسباب كافية لحرمة مشاهدتها سواء في رمضان أوغيره.وطالب حماد المواطنين بتخصيص رمضان للعبادة، وألا يضيعوا صيامهم بمشاهدة المسلسلات .
وأشار محسن راضي القيادي في جماعة الإخوان، ووكيل لجنة الثقافة في مجلس الشعب المنحل، إلى تأييد حزب الحرية والعدالة في وجود فن إسلامي يقدم للناس القيم والأخلاق، عبر فنانين يؤمنون بقضية وجود فن هادف، بعيدا عن الابتذاذ المعتمد على الإثارة والغرائز الجسدية.
وقال لـ"إيلاف": إن التمثيل في مصر يحتاج إلى مراجعة وتقييم من جانب العاملين فيه، بحيث يؤمنون بقيمة رسالة الفن، وكيف يعمل على بناء مصر بعد الثورة.
لذلك قرر حزب الحرية والعدالة الدخول في إنتاج دراما إسلامية تظهر قيمة الفن الحقيقي، وتكون نموذجا للآخرين .
في حين أكد الشيخ علي أبو الحسن رئيس لجنة الفتوى الأسبق لـ"إيلاف" أن التمثيل ليس حراما بشكل عام، ولكن لا بد من توافر شروط فقهية في العمل الدرامي من بينها أن يكون العمل هادفا يحافظ على قيم الإسلام، وأن يبتعد عن إثارة الغرائز بعرض مشاهد مخلة، أما إذا كانت المسلسلات تشتمل على منكرات فمشاهدتها حرام مصداقا لقول الله- تعالى- : «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم»، وقوله تعالى:
«وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن»في المقابل أكد طارق الشناوي الناقد السينمائي لـ"إيلاف" إن الوسط الفني يسمع ما بين الحين والآخر مثل هذه الفتاوى حتى قبل الثورة وصعود التيار الإسلامي بعدها، فمن يفتي بمثل هذه الفتاوى إنسان يعيش في كوكب آخر -على حسب وصفه- .
وقال:
إن جميع المسلسلات التي تعرض في مصر والوطن العربي في رمضان تتسم بالاحترام، وإذا كانت المشاهد الخارجة تعرض في السينما فهناك لافتة للكبار فقط.
مشيرا إلى أن الرئيس محمد مرسي أكد في خطابه الذي ألقاه في ميدان التحرير على تقديره للفن وأهله، وعلى عدم المساس بالحريات العامة، وأكدت الجمعية التأسيسية للدستور على هذا الأمر، ومن غير المنطقي أن يحافظ النظام السابق على حرية الفن والإبداع ويأتي نظام بعد الثورة ليفرض القيود على الحريات .
وعن تفوق الدراما الإيرانية رغم التزامها بالآداب العامة والقيم الإسلامية أوضح الشناوي أن الفارق بين الدراما الإيرانية والمصرية، ليس في العري والقبلات أو ظهور الممثلات بالحجاب في الأعمال الدرامية، ولكن الدراما الإيرانية تبحث عن الفكرة التي لا تحتاج لمشاهد عري على سبيل المثال الفيلم الإيراني "مثل ما نحب" الذي برغم كون إنتاجه فرنسي ياباني مشترك إلا أنه لم يحتو على مشاهد خارجة .
وقال إن التمثيل فيه جزء كبير من تجسيد الواقع، وبالتالي فمن الطبيعي أن تظهر المرأة بدون حجاب في المنزل، ولكن رجال الدين لا يعرفون أبعاد هذا الأمر.
والجمهور المصري لديه قدر كبير من الوعي، ولن يلتفت لهذه الفتوى والمسلسلات الهادفة التي سوف تجذب المشاهد لها بما لا يتعارض مع الشهر الكريم وعباداته.