في 21 من فبراير 1965 في مدينة نيويورك، اغتيل مالكوم اكس، رجل قومي أفروأمريكي وزعيم ديني، من طرف معارضين له من منظمة ’’أمة الإسلام‘‘ عندما كان يلقي خطابا موجها إلى أتباعه في منظمة الوحدة الأمريكية الأفريقية التي كان يتزعمها.
يعتبر مالكوم أو اكس رمزا تاريخيا في القرن الذي ودعناه وبطلا من أبطال تحرير الأمريكيين الأفارقة من العنصرية. شخصيا، أعتبره أحد قدواتي فهو شخصية عظيمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى قصة حياته ملهمة ومليئة بالدروس.
المرحلة الأولى
: الطفولة وقساوة المعاناة من العنصرية
ولد مالكوم ليتل في أوماها بولاية نبراسكا، سنة 1925، مالكوم هو ابن جايمس ايرل ليتل، قس ومبشر تبنى مبادئ الناشط القومي الأسود ماركوس كارفي. التهديدات من منظمة كوك كلوكس كلان العنصرية المتطرفة أجبرت عائلته إلى الرحيل نحو لانزينغ بولاية ميتشغان، حيث كان والده مستمرا في التبشير بالخطب والمواعظ المثيرة للجدل رغم استمرار التهديدات.
في سنة 1930، قتل والد مالكوم بطريقة وحشية من طرف منظمة عنصرية من البيض تدعى فيلق تفوق العرق الأبيض على الأسود حيث وضعوا والد مالكوم على سكة القطار، ورفضت السلطات في ميتشغان متابعة مرتكبي الجريمة قانونيا بدعوى انتحار والد مالكوم.
أصبح مالكوم حاقدا على البيض بعد هذه الحادثة وقاسيا وساءت سلوكياته إلى أن أخد مالكوم من عائلته في سنة 1937 من طرف مؤسسة الرعاية الاجتماعية للأحداث (القاصرين). وفي تلك المؤسسة الإصلاحية قرر أن يكمل تعليمه حتى يكسب احترام أقرانه الذين كانوا ينعتونه بالزنجي.
في هذا الوقت وصل إلى سن الثانوية، وبعد أن علم انه لا يمكن يحقق حلم طفولته بأن يصبح محاميا بسبب العنصرية، ترك الدراسة وانتقل إلى واشنطن للعمل كبائع متجول خصوصا بعد إصابة والدته بالجنون وتشرد إخوته، وهناك سينخرط في أعمال إجرامية لاحتكاكه المباشر بعصابات الشوارع السود.
عصابة كوك كلوكس كلان العنصرية المتطرفة
المرحلة الثانية: التغير في السجن ومرحلة جماعة ’’أمة الإسلام‘‘
في سنة 1946 وفي سن الواحد والعشرين، أرسل مالكوم إلى السجن باعترافه بأعمال السطو وحكم عليه بعشر سنوات، كان السجن ساحة للنقاشات الفكرية والأديان والفلسفة.. ثم بلغه أمر منظمة ’’أمة الإسلام‘‘ من طرف إخوته فتلقى تعاليم اليجاه محمد زعيم المنظمة وكانت تعاليم هذا الدين عبارة عن إسلام مبعثر مليء بالخرافات والابتداعات ومنها على سبيل المثال أنهم كانوا يؤمنون بإلهين، إله للبيض شرير وإله للسود خير. وعرفت هذه المنظمة لدى العامة بمنظمة المسلمين السود. ’’أمة الإسلام‘‘ كانت تدعو إلى قومية السود وإلى التفريق العرقي وتتهم الأمريكان من أصول أوروبية بكونهم شياطين بدون أخلاق وأن الملائكة على عكسهم هم سود.
تعاليم محمد اليجاه كان لديها تأثير قوي على مالكوم اكس، وبعد كل هذه التعاليم والمناقشات الفكرية مع السجناء كان لابد أن يدخل في برنامج مكثف من القراءة والتعليم الذاتي حيث كان يلتهم الكتب بمعدل 15 ساعة يوميا في السجن ليتسلح بالمعرفة ثم لقن نفسه بالاسم الثاني X الذي يرمز إلى أصول هويته الأفريقية. تعلم مالكوم اكس في السجن مهارة الخطابة والتأثير حيث لوحظ تأثيره الايجابي على المجرمين.
بعد 6 سنوات تم إطلاق سراح مالكوم اكس لحسن سلوكه فأصبح واعظا مخلصا ومؤثرا في منظمة ’’أمة الإسلام‘‘ والناطق الرسمي باسمها في هارلم بولاية نيويورك. وعلى النقيض من زعماء الحقوق المدنية مثل مارتن لوثر كينغ، دافع مالكوم اكس عن حق الدفاع عن النفس وتحرير الأمريكيين الأفارقة ’’وبأي معنى تقتضيه الضرورة‘‘.
وكخطيب يجلب الفخر، حظي مالكوم بالإعجاب الشديد من مجتمع الأمريكيين الأفارقة في نيويورك وذاع صيته في باقي البلاد.
مالكوم اكس مع مارتن لوثر كينغ
في بداية الستينيات، بدأ مالكوم في تطوير خطاب فلسفي يلقى صدى أكثر من معلمه محمد اليجاه الذي كان لا يتلاءم بشكل كافي مع دعم حركة الحقوق المدنية التي كان يتزعمها مارتن لوثر كينغ. في أواخر سنة 1963، كان رأي مالكوم حول اغتيال الرئيس جون كينيدي النقطة التي أفاضت الكأس في مسار الخلافات بين مالكوم ومعلمه اليجاه محمد مما دفع باليجاه محمد – الذي أيقن أن مالكوم أصبح قوي التأثير – ليقرر إنها الفرصة المناسبة لتعليق نشاطه من منظمة أمة الإسلام.
خطاب مالكوم اكس: من علمك أن تكره نفسك؟
المرحلة الثالثة: رحلة الحج والتغير الأعمق
بعد بضعة شهور، غادر مالكوم بصفة رسمية المنظمة ثم قام بتأدية مناسك الحج في مكة، حيث تأثر بعمق بالغياب التام للعنصرية لدى المسلمين المشارقة رغم انه قضى 12 يوما فقط… ثم ذهب للأزهر وتعلم وفهم أكثر علي يد شيخ الأزهر حسنين مخلوف وعاد إلى أمريكا باسم الحاج مالك الشباز.
وفي يونيو 1964 أسس منظمة الوحدة الإفريقية الأمريكية، التي دافعت عن هوية السود وأكدت أن العنصرية، وليس البيض، هي المصيبة الأعظم التي تواجه الأمريكيين الأفارقة. الحركة الجديدة التي أسسها مالكوم كسبت الأتباع بشكل متزايد، وفلسفته الأكثر اعتدالا أصبحت مؤثرة بشكل يتعزز كل يوم في حركة الحقوق المدنية التي كان يقودها مارتن لوثر كينغ، وخصوصا بين قادة لجنة التنسيق الطلابية (منظمة غير عنيفة).
رحلة التغيير ما بين مكة ومصر
في 21 فبراير 1965، بعد أسبوع واحد من إضرام النار في منزله، اغتيل مالكوم اكس من طرف 3 أعضاء من منظمة ’’أمة الإسلام‘‘ بواسطة 16 رصاصة بينما كان يلقى إحدى خطاباته النارية على أتباعه على مسرح ادوبون في ولاية نيويورك.
المصادر
١،
٢،
٣،
٤