مدينة الرفاعي في محافظة ذي قارمدينة الرفاعي هي أحد الاقضية المهمة والكبيرة في شمال محافظة ذي قار وتقع حوالي (300كم ) جنوب العاصمة العراقية بغداد .
يعود تاريخ تأسيس هذه المدينة الى عام 1880م الا ان البعض من الكتاب والمؤرخين يرى بأن بداية نشوؤها وتأسيسها هو عام 1864م ومن هؤلاء الاستاذ ثامر عبد الحسن العامري في كتابه ( مدينة الرفاعي ) , ويرى البعض الاخر ومنهم الباحث عدنان عبد غركان في كتابه ( مدن جنوبيه ) بأن تاريخ تأسيسها وظهورها للوجود كمدينه هوعام 1889م , ويذهب أخرون الى اقرب من ذلك ومنهم الاستاذ عبد الستار البعاج في الصفحة 92 من كتابه ( ماضي العراق وحاضره ) حيث يعتقد بأن تاريخ تأسيسها هو عام 1893م , ولكن الاكثرية المهتمة بهذا الشأن تجمع على ان تاريخ تأسيس مدينة الرفاعي هو عام 1880م بما لديهم من ادلة وشواهد .
سميت مدينة الرفاعي في بداية تأسيسها بمدينة ( الكرادي ) بأسم كنية أحد كبار تجارها في ذلك الزمن ( الحاج عباس صالح الكرادي ) الذي كان يمتهن تجارة الحبوب وتخزينها على جانبي نهر الغراف لتصديرها الى خارج العراق مما تدر به أراضي هذه المدينة الخصبة المعطاء الشاسعة الواسعه الممتدة شرقاً حتى حدود محافظة العمارة وغرباً حتى حدود محافظتي الديوانية والسماوة من محاصيل الحبوب كالحنطة والشعير والغلال المتنوعة الاخرى .
واشتهرت هذه المدينة ايضاً منذ بداية تأسيسها بتجارة الجياد العربية حيث يتم تجميعها وترويضها والاهتمام بها فى اماكن خاصة من قبل الكثير من محترفي هذه المهنة (الحصّانه ) ثم يقوم بعض من تجار هذه المدينة ومن ابرزهم ( التاجر المعروف المرحوم الحاج خضر البهادلي ) بتصديرها الى الهند وجنوب شرق اسيا بعد ان يتم تحميلها على مراكب وسفن كبيرة في ميناء البصرة وذلك في رحلة سندبادية طويلة وشاقه عبر البحار والمحيطات بالرغم مما يلاقونه من أهوال ومخاطر وصعاب تهدد بضاعتهم وحياتهم معاً , ولكن سرعان ماتتبدد تلك المخاطر والصعاب عند عودتهم سالمين الى ارض الوطن وعند حساب الربح يبدأ التخطيط لرحلة تجارية قادمة اخرى , وقد أشار الى ذلك الاستاذ حسن علي خلف في كتابه الموسوم ( المفصل في تاريخ مدينة الناصرية ) وهو يتحدث عن بعض المهن التي كان يمارسها أهالي مدينة الرفاعي في ذلك الزمن حيث يقول ( وكانوا يتعاطون البيع والشراء بالحبوب والمواشي وخاصة الخيل لتسفيرها الى الهند عبر الخليج العربي وكانت تجارة رائجة انذاك يشجعها الانكليز ) .
وفي عام 1928م وبعد سنوات قليلة من تشكيل اول حكومة وطنية عراقية وتنصيب فيصل بن الشريف حسين ( فيصل الاول ) ملكاً على العراق تم ترقية هذه المدينة من ناحية الى قضاء ومنحها صفة ادارية جديدة بأسم ( قضاء الكرادي ) بموجب الارادة الملكية ( المرقمه 77 في 20 مايس 1928 ) ، ثم أبدل اسمها في عام 1935م الى ( قضاء الرفاعي ) نسبة الى الامام الصوفي سيد أحمد بن سيد سلطان علي الرفاعي ( الامام السيد أحمد الرفاعي ) المتوفي سنة ( 578 هجريه - 1182م ) والموجود ضريحه الشريف بمنارته الشاهقه شرق هذه المدينة في منتصف الطريق العام الرابط بين مدينة الرفاعي ومدينة العماره .
قبل حوالي خمسة الاف عام سادت على ربوع هذه الارض الطيبة أولى الحضارات الانسانية في العالم في مملكتين مهمتين للحضارة السومرية هما مملكة لكش 12كم جنوب شرق مدينة الرفاعي ومملكة أوما 23كم الى الغرب منها وكانت هذه الارض الرحبة ساحة واسعة لنزهتهم وافراحهم وملاعب لهوهم وحملات صيدهم بالاضافة الى اعمال الزراعة والرعي , وكانت أيضاً مسرحاً لحروبهم الطاحنة والطويلة حول المياه والتي استمرت لسنوات طوال قبل ان يأمر الملك السومري ( أونتمينا ) الذي حكم لكش قرابة 30عام بشق نهر الغراف الحالي الذي يأخذ مياهه من نهر دجله قرب مدينة الكوت .
ثم تعاقبت على هذه الارض أمم ودول وحضارات لا زالت اثارها واطلالها شاخصة الى يومنا هذا في 140 موقع اثري أشرتها مديرية الاثار العامه تنتشر حول مدينة الرفاعي وضمن حدودها الادارية وبعضها في داخلها مثل الموقع الاثري المسمى محلياً ( أيشان ابو خشيبه ) والذي يقع في منتصف المدينة وتحيط به الاحياء السكنية من جوانبه الاربعه بعد ان منعت الدوله البناء في محيطه والغيت القطع السكنية الموزعة على مقترباته .
وبالنظر لأهمية الموقع الجغرافي الذي تتمتع به مدينة الرفاعي لتوسطها خمس محافظات عراقيه وبمسافات تكاد تكون متقاربه هما (العماره والكوت والديوانية والسماوة والناصريه ) ، ولكونها الاكبر مساحة من جميع مدن محافظة ذي قار بما فيها مركز المحافظة ( الناصرية ) ، وبمساحة 1345 كيلومتر مربع ، بالاضافة الى الكثرة العددية لساكنيها وما يحيط بها من مدن ونواحي وقرى ، لذلك باشرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية بأفتتاح جامعة فيها وقام السيد الوزير بوضع الحجر الاساس لبناءها في عام 2011م وسميت بأسم ( جامعة سومر ) لأستلهام الروح العلمية للحضارة السومرية التي علمت العالم كيف يقرأ ويكتب عندما أخترعت أول حرف للكتابة في تاريخ البشرية ، وتضم هذه الجامعة الفتية الواعدة الان اربع كليات بأقسام عديدة وفتحت الدراسة المسائية في بعض من كلياتها لأستقبال الاعداد الغفيرة من الطلبة الراغبين في اكمال دراستهم الجامعية الاولية وهي ماضية لأفتتاح كليات وأقسام علمية جديدة .
تعوم مدينة الرفاعي على بحيرة واسعة من النفط وهذا ما اكدته الفرق الاستكشافيه للمسح الزلزالي بوجود كميات كبيرة من النفط الخام في جميع اراضي هذه المدينة ، وتمت المباشرة قبل سنوات قليله بأستخراج النفط وتصديره من احد الحقول الواقعة في غربها المسمى ( حقل الغراف النفطي ) من قبل شركة النفط الماليزية ( بتروناس ) والشركة اليابانية المؤتلفة معها (جوبكس ) وقامت بأستخراج اكثر من 100 ألف برميل يوميا والعمل جار لتطويره ليصل انتاجه بعد سنتين الى اكثر 230 ألف برميل يومياً . ويتطلع ابناء مدينة الرفاعي الى مستقبل زاهر ومشرق لهم ولمدينتهم التي تختزن اراضيها هذه الكميات الهائله من النفط والذي يبلغ المنتج منه حاليا ثلثي ماتصدره محافظتهم ذي قار من النفط الخام .
( راغب رزيج العقابي – قضاء الرفاعي – ذي قار )
مدينة الرفاعي
(مرقد السيد احمد الرفاعي ) 52 كم شرق مدينة الرفاعي
(حقل الغراف النفطي ) غرب مدينة الرفاعي
جامعة سومر في مدينة الرفاعي
نهر الغراف في مدينة الرفاعي